
بسم الله الرحمن الرحيم
سورة الإنسانمكية
- قوله تعالى: ﴿هَلْ أتى عَلَى الإنسان حِينٌ مِّنَ الدهر لَمْ يَكُن شَيْئاً مَّذْكُوراً﴾، إلى قوله: ﴿سَمِيعاً بَصِيراً﴾.
" هل " [في هذا] الموضع خبر لا جحد. وفي الكلام معنى [التقرير]، كأنه قال: قد أتى على الإنسان [ز] من طويل لم يكن شيئاً مذكوراً. صفحة رقم 7901

وهذا كما تقول للرجل -[تقرير -]: هل أكرمتك؟ قد [أكرمه]، هل أحسنت إليك؟ وقد أحسن إليه. وتكون " هل " جحوداً في غير هذا الموضع، نحو قول الرجل الآخر: هل يفعل هذا أحد؟! بمعنى: لا يفعل هذا أحد، وتكون استفهاماً، وهو بابها.
وقد أجاز ابن كيسان أن تكون " هل " في الآية استفهاما على بابها، كما تقول: هل بقيت في أمرك؟.
والإنسان في الآية: آدم عليه السلام، قاله قتادة وغيره. قال قتادة: إنما [خلق] الإنسان حديثاً، وما نعلم من خليقة الله تعالى كانت بعد الإنسان، يقول: خَلْقُ الإنسان آخر سائر ما خلق الله من الخلق.

والحين (هاهنا) يراد به طول مكث آدم وهو طينة. وذلك أربعون سنة في ما روي. فكان في ذلك الوقت شيئاً غير مذكور.
وقيل: الجن هنا غير معلوم، [الله يعمله]. وقيل: الإنسان هنا يراد به الجنس فأما الإنسان الثاني فهو للجنس [بلا خلاف]، وقال مالك: الحسن هنا: ما مضى قبل ذلك من أمر الدهر كله ومن قبل أن يخلق آدم.
- ثم قال تعالى: ﴿إِنَّا خَلَقْنَا الإنسان مِن نُّطْفَةٍ أَمْشَاجٍ نَّبْتَلِيهِ﴾.
أي: خلقنا ذرية آدم من نطفة، أي: من ماء الرجل وماء المرأة. والنطفة كل ماء قليل في وعاء. و (أمشاج): أخلاط.

يقال: مَشَجْتُ هذا بهذا، أي: خلطته. وواحد الأمشاج: مشيج، مثل شريف وأشراف. وقيل: مَشْجٌ مثل عدل وأعدال.
وقال ابن عباس: المشجان: ماء الرجل وماء المرأة. وهو معنى قول مجاهد والحسن وعكرمة وأكثر المفسرين.
وعن ابن عباس أيضاً أن معنى (أمشاج) هو انتقاله من تراب ثم من نطفة إلى علقة إلى مضغة إلى غير ذلك. وقاله أيضاً عكرمة وقتادة.
وقيل: (أمشاج) هي العروق التي تكون في النطفة. روي ذلك عن ابن مسعود.

وقاله أسامة بن زيد عن أبيه.
وقيل: الأمشاج هي ألوان النطفة، (نطفة الرجل تكون بيضاء وحمراء، ونطفة المرأة تكون خضراء وحمراء) /، [روي ذلك عن] مجاهد وقاله ابن أبي نُجَيْح.
فمن قال: إن الأمشاج انتقال النطفة إلى علقة، ثم مضغة، ثم غير ذلك، فتقديره: من نطفة ذات أمشاج.