آيات من القرآن الكريم

ذَٰلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ ۚ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ
ﭑﭒﭓﭔﭕﭖﭗﭘﭙﭚﭛﭜ ﭞﭟﭠﭡﭢﭣﭤﭥﭦﭧﭨﭩﭪﭫﭬﭭﭮﭯﭰﭱﭲ ﭴﭵﭶﭷﭸﭹﭺﭻﭼ ﭾﭿﮀﮁﮂﮃﮄﮅﮆﮇﮈ

اليهود في المدينة وقد نكّل النبي ﷺ بهم في السنة الهجرية الخامسة بعد وقعة الخندق. وقد أشير إلى ذلك في سورة الأحزاب. فعلى أقل تقدير تكون سورة الجمعة قد نزلت قبل ذلك وبالتبعية قبل سورة الأحزاب. وهذا ما يبرر تقديم تفسيرها على هذه السورة. والله تعالى أعلم.

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

[سورة الجمعة (٦٢) : الآيات ١ الى ٤]

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

يُسَبِّحُ لِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ الْمَلِكِ الْقُدُّوسِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ (١) هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولاً مِنْهُمْ يَتْلُوا عَلَيْهِمْ آياتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ (٢) وَآخَرِينَ مِنْهُمْ لَمَّا يَلْحَقُوا بِهِمْ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (٣) ذلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ (٤)
. (١) الأمّيين: الذين لا كتاب عندهم من الله. وهي هنا تعني العرب.
(٢) ولما يلحقوا بهم: الضمير في (بهم) عائد إلى الأميين موضوع الكلام في الآية الأولى كما تلهمه روح الآية وسياقها. وبخاصة كلمة (منهم) قبل الجملة.
الآية الأولى مطلع تمهيدي لما بعدها. احتوت تقرير خضوع كل من في السموات والأرض لله وتقديسهم له. وهو العظيم القدسية. العزيز الحكيم.
والآيات الثلاث احتوت تقريرا لما كان من عناية الله تعالى بالعرب وفضله عليهم وهو صاحب الفضل الذي يؤتي فضله من يشاء بعد أن كانوا في ضلال مبين وذلك:
١- بإرساله فيهم رسولا منهم يتلو عليهم آياته ويطهّر نفوسهم ويعلمهم كتاب الله وكل ما فيه من حكمة وسداد.
٢- وبعدم اقتصار ذلك على الحاضرين منهم وشموله لأناس أو أجيال منهم لم يلحقوا بهم بعد.

صفحة رقم 329

تعليق على الآيات الأربع الأولى من السورة وما فيه من التنويه بفضل الله على العرب في تكريمهم بإرسال نبيه منهم
ولم نطلع على رواية في مناسبة نزول الآيات. والمتبادر أنها متصلة بالآيات التالية وتمهيد لها.
وقد انطوت في حدّ ذاتها على معاني التنويه والمنّ الرباني بما كان من فضل الله على العرب وتكريمهم وتشريفهم بنبيه العربي وكتابه العربي. وفي هذا تلقين قوي بما يجب عليهم من إخلاص واستمساك شديدين بدين الله وكتابه وسنّة رسوله التي هي الحكمة التي علّمهم إياها النبي. ثم بما يجب عليهم من الدفاع عن هذا التراث المجيد وحفظه نقيّا صافيا طاهرا شكرا لله على ما كرّمهم به من عروبة نبيه وكتابه التي كان لهم فيها رفعة الذكر وعلوّ القدر وخلود الاسم وقوة السلطان الروحي بين أمم الأرض عامة والأمم الإسلامية خاصة.
وهذه المعاني كلّها مما انطوى في آيات عديدة مكية ومدنية في سور سابقة «١» وعلّقنا عليها بما يقتضي، حيث يبدو أن حكمة التنزيل اقتضت تكرار ذلك وتذكير العرب به في المناسبات المختلفة والمتجددة.
ولقد ورد في فصل التفسير من صحيحي البخاري ومسلم عن أبي هريرة قال: «كنّا عند النبي ﷺ حين أنزلت عليه سورة الجمعة فتلاها فلما بلغ:
وَآخَرِينَ مِنْهُمْ لَمَّا يَلْحَقُوا بِهِمْ قال له رجل: يا رسول الله من هؤلاء الذين لم يلحقوا بنا؟ فلم يكلمه رسول الله وسلمان الفارسي فينا فوضع يده عليه وقال:
والذي نفسي بيده لو كان الإيمان بالثريا لتناوله رجال من هؤلاء»
«٢». وقد أورد الطبري وغيره بالإضافة إلى هذا الحديث الذي أوردوه أقوالا معزوة إلى مجاهد

(١) انظر تفسير آيات سورة الأنبياء [١٠] والزخرف [٤٣- ٤٤] والحج [٧٨] والبقرة [١٤٣].
(٢) التاج، ج ٤ ص ٢٣٤.

صفحة رقم 330
التفسير الحديث
عرض الكتاب
المؤلف
محمد عزة بن عبد الهادي دروزة
الناشر
دار إحياء الكتب العربية - القاهرة
سنة النشر
1383
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية