
﴿فَالِقُ الإصباح﴾ خبرٌ آخَرُ لأنَّ أو لمبتدإٍ محذوفٍ والإصباحُ مصدرٌ سمِّي به الصبحُ وقُرِىءَ بفتح الهمزة على أنه جمعُ صُبْح أي فالقُ عمودِ الفجر عن بياضِ النهار وإسفارِه أو فالق ظلمةِ الإصباحِ وهي الغَبَشُ الذي يلي الصبحَ وقرىء فالقَ بالنصب على المد ﴿وجعل الليل سَكَناً﴾ يسكُن إليه التعِبُ بالنهار لاستراحته فيه من سَكَن إليه إذا اطمأن إليه استئناساً به أو يسكن فيه الخلقُ من قوله تعالى لِتَسْكُنُواْ فِيهِ وقرىء جاعلُ الليل فانتصابُ سكناً بفعل دل عليه جاعل وقيل بنفسه على أن المرادَ به الجعلُ المستمرُّ في الأزمنة المتجددة حسَب تجدّدِها لا الجعلُ الماضي فقط وقيل اسمُ الفاعل من الفعل المتعدِّي إلى اثنينِ يعملُ في الثاني وإن كان بمعنى الماضي لأنه لما أُضيف إلى الأول تعيّن نصبُه للثاني لتعذّر الإضافة بعد ذلك
صفحة رقم 164
الأنعام آية ٩٧ ٩٨
﴿والشمس والقمر﴾ معطوفان على الليل وعلى القراءة الأخيرة قيل هما معطوفان على محله والأحسنُ نصبُهما حينئذ بفعل مقدرٍ وقد قُرئا بالجرِّ وبالرفعِ أيضاً على الابتداء والخبرُ محذوفٌ أي مجعولان ﴿حُسْبَاناً﴾ أي على أدوار مختلفة يُحسبُ بها الأوقاتُ التي نيط بها العباداتُ والمعاملاتُ أو محسوبان حُسباناً والحُسبانُ بالضم مصدرُ حسَب كما أن الحسابَ بالكسر مصدر حسَب ﴿ذلك﴾ إشارة إلى جعلهما كذلك وما فيه من معنى البُعْدِ للإيذان بعلوِّ رُتبةِ المُشار إليهِ وبُعْدِ منزلتِه أي ذلك التيسير البديع ﴿تقدير﴾ البديع تَقْدِيرُ ﴿العزيز﴾ الغالب القاهرِ الذي لا يستعصي عليه شيءٌ من الأشياء التي من جملتها تسييرُهما على الوجه المخصوص ﴿العليم﴾ بجميعِ المعلوماتِ التي مِنْ جملتها ما في ذلك التسييرِ من المنافعِ والمصالحِ المتعلقةِ بمعاش الخلق ومَعادِهم