آيات من القرآن الكريم

وَأَنَّا لَمَسْنَا السَّمَاءَ فَوَجَدْنَاهَا مُلِئَتْ حَرَسًا شَدِيدًا وَشُهُبًا
ﮝﮞﮟﮠﮡﮢﮣﮤ

قَوْله تَعَالَى: ﴿وَأَنا لمسنا السَّمَاء فَوَجَدْنَاهَا ملئت حرسا شَدِيدا وشهبا﴾ أَي: ملئت حرسا بِالْمَلَائِكَةِ.
وَقَوله: ﴿شهبا﴾ جمع شهَاب، وَهُوَ قِطْعَة من النَّار، وَقد ذكرنَا من قبل صُورَة كَيْفيَّة استراق الشَّيَاطِين السّمع من السَّمَاء، وَأَنَّهُمْ كَانُوا يسمعُونَ الْكَلِمَة فيضمون إِلَيْهَا عشرَة ويلقونها إِلَى الكهنة، فَلَمَّا كَانَ فِي زمَان النَّبِي حرست السَّمَاء، وَرمى الشَّيَاطِين بِالشُّهُبِ.
فَإِن قَالَ قَائِل: لم يزل هَذَا الْأَمر معهودا قبل الرَّسُول، وَهُوَ انقضاض الْكَوَاكِب، وَذكره شعراء الْجَاهِلِيَّة فِي أشعارهم، وَقَالَ بَعضهم.

صفحة رقم 66

( ﴿٨) وَأَنا كُنَّا نقعد مِنْهَا مقاعد للسمع فَمن يستمع الْآن يجد لَهُ شهابا رصدا (٩) وَأَنا لَا نَدْرِي أشر أُرِيد بِمن فِي الأَرْض أم أَرَادَ بهم رَبهم رشدا (١٠) ﴾.

(فانقض كالدري يتبعهُ نقع (يثور) تخاله طنبا)
(قَالَه لاقوه إِلَّا وروى).
وَإِذا كَانَ هَذَا أمرا معهودا فِي الْجَاهِلِيَّة فَمَا معنى تَعْلِيقه بنبوة مُحَمَّد، وعندكم أَنه كَانَ معْجزَة لَهُ وأساسا لنبوته؟ وَالْجَوَاب عَنهُ من وَجْهَيْن: أَحدهمَا: أَنه لم يكن هَذَا من قبل، وَإِنَّمَا حدث فِي زمَان نبوة الرَّسُول، والأشعار كلهَا منحولة على الْجَاهِلِيَّة، أَو قالوها بعد مولده حِين قرب مبعثه.
وَذكر السّديّ: أَن أول من تنبه للرمي بِالشُّهُبِ هُوَ هَذَا الْحَيّ من ثَقِيف، فخافوا خوفًا شَدِيدا وظنوا أَن الْقِيَامَة قد قربت، فَجعلُوا يعتقون العبيد ويسيبون الْمَوَاشِي، فَقَالَ لَهُم ابْن عبد يَا ليل: لَا تعجلوا، وانظروا إِلَى النُّجُوم الْمَعْرُوفَة هَل هِيَ فِي أماكنها؟ فَقَالُوا: هِيَ فِي أماكنها.
قَالَ: فَإِن هَذَا لأمر هَذَا الرجل الَّذِي خرج بِمَكَّة.
وَالْجَوَاب الثَّانِي - وَهُوَ الْأَصَح - أَن الرَّمْي بِالشُّهُبِ قد كَانَ من قبل، وَلكنه لما كَانَ فِي زمَان الرَّسُول كثر وَقَوي.
قَالَ معمر: قلت لِلزهْرِيِّ: أَكَانَ الرَّمْي بِالشُّهُبِ قبل الرَّسُول فِي الْجَاهِلِيَّة؟ قَالَ: نعم، وَلكنه لما كَانَ زمَان الرَّسُول كثر وَاشْتَدَّ.

صفحة رقم 67
تفسير السمعاني
عرض الكتاب
المؤلف
أبو المظفر منصور بن محمد بن عبد الجبار المروزي السمعاني الشافعي
تحقيق
ياسر بن إبراهيم
الناشر
دار الوطن، الرياض - السعودية
سنة النشر
1418 - 1997
الطبعة
الأولى، 1418ه- 1997م
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية