٦- طعام أهل النار الخاطئين (المذنبين) : الغسلين: وهو صديد أهل النار السائل من جروحهم وفروجهم، قال قتادة: هو شر الطعام وأبشعه، وفي آية أخرى: لَيْسَ لَهُمْ طَعامٌ إِلَّا مِنْ ضَرِيعٍ [الغاشية ٨٨/ ٦] والضريع: شيء في النار كالشوك مرّ منتن.
تعظيم القرآن وإثبات نزوله بالوحي
[سورة الحاقة (٦٩) : الآيات ٣٨ الى ٥٢]
فَلا أُقْسِمُ بِما تُبْصِرُونَ (٣٨) وَما لا تُبْصِرُونَ (٣٩) إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ (٤٠) وَما هُوَ بِقَوْلِ شاعِرٍ قَلِيلاً ما تُؤْمِنُونَ (٤١) وَلا بِقَوْلِ كاهِنٍ قَلِيلاً ما تَذَكَّرُونَ (٤٢)
تَنْزِيلٌ مِنْ رَبِّ الْعالَمِينَ (٤٣) وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنا بَعْضَ الْأَقاوِيلِ (٤٤) لَأَخَذْنا مِنْهُ بِالْيَمِينِ (٤٥) ثُمَّ لَقَطَعْنا مِنْهُ الْوَتِينَ (٤٦) فَما مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ عَنْهُ حاجِزِينَ (٤٧)
وَإِنَّهُ لَتَذْكِرَةٌ لِلْمُتَّقِينَ (٤٨) وَإِنَّا لَنَعْلَمُ أَنَّ مِنْكُمْ مُكَذِّبِينَ (٤٩) وَإِنَّهُ لَحَسْرَةٌ عَلَى الْكافِرِينَ (٥٠) وَإِنَّهُ لَحَقُّ الْيَقِينِ (٥١) فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ (٥٢)
الإعراب:
قَلِيلًا ما تُؤْمِنُونَ صفة للمفعول المطلق ل تُؤْمِنُونَ أي تصدقون تصديقا قليلا، وما مزيدة للتأكيد.
تَنْزِيلٌ مِنْ رَبِّ الْعالَمِينَ تَنْزِيلٌ خبر مبتدأ محذوف، تقديره: هو تنزيل. فَما مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ عَنْهُ حاجِزِينَ مِنْ أَحَدٍ في موضع رفع، لأنه اسم فَما لأن مِنْ زائدة لتأكيد النفي، ومِنْكُمْ حال مِنْ أَحَدٍ، وحاجِزِينَ خبر. فَما.
وعَنْهُ في موضع نصب لأنه يتعلق ب حاجِزِينَ التقدير: فما منكم أحد حاجزين عنه.
وجمع حاجِزِينَ وإن كان وصفا ل أَحَدٍ لأنه في معنى الجمع، فجمع حملا على المعنى، فإنه عام والخطاب للناس، ولأن أحدا في سياق النفي بمعنى الجمع، مثل لا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ [البقرة ٢/ ٢٨٥]. ولم يبطل مِنْكُمْ عمل فَما لأن الفصل بالجار والمجرور والظرف لا يؤثر.
البلاغة:
فَلا أُقْسِمُ بِما تُبْصِرُونَ، وَما لا تُبْصِرُونَ بينهما طباق السلب.
المفردات اللغوية:
فَلا أُقْسِمُ لا حاجة للقسم لظهور الأمر واستغنائه عن التحقيق بالقسم، أو أن المراد بهذه الصيغة القسم، أي فأقسم، وهو مستأنف، ولا: زائدة. بِما تُبْصِرُونَ من المشاهدات والمخلوقات. وَما لا تُبْصِرُونَ أي بما غاب عنكم، فهذا قسم بالمشاهدات والمغيبات، وذلك يتناول الخالق والمخلوقات بأسرها.
إِنَّهُ أي القرآن. لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ أي لقول جبرائيل أو محمد عليهما السلام، رسول كريم على الله، يبلغه عن الله تعالى، فإن الرسول لا يقول عن نفسه، والمراد به هنا النبي صلّى الله عليه وسلّم في قول الأكثرين. وأما المراد به في سورة التكوير فهو جبريل عليه السلام في قول الأكثرين. وَما هُوَ بِقَوْلِ شاعِرٍ كما يزعمون لأن الرسول ليس بشاعر. وَلا بِقَوْلِ كاهِنٍ كما يزعمون تارة أخرى، والكاهن: من يدعي معرفة الغيب. قَلِيلًا ما تُؤْمِنُونَ أي تصدقون تصديقا قليلا، والقلة بمعناها الظاهر، وحمل الزمخشري القلة على العدم والنفي، أي لا تؤمنون البتة، وقال أبو حيان: لا يراد ب قَلِيلًا هنا النفي المحض كما زعم الزمخشري، فإن هذا لا يكون في حال النصب، وإنما في حال الرفع ما تَذَكَّرُونَ تتذكرون، وقرئ: يذكرون بالياء، وما مزيدة للتأكيد. والخلاصة: أنهم آمنوا بأشياء يسيرة، وتذكّروها، مما أتى به النبي صلّى الله عليه وسلّم من الخير والصلة والعفاف، فلم تغن عنهم شيئا.
تَنْزِيلٌ بل هو تنزيل. تَقَوَّلَ أي النبي، سمى الافتراء تقولا لأنه قول متكلّف، والأقوال المفتراة أقاويل، تحقيرا بها. لَأَخَذْنا مِنْهُ بِالْيَمِينِ لنلنا منه عقابا بالقوة والقدرة.
الْوَتِينَ نياط القلب، وهو عرق متصل بالقلب، إذا انقطع مات صاحبه. فَما مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ عَنْهُ أي لا أحد عن القتل أو عن النبي. حاجِزِينَ مانعين أو دافعين، والمراد: لا مانع لنا عنه من حيث العقاب.
وَإِنَّهُ لَتَذْكِرَةٌ لِلْمُتَّقِينَ أي وإن القرآن لموعظة لأهل التقوى لأنهم المنتفعون به. أَنَّ مِنْكُمْ أيها الناس. مُكَذِّبِينَ بالقرآن، ومنكم مصدّقين. وَإِنَّهُ لَحَسْرَةٌ عَلَى الْكافِرِينَ، وإن القرآن لحسرة عليهم إذا رأوا ثواب المؤمنين المصدقين به، وعقاب المكذبين به. وَإِنَّهُ لَحَقُّ الْيَقِينِ وإن القرآن اليقين الحق الذي لا ريب فيه. فَسَبِّحْ نزّه الله بذكر اسمه العظيم تنزيها له عن الرضا بالتقول عليه، وشكرا على ما أوحى إليك. وباء بِاسْمِ زائدة.
سبب النزول: نزول الآيات (٣٨- ٤٠) :
فَلا أُقْسِمُ: قال مقاتل: سبب ذلك أن الوليد بن المغيرة قال: إن محمدا ساحر، وقال أبو جهل: شاعر، وقال عقبة: كاهن، فقال الله عز وجل:
فَلا أُقْسِمُ.. أي أقسم.
المناسبة:
بعد الإخبار عن إمكان القيامة ووقوعها، وبيان أحوال السعداء والأشقياء فيها، ختم الكلام بتعظيم القرآن وإثبات كونه كلام الله تعالى المنزّل على قلب رسوله محمد صلّى الله عليه وسلّم.
التفسير والبيان:
فَلا أُقْسِمُ بِما تُبْصِرُونَ وَما لا تُبْصِرُونَ، إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ أي أقسم لخلقي بما تشاهدون من المخلوقات الدالة على كمالي في أسمائي وصفاتي، وبما غاب عنكم من المغيبات، أو أقسم بالأشياء كلها ما يبصر منها وما لا يبصر أن القرآن كلام الله ووحيه وتنزيله على عبده ورسوله الذي اصطفاه لتبليغ الرسالة وأداء الأمانة، وإنه لتلاوة رسول كريم، وقول يبلّغه رسول كريم، مؤدى عن الله بطريق الرسالة.
وإنما أضافه إلى الرسول على معنى التبليغ لأن الرسول من شأنه أن يبلّغ عن المرسل. وفي ذكر «الرسول» إشارة إلى أن هذا القرآن ليس قوله من تلقاء نفسه، وإنما هو قوله المؤدى عن الله بطريق الرسالة. وفي وصفه بالكرم إشارة إلى أمانته، وأنه ليس ممن يغير الرسالة طمعا في أغراض الدنيا الخسيسة.
والأكثرون على أن الرسول الكريم هنا هو محمد صلّى الله عليه وسلّم لأنه ذكر بعده أنه
ليس بقول شاعر ولا كاهن، والقوم ما كانوا يصفون جبرائيل بالشعر والكهانة، وإنما يصفون محمدا صلّى الله عليه وسلّم.
وأما في سورة التكوير فالأكثرون على أنه جبرائيل عليه السلام، لأن الأوصاف التي بعده تناسبه، كما سيأتي.
وَما هُوَ بِقَوْلِ شاعِرٍ، قَلِيلًا ما تُؤْمِنُونَ أي ليس القرآن بقول شاعر، كما تزعمون لأن محمدا صلّى الله عليه وسلّم ليس بشاعر، ولأن آيات القرآن ليست من أصناف الشعر، وأنتم تؤمنون إيمانا قليلا، وتصدقون تصديقا يسيرا. والقلة على ظاهرها وهي إقرارهم إذا سئلوا: من خلقكم؟ قالوا: الله. ويحتمل أن يكون المتصف بالقلة هو الإيمان اللغوي لأنهم قد صدقوا بأشياء يسيرة لا تغني عنهم شيئا إذ كانوا يصدّقون أن الخير والصلة والعفاف ونحوه الذي كان يأمر به رسول الله صلّى الله عليه وسلّم هو حق صواب.
وإنما قال عند نفي الشعر عنه: قَلِيلًا ما تُؤْمِنُونَ وعند نفي الكهانة:
قَلِيلًا ما تَذَكَّرُونَ لأن انتفاء الشعرية عن القرآن أمر كالبيّن المحسوس.
أما من حيث اللفظ فظاهر لأن الشعر كلام موزون مقفّى وألفاظ القرآن ليست كذلك إلا النادر غير المتعمد. وأما من جهة التخيل فلأن القرآن فيه أصول كل المعارف والحقائق والبراهين والدلائل المفيدة للتصديق إذا كان المكلف ممن يصدّق ولا يعاند.
وانتفاء الكهانة عنه يحتاج إلى تأمل، فإن كلام الكهان أسجاع لا معاني لها، وأوضاع تنبو عنها الطباع، وأيضا في القرآن سب الشياطين وذم سيرتهم، والكهان إخوان الشياطين، فكيف رضوا بإظهار قبائحهم «١».
وَلا بِقَوْلِ كاهِنٍ قَلِيلًا ما تَذَكَّرُونَ أي وليس القرآن بقول كاهن (وهو من يدعي الغيب في المستقبل) كما تزعمون، فإن الكهانة أمر آخر لا جامع بينها وبين القرآن، ولان القرآن ورد بسبب الشياطين، فلا يعقل أن يكون بإلهامهم، ولكنكم تتذكرون تذكرا قليلا، ولذلك يلتبس الأمر عليكم، فلا تتذكرون كيفية نظم القرآن، واشتماله على شتم الشياطين، فقلتم: إنه كهانة. ثم صرح تعالى بالمقصود، فقال:
تَنْزِيلٌ مِنْ رَبِّ الْعالَمِينَ أي بل هو تنزيل من الله رب الإنس والجن، نزل به جبريل الأمين على قلب رسوله محمد صلّى الله عليه وسلّم، وهو قول هذا الرسول بمعنى أنه مبلّغ له عن المرسل، وهو الذي أظهره للخلق، ودعا الناس إلى الإيمان به، وجعله حجة لنبوته.
روى الإمام أحمد عن شريح بن عبيد قال: قال عمر بن الخطاب:
«خرجت أتعرض رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قبل أن أسلم، فوجدته قد سبقني إلى المسجد، فقمت خلفه، فاستفتح سورة الحاقة، فجعلت أعجب من تأليف القرآن، قال:
فقلت: كاهن، قال: فقرأ: وَلا بِقَوْلِ كاهِنٍ قَلِيلًا ما تَذَكَّرُونَ، تَنْزِيلٌ مِنْ رَبِّ الْعالَمِينَ، وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنا بَعْضَ الْأَقاوِيلِ، لَأَخَذْنا مِنْهُ بِالْيَمِينِ، ثُمَّ لَقَطَعْنا مِنْهُ الْوَتِينَ، فَما مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ عَنْهُ حاجِزِينَ إلى آخر السورة، قال: فوقع الإسلام في قلبي كل موقع، قال ابن كثير: فهذا من جملة الأسباب التي جعلها الله تعالى مؤثرة في هداية عمر بن الخطاب رضي الله عنه.
ثم أكد الله تعالى أن محمدا صلّى الله عليه وسلّم لا يستطيع أن يفتعل القرآن، فقال:
وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنا بَعْضَ الْأَقاوِيلِ، لَأَخَذْنا مِنْهُ بِالْيَمِينِ أي ولو افترى محمد أو جبريل شيئا من الأقوال الباطلة، وجاء به من عند نفسه ونسبه إلى الله على سبيل الفرض، لأخذناه بالقوة، وعاجلناه بالعقوبة، وانتقمنا منه، أو لأخذنا بيمينه، كما يؤخذ الشخص عند إرادة قتله. فاليمين: القوة، كما قال الشمّاخ:
إذا ما راية رفعت لمجد | تلقاها عرابة باليمين |
فَما مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ عَنْهُ حاجِزِينَ أي ليس منكم أحد يحجزنا عنه ويمنعنا منه أو ينقذه منا، فكيف يجرأ على تكلف الكذب على الله لأجلكم؟! وجمع:
حاجِزِينَ على المعنى لأن قوله: مِنْ أَحَدٍ في معنى الجماعة، يقع في النفي العام على الواحد والجمع والمذكر والمؤنث، مثل قوله تعالى: لا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ [البقرة ٢/ ٢٨٥] وقوله سبحانه: لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنَ النِّساءِ [الأحزاب ٣٣/ ٣٢]. والمراد لا أحد يمنعنا عن الرسول أو عن القتل.
ثم ذكر الله تعالى أوصافا ومنافع للقرآن، فقال:
وَإِنَّهُ لَتَذْكِرَةٌ لِلْمُتَّقِينَ أي وإن القرآن لعظة وتذكرة لأهل التقوى الذين يخشون عذاب الله بإطاعة أوامره واجتناب نواهيه، كقوله تعالى:
هُدىً لِلْمُتَّقِينَ [البقرة ٢/ ٢]. وخص المتقين بالذكر لأنهم المنتفعون به. وناسب ذلك أنه تعالى أوعد المكذبين بقوله:
وَإِنَّا لَنَعْلَمُ أَنَّ مِنْكُمْ مُكَذِّبِينَ أي وإنا لنوقن أن بعضكم يكذب بالقرآن، كفرا وعنادا، ونحن نجازيهم على ذلك، وبعضكم يصدّق به لاهتدائه إلى الحق.
وفي هذا وعيد شديد للمكذبين.
وَإِنَّهُ لَحَسْرَةٌ عَلَى الْكافِرِينَ أي وإن هذا القرآن لحسرة وندامة على الكافرين يوم القيامة إذا رأوا ثواب المؤمنين وفضل الله عليهم.
وَإِنَّهُ لَحَقُّ الْيَقِينِ أي وإن القرآن هو الخبر الصدق واليقين الحق الذي صفحة رقم 106
لا شك فيه ولا ريب لكونه من عند الله، وليس من تقول محمد صلّى الله عليه وسلّم.
فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ أي نزه الله الذي أنزل هذا القرآن العظيم عما لا يليق به، بالتسبيح وهو قول: سبحان الله، وعن الرضا بالتقول عليه، وشكرا لله على ما أوحى به إليك.
واسم الرب: كل لفظ يدل على الذات الأقدس، أو على صفة من صفاته كالله والرحمن الرحيم، وتنزيه الاسم الخاص تنزيه للذات، فتكون الباء في بِاسْمِ زائدة.
فقه الحياة أو الأحكام:
دلت الآيات على ما يأتي:
١- أقسم الله تعالى بالأشياء المخلوقة كلها، ما يراه الناس وما لا يرونه على أن القرآن العظيم من قول الله عز وجل، وليس قول الرسول في الحقيقة، لكن نسب القول في الظاهر إلى الرسول لأنه تاليه ومبلّغه والعامل به، كقولنا: هذا قول مالك.
٢- ليس القرآن أيضا بقول شاعر لأنه مباين لصنوف الشعر كلها، ولا بقول كاهن لأنه ورد بسب الشياطين وشتمهم، فلا يمكن أن يكون ذلك بإلهام الشياطين، إلا أن المشركين المعاندين لا يقصدون الإيمان، فلذلك أعرضوا عن التدبر، ولو قصدوا الإيمان لعلموا كذب قولهم: إنه شاعر لمغايرة تركيب القرآن أنواع الشعر، وهم أيضا لا يتذكرون كيفية نظم القرآن، واشتماله على شتم الشياطين، فقالوا: إنه نوع من أنواع الكهانة.
٣- إنما القرآن الكريم تنزيل من رب العالمين.
٤- لو فرض جدلا أن النبي صلّى الله عليه وسلّم تكلّف وأتى بقول من عند نفسه، لأخذه
الله بالقوة والقدرة، وعاقبه بالإهلاك، وتقطيع نياط القلب، وحينئذ لا أحد من القوم على الإطلاق يحجز عنه العذاب ويمنعه عنه.
٥- مهام القرآن: أنه تذكرة للمتقين الخائفين الذين يخشون الله، وقد أوعد الله على التكذيب به، وتكذيب القرآن سبب حسرة الكافرين في القيامة إذا رأوا ثواب المصدّقين به، أو في الدنيا إذا رأوا دولة المؤمنين لأن القرآن العظيم حق يقين لا ريب فيه، وحق لا بطلان فيه.
٦- أمر الله نبيه بتسبيحه وتنزيهه عما لا يليق به شكرا له على الإيحاء إليه، أو على أن عصمه من الافتراء عليه.
بسم الله الرحمن الرحيم
سورة المعارجمكيّة، وهي أربع وأربعون آية.
تسميتها:
سميت سورة المعارج لافتتاحها بقوله تعالى: تَعْرُجُ الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْهِ أي تصعد إليه الملائكة وجبريل الأمين الذي خصه الله بنقل الوحي إلى الأنبياء والرسل عليهم السلام، وخصه بالذكر لشرفه وفضل منزلته، وهو المسمّى بالروح في قوله تعالى: نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ [الشعراء ٢٦/ ١٩٣].
مناسبتها لما قبلها:
نزلت هذه السورة بعد الْحَاقَّةُ وهي كالتتمة لها في بيان أوصاف يوم القيامة والنار، وأحوال المؤمنين والمجرمين في الآخرة.
ما اشتملت عليه السورة:
هذه السورة كبقية السور المكية تتحدث عن أصول العقيدة الصحيحة، وفي قمّتها إثبات البعث والنشور، والجزاء والحساب، وأوصاف العذاب والنار.
شرعت السورة ببيان موقف أهل مكة من دعوة الرسول الله صلّى الله عليه وسلّم واستهزائهم به، وسؤال الكفار عن عذاب الله واستعجالهم به استهزاء وسخرية وعنادا متمثلا ذلك بالنضر بن الحارث بن كلدة حين طلب إيقاع العذاب، صفحة رقم 109