آيات من القرآن الكريم

يَوْمَ يَتَذَكَّرُ الْإِنْسَانُ مَا سَعَىٰ
ﮥﮦﮧﮨ ﮪﮫﮬﮭﮮ ﮰﮱﯓﯔ

وَأَخْرَجَ ضُحاها وأبرز ضوء شمسها، يدل عليه قوله تعالى وَالشَّمْسِ وَضُحاها يريد وضوئها. وقولهم:
وقت الضحى، للوقت الذي تشرق فيه الشمس ويقوم سلطانها، وأضيف الليل والشمس إلى السماء، لأن الليل ظلها والشمس هي السراج المثقب في جوّها «١» ماءَها عيونها المتفجرة بالماء وَمَرْعاها ورعيها، وهو في الأصل موضع الرعي. ونصب الأرض والجبال بإضمار «دحا» و «أرسى» وهو الإضمار على شريطة التفسير. وقرأهما الحسن مرفوعين على الابتداء. فإن قلت: هلا أدخل حرف العطف على أخرج «٢» ؟ قلت: فيه وجهان، أحدهما: أن يكون معنى دَحاها بسطها ومهدها للسكنى، ثم فسر التمهيد بما لا بدّ منه في تأتى سكناها، من تسوية أمر المأكل والمشرب، وإمكان القرار عليها، والسكون بإخراج الماء والمرعى، وإرساء الجبال وإثباتها أوتادا لها حتى تستقر ويستقر عليها. والثاني: أن يكون أَخْرَجَ حالا بإضمار «قد» كقوله: أَوْ جاؤُكُمْ حَصِرَتْ صُدُورُهُمْ وأراد بمرعاها: ما يأكل الناس والأنعام. واستعير الرعي للإنسان كما استعير الرتع في قوله يَرْتَعْ وَيَلْعَبْ وقرئ: نرتع، من الرعي، ولهذا قيل:
دلّ الله سبحانه بذكر الماء والمرعى على عامة ما يرتفق به ويتمتع مما يخرج من الأرض حتى الملح، لأنه من الماء مَتاعاً لَكُمْ فعل ذلك تمتيعا لكم وَلِأَنْعامِكُمْ لأن منفعة ذلك التمهيد واصلة إليهم وإلى أنعامهم.
[سورة النازعات (٧٩) : الآيات ٣٤ الى ٣٦]
فَإِذا جاءَتِ الطَّامَّةُ الْكُبْرى (٣٤) يَوْمَ يَتَذَكَّرُ الْإِنْسانُ ما سَعى (٣٥) وَبُرِّزَتِ الْجَحِيمُ لِمَنْ يَرى (٣٦)
الطَّامَّةُ الداهية التي تطم على الدواهي، أى: تعلو وتغلب. وفي أمثالهم: جرى الوادي فطمّ على القرى، وهي القيامة لطمومها على كل هائلة. وقيل: هي النفخة الثانية. وقيل: الساعة التي تساق فيها أهل الجنة إلى الجنة وأهل النار إلى النار يَوْمَ يَتَذَكَّرُ بدل من إذا جاءت، يعنى: إذا رأى أعماله مدونة في كتابه تذكرها وكان قد نسيها، كقوله أَحْصاهُ اللَّهُ وَنَسُوهُ.
وما في ما سَعى موصولة، أو مصدرية وَبُرِّزَتِ أظهرت وقرأ أبو نهيك: وبرزت

(١). قوله «هي السراج المثقب في جوها» في الصحاح «ثقبت النار» : إذا اتقدت. وأثقبتها أنا. (ع)
(٢). قال محمود: «فان قلت هلا أدخل العاطف على أخرج... الخ» قال أحمد: والأول أحسن، وهو مناسب لقوله السَّماءُ بَناها، لأنه لما قال أَأَنْتُمْ أَشَدُّ خَلْقاً أَمِ السَّماءُ تم الكلام، لكن مجملا، ثم بين التفاوت ففسر كيف خلقها فقال. بَناها، بغير عاطف: ثم فسر البناء فقال رَفَعَ سَمْكَها، بغير عاطف أيضا

صفحة رقم 697
الكشاف عن حقائق التنزيل وعيون الأقاويل في وجوه التأويل
عرض الكتاب
المؤلف
محمود بن عمر بن محمد بن أحمد الخوارزمي الزمخشريّ، جار الله، أبو القاسم
الناشر
دار الكتاب العربي - بيروت
الطبعة
الثالثة - 1407 ه
عدد الأجزاء
4
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية