آيات من القرآن الكريم

وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ
ﭼﭽﭾﭿﮀﮁ ﮃﮄﮅﮆﮇﮈ ﮊﮋﮌﮍﮎﮏ ﮑﮒﮓﮔ ﮖﮗﮘ ﮚﮛﮜ ﮞﮟﮠﮡ ﮣﮤﮥﮦ ﮨﮩﮪ ﮬﮭﮮﮯﮰﮱ ﯔﯕﯖﯗﯘ ﯚﯛﯜ

فِي ما لا تَعْلَمُونَ (٦١) وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ النَّشْأَةَ الْأُولى فَلَوْلا تَذَكَّرُونَ (٦٢).
ومع أن أسلوب الآيات عام للسامعين على اختلافهم فالمتبادر من روحها أنها موجهة إلى الكفار والمكذبين على سبيل الإنذار والتقريع والإفحام والدعوة إلى الارعواء. وفي الآيات التالية لها دلالة صريحة على ذلك.
تنبيه إلى أن الدعوة قائمة على الإقناع
وفي هذه الآيات وأمثالها الكثيرة مما سبق ومما سيأتي ظاهرة قرآنية جليلة وهي أن الدعوة كانت تقوم على الإقناع والجدل المنطقي الذي فيه الحجة الدامغة والإفحام، وعلى لفت النظر إلى وجود الله وقدرته الشاملة وحكمته البالغة بما في ملكوت السموات والأرض، وبما في تكوين وقوى الناس أنفسهم الذين يوجه إليهم الخطاب من آيات ومشاهد باهرة قائمة، مما يعترفون به ومما لا يتحمل مماراة ولا يحتاج إلى براهين خارقة، واستحقاق الله وحده من أجل ذلك للخضوع والعبودية والاتجاه.
[سورة المرسلات (٧٧) : الآيات ٢٩ الى ٤٠]
انْطَلِقُوا إِلى ما كُنْتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ (٢٩) انْطَلِقُوا إِلى ظِلٍّ ذِي ثَلاثِ شُعَبٍ (٣٠) لا ظَلِيلٍ وَلا يُغْنِي مِنَ اللَّهَبِ (٣١) إِنَّها تَرْمِي بِشَرَرٍ كَالْقَصْرِ (٣٢) كَأَنَّهُ جِمالَتٌ صُفْرٌ (٣٣)
وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ (٣٤) هذا يَوْمُ لا يَنْطِقُونَ (٣٥) وَلا يُؤْذَنُ لَهُمْ فَيَعْتَذِرُونَ (٣٦) وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ (٣٧) هذا يَوْمُ الْفَصْلِ جَمَعْناكُمْ وَالْأَوَّلِينَ (٣٨)
فَإِنْ كانَ لَكُمْ كَيْدٌ فَكِيدُونِ (٣٩) وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ (٤٠)
. (١) ظليل: ذو ظلّ واق.
(٢) القصر: قطع الشجر أو الحطب الكبيرة.
(٣) جمالات: جمع جمالة وهي الحبل المجدول أو حبل السفينة.

صفحة رقم 213

والآيات متصلة بالسياق ومعقبة على ما سبقها كما هو ظاهر. والخطاب فيها موجّه إلى المكذبين بصراحة. وهو حكاية لما سوف يقال لهم يوم القيامة. وقد تكرر هذا الأسلوب في القرآن كثيرا بقصد تصوير الحال كأنما يراها السامع حتى يرتدع عن الغي ويستجيب إلى الدعوة.
والوصف في المقطع الأول قوي مرعب. فجهنّم التي يساق المكذبون إليها والتي كانوا يكذبونها ترمي بشرر عظيم الحجم والطول. وقد ضرب عليها رواق ذو ثلاث شعب يظنه الرائي ظلا واقيا ولكنه لا يلبث أن يعرف أنه لا يصلح للاستظلال ولا يقي من اللهب.
وكذلك ما احتواه المقطعان التاليان حيث يحكيان ما سوف تكون عليه حال المكذبين من سوء وحرج. فهم لا يستطيعون أن يقولوا شيئا، ولا يسمح لهم بالاعتذار عمّا بدا منهم ويتحدون بأسلوب السخرية والاستهتار فيقال لهم لقد جمعناكم جميعا الأولين والآخرين فاصطنعوا أي حيلة وتوسلوا بأي وسيلة للخلاص من قبضة الله إذا استطعتم.
وكل هذا من شأنه أن يثير الفزع في السامعين ويحملهم على تدبر أمرهم قبل فوات الوقت وهو مما استهدفته الآيات كما هو المتبادر.
تعليق على ما يمكن أن يتوهم من تناقض في حكاية حال الكفار يوم القيامة
ولقد يبدو تناقض بين الآيتين [٣٦، ٣٧] اللتين تقرران أن الكفار في ذلك اليوم لا ينطقون. ولا يؤذن لهم فيعتذرون وبين آيات أخرى سابقة ولاحقة فيها إشارة إلى ما يكون في الآخرة من حجاج ومحاورات بين الله والكفار وبين الملائكة والكفار وبين المؤمنين والكفار وبين الكفار أنفسهم. وفيها اعتذارات عما بدا منهم مثل آيات سورة المدثر هذه: إِلَّا أَصْحابَ الْيَمِينِ (٣٩) فِي جَنَّاتٍ يَتَساءَلُونَ (٤٠) عَنِ الْمُجْرِمِينَ (٤١) ما سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ (٤٢) قالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ (٤٣) وَلَمْ نَكُ نُطْعِمُ الْمِسْكِينَ (٤٤) وَكُنَّا نَخُوضُ مَعَ

صفحة رقم 214
التفسير الحديث
عرض الكتاب
المؤلف
محمد عزة بن عبد الهادي دروزة
الناشر
دار إحياء الكتب العربية - القاهرة
سنة النشر
1383
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية