آيات من القرآن الكريم

إِذَا أُلْقُوا فِيهَا سَمِعُوا لَهَا شَهِيقًا وَهِيَ تَفُورُ
ﭑﭒﭓﭔﭕﭖﭗﭘﭙ ﭛﭜﭝﭞﭟﭠﭡﭢﭣﭤﭥﭦ ﭨﭩﭪﭫﭬﭭﭮﭯﭰﭱﭲﭳﭴﭵﭶﭷﭸﭹﭺﭻ ﭽﭾﭿﮀﮁﮂﮃﮄﮅﮆ ﮈﮉﮊﮋﮌﮍﮎﮏﮐﮑﮒﮓﮔ ﮖﮗﮘﮙﮚﮛﮜﮝ ﮟﮠﮡﮢﮣﮤﮥﮦ ﮨﮩﮪﮫﮬﮭﮮﮯﮰﮱﯓﯔﯕﯖ ﯘﯙﯚﯛﯜﯝﯞﯟﯠﯡﯢﯣﯤﯥﯦﯧﯨﯩ

سورة الملك
مكية، وهي ثلاثون آية، وثلاثمائة وثلاثون كلمة وألف وثلاثمائة حرفا
حدّثنا أبو محمد المخلدي أخبرنا أبو العباس السراج، حدّثنا العباس بن عبد الله الترمذي، حدّثنا حفص بن عمر، حدّثنا الحكم بن أبان عن عكرمة عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «وددت أنّ تَبارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ في قلب كل مؤمن» [٣٤٨] ».
أخبرني أبو الحسن الفارسي، حدّثنا أبو عبد الله محمد بن يزيد، حدّثنا أبو يحيى البزار، حدّثنا محمد بن يحيى، حدّثنا أبو داود، حدّثنا عمران عن قتادة عن عباس الجشمي عن أبي هريرة أنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال: «إنّ سورة من كتاب الله ما هي إلّا ثلاثون آية شفعت لرجل وأخرجته يوم القيامة من النّار وأدخلته الجنّة وهي سورة تبارك» [٣٤٩] «٢».
أخبرنا أبو الحسن بن أبي إسحاق المزكي، وأبو الحسن بن أبي الفضل العدل قالا: حدّثنا إسماعيل بن محمد بن إسماعيل الصّفار، حدّثنا سعدان بن نصر، حدّثنا معمّر بن سليمان عن الخليل بن مرّة عن عاصم بن أبي النّجود رواه عن زرّ بن حبيش عن عبد الله بن مسعود قال: إذا وضع الميت في قبره يؤتى من قبل رجليه فيقال: ليس لكم عليه سبيل قد كان يقوم بسورة الملك، ثم يؤتى من قبل رأسه فيقول لسانه: ليس لك عليّ سبيل كان يقرأ بي سورة الملك، ثم قال: هي المانعة من عذاب القبر، وهي في التوراة سورة الملك من قرأها في ليلة فقد اكثر وأطيب.

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

[سورة الملك (٦٧) : الآيات ١ الى ٩]

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

تَبارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ وَهُوَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (١) الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَياةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ (٢) الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَماواتٍ طِباقاً ما تَرى فِي خَلْقِ الرَّحْمنِ مِنْ تَفاوُتٍ فَارْجِعِ الْبَصَرَ هَلْ تَرى مِنْ فُطُورٍ (٣) ثُمَّ ارْجِعِ الْبَصَرَ كَرَّتَيْنِ يَنْقَلِبْ إِلَيْكَ الْبَصَرُ خاسِئاً وَهُوَ حَسِيرٌ (٤)
وَلَقَدْ زَيَّنَّا السَّماءَ الدُّنْيا بِمَصابِيحَ وَجَعَلْناها رُجُوماً لِلشَّياطِينِ وَأَعْتَدْنا لَهُمْ عَذابَ السَّعِيرِ (٥) وَلِلَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ عَذابُ جَهَنَّمَ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ (٦) إِذا أُلْقُوا فِيها سَمِعُوا لَها شَهِيقاً وَهِيَ تَفُورُ (٧) تَكادُ تَمَيَّزُ مِنَ الْغَيْظِ كُلَّما أُلْقِيَ فِيها فَوْجٌ سَأَلَهُمْ خَزَنَتُها أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَذِيرٌ (٨) قالُوا بَلى قَدْ جاءَنا نَذِيرٌ فَكَذَّبْنا وَقُلْنا ما نَزَّلَ اللَّهُ مِنْ شَيْءٍ إِنْ أَنْتُمْ إِلاَّ فِي ضَلالٍ كَبِيرٍ (٩)
(١) كنز العمال: ١/ ٥٨٤ ح ٢٦٤٨.
(٢) تفسير القرطبي: ١٨/ ٢٠٥.

صفحة رقم 354

ارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ وَهُوَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ. الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَياةَ
قدّم الموت على الحياة لأنّه إلى القهر أقرب، كما قدّم البنات على البنين في قوله: يَهَبُ لِمَنْ يَشاءُ إِناثاً وَيَهَبُ لِمَنْ يَشاءُ الذُّكُورَ.
قال قتادة: أذلّ الله ابن آدم بالموت، وجعل الدنيا دار حياة ودار فناء، وجعل الآخرة دار جزاء وبقاء. وقيل: قدّمه لأنّه أقدم، وذلك أنّ الأشياء في الابتداء كانت في حكم الموات كالنطفة والتراب ونحوها، ثم اعترصت عليها الحياة.
قال ابن عباس: خلق الموت على صورة كبش أملح لا يمرّ بشيء ولا يجد ريحه شيء إلّا مات، وخلق الحياة على صورة فرس بلقاء، وهي التي كان جبرئيل والأنبياء (عليهم السلام) يركبونها، خطوها مد البصر، وهي فوق الحمار ودون البغل، لا تمر بشيء، ولا تطأ شيئا ولا يجد ريحها شيء إلّا حيّ، وهي التي أخذ السامري من أثرها فألقاها على العجل فحيي.
لِيَبْلُوَكُمْ فيما بين الحياة إلى الموت، أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا
أخبرنا الحسن بن محمد بن فنجويه، حدّثنا محمد بن عبد الله بن برزة، حدّثنا الحرث بن أسامة، حدّثنا داود بن المحر، حدّثنا عبد الواحد بن زياد العبدي عن كليب بن وائل عن ابن عمر عن النبي (صلّى الله عليه) أنّه تلا (تَبارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ) حتى بلغ إلى قوله (أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا). ثم قال: أيكم أحسن عقلا وأورع عن محارم الله، وأسرعكم في طاعة الله.
وبإسناده عن داود بن المحر، حدّثنا ميسر عن محمد بن زيد عن أبي سلمة عن أبي قتادة قال: قلت: يا رسول الله أرأيت قول الله تعالى أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا ما عني به؟ قال: «يقول أيّكم أحسن عقلا» [٣٥٠] «١».
وقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «أتمّكم عقلا وأشدّكم لله خوفا، وأحسنكم فيما أمر الله تعالى به ونهى عنه نظرا وإن كان أقلكم تطوعا» [٣٥١] «٢».
أخبرنا محمد بن موسى بن الفضل، حدّثنا أبو عبد الله محمد بن عبد الله بن أحمد، حدّثنا أبو بكر بن أبي الدّنيا القرشي، حدّثنا محمد بن علي بن الحسن بن سقيق عن إبراهيم عن

(١) جامع البيان للطبري: ١٢/ ٩.
(٢) تفسير مجمع البيان: ١٠/ ٦٩.

صفحة رقم 355

الأشعث عن فضيل بن عياض لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا قال: أخلصه وأصوبة، قلت: ما أخلصه وأصوبه؟ قال: إنّ العمل إذا كان خالصا ولم يكن صوابا لم يقبل، وإذا كان صوابا ولم يكن خالصا لم يقبل حتّى يكون خالصا صوابا، والخالص: إذا كان لله، والصّواب: إذا كان على السنّة.
وقال الحسن: يعني أيّكم أزهد في الدنيا زهدا، وأترك لها تركا.
وقال سهل: أيّكم أحسن توكّلا على الله.
قال الفرّاء: لم يرفع البلوى على أي لأنّ فيما بين أي والبلوى إضمارا وهو كما يقول في الكلام: بلوتكم لأنظر أيّكم أطوع، ومثله سَلْهُمْ أَيُّهُمْ بِذلِكَ زَعِيمٌ «١» أي سلهم وانظر أيّهم.
فأيّ رفع على الابتداء وأحسن خبره.
وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَماواتٍ طِباقاً طبقا على طبق، بعضها فوق بعض، يقال: أطبقت الشيء إذا وضعت بعضه فوق بعض.
قال أبان بن تغلب: سمعت بعض الأعراب يذمّ رجلا فقال: شرّه طباق، وخيره غير باق.
قال سيبويه: ونصب طِباقاً لأنّه مفعول ثان.
ما تَرى فِي خَلْقِ الرَّحْمنِ مِنْ تَفاوُتٍ قرأ يحيى بن ثابت والأعمش وحمزة والكسائي:
من تفوّت بغير ألف، وهي اختيار أبي عبيد وقراءة عبد الله وأصحابه.
أخبرنا عبد الله بن حامد الورّاق، أخبرنا مكي بن عبدان، حدّثنا عبد الله بن هاشم، حدّثنا يحيى بن سعيد القّطان عن سفيان عن الأعمش عن إبراهيم عن إبراهيم عن علقمة عن عبد الله أنّه كان يقرأ: من تفوّت.
قال الأعمش: فذكرت لأبي رزين فقال: لقد سمعتها من عبد الله فيما قبلتها وأخذتها، وقرأ تَفاوُتٍ، وهي قراءة الباقين واختيار أبي حاتم وهما لغتان مثل التّعهد والتّعاهد، والتحمّل والتحامل، والتطهر والتطاهر. ومعناه: ما ترى في خلق الرحمن من اعوجاج واختلاف وتناقض وتباين، بل هي مستوية مستقيمة، وأصله من الفوت، وهي أن يفوت بعضها بعضا لقلّة استوائها، يدلّ عليه قول ابن عبّاس: من تفرق «٢».
فَارْجِعِ فردّ الْبَصَرَ قال الفراء: إنّما قال فارجع وليس قبله فعل مذكور فيكون الرجوع على ذلك الفعل لأنّ مجاز الكلام: أنظر ثمّ ارجع البصر.

(١) سورة القلم: ٤٠.
(٢) راجع زاد المسير لابن الجوزي: ٨/ ٥٨.

صفحة رقم 356

هَلْ تَرى مِنْ فُطُورٍ فتوق وشقوق وخروق.
الضحّاك: اختلاف وشطور، عطية: عيب، ابن كيسان: تباعد، القرظي: قروح، أبو عبيدة: صدوع «١» قال عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود:

شققت القلب ثم ذررت فيه هواك فليم فالتأم الفطور «٢»
وقال آخر:
تغلغل حيث لم يبلغ شراب ولا سكر ولم يبلغ سرور «٣»
وقال آخر:
بنى لكم بلا عمد سماء وزيّنها فما فيها فطور «٤»
ثُمَّ ارْجِعِ الْبَصَرَ ردّ البصر وكرّر النظر كَرَّتَيْنِ مرتين، يَنْقَلِبْ ينصرف ويرجع إِلَيْكَ الْبَصَرُ خاسِئاً خاشعا، ذليلا، مبعدا وَهُوَ حَسِيرٌ يعني كليل، منقطع لم يدرك ما طلب قال الشاعر:
نظرت إليها بالمحصب من منى فعاد إليّ الطرف وهو حسير «٥»
أخبرنا ابن فنجويه، حدّثنا موسى بن محمد، حدّثنا الحسن بن علويه، حدّثنا إسماعيل بن عيسى، حدّثنا المسيب، حدّثنا إبراهيم البكري عن صالح بن جبار عن عبد الله بن يزيد عن أبيه، قال المسيب: وحدّثنا أبو جعفر عن الرّبيع عن كعب قالا: السماء الدنيا موج مكفوف، والثانية مرمرة بيضاء، والثالثة حديد، والرابعة صفر- وقال نحاس- والخامسة فضة، والسادسة ذهب والسّابعة ياقوتة حمراء، وبين السّماء السّابعة إلى الحجب السبعة صحاري من نور، واسم صاحب الحجب «فنطاطروس».
وَلَقَدْ زَيَّنَّا السَّماءَ الدُّنْيا بِمَصابِيحَ أي الكواكب، واحدها مصباح وهو السراج.
وَجَعَلْناها رُجُوماً مرمى لِلشَّياطِينِ إذا اخترقوا السّمع، وَأَعْتَدْنا لَهُمْ في الآخرة عَذابَ السَّعِيرِ ما جعلنا لهم في الدنيا من الشهب، وَلِلَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ أيضا عَذابُ جَهَنَّمَ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ إِذا أُلْقُوا فِيها سَمِعُوا لَها شَهِيقاً صوتا كصوت الحمار وَهِيَ تَفُورُ تزفر وتغلي بهم كما يغلي القدر.
(١) راجع تفسير الطبري: ٢٩/ ٥- ٦، وفتح القدير: ٥/ ٢٥٩.
(٢) لسان العرب: ٤/ ٣٠٣.
(٣) تفسير القرطبي: ١٨/ ٢٠٩.
(٤) الأبيات في تفسير القرطبي: ١٨/ ٢٠٩.
(٥) تفسير القرطبي: ١٨/ ٢١٠. [.....]

صفحة رقم 357
الكشف والبيان عن تفسير القرآن
عرض الكتاب
المؤلف
أبو إسحاق أحمد بن محمد بن إبراهيم الثعلبي أو الثعالبي
راجعه
نظير الساعدي
الناشر
دار إحياء التراث العربي، بيروت - لبنان
سنة النشر
1422 - 2002
الطبعة
الأولى 1422، ه - 2002 م
عدد الأجزاء
10
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية