آيات من القرآن الكريم

قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَهْلَكَنِيَ اللَّهُ وَمَنْ مَعِيَ أَوْ رَحِمَنَا فَمَنْ يُجِيرُ الْكَافِرِينَ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ
ﭟﭠﭡﭢﭣﭤﭥﭦﭧﭨﭩﭪﭫﭬﭭ

٢٨ - قوله تعالى: ﴿قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَهْلَكَنِيَ اللَّهُ﴾ بعذابه ﴿وَمَنْ مَعِيَ﴾ من المؤمنين ﴿أَوْ رَحِمَنَا﴾ فلم يعذبنا، ﴿فَمَنْ يُجِيرُ الْكَافِرِينَ﴾، أي: يمنعهم ويؤمنهم ﴿مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ﴾، والمعنى: إنا مع إيماننا بين الخوف والرجاء نرجو رحمته ونخاف عذابه، فمن يجيركم مع كفركم من العذاب، أي: إنه نازل بكم لا محالة ولا رجاء لكم كما للمؤمنين. هذا معنى قول المفسرين (١).
وقال أهل المعاني (٢): إن الكفار كانوا يتمنون موت النبي -صلى الله عليه وسلم- وأصحابه، فقال الله تعالى: قل لهم: ﴿إِنْ أَهْلَكَنِيَ اللَّهُ وَمَنْ مَعِيَ﴾ بالإماتة ﴿أَوْ رَحِمَنَا﴾ بتأخير آجالنا، فأي راحة لكم في ذلك؟ وأي أمان لكم من العذاب؟ وما الذي ينفعكم ذلك؟ أي: إن أهلكنا لا يرد عنكم العذاب، ولا بقاؤنا. وكلاهما عندنا (٣) سواء.
ثم قال: ﴿قُلْ﴾ لهم في إنكارك عليهم وتوبيخك لهم ﴿قُلْ هُوَ الرَّحْمَنُ آمَنَّا بِهِ وَعَلَيْهِ تَوَكَّلْنَا فَسَتَعْلَمُونَ﴾ من الضال منا: أنحن (٤) أم أنتم، أي: ستعلمون ذلك عند معاينة العذاب؛ وهذا تهديد لهم. وقراءة العامة على المخاطبة.
وقرأ الكسائي بالياء (٥) لقوله: ﴿فَمَنْ يُجِيرُ الْكَافِرِينَ﴾ (٦).

= انظر: "تنوير المقباس" ٦/ ١١٢، و"معاني القرآن" ٣/ ١٧١، و"جامع البيان" ١٢/ ٢٩/ ٨، و"إعراب القرآن" للنحاس ٣/ ٤٧٦.
(١) في (س): (هذا معنى قول المفسرين) زيادة.
(٢) انظر: "جامع البيان" ١٢/ ٢٩/ ٨، و"الكشف والبيان" ١٢/ ١٥٩ ب، و"التفسير الكبير" ٣٠/ ٧٦.
(٣) في (ك): (وكلاكم)، وفي (س): (عندكم).
(٤) في (س): (أنحن) زيادة.
(٥) انظر: "حجة القراءات" ص ٧١٦، و"النشر" ٢/ ٣٨٩، و"الإتحاف" ص٤٢١.
(٦) انظر: "الحجة" ٦/ ٣٠٨.

صفحة رقم 64

ثم احتج عليهم بقوله تعالى: ﴿قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَصْبَحَ مَاؤُكُمْ غَوْرًا﴾ قال أبو علي: ﴿أَرَأَيْتُمْ﴾ معناه هاهنا انتبهوا؛ كأنه (١) قال: انتبهوا ﴿فَمَنْ يَأْتِيكُمْ﴾ كقوله: ﴿قَالَ أَرَأَيْتَ إِذْ أَوَيْنَا إِلَى الصَّخْرَةِ فَإِنِّي نَسِيتُ الْحُوتَ﴾ [الكهف: ٦٣] ولا يكون جواب الجزاء (٢) الذي هو ﴿إِنْ أَصْبَحَ مَاؤُكُمْ غَوْرًا﴾، ولكن جوابه ما دل عليه ﴿أَرَأَيْتُمْ﴾ الذي (٣) هو بمعنى انتبهوا، كما أن الفاء في قوله: ﴿فَسَلَامٌ لَكَ مِنْ أَصْحَابِ الْيَمِينِ﴾ [الواقعة: ٩١] ليس بجواب (إن)، إنما هو جواب (وأما) (٤)، قال عطاء والكلبي عن ابن عباس، ومقاتل: يعني: ماء زمزم (٥).
قوله: ﴿غَوْرًا﴾ أي: ذاهبًا في الأرض؛ يقال: غار الماء يغور غورًا، إذا نضب وذهب في الأرض. والغور هاهنا بمعنى الغائر (٦) سمي بالمصدر. يقال: رجل ضيف وعدل وزور (٧).
وقوله تعالى ﴿فَمَنْ يَأْتِيكُمْ بِمَاءٍ مَعِينٍ﴾ أي: ظاهر تراه وتناله الدلاء. قاله

(١) في (س): (كأنه) زيادة.
(٢) في (ك): (جزاء الجواب).
(٣) في (ك): (الذي الذي).
(٤) انظر: "المسائل الحلبيات" للفارسي ص ٧٨.
(٥) انظر: "تنوير المقباس" ٦/ ١١٣، و"الكشف والبيان" ١٢/ ١٦٠ أ، و"فتح الباري" ٨/ ٦٦١.
قال الألوسي: وإيًّا ما كان فليس المراد بالماء ماء معينًا، وإن كانت الآية كما روى ابن المنذر والفاكهي عن الكلبي نازلة في بئر زمزم وبئر ميمون الحضرمي. "روح المعاني" ٢٩/ ٢٢.
(٦) في (س): (الغائب).
(٧) انظر: "معاني القرآن" للفراء ٣/ ١٧٢؛ و"معاني القرآن" للزجاج ٥/ ٢٠١.

صفحة رقم 65

المفسرون (١). وقال مجاهد: المعين: الجاري (٢). وقد ذكرنا القولين عند قوله: ﴿ذَاتِ قَرَارٍ وَمَعِينٍ﴾ (٣) والاختلاف وما هو الاختيار.

(١) انظر: "تنوير المقباس" ٦/ ١١٣، و"الجامع لأحكام القرآن" ١٨/ ٢٢٢.
(٢) انظر: "تفسير مجاهد" ٢/ ٦٨٦، و"جامع البيان" ١٢/ ٢٩/ ٩، و"الكشف والبيان" ١٢/ ١٦٠ أ.
(٣) عند تفسيره الآية (٥٠) من سورة المؤمنون.

صفحة رقم 66

سورة القلم

صفحة رقم 67
التفسير البسيط
عرض الكتاب
المؤلف
أبو الحسن علي بن أحمد بن محمد بن علي الواحدي، النيسابوري، الشافعي
الناشر
عمادة البحث العلمي - جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية.
سنة النشر
1430
الطبعة
الأولى
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية