
المستغفرين لمن فى الأرض ومنهم الموكلون بايصال الشرائع ومنهم الموكلون بالممات ومنهم الموكلون بالإلهام وهم الموصلون العلوم الى القلوب ومنهم الموكلون بالأرحام بتصوير ما يكون لله فى الأرحام ومنهم الموكلون بنفخ الأرواح ومنهم الملائكة التسعة عشر الموكلون بالفشاعة لمن دخل النار ومنهم الموكلون بالأرزاق ومنهم الموكلون بالامطار ومنهم الصافات والزاجرات والتاليات والمقسمات والمرسلات والناشرات والنازعات والناشطات والسابقات والسابحات والملقيات والمدبرات ولذلك قالوا وما منا الا له مقام معلوم فما من حادث بحدثه الله فى العالم الا وقد وكل الله بإجرائه الملائكة ولكن بأمر هؤلاء الولاة من الملائكة فلا يزالون تحت سلطانهم إذ هم خصائص الله ثم ان العامة ما تشهد من هؤلاء الملائكة الا منازلهم التي هى اجرام الكواكب ولا تشهد اعيان الحجاب ولا النقباء واما اهل الكشف فيشهدونهم فى منازلهم عيانا. ثم اعلم ان الله قد جعل فى هذا العالم العنصري خلقا من جنسهم ولاة عليهم نظير العالم العلوي فمنهم الرسل والخلفاء والسلاطين والملوك وولاة امور جميع العالم من القضاة واضرابهم ثم جعل بين أرواح هؤلاء الولاة الذين هم فى الأرض والولاة الذين هم فى السموات مناسبات ودقائق تمتد إليهم بالعدل مطهرة من الشوائب مقدسة عن العيوب فيقبل هؤلاء الولاة الارضيون منهم بحسب استعدادتهم فمن كان استعداده حسنا قويا قبل ذلك الأمر على صورته طاهرا مطهرا فكان والى عدل وامام فضل ومن كان استعداده رديئا قبل ذلك الأمر الطاهر ورده الى شكله من الرداءة والقبح والجور فكان والى جور ونائب ظلم وبخل فلا يلومن الا نفسه فهذه أمهات مراتب حكام العالم اصحاب المراتب على سبيل الإجمال واما لرعية فلا يحصى عددهم الا الله ولله تعالى فى الأرض ملائكة لا يصعدون الى السماء أبدا وملائكة فى السماء لا ينزلون الى الأرض أبدا كل قد علم صلاته وتسبيحه بالهام من الله تعالى كذا فى كتاب الجواهر للامام الشعراني رحمه الله وَما هِيَ اى سقر وذكر صفتها إِلَّا ذِكْرى لِلْبَشَرِ الا تذكرة وعظة وإنذار لهم بسوء عاقبة الكفر والضلال وتخصيص الانس مع انها تذكرة للجن ايضا لانهم هم الأصل فى القصد بالتذكرة او وما عدة الخزنة الا تذكرة لهم ليتذكروا ويعلموا ان الله قادر على ان يعذب الكثير الغير المحصور من كفار الثقلين وعصاتهم بهذا العدد بل هو لا يحتاج فى ذلك الى أعوان وأنصار أصلا فانه لو قلب شعرة واحدة فى عين ابن آدم او سلط الألم على عرق واحد من عروق بدنه لكفاه ذلك بلاء ومحنة وانما عين العدد وخلق الجنود لحكمة لا لاحتياج ويجوز أن يعود الضمير الى الآيات الناطقة بأحوال سقر فانها تذكرة لاشتمالها على الانذار كَلَّا ردع لمن أنكر سقر أي ارتدع عن إنكارها فانها حق او انكار ونفى لان تكون لهم تذكرة فان كونها ذكرى للبشر لا ينافى ان بعضهم لا يتذكرون بل يعرضون عنها بسوء اختيارهم ألا يرى الى قوله تعالى فما لهم عن التذكرة معرضين وَالْقَمَرِ مقسم به مجرور بواو القسم يعنى وسوكند بماه كه معرفت اوقات وآجال بوى باز بسته است. وفى فتح الرحمن تخصيص تشريف وتنبيه على النظر فى عجائبه وقدرته فى حركاته
صفحة رقم 237
المختلفة التي هى مع كثرتها واختلافها على نظام واحد لا يختل وقال أبو الليث وخالق القمر يعنى الهلال بعد ثالثه وَاللَّيْلِ معطوف على القمر وكذا الصبح يعنى وبحرمه شب إِذْ بسكون الذال وهو ظرف لما مضى من الزمان أَدْبَرَ على وزن افعل اى انصرف وذهب فان الأدبار نقيض الإقبال وَالصُّبْحِ قال فى القاموس الصبح الفجر او أول النهار والجمع وا صباح وفى المفردات الصبح والصباح أول النهار وهو وقت ما احمر الأفق بحاجب الشمس إِذا ظرف لما يستقبل من الزمان واتفقوا على إذا هاهنا نظرا الى تأخره عن الليل من وجه أَسْفَرَ اى ضاء وانكشف فان الاسفار بالفارسية روشن شدن. قال الراغب السفر كشف الغطاء ويختص ذلك بالأعيان نحو سفر العمامة عن الرأس والخمار عن الوجه والاسفار يختص باللون نحو والصبح إذا اسفر اى أشرق لونه ووجهه وأسفروا بالفجر تؤجروا من قولهم أسفرت اى دخلت فيه نحو أصبحت وفى قوت القلوب الفجر الثاني هو انشقاق شفق الشمس وهو بريق بياضها الذي تحت الحمرة وهو الشفق الثاني على ضد غروبها لان شفقها الاول من العشاء هو الحمرة بعد الغروب وبعد الحمرة البياض وهو الشفق الثاني من أول الليل وهو آخر سلطان شعاع الشمس وبعد البياض سواد الليل وغسقه ثم ينقلب ذلك على الضد فيكون بعده طلوعها الشفق الاول وهو البياض وبعده الحمرة وهو شفقها الثاني وهو أول سلطانها من آخر الليل وبعده طلوع قرص الشمس فالفجر هو انفجار شعاع الشمس من الفلك الأسفل إذا ظهرت على وجه ارض الدنيا يستر عينها الجبال والبحار والأقاليم المشرفة العالية ويظهر شعاعها منتشرا الى وسط الدنيا عرضا مستطيرا انتهى (قال الكاشفى) اقسم بالقمر اى بالقلب المستعد الصافي القابل للانذار المتعظ به المنتفع بتذكره تعظيما وبليل ظلمه النفس إذ أدبر أي ذهب بانقشاع ظلمتها عن القلب باشراق نور الروح عليه وتلالى طوالعه وبصبح طلوع ذلك إذا اسفر فزالت الظلمة بكليتها وتنور القلب انتهى فظهر من هذا حسن موقع ذكر القمر والليل والصبح فى مقام ذكر سقر ودواهيها لان سقر اشارة الى الطبيعة وجهنم النفس إِنَّها لَإِحْدَى الْكُبَرِ جواب للقسم والكبر جمع الكبرى جعت الف التأنيث كتائه وألحقت بها فكما جمعت فعلة على فعل كركبة وركب جمعت فعلى عليها والا ففعلى لا تجمع على فعل بل على فعالى كحبلى وحبالى والمعنى ان سقر لاحدى البلايا او لاحدى الدواهي الكبر الكثيرة وهى اى سقر واحدة فى العظم لا نظيرة لها كقولك انه أحد الرجال هذا إذا كان منكر السقر وان كان منكرا لعدة الخزنة فالمعنى انها من احدى الحجج اكبر نذيرا من قدرة الله على قهر العصاة من لدن آدم عليه السلام الى قيام الساعة من الجن والانس حيث استعمل على تعذيبهم هذا العدد القليل وان كان منكر الآيات فالمعنى انها لاحدى الآيات الكبر نَذِيراً لِلْبَشَرِ تمييز من نسبة احدى الكبر الى اسم ان لان معناه انها من معظمات الدواهي التي خلقها الله للتعذيب فيصح ان ينتصب منه التمييز كما تقول هى احدى النساء عفافا والنذير مصدر كالنكير والمعنى لاحدى الكبر انذارا اى من جهة الانذار أول مما دلت
صفحة رقم 238