آيات من القرآن الكريم

ذَٰلِكَ هُدَى اللَّهِ يَهْدِي بِهِ مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ ۚ وَلَوْ أَشْرَكُوا لَحَبِطَ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ
ﮦﮧﮨﮩﮪﮫﮬﮭﮮﮯﮰﮱﯓﯔﯕﯖﯗ

ويحتمل: اجتباهم بما ذكر من رفع الدرجات والفضائل، ويكون صلة قوله: (نَرْفَعُ دَرَجَاتٍ مَنْ نَشَاءُ)، وذلك -أيضًا- يعم الرسل والمؤمنين، واللَّه أعلم بذلك.
وفي قوله: (وَمِنْ آبَائِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ...) الآية: دلالة أن من آبائهم وذرياتهم من لم يجتبهم بقوله: (وَمِنْ)؛ إذ " من " هو حرف للتبعيض.
* * *
قوله تعالى: (ذَلِكَ هُدَى اللَّهِ يَهْدِي بِهِ مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَلَوْ أَشْرَكُوا لَحَبِطَ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (٨٨) أُولَئِكَ الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ فَإِنْ يَكْفُرْ بِهَا هَؤُلَاءِ فَقَدْ وَكَّلْنَا بِهَا قَوْمًا لَيْسُوا بِهَا بِكَافِرِينَ (٨٩) أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ قُلْ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرَى لِلْعَالَمِينَ (٩٠)
قوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (ذَلِكَ هُدَى اللَّهِ يَهْدِي بِهِ مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ) أي: ذلك الهدي الذي هدى هَؤُلَاءِ فبهداه اهتدوا.
وفي الآية دلالة نقض قول المعتزلة؛ لأنهم يقولون: إن اللَّه قد شاء أن يهدي الخلائق كلهم لكن لم يهتدوا، وعلى قولهم لم يكن من اللَّه إلى الرسل والأنبياء من الهداية والفضل إلا كان ذلك إلى جميع الكفرة، فالآية تكون مسلوبة الفائدة على قولهم؛ لأنه ذكر أنه يهدي من يشاء وهم يقولون: شاء أن يهدي الكل لكن لم يهتدوا، فإن كان كما ذكروا لم يكن لقوله: (مَنْ يَشَاءُ) فائدة؛ دل أنه من الخلائق من قد شاء ألا يهديهم إذا علم منهم أنهم لا يهتدون ولا يختارون الهدى، وباللَّه التوفيق.

صفحة رقم 155
تأويلات أهل السنة
عرض الكتاب
المؤلف
محمد بن محمد بن محمود، أبو منصور الماتريدي
تحقيق
مجدي محمد باسلوم
الناشر
دار الكتب العلمية - بيروت، لبنان
سنة النشر
1426
الطبعة
الأولى
عدد الأجزاء
10
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية