
- قوله تعالى: -ayah text-primary">﴿إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا عَلَيْكَ القرآن﴾، إلى آخر السورة.
أي: إنا/ نحن - يا محمد - نزلنا عليك القرآن مع جبريل تنزيلاً ابتلاءً واختباراً فاصبر لما امتحنك به ربك من فرائضه وتبليغ رسالاته.
- ثم قال تعالى: ﴿وَلاَ تُطِعْ مِنْهُمْءَاثِماً أَوْ كَفُوراً﴾.
قال الفراء: " أو " بمعنى الواو. والمعنى: ولا تطمع منهم من أثم وكفر. [قال]: ويجوز أن يكون المعنى (و) لا تطيعن من أثم أو كفر بوجه فيكون مثل الواو في المعنى.
والمعنى: (و) لا تطع منهم في معصية الله ﴿ءَاثِماً﴾ يريد بركوبه معاصيه ﴿أَوْ كَفُوراً﴾ أي: جحوداً لربه ولنعمه عنده.

قال قتادة: نزلت في عدو الله أبي جهل قال: بلغنا أن أبا جهل قال: لئن رأيت محمداً يصلي لأطأن على عنقه، فأنزل الله: ﴿وَلاَ تُطِعْ مِنْهُمْءَاثِماً أَوْ كَفُوراً﴾.
قال ابن زيد: الآثم (و) الظالم والكفور كله واحد.
- ثم قال تعالى: ﴿واذكر اسم رَبِّكَ بُكْرَةً وَأَصِيلاً﴾.
أي: غدوة، يعني: صلاة الصبح ﴿وَأَصِيلاً﴾ يعني: وعَشياً، يعني صلاة الظهر والعصر.
ثم قال: ﴿وَمِنَ الليل فاسجد لَهُ وَسَبِّحْهُ لَيْلاً طَوِيلاً﴾.
قال ابن زيد: " كان هذا - أول شيء - فريضة، نحو قوله: ﴿قُمِ اليل إِلاَّ قَلِيلاً * نِّصْفَهُ أَوِ انقص مِنْهُ قَلِيلاً * أَوْ زِدْ عَلَيْهِ...﴾ [المزمل: ٢ - ٤]، فخفف الله هذا عن رسوله وعن الناس بقوله: ﴿إِنَّ رَبَّكَ يَعْلَمُ أَنَّكَ تَقُومُ﴾ [المزمل: ٢٠] الآية، فجعل ذلك نافلة فقال: {وَمِنَ الليل فَتَهَجَّدْ بِهِ

نَافِلَةً لَّكَ} [الإسراء: ٧٩] وتقدير الكلام: واسجد له من الليل وسبحه ليلاً طويلاً، فهو منسوخ بزوال فرض صلاة الليل كما ذكرنا وقيل: هو (على) الندب.
وقيلأ: هو خصوص للنبي ﷺ.
( وقد) قال ابن حبيب: إن قوله تعالى: ﴿واذكر اسم رَبِّكَ بُكْرَةً﴾ يعني الصبح: وقوله: ﴿وَأَصِيلاً﴾ يعني: الظهر والعصر. وقوله: ﴿وَمِنَ الليل فاسجد لَهُ﴾ يعني به المغرب والعشاء. فالآية محكمة جمعت الأمر بفرض الصلوات الخمس.

- وقوله: -ayah text-primary">﴿وَسَبِّحْهُ لَيْلاً طَوِيلاً﴾. يعني قيام الليل والمنسوخ فرضه. وكذلك قوله تعالى: -ayah text-primary">﴿وَأَقِمِ الصلاة طَرَفَيِ النهار﴾ [هود: ١١٤] فالطرف الأول صلاة الصبح، والطرف الآخر [صلاة] الظهر العصر.
- وقوله: ﴿وَزُلَفاً مِّنَ اليل﴾ [هود: ١١٤] يعني المغرب والعشاء فهذه [الآية] أيضاً جمعت فرض الصلوات الخمس وأوقاتها.
ومثل ذلك: ﴿أَقِمِ الصلاة لِدُلُوكِ الشمس﴾ [الإسراء: ٧٨] يعني: ميلها. وهو الظهر والعصر.

وقوله: ﴿إلى غَسَقِ اليل﴾ [الإسراء: ٧٨]: (يعني المغرب والعشاء.
- وقوله ﴿وَقُرْآنَ الفجر﴾ [الإسراء: ٧٨] يعني صلاة الصبح، فهذا أيضاً جمعت) فرض الصلوات الخمس وأوقاتها.
وكذلك قوله تعالى: ﴿وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشمس﴾ [طه: ١٣٠] يعني: صلاة الصبح، ﴿وَقَبْلَ غُرُوبِهَا﴾ [طه: ١٣٠] يعني: العصر.
- وقوله: ﴿وَمِنْ [آنَآءِ] الليل فَسَبِّحْ﴾
[طه: ١٣٠] يعني: المغرب والعشاء.
- وقوله: ﴿وَأَطْرَافَ النهار﴾ [طه: ١٣٠] يعني: الظهر، لأن وقتها [يجمع] طرفي النهار.

- وأما قوله: -ayah text-primary">﴿وَسَبِّحْ﴾ [غافر: ٥٥] و -ayah text-primary">﴿بِحَمْدِ رَبِّكَ بالعشي والإبكار﴾ [غافر: ٥٥]، فإن ذلك نزل قبل فرض الصلوات الخمس، وكانت الصلاة ركعتين غدوة وركعتين عشية، فرضاً بهذا الآية، ثم نسخ ذلك بالصلوات الخمس.
وأول صلاة صليت من الصلوات الخمس: الظهر، وبهذا بدأ جبريل، ولذلك سميت الأولى.
- ثم قال تعالى: ﴿إِنَّ هؤلاء يُحِبُّونَ العاجلة وَيَذَرُونَ وَرَآءَهُمْ يَوْماً ثَقِيلاً﴾.
أي: إن المشركين بالله - يا محمد - يحبون الدنيا والبقاء فيها، ويدعون خلف ظهورهم العمل للآخرة وما ينجيهم من عذاب الله. وقيل: معنى " وَرَاءَ " هنا: قدام. وقيل: التقدير: ويذرون عمل يوم ثقيل وراء ظهورهم.
- ثم قال تعالى: ﴿نَّحْنُ خَلَقْنَاهُمْ وَشَدَدْنَآ أَسْرَهُمْ﴾.

أي: " خلقهم ". قاله ابن عباس، ومجاهد، وقتادة. وقال أبو هريرة: الأسر: المفاصل وقال ابن زيد: هو القوة. وقد قيل: هو مضع خروج الحدث.
- ثم قال تعالى: ﴿وَإِذَا شِئْنَا بَدَّلْنَآ أَمْثَالَهُمْ تَبْدِيلاً﴾.
أي: وإذا شئنا أهلكنا هؤلاء وجئنا بآخرين سواهم من جنسهم في الخلق، مخالفين لهم في العمل. هذا معنى قول ابن زيد.
- ثم قال تعالى: ﴿إِنَّ هذه تَذْكِرَةٌ﴾.
أي: إن هذه السورة والعظة والأمثال والقصص تذكرة وعظة لمن تذكر بها واتعظ.
- ﴿فَمَن شَآءَ اتخذ إلى رَبِّهِ سَبِيلاً﴾.
هذا تهديد ووعيد. أي: من شاء عمل [عملاً] صالحاً يوصله إلى رحمة ربه.

ومن شاء فليترك ذلك، فسيرى عقابه في الآخرة.
- ثم قال تعالى: ﴿وَمَا تَشَآءُونَ إِلاَّ أَن يَشَآءَ الله﴾.
أي: وما تشاءون اتخاذ الطريق إلى رضا الله ورحمته إلا بأن يشاء الله ذلك لكم لأن الأمر إليه لا إليكم. ف " إن " في موضع نصب بحذف الجار.
وقيل: هي في موضع خفض على إضماره. وجاز ذلك مع " أن " خاصة [لكثرة حذف] الجار معها.
وفي حرف عبد الله: " وَمَاتِشَاءُونَ إِلاَّ مَا شَاءَ اللهُ ".

- ثم قال تعالى: -ayah text-primary">﴿إِنَّ الله كَانَ عَلِيماً حَكِيماً﴾.
أي: عليماً بمن شاء أن يتخذ إلى ربه سبيلاً، حكيماً في تدبيره، لا يقدر أحد أن يخرج عن مراده ومشيئته.
- ثم قال: ﴿يُدْخِلُ مَن يَشَآءُ فِي رَحْمَتِهِ﴾.
أي: يوفق من يشاء إلى التوبة فيدخله بذلك في رحمته.
- ثم قال تعالى: ﴿والظالمين أَعَدَّ لَهُمْ عَذَاباً أَلِيماً﴾.
أي: والذين ظلموا أنفسهم فلم يتوبوا من كفرهم حتى ماتوا عليه أَعَدَّ لَهمْ في الآخرة عذاباً مؤلماً، أي: موجعاً، وهو عذاب النار.
فالمعنى أن الله جل ذكره (أعلمنا في) هذه الآية [أنه يشاء أن] يعذب الكفار

وأن يرحم أهل طاعته. وانتصب (الظالمين) على إظمار فعل (في) معنى " (أ) عد "، كأنه قال: ويعذب الظالمين، [ولا يُضْمَرُ] " أَعَدَّ "، لأنه [لا يتعدى] إلا بحرف، فلا بد من إضمار فعل يتعدى بغيكر حرف يدل على " أعد "، وهو " يعذب " أو شبهه.
صفحة رقم 7950