
يكون العاصي كالمطيع بل ارفع حالا منه فائتوا بكتاب ان كنتم صادقين ويجوز أن يكون حكاية للمدروس كما هو كقوله تعالى وتركنا عليه فى الآخرين سلام على نوح فى العالمين فيكون الموقع من مواقع كسر ان لعدم وقوعها موقع المفرد حكاه الله فى القرآن بصورته والفرق بين الوجهين ان المدروس فى الاول ما انسبك من الجملة وفى الثاني الجملة بلفظها وقوله فيه لا يستغنى عنه بفيه اولا فقد يكتب المؤلف فى كتابه ترغيبا للناس فى مطالعته ان فى هذا الكتاب كذا وكذا قال سعدى المفتى لك أن تمنع كون الضمير للكتاب بل الظاهر انه ليوم القيام المعلوم بدلالة المقام أَمْ لَكُمْ أَيْمانٌ عَلَيْنا قوله علينا صفة أيمان وكذا بالغة اى عهود مؤكدة بالايمان بالِغَةٌ اى متناهية فى التوكيد والصحة لان كل شىء يكون فى نهاية الجودة وغاية الصحة يوصف بأنه بالغ يقال لفلان على يمين بكذا إذا ضمنت وكفلت له به وحلفت له على الوفاء به اى بل أضمنا لكم او أقسمنا بايمان مغلظة فثبت لكم علينا عهود مؤكدة بالايمان إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ متعلق بالمقدر فى لكم اى ثابتة لكم الى يوم القيامة لا نخرج عن عهدتها حتى نحكمكم يومئذ ونعطيكم ما تحكمون او ببالغة او ايمان تبلغ ذلك اليوم وتنتهى اليه وافرة لم تبطل منها يمين الى ان يحصل المقسم عليه الذي هو التحكيم واتباعنا لحكمهم إِنَّ لَكُمْ لَما تَحْكُمُونَ جواب القسم لان معنى أم لكم ايمان علينا أم اقسمنا لكم كما سبق سَلْهُمْ امر من سال يسال بحذف العين وهمزة الوصل وهو تلوين للخطاب وتوجيه له الى رسول الله ﷺ باسقاطهم عن رتبة الخطاب اى سلهم مبكتا لهم يعنى بپرس اى محمد مشركانرا كه أَيُّهُمْ كدام ايشان بِذلِكَ الحكم الخارج عن العقول زَعِيمٌ اى قائم يتصدى لتصحيحه كما يقوم زعيم القوم بإصلاح أمورهم فقوله بذلك متعلق بزعيم والزعيم بمعنى القائم بالدعوى واقامة الحجة عليها قال الراغب قوله زعيم اما من الزعامة اى الكفالة او من الزعم بالقول وهو حكاية قول يكون مظنة للكذب وقيل للمتكفل والرئيس زعيم للاعنقاد فى قولهم انه مظنة للكذب أَمْ لَهُمْ آيا ايشا نراست شُرَكاءُ يشاركونهم فى هذا القول ويذهبون مذهبهم فَلْيَأْتُوا بِشُرَكائِهِمْ پس بگو بياريد شريكان خود. فالباء للتعدية ويجوز أن تكون للمصاحبة إِنْ كانُوا صادِقِينَ فى دعواهم إذ لا اقل من التقليد يعنى انه كما ليس لهم دليل عقلى فى اثبات هذا المذهب وهو التسوية بين المحسن والمسيئ كما قال ما لكم كيف تحكمون ولا دليل نقلى وهو كتاب يدرسونه ولا عهود موثقة بالايمان فليس لهم من يوافقهم من العقلاء على هذا القول حتى يقلدوهم وان كان التقليد لا يفلح من تشبث بذيله فثبت ان ما زعموا باطل من كل الوجوه وفيه اشارة الى ان اللائق بالحاكم تحرى الصواب بقدر الوسع فيما ليس بحاضر عنده وان حكم بلا تحر فلا يخلو عن خطأ وان أصاب مصل صلى فى ارض لم يعلم القبلة فيها فانه ان صلى بتحر فصلاته صحيحة وان اخطأ القبلة وان صلى فيها بغير تحر فغير صحيحة وان أصابها وإذا كان الحكم بلا تجر خطأ فكيف الحكم بشئ والأدلة قائمة بخلافه يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ ساقٍ يوم منصوب باذكر المقدر وعن ساق قائم مقام الفاعل ليكشف والمراد يوم القيامة اى اذكر
صفحة رقم 120
يوم يشتد الأمر ويصعب الخطب وكشف الساق مثل فى ذلك ولا كشف ولا ساق ثمة كما تقول للاقطع الشحيح يده مغلولة ولا يدثمة ولا غل وانما هو مثل فى البخل بأن شبهت حال البخيل فى عدم تيسر الانفاق له بحال من غلت يده وكذا شبهت حال من اشتد عليه الأمر فى الموقف بالمخدرات اللاتي اشتد عليهن الأمر فاحتجن الى تشمير سوقهن فى الهرب بسبب وقوع امر هائل بالغ الى نهاية الشدة مع انهن لا يخرجن من بيوتهن ولا يبدين زينتهن لغير محارمهن لغاية خوفهن وزوال عقلهن من دهشتهن وفرارهن لخلاص انفسهن فاستعمل فى حق اهل الموقف من الأشقياء ما يستعمل فى حقهن من غير تصرف فى مفردات التركيب بل التصرف انما هو فى الهيئة التركيبية فكشف الساق استعارة تمثيلية فى اشتداد الأمر وصعوبته قال المولى الفنارى فى تفسير الفاتحة فالساق التي كشفت لهم عبارة عن امر عظيم من اهوال يوم القيامة تقول العرب كشفت الحرب عن ساقها إذا عظم أمرها وتقول لمن وقع
فى امر عظيم شديد يحتاج فيه الى جهد ومقاساة شمر عن ساقك وكذلك التفت الساق بالساق اى دخلت الأهوال والأمور العظام بعضها فى بعض يوم القيامة وقيل ساق الشيء أصله الذي به قوامه كساق الشجر وساق الإنسان فان ساق الشجر مثلا أصله والاغصان تنبت على ذلك الأصل وتقوم به فالمعنى حينئذ يوم يكشف عن اصل الأمر فتظهر حقائق الأمور وأصولها بحيث تصير عيانا وتنكيره على الوجه الاول للتهويل لان يوم القيامة يوم يقع فيه امر فظيع هائل منكر خارج عن المألوف وعلى الثاني للتعظيم وَيُدْعَوْنَ اى الكفار والمنافقون إِلَى السُّجُودِ توبيخا وتعنيفا على تركهم إياه فى الدنيا وتحسيرا لهم على تفريطهم فى ذلك لا على سبيل التكليف والتعبد لان يوم القيامة لا يكون فيه تعيد ولا تكليف وسيأتى غير هذا فَلا يَسْتَطِيعُونَ لزوال القدرة الحقيقية عليه وسلامة الأسباب والآلات وفيه دلالة على انهم يقصدون السجود فلا يتأتى منهم ذلك ابن مسعود رضى الله عنه تعقم أصلابهم اى ترد عظاما بلا مفاصل لا تنثنى عند الرفع والخفض فيبقون قياما على حالهم حتى تزداد حسرتهم وندامتهم على تفريطهم وفى الحديث (وتبقى أصلابهم طبعا واحدا) اى فقارة واحدة. ودر خبرست كه پشت كافر ومنافق چوق سرون كاويك مهره شود (كأن سفافيد الحديد فى ظهورهم) عن ابى بردة عن ابى موسى رضى الله عنه قال سمعت رسول الله صلى عليه وسلم يقول إذا كان يوم القيامة مثل لكل قوم ما كانوا يعبدونه فى الدنيا فذهب كل قوم الى ما كانوا يعبدون فى الدنيا ويبقى اهل التوحيد فيقال لهم كيف بقيتم فيقولون ذهب الناس فيقولون ان لناربا كنا نعبده فى الدنيا ولم نره فيقال تعرفونه إذا رأيتموه فيقولون نعم فيقال لهم كيف ولم تروه قالوا الا يشبهه شىء فيكشف لهم الحجاب فينظرون الى الله تعالى فيخرون ن له سجدا ويبقى أقوام ظهورهم مثل صياصى البقر فيريدون السجود ولا يستطيعون كقوله تعالى يوم يكشف إلخ يقول الله يا عبادى ارفعوا رؤوسكم قد جعلت بدل كل رجل منكم رجلا من اليهود والنصارى فى النار قال ابو بردة فحدثت بهذا الحديث عمر بن عبد العزيز رحمه الله فقال والله الذي لا اله الا هو أحدثك أبوك بهذا الحديث فحلفت له بثلاث ايمان فقال

عمر ما سمعت من اهل التوحيد حديثا هو أحب الى من هذا الحديث وفى تفسير الفاتحة للفنارى رحمه الله يتجلى الحق فى ذلك اليوم فيقول لتتبع كل امة ما كانت تعبد حتى تبقى هذه الامة وفيها منافقوها فيتجلى لهم الحق فى ادنى صورة من الصور التي كان يتجلى لهم فيها قبل ذلك فيقول أنا ربكم فيقولون نعوذ بالله منك نحن منتظرون حتى يأتينا ربنا فيقول لهم جل وعلا هل بينكم وبينه علامة تعرفونه بها فيقولون نعم فيتحول لهم فى الصورة التي عرفوه فيها بتلك العلامة فيقولون أنت ربنا فيأمرهم بالسجود فلا يبقى من كان يسجد لله الا سجد ومن كان يسجد اتقاء ورياه جعل ظهره طبقة نحاس كلما أراد ان يسجد خر على قفاه وذلك قوله تعالى يوم يكشف إلخ وقال ايضا يكون على الأعراف من تساوت كفتا ميزانه فهم ينظرون الى النار وينظرون الى الجنة ومالهم رجحان بما يدخلهم احدى الدارين فاذا دعوا الى السجود وهو الذي يبقى يوم القيامة من التكليف يسجدون فيرجح ميزان حسناتهم فيدخلون الجنة انتهى وكفته اند كه در ان روز نورى عظيم بنمايد وخلق بسجده در افتند. فيكون كشف الساق عبارة عن التجلي الإلهي كما ذهب اليه البعض وفى الحديث (يوم يكشف عن ساق) قيل عن نور عظيم يخرون له سجدا كما فى كشف الاسرار وفيه ايضا عن أبى هريرة رضى الله عنه عن النبي ﷺ قال يأخذ الله عز وجل للمظلوم من الظالم حتى لا يبقى مظلمة عند أحد حتى انه ليكلف شائب اللبن بالماء ثم يبيعه أن يخلص اللبن من الماء فاذا فرغ من ذلك نادى مناد ليسمع الحلائق كلهم ألا ليلحق كل قوم بآلهتهم وما كانوا يعبدون من دون الله فلا يبقى أحد عبد شيأ من دون الله الا مثلث له آلهته بين يديه ويجعل الله ملكا من الملائكة على صورة عزير ويجعل ملكا من الملائكة على صورة عيسى بن مريم فيتبع هذا اليهود ويتبع هذا النصارى ثم تلويهم آلهتهم الى النار وهم الذين يقول الله لو كان
هؤلاء آلهة ما وردوها وكل فيها خالدون وإذا لم يبق الا المؤمنون وفيهم المنافقون قال الله لهم ذهب الناس فالحقوا بآلهتكم وما كنتم تعبدون فيقولون والله ما لنا اله الا الله وما كنا نعبد غيره فينصرف الله عنهم فيمكث ما شاء أن يمكث ثم يأتيهم فيقول ايها الناس ذهب الناس فالحقوا بآلهتكم وما كنتم تعبدون فيقولون والله ما لنا اله الا الله وما كنا نعبد غيره فيكشف لهم عن ساق ويتجلى لهم من عظمته ما يعرفون به انه ربهم فيخرون سجدا على وجوههم ويخر كل منافق على قفاه وتجعل أصلابهم كصياصى البقر ثم يضرب الصراط بين ظهرانى جهنم انتهى. واعلم ان حديث التحول مجمع عليه وهو من آثار الصفات الالهية كرؤيته فى المنام فى الصورة الانسانية والا فالله تعالى بحسب ذاته منزه عن الصورة وما يتبعها ومن مشى على المراتب لم يعثر ثم ان الآية دلت على جواز ورود الأمر بتكليف مالا يطاق والقدرية لا يقولون بذلك ففيها حجة عليهم كما فى اسئلة المقحمة لكن ينبغى أن يعلم ان المراد بما لا يطاق هو المحال العادي كنظر الأعمى الى المصحف ولا نزاع فى تجويز التكليف به وكذا المحال العارضى كايمان أبى جهل فانه صار محالا بسبب عارض وهو اخبار الله