آيات من القرآن الكريم

يُدْخِلُ مَنْ يَشَاءُ فِي رَحْمَتِهِ ۚ وَالظَّالِمِينَ أَعَدَّ لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا
ﰅﰆﰇﰈﰉﰊ ﰌﰍﰎﰏﰐﰑﰒﰓﰔ ﰖﰗﰘﰙﰚ ﭑﭒﭓﭔﭕﭖﭗ ﭙﭚﭛﭜﭝﭞﭟﭠ ﭢﭣﭤﭥﭦﭧﭨﭩﭪﭫ ﭭﭮﭯﭰﭱﭲﭳﭴﭵﭶ ﭸﭹﭺﭻﭼﭽﭾﭿﮀﮁﮂﮃ ﮅﮆﮇﮈﮉﮊﮋﮌﮍﮎﮏ

- قوله تعالى: -ayah text-primary">﴿إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا عَلَيْكَ القرآن﴾، إلى آخر السورة.
أي: إنا/ نحن - يا محمد - نزلنا عليك القرآن مع جبريل تنزيلاً ابتلاءً واختباراً فاصبر لما امتحنك به ربك من فرائضه وتبليغ رسالاته.
- ثم قال تعالى: ﴿وَلاَ تُطِعْ مِنْهُمْءَاثِماً أَوْ كَفُوراً﴾.
قال الفراء: " أو " بمعنى الواو. والمعنى: ولا تطمع منهم من أثم وكفر. [قال]: ويجوز أن يكون المعنى (و) لا تطيعن من أثم أو كفر بوجه فيكون مثل الواو في المعنى.
والمعنى: (و) لا تطع منهم في معصية الله ﴿ءَاثِماً﴾ يريد بركوبه معاصيه ﴿أَوْ كَفُوراً﴾ أي: جحوداً لربه ولنعمه عنده.

صفحة رقم 7941

قال قتادة: نزلت في عدو الله أبي جهل قال: بلغنا أن أبا جهل قال: لئن رأيت محمداً يصلي لأطأن على عنقه، فأنزل الله: ﴿وَلاَ تُطِعْ مِنْهُمْءَاثِماً أَوْ كَفُوراً﴾.
قال ابن زيد: الآثم (و) الظالم والكفور كله واحد.
- ثم قال تعالى: ﴿واذكر اسم رَبِّكَ بُكْرَةً وَأَصِيلاً﴾.
أي: غدوة، يعني: صلاة الصبح ﴿وَأَصِيلاً﴾ يعني: وعَشياً، يعني صلاة الظهر والعصر.
ثم قال: ﴿وَمِنَ الليل فاسجد لَهُ وَسَبِّحْهُ لَيْلاً طَوِيلاً﴾.
قال ابن زيد: " كان هذا - أول شيء - فريضة، نحو قوله: ﴿قُمِ اليل إِلاَّ قَلِيلاً * نِّصْفَهُ أَوِ انقص مِنْهُ قَلِيلاً * أَوْ زِدْ عَلَيْهِ...﴾ [المزمل: ٢ - ٤]، فخفف الله هذا عن رسوله وعن الناس بقوله: ﴿إِنَّ رَبَّكَ يَعْلَمُ أَنَّكَ تَقُومُ﴾ [المزمل: ٢٠] الآية، فجعل ذلك نافلة فقال: {وَمِنَ الليل فَتَهَجَّدْ بِهِ

صفحة رقم 7942

نَافِلَةً لَّكَ} [الإسراء: ٧٩] وتقدير الكلام: واسجد له من الليل وسبحه ليلاً طويلاً، فهو منسوخ بزوال فرض صلاة الليل كما ذكرنا وقيل: هو (على) الندب.
وقيلأ: هو خصوص للنبي ﷺ.
( وقد) قال ابن حبيب: إن قوله تعالى: ﴿واذكر اسم رَبِّكَ بُكْرَةً﴾ يعني الصبح: وقوله: ﴿وَأَصِيلاً﴾ يعني: الظهر والعصر. وقوله: ﴿وَمِنَ الليل فاسجد لَهُ﴾ يعني به المغرب والعشاء. فالآية محكمة جمعت الأمر بفرض الصلوات الخمس.

صفحة رقم 7943

- وقوله: -ayah text-primary">﴿وَسَبِّحْهُ لَيْلاً طَوِيلاً﴾. يعني قيام الليل والمنسوخ فرضه. وكذلك قوله تعالى: -ayah text-primary">﴿وَأَقِمِ الصلاة طَرَفَيِ النهار﴾ [هود: ١١٤] فالطرف الأول صلاة الصبح، والطرف الآخر [صلاة] الظهر العصر.
- وقوله: ﴿وَزُلَفاً مِّنَ اليل﴾ [هود: ١١٤] يعني المغرب والعشاء فهذه [الآية] أيضاً جمعت فرض الصلوات الخمس وأوقاتها.
ومثل ذلك: ﴿أَقِمِ الصلاة لِدُلُوكِ الشمس﴾ [الإسراء: ٧٨] يعني: ميلها. وهو الظهر والعصر.

صفحة رقم 7944

وقوله: ﴿إلى غَسَقِ اليل﴾ [الإسراء: ٧٨]: (يعني المغرب والعشاء.
- وقوله ﴿وَقُرْآنَ الفجر﴾ [الإسراء: ٧٨] يعني صلاة الصبح، فهذا أيضاً جمعت) فرض الصلوات الخمس وأوقاتها.
وكذلك قوله تعالى: ﴿وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشمس﴾ [طه: ١٣٠] يعني: صلاة الصبح، ﴿وَقَبْلَ غُرُوبِهَا﴾ [طه: ١٣٠] يعني: العصر.
- وقوله: ﴿وَمِنْ [آنَآءِ] الليل فَسَبِّحْ﴾
[طه: ١٣٠] يعني: المغرب والعشاء.
- وقوله: ﴿وَأَطْرَافَ النهار﴾ [طه: ١٣٠] يعني: الظهر، لأن وقتها [يجمع] طرفي النهار.

صفحة رقم 7945

- وأما قوله: -ayah text-primary">﴿وَسَبِّحْ﴾ [غافر: ٥٥] و -ayah text-primary">﴿بِحَمْدِ رَبِّكَ بالعشي والإبكار﴾ [غافر: ٥٥]، فإن ذلك نزل قبل فرض الصلوات الخمس، وكانت الصلاة ركعتين غدوة وركعتين عشية، فرضاً بهذا الآية، ثم نسخ ذلك بالصلوات الخمس.
وأول صلاة صليت من الصلوات الخمس: الظهر، وبهذا بدأ جبريل، ولذلك سميت الأولى.
- ثم قال تعالى: ﴿إِنَّ هؤلاء يُحِبُّونَ العاجلة وَيَذَرُونَ وَرَآءَهُمْ يَوْماً ثَقِيلاً﴾.
أي: إن المشركين بالله - يا محمد - يحبون الدنيا والبقاء فيها، ويدعون خلف ظهورهم العمل للآخرة وما ينجيهم من عذاب الله. وقيل: معنى " وَرَاءَ " هنا: قدام. وقيل: التقدير: ويذرون عمل يوم ثقيل وراء ظهورهم.
- ثم قال تعالى: ﴿نَّحْنُ خَلَقْنَاهُمْ وَشَدَدْنَآ أَسْرَهُمْ﴾.

صفحة رقم 7946

أي: " خلقهم ". قاله ابن عباس، ومجاهد، وقتادة. وقال أبو هريرة: الأسر: المفاصل وقال ابن زيد: هو القوة. وقد قيل: هو مضع خروج الحدث.
- ثم قال تعالى: ﴿وَإِذَا شِئْنَا بَدَّلْنَآ أَمْثَالَهُمْ تَبْدِيلاً﴾.
أي: وإذا شئنا أهلكنا هؤلاء وجئنا بآخرين سواهم من جنسهم في الخلق، مخالفين لهم في العمل. هذا معنى قول ابن زيد.
- ثم قال تعالى: ﴿إِنَّ هذه تَذْكِرَةٌ﴾.
أي: إن هذه السورة والعظة والأمثال والقصص تذكرة وعظة لمن تذكر بها واتعظ.
- ﴿فَمَن شَآءَ اتخذ إلى رَبِّهِ سَبِيلاً﴾.
هذا تهديد ووعيد. أي: من شاء عمل [عملاً] صالحاً يوصله إلى رحمة ربه.

صفحة رقم 7947

ومن شاء فليترك ذلك، فسيرى عقابه في الآخرة.
- ثم قال تعالى: ﴿وَمَا تَشَآءُونَ إِلاَّ أَن يَشَآءَ الله﴾.
أي: وما تشاءون اتخاذ الطريق إلى رضا الله ورحمته إلا بأن يشاء الله ذلك لكم لأن الأمر إليه لا إليكم. ف " إن " في موضع نصب بحذف الجار.
وقيل: هي في موضع خفض على إضماره. وجاز ذلك مع " أن " خاصة [لكثرة حذف] الجار معها.
وفي حرف عبد الله: " وَمَاتِشَاءُونَ إِلاَّ مَا شَاءَ اللهُ ".

صفحة رقم 7948

- ثم قال تعالى: -ayah text-primary">﴿إِنَّ الله كَانَ عَلِيماً حَكِيماً﴾.
أي: عليماً بمن شاء أن يتخذ إلى ربه سبيلاً، حكيماً في تدبيره، لا يقدر أحد أن يخرج عن مراده ومشيئته.
- ثم قال: ﴿يُدْخِلُ مَن يَشَآءُ فِي رَحْمَتِهِ﴾.
أي: يوفق من يشاء إلى التوبة فيدخله بذلك في رحمته.
- ثم قال تعالى: ﴿والظالمين أَعَدَّ لَهُمْ عَذَاباً أَلِيماً﴾.
أي: والذين ظلموا أنفسهم فلم يتوبوا من كفرهم حتى ماتوا عليه أَعَدَّ لَهمْ في الآخرة عذاباً مؤلماً، أي: موجعاً، وهو عذاب النار.
فالمعنى أن الله جل ذكره (أعلمنا في) هذه الآية [أنه يشاء أن] يعذب الكفار

صفحة رقم 7949

وأن يرحم أهل طاعته. وانتصب (الظالمين) على إظمار فعل (في) معنى " (أ) عد "، كأنه قال: ويعذب الظالمين، [ولا يُضْمَرُ] " أَعَدَّ "، لأنه [لا يتعدى] إلا بحرف، فلا بد من إضمار فعل يتعدى بغيكر حرف يدل على " أعد "، وهو " يعذب " أو شبهه.

صفحة رقم 7950
الهداية الى بلوغ النهاية
عرض الكتاب
المؤلف
أبو محمد مكي بن أبي طالب حَمّوش بن محمد بن مختار القيسي القيرواني ثم الأندلسي القرطبي المالكي
الناشر
مجموعة بحوث الكتاب والسنة - كلية الشريعة والدراسات الإسلامية - جامعة الشارقة
سنة النشر
1429
الطبعة
الأولى
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية