آيات من القرآن الكريم

وَإِذَا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعًا
ﭪﭫﭬﭭ ﭯﭰ ﭲﭳﭴﭵ ﭷﭸ ﭺﭻﭼﭽﭾ ﮀﮁﮂﮃ ﮅﮆﮇﮈ

عذاب يوم الفراق والاحتجاب بينى القلب وصفاته وصاحبة نفسه وأخي سره وفصيلته اى توابعه وشيعته ومن فى ارض بشريته جميعا من القوى الروحانية والجسمانية ثم ينجيه هذا الافتداء ولا ينفعه لفساد الاستعداد وفوات الوقت كَلَّا ردع للمجرم عن الودادة وتصريح بامتناع إنجاء الافتداء اى لا يكون كما يتمنى فانه بهيئته الظلمانية الحاصلة من الاجرام استحق العذاب فلا ينجو منه وفى الحديث يقول الله لأهون اهل النار عذابا يوم القيامة لو أن لك ما فى الأرض من شىء أكنت تفتدى به فيقول نعم فيقول أردت منك أهون من هذا وأنت فى صلب آدم ان لا تشرك بي وعن القرطبي ان كلا يكون بمعنى الردع وبمعنى حقا وكلا الوجهين جائز ان هنا فعلى الثاني يكون تمام الكلام ينجيه فيوقف عليه ويكون كلا من الجملة الثانية التي تليه والمحققون على الاول ومن ذلك وضع السجاوندى علامة الوقف المطلق على كلا إِنَّها اى النار المدلول عليها بذكر العذاب والمراد جهنم لَظى وهو علم للنار وللدرك الثاني منها منقول من اللظى بمعنى اللهب الخالص الذي لا يخالطه دخان فيكون فى غاية الإحراق لقوة حرارته النارية بالصفاء وهو خبر ان بمعنى مسماة بهذا الاسم ويجوز أن يراد اللهب الخالص على الأصل فيكون خبرا بلا تأويل (كما قال الكاشفى) بدرستى كه آتش دوزخ كه مجرم ازو فدا دهد زبانه ايست خالص (وفى كشف الاسرار) آن آتشى است زبانه زن نَزَّاعَةً لِلشَّوى نزع الشيء جذبه من مقره وقلعه والشوى الأطراف اى الأعضاء التي ليست بمقتل كالايدى والأرجل ونزاعة على الاختصاص للتهويل اى اعنى بلظى جذابة للاعضاء الواقعة فى أطراف الجسد وقلاعة لها بقوة الإحراق لشدة الحرارة ثم تعود كما كانت وهكذا ابدا والشوى جمع شواة وهى جلدة الرأس يعنى ان النار تنزع جلود الرأس وتقشر مما عنه وذلك لانهم كانوا يسعون بالاطراف للاذى والجفاء ويصرفون عن الحق الأعضاء الرئيسة التي تشتمل عليها الرأس خصوصا العقل الذي كانوا لا يعقلون به فى الرأس تَدْعُوا مَنْ أَدْبَرَ اى عن الحق ومعرفته وهو مقابل اقبل ومعنى تدعو تجذب الى نفسها وتحضر فهو مجاز عن إحضارهم كأنها تدعوهم فتحضرهم (قال الكاشفى) زبانه ميزند وكافر را بخود ميكشد از صد ساله ودويست ساله راه چنانچهـ مقناطيس آهن را جذب ميكند. وتقول لهم الى الى يا كافر ويا منافق ويا زنديق فانى مستقرك او تدعو الكافرين والمنافقين بلفظ فصيح بأسمائهم ثم تلتقطهم كالتقاط الطير الحب ويجوز ان يخلق الله فيها كلاما كما يخلقه فى جلودهم وأيديهم وأرجلهم وكما خلقه فى الشجرة او تدعو زبانيتها على حذف المضاف او على الاسناد المجازى حيث أسند فعل الداعي الى المدعو اليه وَتَوَلَّى اى اعرض عن الطاعة لان من اعرض يولى وجهه وفى التأويلات النجمية من أدبر عن التوجه الى الحق بموافقات الشريعة ومخالفات الطبيعة وتولى عن الإقبال على الآخرة والأدبار عن الدنيا وقال القاشاني بمناسبة نفسه للجحيم انجر إليها إذا لجنس الى الجنس يميل ولظى نار الطبيعة السفلية ما استدعت الا المدبر عن الحق المعرض عن جناب القدس وعالم النور المقبل بوجهه الى معدن الظلمة المؤثر لمحبة الجواهر الفانية السفلية المظلمة فانجذب بطبعه الى مواد النيران الطبيعية واستدعته وجذبته

صفحة رقم 161

الى نفسها للجنسية فاحترق بنارها الروحانية المستولية على الافئدة فكيف يمكن الانجاء منها وقد طلبها بداعي الطبع ودعاها بلسان الاستعداد وَجَمَعَ المال حرصا وحبا للدنيا فَأَوْعى فجعله فى وعاء وكنزه ولم يؤد زكاته وحقوقه الواجبة فيه وتشاغل به عن الدين وتكبر باقتنائه وذلك لطول أمله وانعدام شفقته على عباد الله والا ما ادخر بل بذل وفى جمع الجمع مع الأدبار والتولي تنبيه على قباحة البخل وخساسة البخيل وعلى انه لا يليق بالمؤمن وفى الخبر يجاء بابن آدم يوم القيامة كأنه بذج بين يدى الله وهو بالفارسية بره. فيقول له أعطيتك وخولتك وأنعمت عليك فما صنعت فيقول رب جمعته وثمرته وتركته اكثر ما كان فارجعنى آتك به كله فاذا هو عبد لم يقدم خيرا فيمضى به الى النار وفى الخبر بصق عليه السلام يوما فى كفه ووضع عليها إصبعه فقال يقول الله لابن آدم تعجزنى وقد خلقتك من مثل هذه حتى إذا سويتك وعدلتك مشيت بين بردين وللارض منك وئيد يعنى زمين را از تو آواز شديد بود. فجمعت ومنعت حتى إذا بلغت التراقى قلت أتصدق وأنى لوان الصدقة وفى التأويلات النجمية جمع الكمالات الانسانية من الأخلاق الروحانية والأوصاف الرحمانية ولم ينفق على الطلاب الصادقين العاشقين والمحبين المشتاقين بطريق الإرشاد والتعليم والتسليك إِنَّ الْإِنْسانَ اى جنس الإنسان خُلِقَ حال كونه هَلُوعاً مبالغة هالع من الهلع وهو سرعة الجزع عند مس المكروه بحيث لا يستمسك وسرعة المنع عند مس الخير يقال ناقة هلواع سريعة السير وهو من باب علم وقد فسره احسن تفسير على ما روى عن ابن عباس رضى الله عنهما قوله تعالى إِذا ظرف لجزوعا مَسَّهُ الشَّرُّ اى أصابه ووصل اليه الفقر او المرض او نحوهما جَزُوعاً مبالغة فى الجزع مكثرا منه لجهله بالقدر وهو ضد الصبر وقال ابن عطاء الهلوع الذي عند الموجود يرضى وعند المفقود يسخط وفى الحديث شر ما اعطى ابن آدم شح هالع وجبن خالع فالهالع المحزن يعنى اندوهگين كننده. والخالع الذي يخلع قلبه قال بعض العارفين انما كرهت نفوس الخلق المرض لانه شاغل لهم عن أداء ما كلفوا به من حقوق الله تعالى إذا لروح الحيواني حين يحس بالألم يغيب عن تدبير الجسد الذي يقوم بالتكليف وانما لم تكره نفوس العارفين الموت لما فيه من لقاء الله تعالى فهو نعمة ومنة ولذلك ما خير نبى فى الموت الا اختاره وَإِذا ظرف لمنوعا مَسَّهُ الْخَيْرُ اى السعة او غيرهما مَنُوعاً مبالغا فى المنع والإمساك لجهله بالقسمة وثواب الفضل وللصحة مدخل فى الشح فان الغنى قد يعطى فى المرض ما لا يعطيه فى الصحة ولذا كانت الصدقة؟؟؟ الصحة أفضل. ودر لباب از مقاتل نقل ميكند كه هلوع جانوريست در پس كوه قاف كه هر روز هفت صحرا از كياه خالى ميكند يعنى همه حشايش آنرا مى خورد وآب هفت دريا مى آشامد ودر كرما وسرما صبر ندارند وهر شب در انديشه آنست كه فردا چهـ خواهد خورد پس حق سبحانه وتعالى آدمي را در بى صبرى وانديشه روزى بدين دابه تشبيه ميكند

صفحة رقم 162

جانور يرا كه بجز آدميست معده چو پر شد سبب بى غميست
آدميست آنكه نه سيرى برد بر سر سيرى غم روزى خورد
خورد همه عمر چهـ بيش و چهـ كم روزئ هر روزه ز خوان كرم
وز ره حرص واملش همچنان هيچ غمى نيست بجز فكر نان
والأوصاف الثلاثة وهى هلوعا وجزوعا ومنوعا احوال مقدرة لان المراد بها ما يتعلق به الذم والعقاب وهو ما يدخل تحت التكليف والاختيار وذلك بعد البلوغ او محققة لانها طبائع جبل الإنسان عليها كما قال المتنبي الظلم من شيم النفوس فان تجد. ذاعفة فلعلة لا يظلم. ولا يلزم ان لا تفارقه بالمعالجات المذكورة فى كتب الأخلاق فانها كبرودة الماء ليست من اللوازم المهيئة للوجود بل انما حصولها فيه بوضع الله تعالى وخلقه وهو يزيلها ايضا بالأسباب التي سببها إذا أراد فان قيل فيلزم ان يكون له هلع حين كان فى المهد صبيا قلنا نعم ولا محذور الا يرى انه كيف يسرع الى الثدي ويحرص على الرضاع ويبكى عند مس الألم ويمنع بما وسعه إذا تمسك بشئ فزوحم فيه قال الراغب فان قيل ما الحكمة فى خلق الإنسان على مساوى الأخلاق قلنا الحكمة فى خلق الشهوة ان يمانع نفسه إذا نازعته نحوها ويحارب شيطانه عند تزيينه المعصية فيستحق من الله مثوبة وجنة انتهى يعنى كما انه ركب فيه الشهوة ركب فيه العقل الرادع وحصلت الدلالة الى الصراط السوي من الشارع قال بعض العارفين الشح فى الإنسان امر جبلى لا يمكن زواله ولكن يتعطل بعناية الله تعالى استعماله لا غير فلذلك قال ومن يوق شح نفسه فأثبت الشح فى النفس الا ان العبد يوقاه بفضل الله وبرحمته وقال ان الإنسان خلق هلوعا إلخ واصل ذلك كله ان الإنسان استفاد وجوده من الله فهو مفطور على الاستفادة لاعلى إفادة فلا تعطيه حقيقته ان يتصدق او يعطى أحدا شيأ ولذلك ورد الصدقة برهان يعنى دليل ان هذا الإنسان وقى بها شح النفس. يقول الفقير وعليه المزاح المعروف وهو أن بعض العلماء وقع فى الماء فكاد يغرق فقال له بعض الحاضرين يا سلطانى ناولنى يدك فقيل لا تقل هكذا فانه اعتاد الاخذ لا الا عطاء بل قل خذ بيدي وقال بعضهم الغضب والشره والحرص والجبن والبخل والحسد وصف جبلى فى لانسان والجان وما كان من الجبلة فمحال ان يزول الا بانعدام الذات الموصوفة به ولهذا عين الشارع ﷺ لهذه الأمور مصارف فقال لا حسد الا فى اثنتين وامر بالغضب لله لا حمية جاهلية وقال ولا ثقل لهما أف ثم مدح من قال أف لكم ولما تعبدون من دون الله وقال ولا تخافوهم ثم قال وخافون فالكل يستعملون هذه الصفات استعمالا محمودا وكثير من الفقراء يظنون زوال هذه الصفات منهم حين يعطل الله استعمالها فيهم وليس كذلك. يقول الفقير ومنه يعلم صحة قول من قال ان النفس لامارة بالسوء وان كانت نفس الأنبياء على ما أسلفناه فى سورة يوسف والحاصل ان اصول الصفات باقية فى الكل لبقاء المحاربة مع النفس إذ لا يحصل الترقي الا بالمحاربة والترقي مستمر الى الموت فكذا المحاربة المبنية على بقاء اصول الصفات فأصل النفس امارة لكن لا يظهر اثرها فى الكاملين كما يظهر فى الناقصين فاعلم ذلك قال القاشاني ان النفس بطبعها معدن الشر ومأوى الرجس لكونها من عالم الظلمات فمن مال إليها بقلبه واستولى عليه مقتضى جبلته وخلقته ناسب الأمور السفلية واتصف

صفحة رقم 163
روح البيان
عرض الكتاب
المؤلف
إسماعيل حقي بن مصطفى الإستانبولي الحنفي الخلوتي , المولى أبو الفداء
الناشر
دار الفكر - بيروت
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية