آيات من القرآن الكريم

يُنَبَّأُ الْإِنْسَانُ يَوْمَئِذٍ بِمَا قَدَّمَ وَأَخَّرَ
ﯘﯙﯚﯛﯜ ﯞﯟﯠ ﯢﯣﯤﯥ ﯧﯨﯩﯪﯫﯬ ﯮﯯﯰﯱﯲ ﯴﯵﯶ ﯸﯹﯺﯻﯼﯽ ﯿﰀﰁﰂ ﰄﰅﰆﰇ ﰉﰊﰋﰌ

مجاهد: هذا عند الموت «١»، وقال الحسن: هذا في يوم القيامة «٢»، قال أبو عبيدة وجماعة من اللغويين: الخسوف والكسوف بمعنى واحد «٣»، وقال ابن أبي أُوَيْسٍ: الكسوف: ذهابُ بعض الضوء، والخسوف: ذهاب جميعه، وروى عروة وسفيان أَنَّ النبيّ صلّى الله عليه وسلّم قَالَ: «لاَ تَقُولُوا كَسَفَتِ الشَّمْسُ، وَلَكِنْ قُولُوا: خَسَفَتْ» «٤» وقرأ ابن مسعود: «وَجُمِعَ «٥» بَيْنَ الشَّمْسِ وَالقَمَرِ» واختلف في معنى الجمع بينهما فقال عطاء: يجمعان فيقذفان في النار «٦»، وقيل:
في البحر فيصيرا نارَ اللَّه العُظْمَى، وقيل: يُجْمَعُ الضَّوْءانِ فيذهب بهما قال الثعلبيُّ: وقال علي وابن عباس: يجعلان في نور الحجب «٧»، انتهى.
[سورة القيامة (٧٥) : الآيات ١٠ الى ١٣]
يَقُولُ الْإِنْسانُ يَوْمَئِذٍ أَيْنَ الْمَفَرُّ (١٠) كَلاَّ لا وَزَرَ (١١) إِلى رَبِّكَ يَوْمَئِذٍ الْمُسْتَقَرُّ (١٢) يُنَبَّؤُا الْإِنْسانُ يَوْمَئِذٍ بِما قَدَّمَ وَأَخَّرَ (١٣)
يَقُولُ الْإِنْسانُ يَوْمَئِذٍ أَيْنَ الْمَفَرُّ أي: أين الفرار كَلَّا لاَ وَزَرَ أي: لا ملجأ، والْمُسْتَقَرُّ
موضع الاستقرار.
وقوله تعالى: يُنَبَّؤُا/ الْإِنْسانُ يَوْمَئِذٍ بِما قَدَّمَ وَأَخَّرَ
[أي] : يعلم بكل ما فعل، ويجده مُحَصَّلاً، وقال ابن عباس وابن مسعود: بما قَدَّم في حياته، وما أخّر من سنة بعد مماته «٨».
[سورة القيامة (٧٥) : الآيات ١٤ الى ١٩]
بَلِ الْإِنْسانُ عَلى نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ (١٤) وَلَوْ أَلْقى مَعاذِيرَهُ (١٥) لا تُحَرِّكْ بِهِ لِسانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ (١٦) إِنَّ عَلَيْنا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ (١٧) فَإِذا قَرَأْناهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ (١٨)
ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنا بَيانَهُ (١٩)

(١) أخرجه الطبري (١٢/ ٣٣١)، رقم: (٣٥٥٦٣)، وذكره ابن عطية (٥/ ٤٠٣)، والسيوطي في «الدر المنثور» (٦/ ٤٦٥)، وعزاه لعبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر.
(٢) ذكره ابن عطية (٥/ ٤٠٣).
(٣) ذكره ابن عطية (٥/ ٤٠٣).
(٤) أخرجه مسلم (٢/ ٦٢٥)، كتاب «الكسوف» باب: ما عرض على النبي صلّى الله عليه وسلّم في صلاة الكسوف من أمر الجنة والنار (١٣/ ٩٠٥).
(٥) هكذا في القرطبي (١٩/ ٦٣). وذكر ابن عطية في «المحرر الوجيز» (٥/ ٤٠٣) أنها قراءة ابن أبي عبلة.
(٦) أخرجه الطبري (١٢/ ٣٣٢)، رقم: (٣٥٥٦٩)، وذكره البغوي (٤/ ٤٢٢)، وابن عطية (٥/ ٤٠٣)، والسيوطي في «الدر المنثور» (٦/ ٤٦٥)، وعزاه لابن جرير، وابن المنذر.
(٧) ذكره القرطبي (١٩/ ٦٣)، وذكره أبو حيان في «البحر المحيط» (٨/ ٣٧٧).
(٨) أخرجه الطبري (١٢/ ٣٣٥)، رقم: (٣٥٥٩١)، (٣٥٥٩٢)، وذكره البغوي (٤/ ٤٢٢)، وابن عطية (٥/ ٤٠٣)، والسيوطي في «الدر المنثور» (٦/ ٤٦٦)، وعزاه لعبد الرزاق، وعبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر عن ابن مسعود، وعزاه أيضا لابن المنذر، وابن أبي حاتم عن ابن عبّاس. [.....]

صفحة رقم 521

وقوله تعالى: بَلِ الْإِنْسانُ عَلى نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ
قال ابن عباس وغيره: أي: للإنسان على نفسه من نفسه بصيرةُ رقباءَ يشهدون عليه، وهم جوارحه وَحَفَظَتُه «١»، ويحتمل أنْ يكون المعنى: بل الإنسان على نفسه شاهد ودليله قوله تعالى: كَفى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيباً [الإسراء: ١٤] قال الثعلبيّ: قال أبان بن ثعلب: البصيرةُ والبَيِّنَةُ والشاهد بمعنى واحد انتهى، ونحوه للهرويِّ قال ع «٢» : والمعنى على هذا التأويل الثاني: أَنَّ في الإنسان وفي عقله وفطرته حُجَّةً وشاهداً مُبْصِراً على نفسه.
وَلَوْ أَلْقى مَعاذِيرَهُ
أي: ولو اعتذر عن قبيح أفعاله، فهو يعلمها، قال الجمهور:
والمعاذير هنا جمع مَعْذِرَةٌ، وقال الضَّحَّاكُ والسُّدِّيُّ: هي الستور بلغة اليمن يقولون للستر: المعذار «٣».
وقوله تعالى: لاَ تُحَرِّكْ بِهِ لِسانَكَ
الآية، قال كثير من المفسرين، وهو في «صحيح البخاريِّ» عن ابن عبّاس قال: كان النبيّ صلّى الله عليه وسلّم يُعَالِجُ مِنَ التَّنْزِيلِ شِدَّةً وَكَانَ مِمَّا يُحَرِّكُ شَفَتَيْهِ مُخَافَةَ أَنْ يَذْهَبَ عَنْهُ مَا يُوحَى إلَيْهِ، فَنَزَلَتِ الآيَةُ بِسَبَبِ ذَلِكَ، وَأَعْلَمَهُ تَعَالَى أنّه يجمعه له في صدره «٤».
وقوله: وَقُرْآنَهُ
يحتمل أنْ يريد وقراءته، أي: تقرأه أنت يا محمد.
وقوله: فَإِذا قَرَأْناهُ
أي: قرأه الملك الرسول عنّا فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ
، قال البخاريُّ:
قال ابن عباس: فَاتَّبِعْ
، أي: اعمل به، وقال البخاريُّ أيضاً/ قوله: إِنَّ عَلَيْنا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ
أي: تأليف بعضه إلى بعض فَإِذا قَرَأْناهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ
أي: ما جمع فيه، فاعمل بما أمرك، وانته عَمَّا نهاك عنه انتهى.
وقوله تعالى: ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنا بَيانَهُ قال قتادة وجماعة: معناه: أنْ نُبَيِّنَهُ لك «٥»، وقال البخاريُّ: أنْ نبينه على لسانك.

(١) أخرجه الطبري (١٢/ ٣٣٦)، رقم: (٣٥٦٠١)، وذكره البغوي (٤/ ٤٢٣)، وابن كثير (٤/ ٤٤٩)، والسيوطي في «الدر المنثور» (٦/ ٤٦٧)، وعزاه لابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن ابن عبّاس.
(٢) ينظر: «المحرر الوجيز» (٥/ ٤٠٤).
(٣) أخرجه الطبري (١٢/ ٣٣٨)، رقم: (٣٥٦١٢) عن السدي، وذكره البغوي (٤/ ٤٢٣)، وابن عطية (٥/ ٤٠٤)، والسيوطي (٦/ ٤٦٧)، وعزاه لابن المنذر عن الضحاك بنحوه.
(٤) أخرجه البخاري (٨/ ٥٤٧- ٥٤٨)، كتاب «التفسير» باب: سورة القيامة (٤٩٢٧)، (٨/ ٥٤٩)، باب:
إِنَّ عَلَيْنا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ (٤٩٢٨).
(٥) ذكره ابن عطية (٥/ ٤٠٥)، وابن كثير (٤/ ٤٤٩) بنحوه.

صفحة رقم 522
الجواهر الحسان في تفسير القرآن
عرض الكتاب
المؤلف
أبو زيد عبد الرحمن بن محمد بن مخلوف الثعالبي
تحقيق
عادل أحمد عبد الموجود
الناشر
دار إحياء التراث العربي - بيروت
سنة النشر
1418
الطبعة
الأولى
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية