آيات من القرآن الكريم

وَأَنْ أَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَاتَّقُوهُ ۚ وَهُوَ الَّذِي إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ
ﯚﯛﯜﯝﯞﯟﯠﯡﯢ

التي لا تضر ولا تنفع، فلا نترك الحق ونتبع الباطل ="وأمرنا لنسلم لرب العالمين"، يقول: وأمرَنا ربنا وربّ كل شيء تعالى وجهه، (١) لنسلم له، لنخضع له بالذلة والطاعة والعبودية، فنخلص ذلك له دون ما سواه من الأنداد والآلهة.
* * *
وقد بينا معنى"الإسلام" بشواهده فيما مضى من كتابنا، بما أغنى عن إعادته. (٢)
* * *
وقيل:"وأمرنا لنسلم"، بمعنى: وأمرنا كي نسلم، وأن نسلم لرب العالمين = لأن العرب تضع"كي" و"اللام" التي بمعنى"كي"، مكان"أن" و"أن" مكانها.
* * *
القول في تأويل قوله: ﴿وَأَنْ أَقِيمُوا الصَّلاةَ وَاتَّقُوهُ وَهُوَ الَّذِي إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ (٧٢) ﴾
قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: وأمرنا أنْ أقيموا الصلاة.
* * *
وإنما قيل:"وأن أقيموا الصلاة"، فعطف ب"أن" على"اللام" من"لنسلم"، لأن قوله:"لنسلم" معناه: أن نسلم، فردّ قوله:"وأن أقيموا" على معنى:"لنسلم"، إذ كانت"اللام" التي في قوله:"لنسلم"، لامًا لا تصحب إلا المستقبل من الأفعال، وكانت"أن" من الحروف التي تدل على الاستقبال دلالة"اللام" التي في"لنسلم"، فعطف بها عليها، لاتفاق معنيهما فيما ذكرت.

(١) انظر تفسير"العالمين" فيما سلف من فهارس اللغة (علم).
(٢) انظر تفسير"الإسلام" فيما سلف من فهارس اللغة (سلم).

صفحة رقم 456

ف"أن" في موضع نصب بالردّ على اللام. (١)
* * *
وكان بعض نحويِّي البصرة يقول: إما أن يكون ذلك،"أمرنا لنسلم لرب العالمين وأن أقيموا الصلاة"، يقول: أمرنا كي نسلم، كما قال: وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ (٢) [سورة يونس: ١٠٤]، أي: إنما أمرت بذلك. (٣) ثم قال:"وأن أقيموا الصلاة واتقوه"، أي: أمرنا أن أقيموا الصلاة = أو يكون أوصل الفعل باللام، والمعنى: أمرت أن أكون، كما أوصل الفعل باللام في قوله: هُمْ لِرَبِّهِمْ يَرْهَبُونَ، [سورة الأعراف: ١٥٤].
* * *
فتأويل الكلام: وأمرنا بإقامة الصلاة، وذلك أداؤها بحدودها التي فرضت علينا (٤) ="واتقوه"، يقول: واتقوا رب العالمين الذي أمرنا أن نسلم له، فخافوه واحذروا سَخطه، بأداء الصلاة المفروضة عليكم، والإذعان له بالطاعة، وإخلاص العبادة له ="وهو الذي إليه تحشرون"، يقول: وربكم رب العالمين، هو الذي إليه تحشرون فتجمعون يوم القيامة، (٥) فيجازي كلَّ عامل منكم بعمله، وتوفي كل نفس ما كسبت.
* * *

(١) انظر معاني القرآن للفراء ١: ٣٣٩.
(٢) في المطبوعة والمخطوطة: "وأمرت لأن أكون من المؤمنين"، وهذه ليست آية في كتاب الله، بل الآية هي التي ذكرت، وهي حق الاستدلال في هذا الموضع.
(٣) في المطبوعة والمخطوطة: "إنما أمرت لذلك"، وهو خطأ، والصواب ما أثبت.
(٤) انظر تفسير"إقامة الصلاة" فيما سلف من فهارس اللغة (قوم) (صلا).
(٥) انظر تفسير"الحشر" فيما سلف ص: ٣٧٣ تعليق: ٢، والمراجع هناك.

صفحة رقم 457
جامع البيان في تأويل آي القرآن
عرض الكتاب
المؤلف
أبو جعفر محمد بن جرير بن يزيد الطبري
تحقيق
أحمد شاكر
الناشر
مؤسسة الرسالة
الطبعة
الأولى، 1420 ه - 2000 م
عدد الأجزاء
24
التصنيف
كتب التفسير
اللغة
العربية