آيات من القرآن الكريم

وَأَنَّا ظَنَنَّا أَنْ لَنْ نُعْجِزَ اللَّهَ فِي الْأَرْضِ وَلَنْ نُعْجِزَهُ هَرَبًا
ﭼﭽﭾﭿﮀﮁﮂﮃﮄﮅ ﮇﮈﮉﮊﮋﮌﮍﮎﮏﮐﮑ ﮓﮔﮕﮖﮗﮘﮙﮚﮛ ﮝﮞﮟﮠﮡﮢﮣﮤ ﮦﮧﮨﮩﮪﮫﮬﮭﮮﮯﮰﮱﯓ ﯕﯖﯗﯘﯙﯚﯛﯜﯝﯞﯟﯠﯡ ﯣﯤﯥﯦﯧﯨﯩﯪﯫﯬ ﯮﯯﯰﯱﯲﯳﯴﯵﯶﯷﯸ ﯺﯻﯼﯽﯾﯿﰀﰁﰂﰃﰄﰅﰆﰇﰈ ﭑﭒﭓﭔﭕﭖﭗﭘﭙﭚﭛ ﭝﭞﭟﭠﭡ ﭣﭤﭥﭦﭧﭨﭩ ﭫﭬﭭﭮﭯﭰﭱﭲﭳﭴﭵ

كما زعم الكفار. واتفق القراء في قوله: أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ على نصب الألف، لأن معناه قل:
أوحي إلي بأنه استمع. واتفقوا في قوله: إِنَّا سَمِعْنا على الكسر، لأنه على معنى الابتداء.
واختلفوا فيما سوى ذلك. قرأ حمزة، والكسائي، وابن عامر كلها بالنصب بناء على قوله:
أَنَّهُ اسْتَمَعَ، إلا في حرفين أحدهما فَإِنَّ لَهُ نارَ جَهَنَّمَ بالكسر، والأخرى قوله: فَإِنَّهُ يَسْلُكُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ بالكسر على معنى الابتداء. وقرأ أبو عمرو، وابن كثير كلها بالكسر، إلا في أربعة أحرف: قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ، وَأَنْ لَوِ اسْتَقامُوا، وَأَنَّ الْمَساجِدَ، وَأَنَّهُ لَمَّا قامَ عَبْدُ اللَّهِ يَدْعُوهُ. قرأ عاصم في رواية أبي بكر، ونافع في إحدى الروايتين هكذا، إلا في قوله وأنه لما قام عبد الله وإنما اختاروا الكسر لهذه الأحرف، بناء على قوله: إِنَّا سَمِعْنا وقال أبو عبيد: ما كان من قول الجن، فهو كسر، ومعناه وقالوا: إنه تعالى وقالوا: أَنَّهُ كانَ يَقُولُ وما كان محمولاً على قوله أوحى فهو نصب على معنى أوحي إلي أنه ثم قال: وَأَنَّهُ كانَ يَقُولُ سَفِيهُنا عَلَى اللَّهِ شَطَطاً يعني: جاهلنا يعني: إبليس- لعنه الله- ويقال: وَأَنَّهُ كانَ يَقُولُ سَفِيهُنا يعني: كفرة الجن. عَلَى اللَّهِ شَطَطاً يعني: كذباً وجوراً من المقال.
[سورة الجن (٧٢) : الآيات ٥ الى ١٧]
وَأَنَّا ظَنَنَّا أَنْ لَنْ تَقُولَ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلَى اللَّهِ كَذِباً (٥) وَأَنَّهُ كانَ رِجالٌ مِنَ الْإِنْسِ يَعُوذُونَ بِرِجالٍ مِنَ الْجِنِّ فَزادُوهُمْ رَهَقاً (٦) وَأَنَّهُمْ ظَنُّوا كَما ظَنَنْتُمْ أَنْ لَنْ يَبْعَثَ اللَّهُ أَحَداً (٧) وَأَنَّا لَمَسْنَا السَّماءَ فَوَجَدْناها مُلِئَتْ حَرَساً شَدِيداً وَشُهُباً (٨) وَأَنَّا كُنَّا نَقْعُدُ مِنْها مَقاعِدَ لِلسَّمْعِ فَمَنْ يَسْتَمِعِ الْآنَ يَجِدْ لَهُ شِهاباً رَصَداً (٩)
وَأَنَّا لاَ نَدْرِي أَشَرٌّ أُرِيدَ بِمَنْ فِي الْأَرْضِ أَمْ أَرادَ بِهِمْ رَبُّهُمْ رَشَداً (١٠) وَأَنَّا مِنَّا الصَّالِحُونَ وَمِنَّا دُونَ ذلِكَ كُنَّا طَرائِقَ قِدَداً (١١) وَأَنَّا ظَنَنَّا أَنْ لَنْ نُعْجِزَ اللَّهَ فِي الْأَرْضِ وَلَنْ نُعْجِزَهُ هَرَباً (١٢) وَأَنَّا لَمَّا سَمِعْنَا الْهُدى آمَنَّا بِهِ فَمَنْ يُؤْمِنْ بِرَبِّهِ فَلا يَخافُ بَخْساً وَلا رَهَقاً (١٣) وَأَنَّا مِنَّا الْمُسْلِمُونَ وَمِنَّا الْقاسِطُونَ فَمَنْ أَسْلَمَ فَأُولئِكَ تَحَرَّوْا رَشَداً (١٤)
وَأَمَّا الْقاسِطُونَ فَكانُوا لِجَهَنَّمَ حَطَباً (١٥) وَأَنْ لَوِ اسْتَقامُوا عَلَى الطَّرِيقَةِ لَأَسْقَيْناهُمْ ماءً غَدَقاً (١٦) لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ وَمَنْ يُعْرِضْ عَنْ ذِكْرِ رَبِّهِ يَسْلُكْهُ عَذاباً صَعَداً (١٧)
ثم قال عز وجل: وَأَنَّا ظَنَنَّا يعني: حسبنا أَنْ لَنْ تَقُولَ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلَى اللَّهِ كَذِباً يعني: نتوهم أن أحداً لا يكذب على الله، وإلى هاهنا حكاية كلام الجن.

صفحة رقم 504

يقول الله تعالى: وَأَنَّهُ كانَ رِجالٌ مِنَ الْإِنْسِ يعني: في الجاهلية يَعُوذُونَ بِرِجالٍ مِنَ الْجِنِّ، وذلك أن الرجل إذا نزل في فضاء من الأرض، كان يقول أعوذ بسيد هذا الوادي، فيكون في أمانهم تلك الليلة. فَزادُوهُمْ رَهَقاً يعني: زادوا للجن عظمة وتكبروا، ويقولن:
بلغ من سُؤُدُدنا أن الجن والإنس يطلبون منا الأمان، وَأَنَّهُمْ ظَنُّوا كَما ظَنَنْتُمْ يعني: كفار الجن حسبوا كما حسبتم يا أهل مكة، أَنْ لَنْ يَبْعَثَ اللَّهُ أَحَداً يعني: بعد الموت، يعني:
إنهم كانوا غير مؤمنين، كما أنكم لا تؤمنون. ويقال: إنهم ظنوا كما ظننتم أن لن يبعث الله أحداً يعني: رسولاً. فقد أرسل محمدا صلّى الله عليه وسلم.
ثم رجع إلى كلام الجن، فقال: وَأَنَّا لَمَسْنَا السَّماءَ يعني: صعدنا وأتينا السماء لاستراق السمع. فَوَجَدْناها مُلِئَتْ حَرَساً شَدِيداً يعني: حفاظاً أقوياء من الملائكة.
وَشُهُباً يعني: رُمينا نجماً متوقداً. وَأَنَّا كُنَّا نَقْعُدُ مِنْها مَقاعِدَ لِلسَّمْعِ يعني: كنا نقعد فيما مضى للاستماع من الملائكة، ما يقولون فيما بينهم من الكوائن. فَمَنْ يَسْتَمِعِ الْآنَ يَجِدْ لَهُ شِهاباً رَصَداً يعني: نجماً مضيئاً. والرصد: الذي أرصد للرجم يعني: النجم. وروى عبد الرزاق، عن معمر قال: قلت للزهري: أكان يرمى بالنجوم في الجاهلية؟ قال: نعم.
قلت: أفرأيت قوله: فَمَنْ يَسْتَمِعِ الْآنَ يَجِدْ لَهُ شِهاباً رَصَداً قال: غلظ وشدد أمرها حين بُعث النبيّ صلّى الله عليه وسلم. قال الجن بعضهم لبعض: وَأَنَّا لاَ نَدْرِي أَشَرٌّ أُرِيدَ بِمَنْ فِي الْأَرْضِ؟ يعني:
يبعثه فلم يؤمنوا فيهلكوا أَمْ أَرادَ بِهِمْ رَبُّهُمْ رَشَداً؟ يعني: خيراً وصواباً، فيؤمنوا ويهتدوا.
ويقال: لا ندري أخيراً أريد بأهل الأرض أو الشرحين حرست السماء، ورُمينا بالنجوم، وَمُنعنا السمع؟ ويقال: أريد عذاباً بمن في الأرض، بإرسال الرسول بالتكذيب له، أو أراد بهم ربهم خيراً ببيان الرسول لهم هدى وبياناً.
ثم قال عز وجل: وَأَنَّا مِنَّا الصَّالِحُونَ يعني: الموحدين والمسلمين. وَمِنَّا دُونَ ذلِكَ يعني: ليسوا بموحدين. كُنَّا طَرائِقَ قِدَداً يعني: فينا أهواء مختلفة وملل شتى. وقال القتبي: يعني: فرقاً مختلفة، وكل فرقة قدة مثل القطعة في التقدير، والطرائق: جمع الطريق.
قوله تعالى: وَأَنَّا ظَنَنَّا يعني: علمنا وأيقنا أَنْ لَنْ نُعْجِزَ اللَّهَ فِي الْأَرْضِ يعني: لا يفوت أحد من الله تعالى. وَلَنْ نُعْجِزَهُ هَرَباً، لا يقدر الهرب منه.
قال الله عزّ وجلّ: وَأَنَّا لَمَّا سَمِعْنَا الْهُدى يعني: القرآن يقرؤه محمد صلّى الله عليه وسلم، آمَنَّا بِهِ يعني: صدقنا بالقرآن ويقال: بالنبي صلّى الله عليه وسلم ويقال: صدقنا بالله تعالى فَمَنْ يُؤْمِنْ بِرَبِّهِ قال بعضهم هذا من كلام الله تعالى للنبي صلّى الله عليه وسلم فمن يصدق بوحدانية الله تعالى، فَلا يَخافُ بَخْساً يعني: نقصاناً من ثواب عمله، وَلا رَهَقاً يعني: ذهاب عمله. وهذا كقوله تعالى فَلا يَخافُ ظُلْماً وَلا هَضْماً. [طه: ١١٢] ويقال: هذا كلام الجن بعضهم لبعض، فَمَنْ يُؤْمِنْ بِرَبِّهِ فَلا يَخافُ بَخْساً وَلا رَهَقاً. والرهق: الظلم أن يجعل ثواب عمله لغيره. والبخس النقصان من ثواب عمله.

صفحة رقم 505
بحر العلوم
عرض الكتاب
المؤلف
أبو الليث نصر بن محمد بن أحمد بن إبراهيم السمرقندي
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية