
﴿إنا نحن نزلنا عليك القرآن تنزيلا فاصبر لحكم ربك ولا تطع منهم آثما أو كفورا واذكر اسم ربك بكرة وأصيلا ومن الليل فاسجد له وسبحه ليلا طويلا إن هؤلاء يحبون العاجلة ويذرون وراءهم يوما ثقيلا نحن خلقناهم وشددنا أسرهم وإذا شئنا بدلنا أمثالهم تبديلا إن هذه تذكرة فمن شاء اتخذ إلى ربه سبيلا وما تشاؤون إلا أن يشاء الله إن الله كان عليما حكيما يدخل من يشاء في رحمته والظالمين أعد لهم عذابا أليما﴾ ﴿ولا تُطِعْ منهم آثِماً أو كَفوراً﴾ قيل إنه عنى أبا جهل، يريد بالآثم المرتكب للمعاصي، وبالكفور الجاحد للنعم. ﴿واذكُر اسمَ رَبِّك بُكرَةً وأصيلاً﴾ يعني في أول النهار وآخره، ففي أوله صلاة الصبح، وفي آخره صلاة الظهر والعصر. ﴿ومِنَ الليلِ فاسْجدْ له﴾ يعني صلاة المغرب والعشاء الآخرة. ﴿وسَبِّحْهُ ليلاً طويلاً﴾ يعني التطوع من الليل.
صفحة رقم 172
قال ابن عباس وسفيان: كل تسبيح في القرآن هو صلاة. ﴿إنّ هؤلاءِ يُحِبّونَ العاجلةَ﴾ يحتمل في المراد بهم قولين: أحدهما: أنه أراد بهم اليهود وما كتموه من صفة لرسول الله ﷺ وصحة نبوّته. الثاني: أنه أراد المنافقين لاستبطانهم الكفر. ويحتمل قوله ﴿يحبون العاجلة﴾ وجهين: أحدهما: أخذ الرشا على ما كتموه إذا قيل إنهم اليهود. الثاني: طلب الدنيا إذا قيل إنهم المنافقون. ﴿ويَذَرُونَ وراءَهم يوماً ثقيلاً﴾ يحتمل وجهين: أحدهما: ما يحل بهم من القتل والجلاء إذا قيل إنهم اليهود. الثاني: يوم القيامة إذا قيل إنهم المنافقون. فعلى هذا يحتمل قوله (ثقيلاً) وجهين: أحدهما: شدائده وأحواله. الثاني: للقِصاص من عباده. ﴿نحن خَلقْناهم وشَدَدْنا أَسْرَهم﴾ في أسرهم ثلاثة أوجه: أحدها: يعني مفاصلهم، قاله أبو هريرة. الثاني: خلقهم، قاله ابن عباس ومجاهد وقتادة قال لبيد:
(ساهم الوجه شديد أسْرُه | مشرف الحارك محبوك الكفل.) |
(يمشي لأوظفةٍ شدادٍ أسْرُها | صُمِّ السنابِك لاتقى بالجَدْجَدِ.) |

الثاني: من كفر بالرسل بمن يؤمن بها. ﴿إنّ هذه تَذْكِرةٌ﴾ يحتمل بالمراد ب (هذه) وجهين: أحدهما: هذه السورة. الثاني: هذه الخلقة التي خلق الإنسان عليها. ويحتمل قوله (تذكرة) وجهين: أحدهما: إذكار ما غفلت عنه عقولهم. الثاني: موعظة بما تؤول إليه أمورهم. ﴿فَمَنْ شاءَ اتَخَذَ إلى ربِّه سَبيلاً﴾ يحتمل وجهين: أحدهما: طريقاً إلى خلاصه. الثاني: وسيلة إلى جنته.
صفحة رقم 174
سورة المرسلات
مكية من قول الحسن وعكرمة وعطاء وجابر، وقال ابن عباس وقتادة إلا آية منها، وهي قوله تعالى: ﴿وإذا قيل لهم اركعوا لا يركعون﴾ فمدينة. بسم الله الرحمن الرحيم