آيات من القرآن الكريم

وَمَا عَلَى الَّذِينَ يَتَّقُونَ مِنْ حِسَابِهِمْ مِنْ شَيْءٍ وَلَٰكِنْ ذِكْرَىٰ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ
ﯷﯸﯹﯺﯻﯼﯽﯾﯿﰀﰁﰂﰃﰄﰅﰆﰇﰈﰉﰊﰋﰌﰍﰎ ﭑﭒﭓﭔﭕﭖﭗﭘﭙﭚﭛﭜ ﭞﭟﭠﭡﭢﭣﭤﭥﭦﭧﭨﭩﭪﭫﭬﭭﭮﭯﭰﭱﭲﭳﭴﭵﭶﭷﭸﭹﭺﭻﭼﭽﭾﭿﮀﮁﮂﮃﮄﮅﮆﮇﮈﮉﮊﮋﮌﮍ

والعذاب في الآية ورد منكّرا فيشمل المجاعة والقحط، والصيحة والرجفة، والريح الصرصر والزلازل والحجارة من سجيل والبراكين، ويشمل ما تلقيه الطائرات وما تقذفه المدافع وما في السفن والغواصات من الطروبيد والألغام التي تنفجر فتبيد الناس وما القنابل الذرية عنكم ببعيد.
روى عن ابن عباس من طريق أبى بكر بن مردويه عن النبي صلّى الله عليه وسلّم قال: «دعوت الله أن يرفع عن أمتى أربعا، فرفع عنهم اثنتين، وأبى أن يرفع اثنتين: دعوت الله أن يرفع عنهم الرجم من السماء، والخسف من الأرض، وألا يلبسهم شيعا وألا يذيق بعضهم بأس بعض، فرفع عنهم الخسف والرجم، وأبى أن يرفع عنهم الأخريين».
وقد تأكد كلام الرسول صلّى الله عليه وسلّم فها هي ذي الأمة المحمدية قد وقاها الله من الخسف والرجم كرمها لأجل نبيها فلم يعذبها بعذاب الاستئصال.
أما الخلافات الحزبية والفرق والشيع، وقتال بعضنا لبعض فظاهر للعيان، ولا يزال الشر يأتينا من هذا الباب وأن بعضنا سبب الويل بنفاقه مع المستعمر واتحاده معه واستخدام الأجنبى له، وما الحوادث التي تترى علينا ونشاهدها ببعيدة!؟
وفي الحديث حديث ثوبان «وإنى أعطيتك لأمتك ألا أهلكهم بسنة عامة، وألا أسلط عليهم عدوّا من سوى أنفسهم، فيستبيح بيضتهم، ولو اجتمع عليهم من بأقطارها حتى يكون بعضهم يهلك بعضا ويسبى بعضهم بعضا».
أما زال ملك المسلمين بسبب نزاعهم وخلافهم واتصال بعضهم بالأجنبى العدو اللدود؟! تنبهوا يا قوم وارجعوا إلى دينكم وقرآنكم فالخير لا يمكن أن يكون إلا فيه وتذكروا إنما يتذكر أولوا الألباب.
المستهزئون بالقرآن وجزاؤهم [سورة الأنعام (٦) : الآيات ٦٨ الى ٧٠]
وَإِذا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آياتِنا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ وَإِمَّا يُنْسِيَنَّكَ الشَّيْطانُ فَلا تَقْعُدْ بَعْدَ الذِّكْرى مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ (٦٨) وَما عَلَى الَّذِينَ يَتَّقُونَ مِنْ حِسابِهِمْ مِنْ شَيْءٍ وَلكِنْ ذِكْرى لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ (٦٩) وَذَرِ الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَهُمْ لَعِباً وَلَهْواً وَغَرَّتْهُمُ الْحَياةُ الدُّنْيا وَذَكِّرْ بِهِ أَنْ تُبْسَلَ نَفْسٌ بِما كَسَبَتْ لَيْسَ لَها مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلِيٌّ وَلا شَفِيعٌ وَإِنْ تَعْدِلْ كُلَّ عَدْلٍ لا يُؤْخَذْ مِنْها أُولئِكَ الَّذِينَ أُبْسِلُوا بِما كَسَبُوا لَهُمْ شَرابٌ مِنْ حَمِيمٍ وَعَذابٌ أَلِيمٌ بِما كانُوا يَكْفُرُونَ (٧٠)

صفحة رقم 625

المفردات:
يَخُوضُونَ أصل الخوض: الدخول في الماء، ثم استعمل في غمرات الأشياء، أى: اتجاهها تشبيها لها بغمرات الماء، والمراد: الاندفاع في الحديث والاسترسال فيه والدخول في الباطل مع أهله. فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ: انصرف عنهم. الذِّكْرى:
التذكر. وَلكِنْ ذِكْرى المراد: تذكيرا. تُبْسَلَ نَفْسٌ البسل: حبس الشيء ومنعه بالقوة، ومنه أسد باسل، وشجاع باسل، أى: يحمى نفسه ويمنعها، المراد:
حبسهم في النار ومنعهم من الثواب.
روى عن سعيد بن جبير أن هذه الآية نزلت في المشركين المستهزئين بالقرآن والنبي صلّى الله عليه وسلّم.
المعنى:
وإذا رأيت يا محمد وكذا كل مسلم الذين يخوضون في آياتنا بالتكذيب والاستهزاء فأعرض عنهم، ولا تجالسهم حتى يخوضوا في غير حديث الكفر والاستهزاء ومثلهم من يخوضون في القرآن بتأويله تأويلا يوافق أهواءهم واتجاههم، لا تجالسهم وابتعد عنهم،

صفحة رقم 626

وقد روى هذا الرأى عن ابن عباس- رضى الله عنه- ولعل السر في ذلك أنك إذا أعرضت عنهم، وقمت من مجلسهم كان أدل على عدم مشاركتهم فيما يقولون وعلى عدم الرضا عما يفعلون! وهذه بلا شك أدعى للكف عن الخوض والاستهزاء غالبا وإذا خاضوا في غير ذلك الحديث فلا مانع من مجالستهم والتحدث إليهم.
قال القرطبي: «ودل بهذا على أن الرجل إذا علم من الآخر منكرا، وعرف أنه لا يقبل منه وعظا ولا نصيحة فعليه أن يعرض عنه إعراض منكر ولا يقبل عليه».
وإن أنساك الشيطان قبح مجالستهم والنهى عنها، ثم تذكرتها فلا تقعد بعدها مع هؤلاء القوم الذين ظلموا أنفسهم بالتكذيب والاستهزاء.
وهنا بحث بسيط:
هل يجوز على النبي صلّى الله عليه وسلّم النسيان؟ وإذا جاز فهل في كل شيء أم في شيء خاص؟
والجواب عن الأول يجوز النسيان عليه بغير وسوسة من الشيطان وَاذْكُرْ رَبَّكَ إِذا نَسِيتَ وقد ثبت وقوعه من آدم فَنَسِيَ وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْماً ومن موسى لا تُؤاخِذْنِي بِما نَسِيتُ وثبت في الصحيحين أن النبي صلّى الله عليه وسلّم سها في الصلاة وقال:
«إنما أنا بشر مثلكم أنسى كما تنسون فإذا نسيت فذكروني».
وإنساء الشيطان للإنسان بعض الشيء ليس من قبيل السلطان عليه والتصرف فيه إِنَّهُ لَيْسَ لَهُ سُلْطانٌ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَلى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ [سورة النحل آية ٩٩].
والجواب عن الثاني: أن الصحيح أن النبي صلّى الله عليه وسلّم لا ينسى فيما يبلغه عن ربه لا تُحَرِّكْ بِهِ لِسانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ إِنَّ عَلَيْنا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ
وقيل: يجوز أن ينسى والله ينبهه حتما، وما على الذين يتقون الله ويتركون غيرهم يخوضون في الباطل ويستهزئون بالقرآن من شيء أبدا، ولكن إذا تركوهم بعد الموعظة وأعرضوا عنهم فهم يذكرونهم بهذا لعلهم يتقون الله فلا يخوضون في غمرات الشرك مرة ثانية حياء ممن يجالسهم أو كراهة إساءتهم.
وقيل المعنى: ولكن عليهم أن يذكروهم فلعلهم يتقون الله.
يا أيها الرسول: دع الذين اتخذوا دينهم الذي كان يجب أن يتبعوه، ويهتدوا به اتخذوه لعبا ولهوا، فإنهم لما عملوا هذه الأعمال التي ختم الله بها على قلوبهم ودس بها

صفحة رقم 627
التفسير الواضح
عرض الكتاب
المؤلف
محمد محمود حجازي
الناشر
دار الجيل الجديد
سنة النشر
1413
الطبعة
العاشرة
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية