آيات من القرآن الكريم

اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ يَتَنَزَّلُ الْأَمْرُ بَيْنَهُنَّ لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وَأَنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْمًا
ﭑﭒﭓﭔﭕﭖﭗﭘﭙﭚﭛﭜﭝﭞﭟﭠﭡﭢﭣﭤﭥﭦﭧﭨﭩﭪﭫﭬﭭﭮﭯﭰﭱﭲﭳ ﭵﭶﭷﭸﭹﭺﭻﭼﭽﭾﭿﮀﮁﮂﮃﮄﮅﮆﮇﮈﮉﮊﮋﮌﮍﮎﮏﮐ ﮒﮓﮔﮕﮖﮗﮘﮙﮚﮛﮜﮝﮞﮟ ﮡﮢﮣﮤﮥﮦﮧ ﮩﮪﮫﮬﮭﮮﮯﮰﮱﯓﯔﯕﯖﯗﯘﯙﯚﯛ ﯝﯞﯟﯠﯡﯢﯣﯤﯥﯦﯧﯨﯩﯪﯫﯬﯭﯮﯯﯰﯱﯲﯳﯴﯵﯶﯷﯸﯹﯺﯻﯼﯽﯾﯿﰀ ﰂﰃﰄﰅﰆﰇﰈﰉﰊﰋﰌﰍﰎﰏﰐﰑﰒﰓﰔﰕﰖﰗﰘﰙﰚﰛ

يُسْراً
بأن يسهل عز وجل أمره عليه، وقيل: اليسر الثواب وَمَنْ قيل: للبيان قدم على المبين للفاصلة، وقيل:
بمعنى في، وقيل: تعليلية ذلِكَ إشارة إلى ما ذكر من الأحكام وما فيه من معنى البعد للإيذان ببعد المنزلة في الفضل، وإفراد الكاف- مع أن الخطاب للجمع كما يفصح عنه قوله تعالى: أَمْرُ اللَّهِ أَنْزَلَهُ إِلَيْكُمْ لما أنها لمجرد الفرق بين الحاضر والمنقضي لا لتعيين خصوصية المخاطبين وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ بالمحافظة على أحكامه عز وجل يُكَفِّرْ عَنْهُ سَيِّئاتِهِ فإن الحسنات يذهبن السيئات وَيُعْظِمْ لَهُ أَجْراً بالمضاعفة، وقرأ الأعمش- نعظم- بالنون التفاتا من الغيبة إلى التكلم، وقرأ ابن مقسم- يعظم- بالياء والتشديد مضارع عظم مشددا، وقوله تعالى:
أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنْتُمْ استئناف وقع جوابا عن سؤال نشأ مما قبله من الحث على التقوى كأنه قيل:
كيف نعمل بالتقوى في شأن المعتدات؟ فقيل: أَسْكِنُوهُنَّ إلخ، ومِنْ للتبعيض أي أسكنوهن بعض مكان سكناكم، ولتسكن إذا لم يكن إلا بيت واحد في بعض نواحيه كما روي عن قتادة، وقال الحوفي وأبو البقاء: هي لابتداء الغاية، وقوله تعالى: مِنْ وُجْدِكُمْ أي من وسعكم أي مما تطيقونه عطف بيان لقوله تعالى: مِنْ حَيْثُ سَكَنْتُمْ على ما قاله الزمخشري، ورده أبو حيان بأنه لا يعرف عطف بيان يعاد فيه العامل إنما هذا طريقة البدل مع حرف الجر ولذلك أعربه أبو البقاء بدلا، وتعقب بأن المراد أن الجار والمجرور عطف بيان للجار والمجرور لا المجرور فقط حتى يقال ذلك مع أنه لا يبرد له بسلامة الأمير وأنه لا فرق بين عطف البيان والبدل إلا في أمر يسير، ولا يخفى قوة كلام أبي حيان، وقرأ الحسن والأعرج وابن أبي عبلة وأبو حيوة «من وجدكم» بفتح الواو، وقرأ الفياض بن غزوان، وعمرو بن ميمون ويعقوب بكسرها- وذكرها المهدوي عن الأعرج- والمعنى في الكل الوسع وَلا تُضآرُّوهُنَّ ولا تستعملوا معهن الضرار في السكنى لِتُضَيِّقُوا عَلَيْهِنَّ فتلجئوهن إلى الخروج بشغل المكان أو بإسكان من لا يردن السكنى معه ونحو ذلك وَإِنْ كُنَّ أي المطلقات أُولاتِ حَمْلٍ فَأَنْفِقُوا عَلَيْهِنَّ حَتَّى يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ فيخرجن عن العدة، وأما المتوفى عنهن أزواجهن فلا نفقة لهن عند أكثر العلماء، وعن علي كرم الله تعالى وجهه وابن مسعود تجب نفقتهن في التركة، ولا خلاف في وجوب سكنى المطلقات أولات الحمل ونفقتهن بت الطلاق أو لم يبت.

صفحة رقم 334

واختلف في المطلقات اللاتي لسن أولات حمل بعد الاتفاق على وجوب السكنى لهن إذا لم يكن مبتوتات، فقال ابن المسيب وسليمان بن يسار وعطاء والشعبي والحسن ومالك والأوزاعي وابن أبي ليلى والشافعي وأبو عبيد:
للمطلقة الحائل المبتوتة السكنى ولا نفقة لها، وقال الحسن وحماد وأحمد وإسحاق وأبو ثور والإمامية: لا سكنى لها ولا نفقة
لحديث فاطمة بنت قيس قالت: طلقني زوجي أبو عمرو بن حفص بن المغيرة المخزومي البتة فخاصمته إلى رسول الله صلّى الله تعالى عليه وسلم في السكنى والنفقة فلم يجعل لي سكنى ولا نفقة وأمرني أن أعتد في بيت ابن أم مكتوم ثم أنكحني أسامة بن زيد
، وقال أبو حنيفة والثوري: لها السكنى والنفقة فهما عنده لكل مطلقة لم تكن ذات حمل، ودليله
أن عمر رضي الله تعالى عنه قال: سمعت رسول الله صلّى الله تعالى عليه وسلم يقول في المبتوتة: «لها النفقة والسكنى»
مع أن ذلك جزاء الاحتباس وهو مشترك بين الحائل والحامل، ولو كان جزاء للحمل لوجب في ماله إذا كان له مال ولم يقولوا به.
ويؤيد ذلك قراءة ابن مسعود- أسكنوهن من حيث سكنتم وأنفقوا عليهن من وجدكم- ومن خص الإنفاق بالمعتدات أولات الحمل استدل بهذه الآية لمكان الشرط فيها وهو لا يتم على النافين لمفهوم المخالفة مع أن فائدة الشرط هاهنا أن الحامل قد يتوهم أنها لا نفقة لها لطول مدة الحمل فأثبت لها النفقة ليعلم غيرها بالطريق الأولى- كما في الكشاف- فهو من مفهوم الموافقة، وحديث فاطمة بنت قيس قد طعن فيه عمر وعائشة وسليمان بن يسار والأسود بن يزيد وأبو سلمة بن عبد الرحمن وغيرهم فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ أي بعد أن يضعن حملهن فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ على الإرضاع وَأْتَمِرُوا بَيْنَكُمْ بِمَعْرُوفٍ خطاب للآباء والأمهات، والافتعال بمعنى التفاعل، يقال:
ائتمر القوم وتآمروا بمعنى، قال الكسائي: والمعنى تشاوروا، وحقيقته ليأمر بعضكم بعضا بمعروف أي جميل في الأجرة والإرضاع ولا يكن من الأب مماسكة ولا من الأم معاسرة، وقيل: المعروف الكسوة والدثار وَإِنْ تَعاسَرْتُمْ أي تضايقتم أي ضيّق بعضكم على الآخرة بالمشاحة في الأجرة أو طلب الزيادة أو نحو ذلك فَسَتُرْضِعُ لَهُ أُخْرى أي فستوجد ولا تعوز مرضعة أخرى، وفيه على ما قيل: معاتبة للام لأنه كقولك لمن تستقضيه حاجة فتتعذر منه:
سيقضيها غيرك أي ستقضي وأنت ملوم.
وخص الأم بالمعاتبة على ما قال ابن المنير لأن المبذول من جهتها هو لبنها لولدها وهو غير متمول ولا مضمون به في العرف وخصوصا من الأم على الولد، ولا كذلك المبذول من جهة الأب فإنه المال المضنون به عادة، فالأم إذن أجدر باللوم وأحق بالعتب، والكلام على معنى فليطلب له الأب مرضعة أخرى فيظهر الارتباط بين الشرط والجزاء، وقال بعض الأجلة: إن الكلام لا يخلو عن معاتبة الأب أيضا حيث أسقط في الجواب عن حيز شرف الخطاب مع الإشارة إلى أنه إذا ضايق الأم في الأجر فامتنعت من الإرضاع لذلك فلا بد من إرضاع امرأة أخرى، وهي أيضا تطلب الأجر في الأغلب والأم أشفق فهي به أولى، وبذلك يظهر كمال الارتباط، والأول أظهر فتدبر، وقيل:
فَسَتُرْضِعُ خبر بمعنى الأمر أي فلترضع، وليس بذاك، وهذا الحكم إذا قبل الرضيع ثدي أخرى أما إذا لم يقبل إلا ثدي أمه فقد قالوا: تجبر على الإرضاع بأجرة مثلها لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ وَمَنْ قُدِرَ أي ضيق عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنْفِقْ مِمَّا آتاهُ اللَّهُ وإن قل، والمراد لينفق كل واحد من الموسر والمعسر ما يبلغه وسعه، والظاهر أن المأمور بالإنفاق الآباء، ومن هنا قال ابن العربي: هذه الآية أصل في وجوب النفقة على الأب، وخالف في ذلك محمد بن المواز فقال: بوجوبها على الأبوين على قدر الميراث، وحكى أبو معاذ أنه قرىء «لينفق» بلام كي ونصب القاف على أن التقدير شرعنا ذلك لينفق.

صفحة رقم 335

وقرأ ابن أبي عبلة «قدّر» مشدد الدال لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلَّا ما آتاها أي إلا بقدر ما أعطاها من الطاقة، وقيل: ما أعطاها من الأرزاق قل أو جل، وفيه تطييب واستمالة لقلب المعسر لمكان عبارة آتاها الخاصة بالإعسار قبل وذكر العسر بعد، واستدل بالآية من قال لا فسخ بالعجز عن الإنفاق على الزوجة وهو ما ذهب اليه عمر ابن عبد العزيز وأبو حنيفة وجماعة وعن أبي هريرة والحسن وابن المسيب ومالك والشافعي وأحمد وإسحاق يفسخ النكاح بالعجز عن الانفاق ويفرق بين الزوجين، وفيها على ما قال السيوطي: استحباب مراعاة الإنسان حال نفسه في النفقة والصدقة،
ففي الحديث «إن المؤمن أخذ عن الله تعالى أدبا حسنا إذا هو سبحانه وسع عليه وسع وإذا هو عز وجل قتر عليه قتر»
، وقوله تعالى: سَيَجْعَلُ اللَّهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْراً موعد لفقراء ذلك الوقت بفتح أبواب الرزق عليهم، أو لفقراء الأزواج إن أنفقوا ما قدروا عليه ولم يقصروا، وهو على الوجهين تذييل إلا أنه على الأول مستقل، وعلى الثاني غير مستقل وَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ أي كثير من أهل قرية.
وقرأ ابن كثير «وكائن» بالمد والهمزة، وتفصيل الكلام فيها قد مر عَتَتْ تجبرت وتكبرت معرضة عَنْ أَمْرِ رَبِّها وَرُسُلِهِ فلم تمتثل ذلك فَحاسَبْناها حِساباً شَدِيداً بالاستقصاء والتنقير والمناقشة في كل نقير من الذنوب وقطمير وَعَذَّبْناها عَذاباً نُكْراً أي منكرا عظيما، والمراد حساب الآخرة وعذابها، والتعبير عنهما بلفظ الماضي للدلالة على تحققهما كما في قوله تعالى: وَنُفِخَ فِي الصُّورِ [الكهف: ٩٩] وغيرها.
وقرأ غير واحد «نكرا» بضمتين فَذاقَتْ وَبالَ أَمْرِها عقوبة عتوها وَكانَ عاقِبَةُ أَمْرِها خُسْراً هائلا لا خسر وراءه أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ عَذاباً شَدِيداً تكرير للوعيد وبيان لما يوجب التقوى المأمور بها بقوله تعالى: فَاتَّقُوا اللَّهَ يا أُولِي الْأَلْبابِ كأنه قيل: أعد الله تعالى لهم هذا العذاب فليكن لكم ذلك يا أولي الألباب داعيا لتقوى الله تعالى وحذر عقابه، وقال الكلبي: الكلام على التقديم والتأخير، والمراد وَعَذَّبْناها عَذاباً نُكْراً في الدنيا بالجوع والقحط والسيف وسائر المصائب والبلايا فَحاسَبْناها حِساباً شَدِيداً في الآخرة.
والظاهر أن قوله تعالى: أَعَدَّ إلخ عليه تكرير للوعيد أيضا، وجوز أن يراد بالحساب الشديد استقصاء ذنوبهم وإثباتها في صحائف الحفظة، وبالعذاب النكر ما أصابهم عاجلا، وتجعل جملة عَتَتْ إلخ صفة لقرية، والماضي في فَحاسَبْناها. وعَذَّبْناها على الحقيقة، وخبر كَأَيِّنْ جملة أَعَدَّ اللَّهُ إلخ، أو تجعل جملة عَتَتْ إلخ هي الخبر، وجملة أَعَدَّ اللَّهُ إلخ استئناف لبيان أن عذابهم غير منحصر فيما ذكر بل لهم بعده عذاب شديد، وقوله تعالى: الَّذِينَ آمَنُوا منصوب بإضمار أعني بيانا للمنادى السابق أو نعت له أو عطف بيان، وفي إبداله منه ضعف لعدم صحة حلوله محله قَدْ أَنْزَلَ اللَّهُ إِلَيْكُمْ ذِكْراً هو النبي صلّى الله تعالى عليه وسلم عبر به عنه لمواظبته عليه الصلاة والسلام على تلاوة القرآن الذي هو ذكر، أو تبليغه والتذكير به، وقوله تعالى: رَسُولًا بدلا منه، وعبر عن إرساله بالإنزال ترشيحا للمجاز، أو لأن الإرسال مسبب عنه فيكون أَنْزَلَ مجازا مرسلا، وقال أبو حيان: الظاهر أن الذكر هو القرآن، والرسول هو محمد صلّى الله تعالى عليه وسلم فإما أن يجعل نفس الذكر مجازا. أو يكون بدلا على حذف مضاف أي ذا ذكر رَسُولًا فيكون رَسُولًا نعتا لذلك المحذوف أو بدلا، وقيل: رَسُولًا منصوب بمقدر مثل أرسل رسولا دل عليه أنزل. ونحا إلى هذا السدي، واختاره ابن عطية، وقال الزجاج وأبو علي: يجوز أن يكون معمولا للمصدر الذي هو ذكر كما في قوله تعالى: أَوْ إِطْعامٌ فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ يَتِيماً [البلد: ١٤، ١٥]، وقول الشاعر:

صفحة رقم 336

أي أَنْزَلَ اللَّهُ تعالى ذكره رَسُولًا على معنى أنزل الله عز وجل ما يدل على كرامته عنده وزلفاه، ويراد به على ما قيل: القرآن وفيه تعسف، ومثله جعل رَسُولًا بدلا منه على أنه بمعنى الرسالة، وقال الكلبي: الرسول هاهنا جبريل عليه السلام، وجعل بدلا أيضا من ذِكْراً وإطلاق الذكر عليه لكثرة ذكره فهو من الوصف بالمصدر مبالغة- كرجل عدل- أو لنزوله بالذكر وهو القرآن، فبينهما ملابسة نحو الحلول، أو لأنه عليه السلام مذكور في السماوات وفي الأمم، فالمصدر بمعنى المفعول كما في درهم ضرب الأمير، وقد يفسر الذكر حينئذ بالشرف كما في قوله تعالى: وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ وَلِقَوْمِكَ [الزخرف: ٤٤] فيكون كأنه في نفسه شرف إما لأنه شرف للمنزل عليه، وإما لأنه ذو مجد وشرف عند الله عز وجل كقوله تعالى: عِنْدَ ذِي الْعَرْشِ مَكِينٍ [التكوير: ٢٠] وفي الكشف إذا أريد بالذكر القرآن وبالرسول جبريل عليه السلام يكون البدل بدل اشتماله، وإذا أريد بالذكر الشرف وغيره يكون من بدل الكل فتدبر.
وقرىء رسول على إضمار هو، وقوله تعالى: يَتْلُوا عَلَيْكُمْ آياتِ اللَّهِ مُبَيِّناتٍ نعت- لرسولا- وهو الظاهر، وقيل: حال من اسم «الله» تعالى، ونسبة التلاوة إليه سبحانه مجازية كبنى الأمير المدينة، وآياتِ اللَّهِ القرآن، وفيه إقامة الظاهر مقام المضمر على أحد الأوجه، ومُبَيِّناتٍ حال منها أي حال كونها مبينات لكم ما تحتاجون إليه من الأحكام، وقرىء «مبيّنات» أي بينها الله تعالى كقوله سبحانه: قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الْآياتِ [آل عمران: ١١٨، الحديد: ١٧٠] واللام في قوله تعالى: لِيُخْرِجَ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى النُّورِ متعلق- بأنزل- أو- بيتلو- وفاعل يخرج على الثاني ضمير الرسول عليه الصلاة والسلام أو ضميره عز وجل، والمراد بالموصول المؤمنون بعد إنزال الذكر وقبل نزول هذه الآية أو من علم سبحانه وقدر أنه سيؤمن أي ليحصل لهم الرسول أو الله عز وجل ما هم عليه الآن من الإيمان والعمل الصالح، أو ليخرج من علم وقدر أنه يؤمن من أنواع الضلالات إلى الهدى، فالمضي إما بالنظر لنزول هذه الآية أو باعتبار علمه تعالى وتقديره سبحانه الأزلي.
وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ وَيَعْمَلْ صالِحاً حسبما بين في تضاعيف ما أنزل من الآيات المبينات.
يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ وقرأ نافع وابن عامر- ندخله- بنون العظمة وقوله تعالى:
خالِدِينَ فِيها أَبَداً حال من مفعول يُدْخِلْهُ والجمع باعتبار معنى من كما أن الإفراد في الضمائر الثلاثة باعتبار لفظها، وقوله تعالى: قَدْ أَحْسَنَ اللَّهُ لَهُ رِزْقاً حال أخرى منه أو من الضمير في خالِدِينَ بطريق التداخل، وإفراد ضمير لَهُ باعتبار اللفظ أيضا، وفيه معنى التعجيب والتعظيم لما رزقه الله تعالى المؤمنين من الثواب وإلا لم يكن في الإخبار بما ذكرها هنا كثير فائدة كما لا يخفى.
واستدل أكثر النحويين بهذه الآية على جواز مراعاة اللفظ أولا. ثم مراعاة المعنى. ثم مراعاة اللفظ، وزعم بعضهم أن ما فيها ليس كما ذكر لأن الضمير في خالِدِينَ ليس عائدا على من كالضمائر قبل، وإنما هو عائد على مفعول- يدخل- وخالِدِينَ حال منه، والعامل فيها- يدخل- لا فعل الشرط وهو كما ترى اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَماواتٍ مبتدأ وخبر وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ أي وخلق من الأرض مثلهن على أن مِثْلَهُنَّ مفعول لفعل محذوف والجملة عطف على الجملة قبلها، وقيل: مِثْلَهُنَّ عطف على سبع سماوات، وإليه ذهب الزمخشري، وفيه الفصل بالجار والمجرور بين حرف العطف والمعطوف وهو مختص بالضرورة عند أبي علي الفارسي، وقرأ المفضل عن عاصم. وعصمة عن أبي بكر مِثْلَهُنَّ بالرفع على الابتداء وَمِنَ الْأَرْضِ الخبر.
والمثلية تصدق بالاشتراك في بعض الأوصاف فقال الجمهور: هي هاهنا في كونها سبعا وكونها طباقا بعضها

صفحة رقم 337

فوق بعض بين كل أرض وأرض مسافة كما بين السماء والأرض وفي كل أرض سكان من خلق الله عز وجل لا يعلم حقيقتهم إلا الله تعالى، وعن ابن عباس أنهم إما ملائكة أو جن، وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم والحاكم وصححه والبيهقي- في شعب الإيمان. وفي الأسماء والصفات- من طريق أبي الضحى عنه أنه قال في الآية: سبع أرضين في كل أرض نبي كنبيكم وآدم كآدم ونوح كنوح وإبراهيم كإبراهيم وعيسى كعيسى، قال الذهبي: إسناده صحيح ولكنه شاذ بمرة لا أعلم لأبي الضحى عليه متابعا. وذكر أبو حيان في البحر نحوه عن الحبر وقال: هذا حديث لا شك في وضعه وهو من رواية الواقدي الكذاب.
وأقول لا مانع عقلا ولا شرعا من صحته، والمراد أن في كل أرض خلقا يرجعون إلى أصل واحد رجوع بني آدم في أرضنا إلى آدم عليه السلام، وفيه أفراد ممتازون على سائرهم كنوح وإبراهيم وغيرهما فينا.
وأخرج ابن أبي حاتم والحاكم وصححه عن ابن عمر مرفوعا أن بين كل أرض والتي تليها خمسمائة عام والعليا منها على ظهر حوت قد التقى طرفاه في السماء والحوت على صخرة والصخرة بيد ملك والثانية مسجن الريح والثالثة فيها حجارة جهنم والرابعة فيها كبريتها والخامسة فيها حياتها والسادسة فيها عقاربها والسابعة فيها سقر وفيها إبليس مصفد بالحديد يد أمامه ويد خلفه يطلقه الله تعالى لمن يشاء، وهو حديث منكر- كما قال الذهبي- لا يعول عليه أصلا فلا تغتر بتصحيح الحاكم، ومثله في ذلك أخبار كثيرة في هذا الباب لولا خوف الملل لذكرناها لك لكن كون ما بين كل أرضين خمسمائة سنة كما بين كل سماءين جاء في أخبار معتبرة كما
روى الإمام أحمد والترمذي عن أبي هريرة قال: «بينما النبي صلّى الله تعالى عليه وسلم جالس وأصحابه قال: هل تدرون ما فوقكم؟ قالوا: الله ورسوله أعلم، قال: فإنها الرقيع سقف محفوظ وموج مكفوف، قال: هل تدرون ما بينكم وبينها؟ قالوا: الله ورسوله أعلم، قال:
بينكم وبينها خمسمائة عام، ثم قال: هل تدرون ما فوق ذلك؟ قالوا: الله ورسوله أعلم، قال: سماء وإن بعد ما بينها خمسمائة سنة، ثم قال كذلك حتى عد سبع سماوات ما بين كل سماءين ما بين السماء والأرض، ثم قال هل تدرون ما فوق ذلك؟ قالوا: الله ورسوله أعلم، قال: وإن فوق ذلك العرش بينه وبين السماء بعد ما بين السماءين، ثم قال: هل تدرون ما تحتكم؟ قالوا: الله ورسوله أعلم، قال: إنها الأرض، ثم قال: هل تدرون ما تحت ذلك؟ قالوا: الله ورسوله أعلم، قال: إن تحتها أرضا أخرى بينهما مسيرة خمسمائة سنة حتى عد صلّى الله تعالى عليه وسلم سبع أرضين ما بين كل أرضين خمسمائة سنة.
والأخبار في تقدير المسافة بما ذكر بين كل سماءين أكثر من الأخبار في تقديرها بين كل أرضين وأصح، ومنها ما هو مذكور في صحيح البخاري وغيره من الصحاح، وفيها أيضا أن ثخن كل سماء خمسمائة عام فقول الرازي في ذلك إنه غير معتبر عند أهل التحقيق كلام لا يخفى بشاعته على من سلك من السنة أقوم طريق، نعم ما حكاه من أن السماء الأولى موج مكفوف والثانية صخر والثالثة حديد والرابعة نحاس والخامسة فضة والسادسة ذهب والسابعة ياقوت ليس بمعتبر أصلا ولم يرد بما تضمنه من التفصيل خبر صحيح لكن في قوله: إنه مما يأباه العقل إن أراد به نفي الإمكان عقلا منع ظاهر، وقال الضحاك: هي في كونها سبعا بعضها فوق بعض لا في كونها كذلك مع وجود مسافة بين أرض وأرض، واختاره بعضهم زاعما أن المراد بهاتيك السبع طبقة التراب الصرفة المجاورة للمركز والطبقة الطينية والطبقة المعدنية التي يتكون فيها المعادن والطبقة الممتزجة بغيرها المنكشفة التي هي مسكن الإنسان ونحوه من الحيوان وفيها ينبت النبات وطبقة الأدخنة والطبقة الزمهريرية وطبقة النسيم الرقيق جدا، ولا يخفى أنه أشبه شيء بالهذيان، ومثله ما يزعمه بعض الناظرين في كتب العلوم المسماة بالحكمة الجديدة من أن الأرض انفصلت بسبب

صفحة رقم 338

بعض الحوادث من بعض الأجرام العلوية صغيرة ثم تكونت فوقها طبقة وهكذا حتى صار المجموع سبعا، وزعم أنهم شاهدوا بين كل طبقة وطبقة آثار من مخلوقات مختلفة، وقال أبو صالح: هي في كونها سبعا لا غير فهي سبع أرضين منبسطة ليس بعضها فوق بعض يفرق بينها البحار، ويظل جميعها السماء، وروي ذلك عن ابن عباس فالنسبة بين أرض وأرض على هذا نحو نسبة أمريقيا إلى آسيا أو أوروبا أو أفريقيا لكن قيل: إن تلك البحار الفارقة لا يمكن قطعها.
وقيل: من الأقاليم السبعة وهي مختلفة الحرارة والبرودة والليل والنهار إلى أمور أخر، واختاره بعضهم ولا أظنه شيئا لأن المتبادر اعتبار انفصال أرض عن أرض انفصالا حقيقيا في المثلية، وقيل: المثلية في الخلق لا في العدد ولا في غيره فهي أرض واحدة مخلوقة كالسماوات السبع، وأيد بأن الأرض لم تذكر في القرآن إلا موحدة،
ورد بأنه قد صح من رواية البخاري وغيره «اللهم رب السماوات السبع وما أظللن ورب الأرضين السبع وما أقللن» الحديث
، وكذا
صح «من غصب قيد شبر من أرض طوقه من سبع أرضين»
وأصح الأقوال- كما قال القرطبي- قول الجمهور السابق، وعليه اختلف في مشاهدة أهل ما عدا هذه الأرض السماء واستمدادهم الضوء منها فقيل: إنهم يشاهدون السماء من كل جانب من أرضهم ويستمدون الضياء منها.
وقيل: إنهم لا يشاهدون السماء وأن الله عز وجل خلق لهم ضياء يشاهدونه، وروى الإمامية عن بعض الأئمة نحوا مما قاله الجمهور،
أخرج العياشي بإسناده عن الحسين بن خالد عن أبي الحسن الرضا رضي الله تعالى عنه قال: بسط كفه اليسرى ثم وضع اليمنى عليها فقال: «هذه الأرض الدنيا والسماء الدنيا عليها قبة، والأرض الثانية فوق السماء الدنيا والسماء الثانية فوقها قبة، والأرض الثالثة فوق السماء الثانية والسماء الثالثة فوقها قبة حتى ذكر الرابعة والخامسة والسادسة فقال: والأرض السابعة فوق السماء السادسة والسماء السابعة فوقها قبة وعرش الرحمن فوق السماء السابعة، وهو قوله تعالى: سَبْعَ سَماواتٍ وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَ
إلخ.
وأنا أقول بنحو ما قاله الجمهور راجيا العصمة ممن على محور إرادته تدور أفلاك الأمور: هي سبع أرضين بين كل أرض وأرض منها مسافة عظيمة، وفي كل أرض خلق لا يعلم حقيقتهم إلا الله عز وجل ولهم ضياء يستضيئون به، ويجوز أن يكون عندهم ليل ونهار ولا يتعين أن يكون ضياؤهم من هذه الشمس ولا من هذا القمر، وقد غلب على ظن أكثر أهل الحكمة الجديدة أن القمر عالم كعالم أرضنا هذه وفيه جبال وبحار يزعمون أنهم يحسون بها بواسطة أرصادهم وهم مهتمون بالسعي في تحقيق الأمر فيه فليكن ما نقول به من الأرضين على هذا النحو، وقد قالوا أيضا:
إن هذه الشمس في عالم هي مركز دائرة وبلقيس مملكته بمعنى أن جميع ما فيه من كواكبهم السيارة تدور عليها فيه على وجه مخصوص ونمط مضبوط، وقد تقرب إليها فيه وتبعد عنها إلى غاية لا يعلمها إلا الله تعالى كواكب ذوات الأذناب، وهي عندهم كثيرة جدا تتحرك على شكل بيضي وأن الشمس بعالمها من توابع كوكب آخر تدور عليه دوران توابعها من السيارات عليها هو فيما نسمع أحد كواكب النجم، ولهم ظن في أن ذلك أيضا من توابع كوكب آخر وهكذا، وملك الله تعالى العظيم عظيم لا تكاد تحيط به منطقة الفكر ويضيق عنه نطاق الحصر، وسماء كل عالم كالقمر عندهم ما انتهى إليه هواؤه حتى صار ذلك الجرم في نحو خلاء فيه لا يعارضه ولا يضعف حركته شيء والجسم متى تحرك في خلاء لا يسكن لعدم المعارض فليكن كل أرض من هذه الأرضين محمولة بيد القدرة بين كل سماءين على نحو ما سمعت عن الرضا على آبائه وعليه السلام، وهناك ما يستضيء به أهلها سابحا في فلك بحر قدرة الله عز وجل ونسبة كل أرض إلى سمائها نسبة الحلقة إلى الفلاة وكذا نسبة السماء إلى السماء التي فوقها، ويمكن أن تكون الأرضون وكذا السماوات أكثر من سبع والاقتصار على العدد المذكور الذي هو عدد تام لا يستدعي نفي الزائد

صفحة رقم 339

فقد صرحوا بأن العدد لا مفهوم له والسماء الدنيا منتهى دائرة يتحرك فيها أعلى كوكب من السيارات وبينها وبين هذه الأرض بعد بعيد.
وقوله صلّى الله تعالى عليه وسلم: «خمسمائة عام» من باب التقريب للأفهام، ويقرب الأمر إذا اعتبر ذلك بالنسبة إلى الراكب المجد كما وقع في كثير من أخبار فيها تقدير مسافة، وقوله عليه الصلاة والسلام في السماء الدنيا: «موج مكفوف» يمكن أن يكون من التشبيه البليغ في اللطافة ونحوها أو هو على حقيقته والتنوين فيه للنوعية حتى يقوم الدليل العقلي الصحيح على امتناعها، وتزيين هذه السماء بالكواكب لظهورها فيها على ما يشاهد فلا يضر في ذلك كونها كلا أو بعضا فوقها أو تحتها، ولم يقم دليل على أن شيئا من الكواكب مغروز في شيء من السماوات كالفص في الخاتم والمسمار في اللوح، بل في بعض الأخبار ما يدل على خلافة، نعم أكثر الأخبار في أمر السماوات والأرض والكواكب لا يعول عليها كما أشار إليه النسفي في بحر الكلام، وكذا ما قاله قدماء أهل الهيئة ومحدثوهم، وفي كل مما ذهب الفريقان إليه ما يوافق أصولنا وما يخالفه وما شريعتنا ساكتة عنه لم تتعرض له بنفي أو إثبات، وحيث كان من أصولنا أنه متى عارض الدليل العقلي الدليل السمعي وجب تأويل الدليل السمعي للدليل العقلي لأنه أصله ولو أبطل به لزم بطلانه نفسه فالأمر سهل لأن باب التأويل أوسع من فلك الثوابت ولا أرى بأسا في ارتكاب تأويل بعض الظواهر المستبعدة بما لا يستبعد وإن لم يصل الاستبعاد إلى حد الامتناع إذ تضمن ذلك مصلحة دينية ولم يستلزم مصادمة معلوم من الدين بالضرورة، وقد يلتزم الإبقاء على الظاهر وتفويض الأمر إلى قدرة الله تعالى التي لا يتعاصاها شيء رعاية لأذهان العوام المقيدين بالظواهر الذين يعدون الخروج عنها لا سيما إلى ما يوافق الحكمة الجديدة ضلالا محضا وكفرا صرفا ورحم الله تعالى امرأ جب الغيبة عن نفسه.
وقد أخرج عبد بن حميد وابن الضريس وابن جرير من طريق مجاهد عن ابن عباس في هذه الآية قال: لو حدثتكم بتفسيرها لكفرتم بتكذيبكم بها. وبالجملة من صدق بسعة ملك الله تعالى وعظيم قدرته عز وجل لا ينبغي أن يتوقف في وجود سبع أرضين على الوجه الذي قدمناه، ويحمل السبع على الأقاليم أو على الطبقات المعدنية والطينية ونحوهما مما تقدم، وليس في ذلك ما يصادم ضروريا من الدين أو يخالف قطعيا من أدلة المسلمين، ولعل القول بذلك التعدد هو المتبادر من الآية، وتقتضيه الأخبار، ومع هذا هو ليس من ضروريات الدين فلا يكفر منكره أو المتردد فيه لكن لا أرى ذلك إلا عن جهل بما هو الأليق بالقدرة والأخرى بالعظمة، والله تعالى الموفق للصواب.
يَتَنَزَّلُ الْأَمْرُ بَيْنَهُنَّ أي يجري أمر الله تعالى وقضاؤه وقدره عز وجل بينهن وينفذ ملكه فيهن وأخرج ابن المنذر وغيره عن قتادة قال: في كل سماء وفي كل أرض خلق من خلقه تعالى وأمر من أمره وقضاء من قضائه عز وجل، وقيل: يَتَنَزَّلُ الْأَمْرُ بَيْنَهُنَّ بحياة وموت وغنى وفقر، وقيل: هو ما يدبره سبحانه فيهن من عجيب تدبيره جل شأنه، وقال مقاتل وغيره: الْأَمْرُ هنا الوحي، وبَيْنَهُنَّ إشارة إلى بين هذه الأرض التي هي أدناها وبين السماء السابعة، والأكثرون على أنه القضاء والقدر كما سبق، وأن بَيْنَهُنَّ إشارة إلى بين الأرض السفلى التي هي أقصاها وبين السماء السابعة التي هي أعلاها وقرأ عيسى وأبو عمرو في رواية «ينزّل» مضارع نزل مشددا «الأمر» بالنصب أي ينزل الله الأمر لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ متعلق- بخلق- أو- بيتنزل- أو بمضمر يعمهما أي فعل ذلك لتعلموا أن من قدر على ما ذكر قادر على كل شيء، وقيل: التقدير أخبرتكم أو أعلمتكم بذلك لتعلموا، وقرىء- ليعلموا- بياء الغيبة.
وَأَنَّ اللَّهَ قَدْ أَحاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْماً لاستحالة صدور هذه الأفاعيل ممن ليس كذلك.

صفحة رقم 340
روح المعاني
عرض الكتاب
المؤلف
أبو المعالي محمود شكري بن عبد الله بن محمد بن أبي الثناء الألوسي
تحقيق
علي عبد البارى عطية
الناشر
دار الكتب العلمية - بيروت
سنة النشر
1415
الطبعة
الأولى
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية
بضرب بالسيوف رؤوس قوم أزلنا هامهن عن المقيل