آيات من القرآن الكريم

أَخْرَجَ مِنْهَا مَاءَهَا وَمَرْعَاهَا
ﮃﮄﮅﮆﮇﮈﮉ ﮋﮌﮍ ﮏﮐﮑﮒ ﮔﮕﮖﮗ ﮙﮚﮛﮜ ﮞﮟ ﮡﮢﮣ

شرح الكلمات:
أأنتم أشد خلقا أم السماء بناها؟ : أي أشد خلقا.
رفع سمكها: أي غلظها وارتفاعها.
فسواها: أي جعلها مستوية سطحا واحدا ما فيها نتوء ولا انخفاض.
وأغطش ليلها: أي أظلمه جعله مظلما.
وأخرج ضحاها: أي ضوءها ونهارها.
والأرض بعد ذلك دحاها: أي بعد أن خلق الأرض خلق السماء ثم دحا الأرض أي بسطها وأخرج منها ماءها ومرعاها.
والجبال أرساها: أي أثبتها على سطح الأرض لتثبت ولا تميد.
متاعا لكم ولإنعامكم: أي أخرج من الأرض ماءها ومرعاها والجبال أرساها متاعا لكم ولأنعامكم وهي المواشي من الحيوان.
معنى الآيات:
قوله تعالى ﴿أَأَنْتُمْ أَشَدُّ١ خَلْقاً﴾ الآيات.. سيقت هذه الآيات الكريمة لتقرير عقيدة البعث والجزاء بإيراد أكبر دليل عقلي لا يرده العاقل أبدا وهو أن السماء في خلقها وما خلق الله فيها، أشد خلقا وأقوى وأعظم من خلق الإنسان بعد موته فالبشرية كلها لا ساوي حجمها حجم كوكب واحد من كواكب السماء ولا سلسلة واحدة من سلاسل الجبال في الأرض فضلا عن السماء والأرض. إذاً فالذي قدر على خلق السماء وما فيها والأرض وما فيها قادر قطعا من باب أولى قادر على خلق الإنسان مرة أخرى وقد خلقه أولا فإعادة خلقه بإحيائه بعد موته أيسر وأسهل وأمكن من خلقه أولا على غير مثال سبق، ولا صورة تقدمت، ولكن أكثر الناس لا يعلمون لأنهم لا يفكرون وهذا عرض الآيات قوله تعالى ﴿أَأَنْتُمْ أَشَدُّ خَلْقا ً﴾ أيها المنكرون للبعث المكذبون به ﴿أَمِ السَّمَاءُ﴾ ٢ والجواب الذي لاشك فيه هو أن السماء أشد خلقاً من منهم وبيان ذلك فيما يلي:
١- بناها فهي سقف للأرض مرفوعة فوقها مسوَّاة فلا انفطار فيها ولا ارتفاع لبعض وانخفاضا لبعض آخر بل هي كالزجاجة في سمتها واعتدالها في خلقها.

١ الاستفهام تقريري أي إلجاؤهم إلى الإقرار والاعتراف بأن خلق السماء أعظم من خلقهم إذاً كيف ينكرون البعث والحياة الثانية.
٢ المراد بالسماء السماء الدنيا المشاهدة للناس، وإن كان لفظ السماء يطلق إطلاق أسماء الأجناس الدالة على أكثر من واحد والبناء للسماء وهو خلقها في صورة بناء رفيع.

صفحة رقم 512

٢- رفع سمكها١ فإن غلظها مقدر بمسيرة خمسمائة عام.
٣- أغطش ليلها فجعله مظلما.
٤- وأخرج ضحاها فجعل نهارها مضيئا. هذه هي السماء. والأرض بعد ذلك أي بعد٢ أن خلقها أولا وقبل السماء عاد إليها فدحاها بأن بسطها للأنام وأخرج منها ماءها ففجر فيها عيونها وأخرج منها مرعى وهو ما يرعى من سائر الحبوب والثمار والنبات والأشجار منفعة للإنسان ولحيوانه المفتقر إليه في ركوبه٣ وطعامه وشرابه وما ذكر تعالى من مظاهر القدرة والعلم والحكمة والرحمة في الأرض لا يقل عما ذكر في السماء إن لم يكن أعظم فكيف إذاً ينكر الإنسان على ربه أن يعيده حيا بعد إماتته له ليحاسبه وليجزيه إنه بدل أن ينكر يجب عليه أن يشكر، ولكن الإنسان ظلوم كفار.
هداية الآيات:
من هداية الآيات:
١- تقرير عقيدة البعث والجزاء.
٢- بيان إفضال الله تعالى على الإنسان وإنعامه عليه.
٣- مشروعية الاستدلال بالكبير على الصغير وبالكثير على القليل وهو مما يعلم بداهة وبالضرورة إلا أن الغفلة أكبر صارف وأقوى حايل فلا بد من إزالتها أولا.
فَإِذَا جَاءَتِ الطَّامَّةُ الْكُبْرَى (٣٤) يَوْمَ يَتَذَكَّرُ الإنسان مَا سَعَى (٣٥) وَبُرِّزَتِ الْجَحِيمُ لِمَنْ يَرَى (٣٦)
َأَمَّا مَنْ طَغَى (٣٧) وَآثَرَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا (٣٨) فَإِنَّ الْجَحِيمَ هِيَ الْمَأْوَى (٣٩) وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى

١ السمك بفتح السين وتسكين الميم الرفع في الفضاء، وهو مصدر سمك إذا رفع السمك محرك السين والميم الحوت المعروف واحده سمكة كبقرة.
٢ اختلف في أيها خلق الله تعالى أولا الأرض أم السماء وراجح أنها الأرض أولا لقوله (أإنكم لتكفرون بالذي خلق الأرض... إلى قوله ثم استوى إلى السماء) الآية من سورة فصلت. وطريق الجمع كما في التفسير خلق الأرض أولا ثم السماوات ثم عاد إلى الأرض فدحاها بمعنى أخرج منها ماءها ومرعاها أي أعدها إعداداً خاصاً لحياة الإنسان والحيوان المراد من قوله دحاها إذ الدحو البسط والتسوية والترتيب.
٣ إذ هو المراد من قوله تعالى في الآية (ولأنعامكم) التي هي الإبل البقر والغنم فالإبل يركب ظهرها ويشرب لبنها ويؤكل لحمها.

صفحة رقم 513
أيسر التفاسير لكلام العلي الكبير
عرض الكتاب
المؤلف
جابر بن موسى بن عبد القادر بن جابر أبو بكر الجزائري
الناشر
مكتبة العلوم والحكم بالمدينة المنورة
سنة النشر
1424
الطبعة
الخامسة
عدد الأجزاء
5
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية