آيات من القرآن الكريم

رَفَعَ سَمْكَهَا فَسَوَّاهَا
ﭶﭷﭸﭹﭺ ﭼﭽﭾﭿﮀﮁ ﮃﮄﮅﮆﮇﮈﮉ ﮋﮌﮍ ﮏﮐﮑﮒ ﮔﮕﮖﮗ ﮙﮚﮛﮜ ﮞﮟ ﮡﮢﮣ ﮥﮦﮧﮨ ﮪﮫﮬﮭﮮ ﮰﮱﯓﯔ

وفيها لحم ساهرة وبحر وما فاهوا به فلهم مقيم
وقال وهب بن منبه: «الساهرة» : جبل بالشام يمده الله لحشر الناس يوم القيامة كيف شاء، وقال أبو العالية وسفيان: «الساهرة» : أرض قريبة من بيت المقدس، وقال قتادة: «الساهرة» : جهنم، لأنه لا نوم لمن فيها وقال ابن عباس: «الساهرة» : أرض مكة، وقال الزهري: «الساهرة» : الأرض كلها، ثم وقف تعالى نبيه محمدا ﷺ على جهة جمع النفس لتلقي الحديث، فقال: هَلْ أَتاكَ حَدِيثُ مُوسى الآية، و «الوادي المقدس» : واد بالشام، قال منذر بن سعيد: هو بين المدينة ومصر، وقرأ الحسن بن أبي الحسن والأعمش وابن إسحاق: «طوى» بكسر الطاء منونة، ورويت عن عاصم، وقرأ الجمهور: «طوى» بضمها، وأجرى بعض القراء «طوى» وترك إجراءه ابن كثير وأبو عمرو ونافع وجماعة، وقد تقدم شرح اللفظة في سورة طه. وقوله تعالى: اذْهَبْ إِلى فِرْعَوْنَ تفسير النداء الذي ناداه به، ويحتمل أن يكون المعنى قال اذْهَبْ وفي هذه الألفاظ استدعاء حسن، وذلك أنه أمر أن يقول به: هَلْ لَكَ إِلى أَنْ تَزَكَّى، وهذا قول جواب كل عاقل عنده نعم أريد أن أتزكى، والتزكي هو التطهر من النقائص، والتلبس بالفضائل، وفسر بعضهم: تَزَكَّى بتسلم وفسرها بقول: لا إله إلا الله، وهذا تخصيص وما ذكرناه يعم جميع هذا، وقرأ ابن كثير ونافع وأبو عمرو بخلاف عنه: «تزّكى» بشد الزاي، وقرأ الباقون: «تزكى» بتخفيف الزاي، ثم أمر موسى أن يفسر له التزكي الذي دعاه إليه بقوله: وَأَهْدِيَكَ إِلى رَبِّكَ فَتَخْشى، والعلم تابع للهدى والخشية تابعة للعلم، إِنَّما يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبادِهِ الْعُلَماءُ [فاطر: ٢٨]، والْآيَةَ الْكُبْرى: العصا واليد، قاله مجاهد وغيره، وهما نصب موسى للتحدي فوقعت المعارضة في الواحدة وانقلب فيها فريق الباطل. وقال بعض المفسرين: أَدْبَرَ يَسْعى حقيقة قام من موضعه موليا فارا بنفسه عن مجالسة موسى عليه السلام، وقال مجاهد: أَدْبَرَ كناية عن إعراضه عن الإيمان، ويَسْعى معناه:
يتحذم حل أمر موسى عليه السلام والرد في وجه شرعه، وقوله فَحَشَرَ معناه: جمع أهل مملكته ثم ناداهم بقوله: أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلى. وروي عن ابن عباس أنه قال: المعنى: فنادى فحشر، وقوله: أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلى نهاية في المخرقة ونحوها باق في ملوك مصر وأتباعهم.
قوله عز وجل:
[سورة النازعات (٧٩) : الآيات ٢٥ الى ٣٦]
فَأَخَذَهُ اللَّهُ نَكالَ الْآخِرَةِ وَالْأُولى (٢٥) إِنَّ فِي ذلِكَ لَعِبْرَةً لِمَنْ يَخْشى (٢٦) أَأَنْتُمْ أَشَدُّ خَلْقاً أَمِ السَّماءُ بَناها (٢٧) رَفَعَ سَمْكَها فَسَوَّاها (٢٨) وَأَغْطَشَ لَيْلَها وَأَخْرَجَ ضُحاها (٢٩)
وَالْأَرْضَ بَعْدَ ذلِكَ دَحاها (٣٠) أَخْرَجَ مِنْها ماءَها وَمَرْعاها (٣١) وَالْجِبالَ أَرْساها (٣٢) مَتاعاً لَكُمْ وَلِأَنْعامِكُمْ (٣٣) فَإِذا جاءَتِ الطَّامَّةُ الْكُبْرى (٣٤)
يَوْمَ يَتَذَكَّرُ الْإِنْسانُ ما سَعى (٣٥) وَبُرِّزَتِ الْجَحِيمُ لِمَنْ يَرى (٣٦)
نَكالَ منصوب على المصدر، قال قوم الْآخِرَةِ قوله: ما عَلِمْتُ لَكُمْ مِنْ إِلهٍ غَيْرِي [القصص: ٣٨]، والْأُولى قوله: أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلى [النازعات: ٢٤]، وروي أنه مكث بعد قوله:

صفحة رقم 433

أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلى [النازعات: ٢٤] أربعين سنة، وقيل هذه المدة بين الكلمتين، وقال ابن عباس:
الْأُولى قوله: ما عَلِمْتُ لَكُمْ مِنْ إِلهٍ غَيْرِي [القصص: ٣٨]، والْآخِرَةِ قوله: أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلى [النازعات: ٢٤]. وقال أبو زيد: الْأُولى كفره وعصيانه، والْآخِرَةِ قوله: أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلى [النازعات:
٢٤] وقال ابن زيد: الْأُولى الدنيا، والْآخِرَةِ: الدار الآخرة، أي أخذه الله بعذاب جهنم وبالغرق في الدنيا، وقال مجاهد: عبارة عن أول معاصيه وكفره وآخرها أي نكل بالجميع، ونَكالَ نصب على المصدر، والعامل فيه على رأي سيبويه «أخذ» لأنه في معناه، وعلى رأي أبي العباس المبرد فعل مضمر من لفظ نَكالَ، ثم وقف تعالى على موضع العبرة بحال فرعون وتعذيبه، وفي الكلام وعيد للكفار المخاطبين برسالة محمد عليه السلام، ثم وقفهم مخاطبة منه تعالى للعالم والمقصد الكفار، ويحتمل أن يكون المعنى: قل لهم يا محمد أَأَنْتُمْ أَشَدُّ خَلْقاً الآية، وفي هذه الآية دليل على أن بعث الأجساد من القبور لا يتعذر على قدرة الله تعالى، و «السمك» : الارتفاع الذي بين سطح السماء الأسفل الذي يلينا وسطحها الأعلى الذي يلي ما فوقها، وقوله تعالى: فَسَوَّاها يحتمل أن يريد جعلها ملساء مستوية ليس فيها مرتفع ومنخفض، ويحتمل أن يكون عبارة عن إتقان خلقها ولا يقصد معنى إملاس سطحها والله تعالى أعلم كيف هي.
وَأَغْطَشَ معناه: أظلم، والأغطش الأعمى ومنه قول الشاعر [الأعشى] :[المتقارب]
نحرت لهم موهنا ناقتي... وليلهم مدلهمّ غطش
ونسب الليل والضحى إليها من حيث هما ظاهران منها وفيها، وقوله تعالى: وَالْأَرْضَ بَعْدَ ذلِكَ دَحاها متوجه على أن الله تعالى خلق الأرض ولم يدحها، ثم استوى إلى السماء وهي دخان فخلقها وبناها، ثم دحا الأرض بعد ذلك، وقرأ مجاهد: و «الأرض مع ذلك»، وقال قوم: إن بَعْدَ ذلِكَ معناه مع ذلك، والذي قلناه تترتب عليه آيات القرآن كلها، ونسب الماء والمرعى إلى الأرض حيث هما يظهران فيها، ودحو الأرض بسطها ومنه قول أمية بن أبي الصلت: [الكامل]
دار دحاها ثم أسكننا بها... وأقام بالأخرى التي هي أمجد
وقرأ الجمهور: «والأرض» نصبا، وقرأ الحسن وعيسى: «والأرض» بالرفع، وقرأ الجمهور:
و «الجبال» نصبا، وقرأ الحسن وعمرو بن عبيد: «والجبال» رفعا، وأَرْساها معناه: أثبتها، وجمع هذه النعم إذا تدبرت فهي متاع للناس، و «الأنعام» يتمتعون فيها وبها، وقرأ الجمهور: «متاعا» بالنصب، وقرأ ابن أبي عبلة: «متاع» بالرفع، والطَّامَّةُ الْكُبْرى هي القيامة، قاله ابن عباس والضحاك، وقال الحسن وابن عباس أيضا: النفخة الثانية، وقوله: ما سَعى معناه: ما عمل من سائر عمله، ويتذكر ذلك بما يرى من جزائه، وقرأ جمهور الناس: «وبرّزت» بضم الباء وشد الراء المكسورة، وقرأ عكرمة ومالك بن دينار وعائشة: «وبرزت» بفتح الباء والراء، وقرأ جمهور الناس: «لمن يرى» بالياء أي لمن يبصر ويحصل، وقرأ عكرمة ومالك بن دينار وعائشة: «لمن ترى» بالتاء أي تراه أنت، فالإشارة إلى كفار مكة أو إشارة إلى الناس، والمقصد كفار مكة، ويحتمل أن يكون المعنى: لمن تراه الجحيم كما قال تعالى: إِذا رَأَتْهُمْ مِنْ مَكانٍ بَعِيدٍ [الفرقان: ١٢] وقرأ ابن مسعود: «لمن رأى» على فعل ماض.

صفحة رقم 434
المحرر الوجيز فى تفسير الكتاب العزيز
عرض الكتاب
المؤلف
أبو محمد عبد الحق بن غالب بن عبد الرحمن بن تمام بن عطية الأندلسي المحاربي
تحقيق
عبد السلام عبد الشافي محمد
الناشر
دار الكتب العلمية - بيروت
سنة النشر
1422 - 2001
الطبعة
الأولى
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية