آيات من القرآن الكريم

بَلْ يُرِيدُ الْإِنْسَانُ لِيَفْجُرَ أَمَامَهُ
ﮡﮢﮣﮤﮥ

وما يستوي في الراحتين الأصابع (١)
ولأهل المعاني قول آخر، قال أبو إسحاق: والذي هو أشكل بجمع العظام. بلى نجمعها، قادرين على تسوية بنانه على ما كانت، وإن قل عظامها وصغرت وبلغ منها البلى (٢).
وذكر أبو علي هذا القول، فقال: أي: يردها كما كانت (٣).
وشرح ابن قتيبة هذا القول فقال: هذا رد من الله عليهم، وذلك أنهم ظنوا أن الله لا ينشر الموتى، ولا يقدر على جمع العظام البالية فقال: (بلى) فاعلموا أنا نقدر على أن نعيد السُّلاميات على صغرها ونؤلف بينها حتى يستوي البنان، ومن قدر على هذا فهو على جمع الكبار (العظام) (٤) أقدر (٥).
٥ - قوله تعالى: ﴿بَلْ يُرِيدُ الْإِنْسَانُ﴾ يعني الكافر. ﴿لِيَفْجُرَ أَمَامَهُ﴾ قال ابن عباس في رواية سعيد بن جبير: سوف أتوب (٦).

(١) لم أعثر على مصدر لقوله.
وقد ورد عن الأحوص بنحو ذلك قال:
وقد ثبتت في الصدر منها مودة كما ثبتت بالراحتين الأصابع
"شعر الأحوص بن محمد الأنصاري" تح: د. إبراهيم السامرائي: ١١٧.
(٢) "معاني القرآن وإعرابه" ٥/ ٢٥١ بنصه.
(٣) لم أعثر على مصدر لقوله.
(٤) ساقطة من (أ)
(٥) "تأويل مشكل القرآن" ٣٤٦ بيسير من التصرف.
(٦) تفسير الإمام مجاهد: ٦٨٦، و"جامع البيان" ٢٩/ ١٧٧ بمعناه، و"بحر العلوم" ٣/ ٤٢٥، و"الدر المنثور" ٨/ ٣٤٤ وعزاه إلى عبد بن حميد، وابن المنذر، وابن أبي حاتم والبيهقي في شعب الإيمان، وانظر: "المستدرك" ٢/ ٥٠٩: كتاب:=

صفحة رقم 480

وقال في رواية عطاء (١) (والكلبي) (٢) (٣) يقدم الذنب، ويؤخر التوبة، ونحوه قال مقاتل (٤)
وقال مجاهد: راكبًا رأسه إلى المعاصي (٥).
وقال قتادة (٦) (وعكرمة (٧)) (٨): قدمًا (قدمًا) (٩) في معاصي الله، لا ينزع عن فجوره.
وهذه الأقوال معناها واحد، أي (يسوف التوبة، ويقدم الأعمال السيئة) (١٠).

= التفسير تفسير سورة القيامة، وصححه الحاكم ووافقه الذهبي، وقد وردت هذه الرواية: أيضًا عن سعيد بن جبير في "تأويل مشكل القرآن" ٣٤٦، و"جامع البيان". مرجع سابق، و"الكشف والبيان" ١٣: ٤/ ب، و"معالم التنزيل" ٤/ ٤٢١، و"زاد المسير" ٨/ ١٣٤، و"التفسير الكبير" ٣٠/ ٢١٨، و"الجامع لأحكام لقرآن" ١٩/ ٩٣، و"لباب التأويل" ٤/ ٣٣٤.
(١) لم أعثر على مصدر لقوله
(٢) "تأويل مشكل القرآن" ٣٤٦، و"بحر العلوم" ٣/ ٤٢٥.
(٣) ساقطة من (أ).
(٤) "تفسير مقاتل" ٢١٧/ ب.
(٥) "جامع البيان" ٢٩/ ١٧٧، و"الكشف والبيان" ج ١٣: ٤/ ب، و"معالم التنزيل" ٤/ ٤٢١، و"المحرر الوجيز" ٥/ ٤٠٢.
(٦) لم أعثر على مصدر لقوله.
(٧) "جامع البيان" ٢٩/ ١٧٧، و"الكشف والبيان" ١٣: ٤/ ب، و"معالم التنزيل" ٤/ ٤٢١، و"المحرر الوجيز" ٥/: ٤٠٢.
(٨) ساقطة من (أ).
(٩) ساقطة من (أ).
(١٠) ما بين القوسين نقله عن الزجاج بنصه من "معاني القرآن وإعرابه" ٥/ ٢٥٢. وسبب التسويف وتقديم عمل السوء لأنه مال عن الحق. قاله ابن قتيبة: "تأويل مشكل القرآن" ٣٤٧.

صفحة رقم 481

ومعنى (يفجر): يعصي ويخالف. ومنه الدعاء: (ونَتْرُكُ من يَفْجرك) (١).
و (أمامه)، أي: فيما يستقبل. والمعنى: يريد أن يعصي ويكفر أبدًا ما عاش. قال الأنباري: يريد أن يفجر ما امتد عمره، وليس في نيته أن يرتد عن ذنب يرتكبه (٢). (وهذا معنى ما ذكره المفسرون) (٣).
وقال المؤرج: فجر: إذا ركب رأسه غير مكترث (٤).
ومعنى ﴿لِيَفْجُرَ أَمَامَهُ﴾ ليمضي أمامه راكب رأسه.
وفي الآية قول آخر: يكذب بما (٥) أمامه من البعث والحساب. وهو قول ابن زيد (٦)، واختيار أبي إسحاق (٧)، وابن قتيبة (٨).

(١) أورده السيوطي في "الدر المنثور" ٨/ ٦٩٥ في آخره بعد سورة الناس، وهو في فضائل ابن الضريس، وقيام الليل لابن نصر، و"غريب الحديث" لابن الجرزي ٢/ ١٧٧، و"الفائق" ٣/ ٩٠ (فجر)، و"النهاية في غريب الحديث والأثر" ١/ ٣. ومعناه: أي يعطيك ويخالفك. "النهاية في غريب الحديث والأثر" ١/ ٣، ١٤٤.
(٢) "الوسيط" ٤/ ٣٩١، و"فتح القدير" ٥/ ٣٣٦.
(٣) ساقطة من (أ).
(٤) انظر قوله في (فجر): "تهذيب اللغة" ١١/ ٥٠، و"لسان العرب" ٥/ ٤٧.
(٥) في (أ): بها.
(٦) "جامع البيان" ٢٩/ ١٧٨، و"الكشف والبيان" ١٣/ ٤/ ب، و"النكت والعيون" ٦/ ١٥٢ بمعناه، و"معالم التنزيل" ٤/ ٤٢٢، و"القرطبي" ١٩/ ٩٣، و"ابن كثير" ٤/ ٤٧٨.
(٧) "معاني القرآن وإعرابه" ٥/ ٢٥٢.
(٨) "تأويل مشكل القرآن" ٣٤٧.

صفحة رقم 482

قال أبو إسحاق: ﴿لِيَفْجُرَ أَمَامَهُ﴾ ليكفر، ويكذب بما قدامه (من البعث، قال) (١): ودليل ذلك قوله: ﴿يَسْأَلُ أَيَّانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ (٦)﴾ (٢).
وقال ابن قتيبة: والفجور هاهنا بمعنى التكذيب بيوم القيامة، ومن كذب بحق فقد كذب، والكاذب المكذب، والفاسق فاجر؛ لأنه مائل عن الحق، قال: وهذا وجه حسن؛ لأن الفجور اعتراض بين كلامين من أسباب يوم القيامة، أولهما: ﴿أَيَحْسَبُ الْإِنْسَانُ أَلَّنْ نَجْمَعَ عِظَامَهُ (٣)﴾، والآخر: ﴿يَسْأَلُ أَيَّانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ (٦)﴾. وكأنه قال: أيحسب الإنسان أن لن نجمع عظامه يوم القيامة، بلى نقدر على أن نجمع ما صغر منها، ونؤلف بينه، ﴿بَلْ يُرِيدُ الْإِنْسَانُ لِيَفْجُرَ أَمَامَهُ (٥)﴾، أي: ليكذب (٣) بيوم القيامة، أي (متى) (٤) يكون ذلك تكذيبًا به (٥).
قال الله تعالى: ﴿فَإِذَا بَرِقَ الْبَصَرُ (٧)﴾ وقرئ: (برَق) بفتح الراء (٦).
وقال الفراء: (برق) بفتح الراء من البريق، أي شخص، ومن قرأ (برَق) فمعناه (٧): فزع، وتحير، وأنشد قول طَرَفة:

(١) ساقطة من (أ).
(٢) قوله في "معاني القرآن وإعرابه" ٥/ ٢٥٢ بتصرف.
(٣) في (أ): يكذب.
(٤) ساقطة من (أ).
(٥) "تأويل مشكل القرآن" ٣٤٧ بتصرف.
(٦) قرأ بذلك: نافع، وأبو جعفر، وعاصم في رواية أبان، وقرأ الباقون: (بَرِق) بكسر الراء. انظر: "القراءات وعلل النحويين" ٢/ ٧٣٠، و"الحجة" ٦/ ٣٤٥، و"إتحاف القراءات" ٧٣٦، و"كتاب التبصرة" ٧١٥، و"تحبير التيسير" ١٩٤، و"إتحاف فضلاء البشر" ٤٢٨.
(٧) في (أ): ومعناه.

صفحة رقم 483

فنفسك فَانْعَ ولا تَنْعَني وداو (١) الكُلُومَ ولا تَبْرَق) (٢)
يقول: لا تفزع من هذه الجراح التي بي (٣). ونحوه قال الزجاج (٤)، وقال أبو عمرو بن العلاء (٥): برق إذا حار.
وقال أبو الحسن الأخفش: المكسور أكثر في كلامهم، والمفتوحة لغة (٦)، وأنشد (أبو عبيدة) (٧) (٨):
لما أتاني ابن (٩) صبيح راغبًا أعطيته عيسًا منها فبرق (١٠)
(١) في كلا النسختين: وداوي.
(٢) "ديوانه" ٧٠، و"جامع البيان" ٢٩/ ١٧٨، و"النكت والعيون" ٦/ ١٥٣، و"زاد المسير" ٨/ ١٣٥ "الجامع لأحكام القرآن" ١٩/ ٩٤، وشرح أبيات "معاني القرآن" ٢٥٢ ش: ٥٦٦. موضع الشاهد: (تبرق) (برق) بفتح الراء: فزع. ومضى البيت يقول: لا تفزع من هول الجراح التي بك، (برق): فتح عينيه من الفزع، وبرق بصره أيضًا كذلك، أما برق فمعناه تحير. شرح "معاني القرآن" مرجع سابق.
(٣) "معاني القرآن" ٣/ ٢٠٩ بيسير من التصرف.
(٤) "معاني القرآن وإعرابه" ٥/ ٢٥٢.
(٥) ورد قوله في "جامع البيان" ٢٩/ ١٧٨، و"الكشف والبيان" ١٣/ ٥/ أ، و"الجامع لأحكام القرآن" ١٩/ ٩٤، و"فتح القدير" ٥/ ٣٣٦.
(٦) لم أعثر على نص قوله في المعاني، وإنما ورد في "الحجة" ٦/ ٣٤٥، و"التفسير الكبير" ٣٠/ ٢١٩.
(٧) "مجاز القرآن" ٢/ ٢٧٧.
(٨) ساقطة من (أ).
(٩) في (أ): أبو.
(١٠) البيت للكلابي، وقد ورد عند أبي عبيدة على النحو الآتي:
لما أتاني ابن صبيح راغبًا أعطيته عيسًا صهابًا فبرق
كما ورد في "جامع البيان" ٢٩/ ١٧٩، و"الكشف والبيان" ١٣/ ٥ / ب، و"النكت والعيون" ٦/ ١٥٣، و"الجامع لأحكام القرآن" ١٩/ ٩٤.

صفحة رقم 484

وقال الزجاجي: (برق) بصر فلان، يبرق برقًا (إذا) (١) تحير، والأصل فيه أن يكثر الإنسان من النظر إلى لمعان البرق، فيؤثر ذلك في ناظره، ثم يستعمل ذلك في كل حيرة، وإن لم يكن هناك نظر إلى البرق كما يقال: قمر بصره، إذا فسد من النظر إلى القمر، ثم استعير في الحيرة، وكذلك يفكر الرجل في أمره، أي تحير ودهش. وأصله من قولهم: بعلت المرأة، إذا فاجأها زوجها فنظرت إليه وتحيرت، وكذلك: ذهب إذا نظر إلى الذاهب الكثير، فجاز، كل ذلك بين في معنى الحيرة، والأصل لغيرها (٢).
قال قتادة: برق البصر: شخص البصر (٣).
وقول مقاتل: وذلك لما يرى من العجائب التي يكذب بها فيبرق بصره، ولا يكاد يطرق (٤).
وقال عطاء: يريد عند الموت (٥).
وقال الكلبي: ذلك عند رؤية جهنم تبرق أبصار الكفار (٦).

(١) ساقطة من (أ).
(٢) "التفسير الكبير" ٣٠/ ٢١٩، ونسبه إلى الزجاج، غير أني لم أجده عند الزجاج، فلعله تصحيف، والمراد به الزجاجي، كما هو في الأصل عند الواحدي، ولم أعثر على مصدر قول الزجاجي فيما بين يدي من مراجعه.
(٣) "جامع البيان" ٢٩/ ١٨٠، و"الكشف والبيان" ١٣: ٥/ أ، و"معالم التنزيل" ٤/ ٤٢٢، و"الدر المنثور" ٨/ ٣٤٤ وعزاه إلى عبد الرزاق -ولم أجده عنده-، وعبد ابن حميد، وابن المنذر.
(٤) "تفسير مقاتل" ٢١٧/ ب، و"الكشف والبيان" ١٣/ ٥/ أ، و"معالم التنزيل" ٤/ ٤٢٢.
(٥) انظر: "الجامع لأحكام القرآن" ١٩/ ٩٤، و"فتح القدير" ٥/ ٣٣٧ وهو مروي عن مجاهد وغيره في كلا المرجعين.
(٦) "معالم التنزيل" ٤/ ٤٢٢.

صفحة رقم 485
التفسير البسيط
عرض الكتاب
المؤلف
أبو الحسن علي بن أحمد بن محمد بن علي الواحدي، النيسابوري، الشافعي
الناشر
عمادة البحث العلمي - جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية.
سنة النشر
1430
الطبعة
الأولى
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية