آيات من القرآن الكريم

بَلِ الْإِنْسَانُ عَلَىٰ نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ
ﯮﯯﯰﯱﯲ

قوله: ﴿بَصِيرَةٌ﴾ : يجوزُ فيها أوجهٌ، أحدُها: أنَّها

صفحة رقم 570

خبرٌ عن «الإِنسانُ» و «على نفسِه» متعلِّقٌ ب «بَصيرةٌ» والمعنى: بل الإِنسانُ بَصيرةٌ على نفسِه، وعلى هذا فلأيِّ شيءٍ أُنِّث الخبرُ؟ وقد اختلف النَّحْويون في ذلك، فقال بعضهم: الهاءُ فيه للمبالغةِ. وقال الأخفش: «هو كقولِك: فلانٌ عِبْرَةٌ وحُجَّةٌ». وقيل: المرادُ بالإِنسان الجوارِحُ، فكأنَّه قال: بل جوارِحُه بصيرة أي: شاهدةٌ. والثاني: أنها مبتدأٌ، و «على نفسِه» خبرُها. والجملةُ خبرٌ عن «الإِنسانُ»، وعلى هذا ففيها تأويلاتٌ أحدُها: أنْ يكونَ «بصيرةٌ» صفةً لمحذوفٍ أي: عينٌ بصيرةٌ، قاله الفراء. وأنشد:

٤٤١٣ - كأن على ذي العقْل عَيْناً بَصيرةً بمَقْعَدِه أو مَنْظَرٍ هو ناظرُهْ
يُحاذِرُ حتى يَحْسَبَ الناسَ كلَّهمْ من الخوف لا تَخْفَى عليهمْ سرائِرُهْ
الثاني: أنَّ المعنى: جوارح بَصيرة. الثالث: أنَّ المعنى: ملائكةٌ بصيرة، والتاءُ على هذا للتأنيثِ. وقال الزمخشري: «بَصيرة: حُجَّةٌ بَيِّنة، وُصِفَتْ بالبِصارة على المجازِ كما وُصِفَتْ الآياتُ بالإِبصار في قولِه: ﴿فَلَمَّا جَآءَتْهُمْ آيَاتُنَا مُبْصِرَةً﴾ [النمل: ١٣]. قلت: هذا إذا لم تَجْعَلِ الحُجَّة عبارةً عن الإِنسانِ، أو تَجْعَلْ دخولَ التاء للمبالغةِ. أمَّا إذا كانَتْ للمبالغةِ

صفحة رقم 571

فنسبةُ الإِبصارِ إليها حقيقةٌ. الثالث من الأوجه السابقة: أَنْ يكونَ الخبرُ الجارَّ والمجرورَ، و» بصيرةٌ «فاعلٌ به، وهو أرجحُ مِمَّا قبلَه لأنَّ الأصلَ في الإِخبارِ الإِفرادُ.

صفحة رقم 572
الدر المصون في علوم الكتاب المكنون
عرض الكتاب
المؤلف
أبو العباس، شهاب الدين، أحمد بن يوسف بن عبد الدائم المعروف بالسمين الحلبي
تحقيق
أحمد بن محمد الخراط
الناشر
دار القلم
عدد الأجزاء
11
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية