آيات من القرآن الكريم

قُلْ إِنِّي نُهِيتُ أَنْ أَعْبُدَ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ ۚ قُلْ لَا أَتَّبِعُ أَهْوَاءَكُمْ ۙ قَدْ ضَلَلْتُ إِذًا وَمَا أَنَا مِنَ الْمُهْتَدِينَ
ﭿﮀﮁﮂﮃﮄ ﮆﮇﮈﮉﮊﮋﮌﮍﮎﮏﮐﮑﮒﮓﮔﮕﮖﮗﮘﮙﮚﮛ

الَّذِي جَعَلَ مِنْ أُمَّتِي مَنْ أَمَرَنِي أَنْ أُصَبِّرَ نَفْسِي مَعَهُمْ" قَالَ: ثُمَّ جلس وسطنا ليدل نَفْسَهُ فِينَا ثُمَّ قَالَ بِيَدِهِ هَكَذَا فَتَحَلَّقُوا، وَبَرَزَتْ وُجُوهُهُمْ لَهُ، قَالَ فَمَا رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَرَفَ مِنْهُمْ أَحَدًا غَيْرِي، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَبْشِرُوا يَا مَعْشَرَ صَعَالِيكِ الْمُهَاجِرِينَ بِالنُّورِ التَّامِّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ تَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ قَبْلَ أَغْنِيَاءِ النَّاسِ بِنِصْفِ يَوْمٍ وَذَلِكَ مِقْدَارُ خَمْسِمِائَةِ سَنَةٍ" (١).
قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: ﴿وَإِذَا جَاءَكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِآيَاتِنَا فَقُلْ سَلَامٌ عَلَيْكُمْ﴾ قَالَ عِكْرِمَةُ: نَزَلَتْ فِي الَّذِينَ نَهَى اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ نَبِيَّهُ عَنْ طَرْدِهِمْ، وَكَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا رَآهُمْ بَدَأَهُمْ بِالسَّلَامِ (٢).
وَقَالَ عَطَاءٌ: نَزَلَتْ فِي أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعُثْمَانَ وَعَلِيٍّ وَبِلَالٍ وَسَالِمٍ وَأَبِي عُبَيْدَةَ وَمُصْعَبِ بْنِ عُمَيْرٍ وَحَمْزَةَ وَجَعْفَرٍ وَعُثْمَانَ بْنِ مَظْعُونٍ وَعَمَّارِ بْنِ يَاسِرٍ وَالْأَرْقَمِ بْنِ أَبِي الْأَرْقَمِ وَأَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الْأَسَدِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ أَجْمَعِينَ.
﴿كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ﴾ أَيْ: قَضَى عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ، ﴿أَنَّهُ مَنْ عَمِلَ مِنْكُمْ سُوءًا بِجَهَالَةٍ﴾ قَالَ مُجَاهِدٌ: لَا يَعْلَمُ حَلَالًا مِنْ حَرَامٍ فَمِنْ جَهَالَتِهِ رَكِبَ الذَّنْبَ، وَقِيلَ: جَاهِلٌ بِمَا يُورِثُهُ ذَلِكَ الذَّنْبُ، وَقِيلَ: جَهَالَتُهُ مِنْ حَيْثُ أَنَّهُ آثَرَ الْمَعْصِيَةَ عَلَى الطَّاعَةِ وَالْعَاجِلَ الْقَلِيلَ عَلَى الْآجِلِ الْكَثِيرِ، ﴿ثُمَّ تَابَ مِنْ بَعْدِهِ﴾ رَجَعَ عَنْ ذَنْبِهِ، ﴿وَأَصْلَحَ﴾ عَمَلَهُ، قِيلَ: أَخْلَصَ تَوْبَتَهُ، ﴿فَإِنَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾ قَرَأَ ابْنُ عَامِرٍ وَعَاصِمٌ وَيَعْقُوبُ " أَنَّهُ مَنْ عَمِلَ مِنْكُمْ " " فَأَنَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ " بِفَتْحِ الْأَلِفِ فِيهِمَا بَدَلًا مِنَ الرَّحْمَةِ، أَيْ: كَتَبَ عَلَى نَفْسِهِ أَنَّهُ مَنْ عَمَلِ مِنْكُمْ، ثُمَّ جَعَلَ الثَّانِيَةَ بَدَلًا عَنِ الْأُولَى، كَقَوْلِهِ تَعَالَى: "أَيَعِدُكُمْ أَنَّكُمْ إِذَا مِتُّمْ وَكُنْتُمْ تُرَابًا وَعِظَامًا أَنَّكُمْ مُخْرَجُونَ"، (الْمُؤْمِنُونَ، ٣٥)، وَفَتَحَ أَهْلُ الْمَدِينَةِ الْأُولَى مِنْهُمَا وَكَسَرُوا الثَّانِيَةَ عَلَى الِاسْتِئْنَافِ، وَكَسَرَهُمَا الْآخَرُونَ عَلَى الِاسْتِئْنَافِ.
﴿وَكَذَلِكَ نُفَصِّلُ الْآيَاتِ وَلِتَسْتَبِينَ سَبِيلُ الْمُجْرِمِينَ (٥٥) قُلْ إِنِّي نُهِيتُ أَنْ أَعْبُدَ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ قُلْ لَا أَتَّبِعُ أَهْوَاءَكُمْ قَدْ ضَلَلْتُ إِذًا وَمَا أَنَا مِنَ الْمُهْتَدِينَ (٥٦) ﴾
﴿وَكَذَلِكَ نُفَصِّلُ الْآيَاتِ﴾ أَيْ: وَهَكَذَا، وَقِيلَ: مَعْنَاهُ وَكَمَا فَصَّلْنَا لَكَ فِي هَذِهِ السُّورَةِ دَلَائِلَنَا

(١) أخرجه أبو داود في كتاب العلم، باب في القصص: ٥ / ٢٥٥، قال المنذري: "وفي إسناده زياد بن المعلى بن زياد، أبو الحسن، وفيه مقال، وأخرجه أحمد: ٣ / ٦٣، ٩٦ عن أبي سعيد الخدري. والمصنف في شرح السنة: ١٤ / ١٩١. وله شاهد عند الترمذي في الزهد وابن ماجه وابن حبان، فيتقوى به.
(٢) انظر: الطبري: ١١ / ٣٨٠، أسباب النزول ص (٢٥٢).

صفحة رقم 148
معالم التنزيل
عرض الكتاب
المؤلف
محيي السنة، أبو محمد الحسين بن مسعود بن محمد بن الفراء البغوي الشافعي
تحقيق
محمد عبد الله النمر
الناشر
دار طيبة للنشر والتوزيع
سنة النشر
1417
الطبعة
الرابعة
عدد الأجزاء
8
التصنيف
كتب التفسير
اللغة
العربية