فالحبّ كلّ ما كان قشر والنبات الحشيش والكلأ ونحوهما.
[سورة النبإ (٧٨) : آية ١٦]
وَجَنَّاتٍ أَلْفافاً (١٦)
وَجَنَّاتٍ أي ثمر جنات. أَلْفافاً قال أبو جعفر: قد ذكرنا قول من قال: هو جمع لفّ وقول من قال: هو جمع الجمع أراد أنه يقال لفّاء وألفّ مثل حمراء وأحمر ثم تقول: ألف كما يقال: حمر ثم يجمع لفّا ألفافا كما تقول: خفّ وأخفاف والقول الأول أولى بالصواب لأن أهل التفسير قالوا: وَجَنَّاتٍ أَلْفافاً (١٦) أي جميعا، لا نعلم بينهم اختلافا في ذلك فهذا جمع لفّ، ويقال: لفيف بمعناه، ونخلة لفّاء معناه غليظة فلهذا قلنا الأول أولى بالصواب.
[سورة النبإ (٧٨) : آية ١٧]
إِنَّ يَوْمَ الْفَصْلِ كانَ مِيقاتاً (١٧)
خبر كانَ ولو كان في غير القرآن جاز الرفع على إلغاء كان.
[سورة النبإ (٧٨) : آية ١٨]
يَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ فَتَأْتُونَ أَفْواجاً (١٨)
يَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ بدل. فَتَأْتُونَ أَفْواجاً على الحال، ويقال: فوج وفوجة.
[سورة النبإ (٧٨) : الآيات ١٩ الى ٢٠]
وَفُتِحَتِ السَّماءُ فَكانَتْ أَبْواباً (١٩) وَسُيِّرَتِ الْجِبالُ فَكانَتْ سَراباً (٢٠)
وَفُتِحَتِ السَّماءُ فَكانَتْ أَبْواباً (١٩) في معناه قولان: قيل: معناه انشقّت فكانت طرقا، وقيل: تقطّعت فكانت قطعا كالأبواب ثم حذفت الكاف، كما تقول: رأيت فلانا أسدا أي كالأسد، وكذا وَسُيِّرَتِ الْجِبالُ فَكانَتْ سَراباً (٢٠).
[سورة النبإ (٧٨) : آية ٢١]
إِنَّ جَهَنَّمَ كانَتْ مِرْصاداً (٢١)
أي ترصد من عصى الله سبحانه وترك طاعته. وقال الحسن: لا يدخل أحد الجنة حتى يرد النار ومرصاد في العربية من رصدت فأنا راصد ومرصاد على التكثير. وقال «كانت» ولم يقل مرصادة لأنه غير جار على الفعل فصار على النّسب.
[سورة النبإ (٧٨) : آية ٢٢]
لِلطَّاغِينَ مَآباً (٢٢)
أي مرجعهم إليها. وآب يؤوب رجع كما قال: [مخلّع البسيط] ٥٢٤-
وكلّ ذي غيبة يئوب... وغائب الموت لا يؤوب «١»
[سورة النبإ (٧٨) : الآيات ٢٣ الى ٢٤]
لابِثِينَ فِيها أَحْقاباً (٢٣) لا يَذُوقُونَ فِيها بَرْداً وَلا شَراباً (٢٤)
لابِثِينَ فِيها أَحْقاباً (٢٣) هذه قراءة أبي جعفر وشيبة ونافع وأبي عمرو وعاصم والكسائي، وقرأ علقمة ويحيى بن وثاب والأعمش وحمزة «لبثين» «١» بغير ألف. وقد اعترض في هذه القراءة فقيل: هي لحن لا يجوز: هو حذر زيدا، وإن كان سيبويه قد أجازه وأنشد: [الكامل] ٥٢٥-
حذر أمورا لا تضير وآمن | ما ليس منجيه من الأقدار «٢» |
أو مسحل عمل عضادة سمحج | بسراته ندب لها وكلوم «٣» |
حذر، وكذا باب فعل لمن كان في خلقته الحذر، فأما اللّابث فليس من ذلك في شيء.
قال أبو جعفر: أما القول الأول فغلط ولا يشبه هذا قولك: حذر زيدا لأن أحقابا ظرف وما لا يتعدّى يتعدى إلى الظرف، وأما الثاني فهو يلزم إلّا أنه يجوز على بعد.
والقراءة بلابثين بيّنة حسنة. فأما حجة من احتجّ بلبثين بما رواه شعبة عن أبي إسحاق قال: في قراءة عبد الله «لبثين» فلا حجة فيه لأن أبا إسحاق لم يلق عبد الله، ولو كان إسناده متصلا كانت فيه حجة، وهذه الأشياء تؤخذ من قراءة عبد الله بما لا تقوم به حجة من إسناد منقطع أو من صحف قد يكتب لابثين بغير ألف فيتوهّم قارئه أنه «لبثين». وفي هذه الآية إشكال لقوله جلّ وعزّ: لابِثِينَ فِيها أَحْقاباً وهم لا يخرجون منها. فمن أحسن ما قيل فيها أن قتادة قال: لابِثِينَ فِيها أَحْقاباً لا انقطاع لها فعلى هذا التقدير يكون الجمع وحقبة حقب، وأحقاب جمع الجمع كما قال: [الطويل] ٥٢٧-
وكنّا كندماني جذيمة حقبة | من الدّهر حتّى قيل لن يتصدّعا «٤» |
فأما أهل اللغة فقولهم إن الحقب والحقبة يقعان للقليل من الدهر والكثير. قال أبو جعفر: وسمعت علي بن سليمان يقول: سألنا أبا العباس محمد بن يزيد عن قول الله جلّ وعزّ: لابِثِينَ فِيها أَحْقاباً فقال: ما معنى هذا التحديد؟ ونحن إذا حددنا الشيء فقلنا: أنا أقيم عندك يوما، كان في قوة الكلام أنك لا تقيم بعد اليوم ثم لم يجبنا عنها مذ نيف وثلاثون سنة ونظرت فيها فوقع لي أنه يعني به الموحدون العصاة ثم نظرت فإذا
(٢) مرّ الشاهد رقم (١٢٠).
(٣) الشاهد للبيد في ديوانه ١٢٥، وخزانة الأدب ٨/ ١٦٩ وشرح أبيات سيبويه ١/ ٢٤، وشرح المفصل ٦/ ٧٢، ولسان العرب (عضد)، و (عمل)، والمقاصد النحوية ٣/ ٥١٣، وبلا نسبة في الكتاب ١/ ١٦٧.
(٤) الشاهد لمتمم بن نويرة في ديوانه ١١١، وتاج العروس (حبر) و (صدع)، وديوان المفضليات ٥٣٥، والكامل (١٢٣٧).