آيات من القرآن الكريم

وَأَنَّا ظَنَنَّا أَنْ لَنْ نُعْجِزَ اللَّهَ فِي الْأَرْضِ وَلَنْ نُعْجِزَهُ هَرَبًا
ﯮﯯﯰﯱﯲﯳﯴﯵﯶﯷﯸ

الجن أمثالكم فمنهم قدرية ومرجية ورافضية وغير ذلك وقولهم فيما بينهم انا منا الصالحون إلخ تمهيد لما سياتى من قولهم انا ظننا ان لن نعجز الله الاية وانا لما سمعنا الهدى الاية يعنى ان الايمان والتصديق ليس امرا مبدعا منا بل كان الجن قبل ذلك طرائق قددا بعضهم كانوا صالحين وبعضهم دون ذلك وانا ان اتبعنا السفيه فى القول فى الشطط لكنا لما سمعنا قرانا ظننا ان لن نعجز الله وسمعنا الهدى وأمنا به كما كان بعض أسلافنا مومنين.
وَأَنَّا ظَنَنَّا اى علمنا وتيقنا بتعليم الله تعالى فى القران وهدايته او المعنى كنا نظن ذلك قبل هذا او المعنى كنا نتيقن ذلك بعلمنا ما فى التورية أَنْ لَنْ نُعْجِزَ اللَّهَ اى لن تفوته ان أراد بنا سوأ وكائنا فِي الْأَرْضِ وَلَنْ نُعْجِزَهُ هَرَباً اى هاربين من الأرض الى السماء ان طلبنا مهربا وهذا على كونه حالا من فاعل نعجز ويحتمل ان يكون مفعولا مطلقا بمعنى تهرب هربا او مفعولا له اى نعجزه للهرب او ظرفا اى نعجزه فى الهرب او تميزا من نسبة الفاعل اى نعجزه هربها.
وَأَنَّا لَمَّا سَمِعْنَا الْهُدى اى القران فانه موجب للهدى آمَنَّا بِهِ فامنوا به أنتم ايضا يا قومنا معاشر الجن فَمَنْ يُؤْمِنْ بِرَبِّهِ شرط والفاء للسببية والجزاء ما بعده فَلا يَخافُ خبر مبتداء محذوف اى فهو لا يخاف بَخْساً نقصا فى الثواب وَلا رَهَقاً اى ولا ان ترهقه وتغشياه ذلة او المعنى لا يخاف جزاء نقص فى الطاعات ولا جزاء له رهوق ظلم اى غشيان ظلم لان من حق الايمان بالقران ان يحبب ذلك.
وَأَنَّا مِنَّا الْمُسْلِمُونَ الأبرار وَمِنَّا الْقاسِطُونَ ط اى الجائرون عن الحق يقال اقسط الرجل إذا عدل وقسط إذا جار فهو قاسط انما ذكر هذه الجملة مع ذكر مفهون فيما سبق بقوله وانا منا الصالحون ومنا دون ذلك ليكون تمهيد التفصيل حال الفريقين والمقصود هاهنا تفصيل الحال وفيما سبق التفرق فحسب لدفع كون الإسلام امرا مبدعا ويحتمل ان يكون الذين يستمعون القران بعضهم اسلموا وبعضهم لم يسلموا وهذا مقولة المسلمين منهم لما رجعوا الى قومهم فَمَنْ أَسْلَمَ بالله ورسله فَأُولئِكَ تَحَرَّوْا رَشَداً قصدوا طريقا موصلا الى الفلاح.
أَمَّا الْقاسِطُونَ فَكانُوا لِجَهَنَّمَ حَطَباً
توقد بهم جهنم كما توقد النار بالحطب وهذه الجمل السبعة من قوله تعالى وانا لمسنا السماء الى قوله وانا منا المسلمون فمن اسلم إلخ لا شك انها من كلام الجن فلا غبار على قراءة انا بالكسر واما على قراءة الفتح فلا بد ارتكاب تكلف

صفحة رقم 88

بان يقال انها معطوفة بهاء به فى أمنا به والمعنى أمنا بالقران ويتبعنا بمعجزاته فى الآفاق من ان لمسنا السماء الاية وانا كنا نقعد منها مقاعد الاية وانا لا ندرى ما أراد الله بالشهب حتى سمعناه وبمعجزاته وتأثيراته فى الأنفس وانا كنا منا الصالحون ومنا دون ذلك ولان تيقنا ان لن نعجز الله وانا لما سمعنا الهدى أمنا به وتيقنا ان المسلمين منا تحروا رشدا واما القاسطون فكانوا لجهنم حطبا والله تعالى اعلم بمراده ولا يتصور عطف هذه الجمل السبعة على انه استمع نفر من الجن كما لا يخفى (مسئلة:) اتفقت الائمة على ان الكفار من الجن يعذبون بالنار كما يدل عليه قوله تعالى واما القاسطون فكانوا لجهنم حطبا واختلفوا فى ثواب المؤمنين منهم فقال قوم ليس لهم ثواب إلا نجاتهم من النار وتأولوا قوله تعالى يا قومنا أجيبوا داعى الله وأمنوا به يغفر لكم من ذنوبكم ويجركم من عذاب اليم- قال البغوي واليه ذهب ابو حنيفة وحكى سفيان عن ليث قال الجن ثوابهم ان يجاروا من النار ثم يقال لهم كونوا ترابا مثل بهائم وعن ابى الزياد قال إذا قضى بين الناس قيل لمومنين الجن عودوا ترابا فيعودون ترابا وعند ذلك يقول الكافر يا ليتنى كنت ترابا وقيل مذهب ابى حنيفة فيه التوقف لقوله عليه السلام أبهموا ما أبهم الله- وقد ذكر الله تعالى عذاب الكفار منهم ولم يذكر ثواب المطيعين منهم الا المقر والجوار من النار وقال الآخرون يكون لهم ثواب فى الإحسان كما يكون لهم عذاب فى الاساءة كالانس واليه ذهب مالك وابن ابى ليلى وقال جرير عن الضحاك الجن يدخلون الجنة ويأكلون ويشربون اخرج ابو الشيخ وذكر النقاش فى تفسيره حديثا انهم يدخلون الجنة فقيل له هل يصيبون من نعمها قال يلههم الله تسبيحه وذكره فيصيبون من لذته ما يصيبون بنو آدم من نعيم الجنة قلت كانه الحق المؤمنين من الجن بالملائكة وقال الطاءة ابن المنذر سألت حمزة بن حبيب هل للجن ثواب قال نعم وقرأ لم يطمثهن انس قبلهم ولا جان قال فالانسيات للانس والجنيات للجن- أخرجه ابو الشيخ من طريق الضحاك عن ابن عباس رض قال الخلق باركة فخلق فى الجنة كلهم وهم الملائكة وخلق فى النار كلهم وهم الشيطان وخلقان فى الجنة والنار وهم الجن والانس لهم العذاب والثواب واخرج عن ابن وهب انه سئل هل للجن تواب وعقاب قال نعم قال الله تعالى أولئك الذين حق عليهم القول فى امم قد خلت من قبلهم من الجن والانس انهم كانوا خاسرين ولكل درجات فيما عملوا وقال عمرو بن العزيز ان مومن الجن

صفحة رقم 89
التفسير المظهري
عرض الكتاب
المؤلف
القاضي مولوي محمد ثناء الله الهندي الفاني فتي النقشبندى الحنفي العثماني المظهري
تحقيق
غلام نبي تونسي
الناشر
مكتبة الرشدية - الباكستان
سنة النشر
1412
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية