عداوة دينية وقيل لما رفع عيسى عليه السلام تفرق القوم ثلاث فرق فرقة قالوا كان الله فارتفع وفرقة قالوا كان ابن الله فرفعه الله اليه وفرقة قالوا كان عبد الله ورسوله فرفعه الله وهم المؤمنون واتبع كل فرقة منهم طائفة من الناس فاقتتلوا وظهرت الفرقتان الكافرتان على الفرقة المؤمنة حتى بعث الله محمدا صلّى الله عليه وسلّم فظهرت الفرقة المؤمنة على الكافرة فذلك قوله تعالى فايدنا الذين آمنوا على عدوهم فَأَصْبَحُوا صاروا ظاهِرِينَ غالبين عالين يقال ظهرت على الحائط علوته وقال قتادة فأصبحوا ظاهرين بالحجة والبرهان كما سبق لأنهم قالوا فيما روى ألستم تعلمون ان عيسى عليه السلام كان ينام والله تعالى لا ينام وانه يأكل ويشرب والله منزه عن ذلك وفي الآية اشارة الى غلبة القوى الروحانية على القوى النفسانية لان القوى الروحانية مؤمنون متنورون بنور الله متقون عما سوى الله تعالى والقوى النفسانية كافرون مظلمون بظلمة الأكوان متلوثون بالعلاقات المختلفة ولا شك ان الله مع الذين اتقوا والذين هم محسنون فبنور الإسلام والايمان والتقوى والهدى يزيل ظلمة الشرك والكفر والتعلق والهوى مع ان اهل الايمان وان كانوا اقل من اهل الكفر في الظاهر لكنهم اكثر منهم في الباطن فهم السواد الأعظم والمظاهر الجمالية واعلم ان الجهاد دائم باق ماض الى يوم القيامة أنفسا وآفاقا لان الدنيا مشتملة على اهل الجمال والجلال وكذا الوجود الإنساني ما دام في هذا الموطن فاذا صار الى الموطن الآخر فاما اهل جمال فقط وهو في الجنة واما اهل جلال فقط وهو في النار والله يحفظنا وإياكم تمت سورة الصف بعون الله تعالى في اواسط ذى الحجة من شهور سنة خمس عشرة ومائة والف
تفسير سورة الجمعة
احدى عشرة آية مدنية بسم الله الرحمن الرحيم
يُسَبِّحُ لِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ جميعا من حى وجامد تسبيحات مستمرة فما في السموات هى البدائع العلوية وما في الأرض هى الكوائن السفلية فللكل نسبة الى الله تعالى بالحياة والتسبيح الْمَلِكِ پادشاهى كه ملك او دائمست وبي زوال الْقُدُّوسِ پاك از سمت عيب وصفت اختلال الْعَزِيزِ الغالب على كل ما أراد الْحَكِيمِ صاحب الحكمة البديعة البالغة وقد سبق معانى هذه الأسماء في سورة الحشر والجمهور على جر الملك وما بعده على انها صفات لاسم الله عز وجل يقول الفقير بدأ الله تعالى هذه السورة بالتسبيح لما فيها من ذكر البعثة إذا خلاء العالم من المرشد معاف للحكمة ويجب تنزيه الله عنه ولما اشتملت عليه من بيان ادعاء اليهود كونهم أبناء الله وأحباءه ولما ختمت به من ذكر ترك الذكر واستماع الخطبة المشتملة على الدعاء والحمد والتسبيح ونحو ذلك وفي التأويلات النجمية يعنى ينزه ذاته المقدسة
صفحة رقم 512
صلى الله عليه وسلّم رسول نفسه وبلاغه حجة لاهل زمانه ومن بلغ لقوله تعالى ومن يكفر به من الأحزاب فالنار موعده وَهُوَ الْعَزِيزُ المبالغ في العزة والغلبة ولذلك مكن رجلا اميا من ذلك الأمر العظيم الْحَكِيمُ المبالغ في الحكمة ورعاية المصلحة ولذلك اصطفاه من بين كافة البشر ذلِكَ الذي امتاز به من بين سائر الافراد وهو أن يكون نبى أبناء عصره ونبى أبناء العصور الغوابر فَضْلُ اللَّهِ وإحسانه يُؤْتِيهِ مَنْ يَشاءُ تفضلا وعطية لا تأثير للاسباب فيه فكان الكرم منه صر فالا تمازجه العلل ولا تكسبه الحيل وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ الذي يستحقر دونه نعم الدنيا ونعيم الآخرة وفي كشف الاسرار والله ذو الفضل العظيم على محمد وذو الفضل العظيم على الخلق بإرسال محمد إليهم وتوفيقهم لمبايعته انتهى يقول الفقير وايضا والله ذو الفضل العظيم على اهل الاستعداد من امة محمد بإرسال ورثة محمد في كل عصر إليهم وتوفيقهم للعمل بموجب إشاراتهم ولولا اهل الإرشاد والدلالة لبقى الناس كالعميان لا يدرون اين يذهبون وانما كان هذا الفضل عظيما لان غايته الوصول الى الله العظيم وقال بعض الكبار والله ذو الفضل العظيم إذ جميع الفضائل الاسمائية تحت الاسم الأعظم وهو جامع احدية جميع الأسماء وقيل لرسول الله صلّى الله عليه وسلّم ذهب اهل الدثور بالاجور فقال قولوا سبحان الله والحمد لله ولا له الا الله والله اكبر ولا حول ولا قوة الا بالله العلى العظيم فقالوها وقالها الأغنياء فقيل انهم شاركونا فقال ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء وفي بعض الروايات إذا قال الفقير سبحان الله والحمد لله ولا اله الا الله والله اكبر مخلصا وقال الغنى مثل ذلك لم يلحق الغنى بالفقير في فضله وتضاعف الثواب وان أنفق الغنى معها عشرة آلاف درهم وكذلك اعمال البر كلها (قال الشيخ سعدى قدس سره)
نقنطار زر بخش كردن ز كنج
نباشد چوقيراطى از دست رنج
مَثَلُ الَّذِينَ حُمِّلُوا التَّوْراةَ اى علموها وكلفوا العمل بها وهم اليهود ومثلهم صفتهم العجيبة ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوها اى لم يعملوا بما في تضاعيفها من الآيات التي من جملتها الآيات الناطقة بنبوة رسول الله عليه السلام واقتنعوا بمجرد قراءتها كَمَثَلِ الْحِمارِ الكاف فيه زائدة كما في الكواشي والحمار حيوان معروف يعبر به عن الجاهل كقولهم هو اكفر من الحمير اى أجهل لان الكفر من الجهالة فالتشبيه به الزيادة التحقير والاهانة والنهاية التهكم والتوبيخ بالبلادة إذا الحمار يذكر بها والبقر وان كان مشهورا بالبلادة الا انه لا يلائم الحمل
تعلم يا فتى فالجهل عار
ولا يرضى به إلا حمار
يَحْمِلُ أَسْفاراً اى كتبا من العلم يتعب بحملها ولا ينتفع بها ويحمل اما حال والعامل فيها معنى المثل او صفة للحمار إذ ليس المراد معينا فان المعرف بلام العهد الذهني في حكم النكرة كما فى قول من قال ولقد امر على اللئيم يسبنى والاسفار جمع سفر بكسر السين وهو الكتاب كشبر وأشبار قال الراغب السفر الكتاب الذي يسفر عن الحقائق اى يكشف وخص لفظ الاسفار في الآية تنبيها على ان التوراة وان كانت تكشف عن معانيها إذا قرئت وتحقق ما فيها فالجاهل لا يكاد يستبينها كالحمار الحامل لها وفي القاموس السفر الكتاب الكبير او جزء
صفحة رقم 516
من اجزاء التوراة وفي هذا تنبيه من الله على انه ينبغى لمن حمل الكتاب أن يتعلم معانيه ويعلم ما فيه ويعمل به لئلا يلحقه من الذم ما لحق هؤلاء (قال الشيخ سعدى) مراد از نزول قرآن تحصيل سيرت خوبست نه ترتيل سوره مكتوب
علم چندانكه بيشتر خوانى
چون عمل در تو نيست نادانى
نه محقق بود نه دانشمند
چار پايى برو كتابى چند
آن تهى مغز را چهـ علم وخبر
كه برو هيزمست با دفتر
(وقال الكاشفى)
كفت ايزد يحمل أسفاره
بار باشد علم كان نبود زهو
علمهاى اهل دل حمالشان
علمهاى اهل تن احمالشان
علم چون بر دل زند يارى بود
علم چون كل زند بارى بود
چون بدل خوانى ز حق كيرى سبق
چون بكل خوانى سيه سازى ورق
وفي التأويلات النجمية يعنى مثل يهود النفس في حمل توراة العلم والمعرفة بصحة رسالة القلب وعدم اتباع رسومه وأحكامه كمثل حمار البدن في حمله أثقال الامتعة النفسية والا قمشة الشريفة والملابس الفاخرة والطيالس الناعمة فكما ان حمار البدن لا يعرفها ولا يعرف شرفها ولا كرامتها كذلك يهود النفس لا تعرف رفعة رسول القلب ولا رتبته ونعم ما يحكى عن بعض الظرفاء انه حضر دعوة لطعام فلم يلتفتوا اليه وأجلسوه في مكان نازل ثم انه خرج واستعار ألبسة نفيسة وعاد الى المجلس فلما رأوه على زى الأكابر عظموه وأجلسوه فوق الكل فلما حضر الطعام قال ذلك الظريف خطابا لكمه كل والكم لا يدرى ما الطعام وما اللذة لكن نظر اهل الصورة مقصور على الظاهر لا يرون الفضل الا بالزخارف والزين فما أبعد هؤلاء عن ادراك المعاني والحقائق بِئْسَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِ اللَّهِ اى بئس مثلا مثل القوم الذين كذبوا بآيات الله على أن التمييز محذوف والفاعل المفسر له مستتر والمذكور هو المخصوص بالذم وهم اليهود الذين كفروا بما في التوراة من الآيات الشاهدة بصحة نبوة محمد عليه السلام وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ الواضعين للتكذيب في موضع التصديق او الظالمين لأنفسهم بتعريضها للعذاب الخالد باختيار الضلالة على الهداية والشقاوة على السعادة والعداوة على العناية كاليهود ونظائرهم وفيه تقبيح لهم بتشبيه حالهم بحال الحمار والمشبه بالقبيح قبيح وقد قال تعالى ان أنكر الأصوات لصوت الحمير فصوت الجاهل والمدعى منكر كصوت الحمار وأضل وانزل فهو ضار محض وفي الحمار نفع لانه يحمل الأثقال ويركبه النساء والرجال وقد قال في حياة الحيوان ان اتخذ خاتم من حافر الحمار الأهلي ولبسه المصروع لم يصرع ثم ان في الحمار شهوة زائدة على شهوات سائر الحيوانات وهى من الصفات الطبيعية البهيمية فمن أبدلها بالعفة نجا وسلّم من التشبيه المذكور وكم ترى من العلماء الغير العاملين ان أعينهم تدور على نظر الحرام ومع ما لهم من النكاح يتجاوزون الى الزنى لعدم إصلاح قوتهم الشهوية بالشريعة فان الشريعة أقوالهم
صفحة رقم 517