آيات من القرآن الكريم

قُلْ هُوَ الَّذِي أَنْشَأَكُمْ وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ ۖ قَلِيلًا مَا تَشْكُرُونَ
ﯛﯜﯝﯞﯟﯠﯡﯢﯣﯤﯥﯦﯧ ﯩﯪﯫﯬﯭﯮﯯﯰﯱﯲﯳﯴ ﯶﯷﯸﯹﯺﯻﯼﯽﯾﯿﰀﰁﰂ ﰄﰅﰆﰇﰈﰉﰊﰋ ﰍﰎﰏﰐﰑﰒﰓ

إِنِ الْكافِرُونَ إِلَّا فِي غُرُورٍ ان نافية بمعنى ما اى ما هم فى زعمهم انهم محفوظون من- النوائب بحفظ آلهتهم لا بحفظه تعالى فقط او أن آلهتهم تحفظهم من بأس الله الا فى غرور عظيم وضلال فاحش من جهة الشيطان ليس لهم فى ذلك شىء يعتدبه فى الجملة والالتفات الى الغيبة للايذان باقتضاء حالهم الاعراض عنهم وبيان قبائحهم لغيرهم والإظهار فى موضع الإضمار لذمهم بالكفر وتعليل غرورهم به أَمَّنْ هذَا الَّذِي يَرْزُقُكُمْ يعطيكم الرزق إِنْ أَمْسَكَ الرحمن وحبس رِزْقَهُ بامساك المطر ومباديه ولو كان الرزق موجودا او كثيرا وسهل التناول فوضع الاكلة فى فمه فأمسك الله عنه قوة الابتلاع عجز اهل السموات والأرض عن أن يسوغوه تلك اللقمة وإعرابه كاعراب ما سبق والمعنى على تقدير كون من موصولة الله الرزاق ذو القوة المتين يرزقكم أم الذي يقال فى حقه هذا الحقير المهين الذي تدعون انه يرزقكم قال بعض المفسرين كان الكفار يمتنعون عن الايمان ويعاندون الرسول عليه السلام معتمدين على شيئين أحدهما اعتمادهم بمالهم وعددهم والثاني اعتقادهم ان الأوثان توصل إليهم جميع الخيرات وتدفع عنهم جميع الآفات فأبطل الله عليهم الاول بقوله أم من هذا الذي هو جند لكم إلخ ورد عليهم الثاني بقوله أم من هذا الذي يرزقكم إلخ بَلْ لَجُّوا فِي عُتُوٍّ وَنُفُورٍ منبئ عن مقدر يستدعيه المقام كأنه قيل اثر التبكيت والتعجيز لم يتأثروا بذلك ولم يذعنوا للحق بل لجوا وتمادوا فى عتو اى عناد واستكبار وطفيان ونفور اى شراد عن الحق وتباعد واعراض لمضادتهم الحق بالباطل الذي أقاموا عليه فاللجاج التمادي فى العناد فى تعاطى الفعل المزجور عنه والعتو والتجاوز عن الحد والنفور الفرار ففيه تحقير لهم واشارة الى انهم (حمر مستنفرة فرت من قسورة) يعنى گوييا ايشان خران وحشي اندر ميدكان كه كريخته باشند از شير يا از صياد يا ريسمان دام يا مردم تير انداز يا آوازهاى مختلف

كسى را كه پندار در سر بود مپندار هركز كه حق بشنود
أَفَمَنْ يَمْشِي مُكِبًّا عَلى وَجْهِهِ أَهْدى إلخ مثل ضرب للمشرك والموحد توضيحا لحالهما والفاء لترتيب ذلك على ما ظهر من سوء حالهم وتقديم الهمزة عليها صورة انما هو لاقتضائها الصدارة واما بحسب المعنى فالامر بالعكس حتى لو كان مكان الهمزة هل لقيل فهل من يمشى مكبا والمكب الساقط على وجهه وحقيقته صار ذاكب ودخل فى الكب وكبه قليه وصرعه يعنى أسقطه على وجهه ولا يقال أكبه فان أكب لازم وعند صاحب القاموس لازم ومتعد ومكبا حال من فاعل يمشى والمعنى فمن يمشى وهو يعثر فى كل ساعة ويخر على وجهه فى كل خطوة لتوعر طريقه واختلال قواه أشد هداية ورشدا الى المقصد الذي يؤمه قال فى المناسبات لم يسم سبحانه لمشيانه طريقا لانه لا يستحق ذلك ولما كان ربما صادف السهل لا عن بصيرة بل عن اتفاق قال اهدى أَمَّنْ اى اهو اهدى أم من يَمْشِي سَوِيًّا اى قائما سالما من الخبط والعثار عَلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ مستوى الاجزاء لا عوج فيه ولا انحراف وقيل المكب كناية عن الأعمى لانه لا يهتدى الى الطريق فيتعسف يعنى بي راه ميرود فيلزمه ان يكب على وجهه بخلاف البصير السوي

صفحة رقم 93

فرقست ميان آنكه از روى يقين با ديده بينا رود اندر ره دين
با آنكه دو چشم بسته بي دست كسى هر كوشه همى رود بظن وتخمين
وقال قتادة هو الكافر أكب على معاصى الله فى الدنيا فحشره الله على وجهه الى النار فى العقبى والمؤمن استقام على امر الله فى الدنيا فحشره الله على قدميه الى الجنة فى الآخرة وقيل للنبى عليه السلام وكيف يمشون على وجوهم قال ان الذي أمشاهم على أقدامهم قادر على أن يمشيهم على وجوهم وفيه اشارة الى ان الله تعالى يظهر للانسان يوم القيامة ما ابطن اليوم خيرا او شرا
سيرتى كاندر وجودت غالبست هم بران تصوير حشرت واجبست
قال القاشاني أفمن يمشى منتكسا بالتوجه الى الجهة السفلية والمحبة للملاذ الحسية والانجذاب الى الأمور الطبيعية أهدى أم من يمشى مستويا منتصبا على صراط التوحيد الموصوف بالاستقامة التامة التي لا توصف فالجاهل المحجوب الطالب للدنيا المعرض عن المولى الأعمى عن طريق الحق مكبوب على وجه الخجلة بواسطة ظلمة الغفلة والعارف المحقق التارك للدنيا المقبل على المولى المبصر البصير لطريق الحق ماش سويا بالظاهر والباطن على طريق التوحيد الذي لا فيه امت ولا عوج قُلْ يا أفضل الخلق هُوَ تعالى وحده الَّذِي أَنْشَأَكُمْ ايها الكفار كما دل عليه السباق والسياق ويندج فيه الإنسان الغافل ايضا اى انشأكم إنشاء بريعا قابلا لجمع جميع الحقائق الالهية والكيانية وابتدأ خلقكم على احسن خلق بأن صوركم فأحسن صوركم وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ واعطى لكم الاذن لتسمعوا آيات الله وتعملوا بموجبها بل لتسمعوا الخطابات الغيبية من ألسنة الموجودات بأسرها فانها كلها تنطق نطق الإنسان كما قال الله تعالى وان من شىء الا يسبح بحمده ولكن لا تفقهون تسبيحهم قيل لبرز جمهر من أكمل الناس قال من لم يجعل سمعه غرضا للفحشاء وقدم السمع لانه شرط النبوة ولذلك ما بعث الله رسولا أصم ولان فوائد السمع أقوى بالنسبة الى العوام وان كانت فوائد البصر أعلى بالنسبة الى الخواص ولان السمع مرتبة الخطاب عند انفتاح باب القلب والبصر مرتبة الرؤية ولا شك ان مرتبة الخطاب اقدم بالنسبة الى مرتبة الرؤية لان مرتبة الرؤية هى مرتبة التجلي فهى نهاية الأمر ألا ترى انه عليه السلام سمع قبل النبوة صوت اسرافيل ولم ير شخصه واما بعدها فقد رأى جميع الملائكة وأم لهم ليلة المعراج عند السدرة بل ورأى الله تعالى بلا كيف فترقى من مرتبة الخطاب التي هى مرتبة الوحى الى مرتبة التجلي التي هى مرتبة الموحى وَالْأَبْصارَ لننظيروا بها الى الآيات التكوينية الشاهدة بشؤون الله تعالى ولتبصروا جميع مظاهره تعالى فى غاية الكمال ونهاية الإتقان وَالْأَفْئِدَةَ لتتفكروا بها فيما تسمعونه وتشاهدونه من الآيات التنزيلية والتكوينية وترتقوا فى معارج الايمان والطاعة بل لتقبلوا بها الواردات القلبية والإلهامات الغيبية قال فى القاموس التفؤد التحرق والتوقد ومنه الفؤاد للقلب مذكر والجمع افئدة انتهى وخص هذه الثلاثة بالذكر لان العلوم والمعارف بها تحصل كما فى كشف الاسرار ولان القلب كالحوض حيث ينصب اليه ما حصل من طريق السمع والبصر قَلِيلًا ما تَشْكُرُونَ

صفحة رقم 94
روح البيان
عرض الكتاب
المؤلف
إسماعيل حقي بن مصطفى الإستانبولي الحنفي الخلوتي , المولى أبو الفداء
الناشر
دار الفكر - بيروت
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية