آيات من القرآن الكريم

وَالَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا يَمَسُّهُمُ الْعَذَابُ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ
ﯩﯪﯫﯬﯭﯮﯯﯰﯱﯲﯳﯴﯵﯶ ﯸﯹﯺﯻﯼﯽﯾﯿﰀﰁﰂﰃﰄﰅﰆﰇﰈﰉﰊﰋ ﭑﭒﭓﭔﭕﭖﭗﭘﭙﭚ ﭜﭝﭞﭟﭠﭡﭢﭣﭤﭥﭦﭧﭨﭩﭪﭫﭬﭭﭮﭯﭰﭱﭲﭳ ﭵﭶﭷﭸﭹﭺﭻﭼﭽﭾﭿﮀﮁﮂ ﮄﮅﮆﮇﮈﮉﮊﮋﮌﮍﮎﮏﮐﮑﮒﮓ ﮕﮖﮗﮘﮙﮚﮛﮜ

من أول الليل وصمت من أول الشهر الى آخره وقال المحشى سنان چلبى من زائدة على قول من جوز زيادتها فى الموجب واما عند غيره فهى بمعنى فى كما فى قوله تعالى إِذا نُودِيَ لِلصَّلاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَأَخَذْناهُمْ الفاء فصيحة تفصح ان الكلام مبنى على اعتبار الحذف اى فكذبوا رسلهم فأخذناهم بِالْبَأْساءِ اى بالشدة والفقر وَالضَّرَّاءِ اى الضر والآفات وهما صيغتا تأنيث لا مذكر لهما لَعَلَّهُمْ يَتَضَرَّعُونَ اى لكى يدعوا الله فى كشفها بالتضرع والتذلل ويتوبوا اليه من كفرهم ومعاصيهم فَلَوْلا هلا إِذْ جاءَهُمْ بَأْسُنا عذابنا تَضَرَّعُوا اى لم يفعلوا ذلك مع قيام المقتضى له فلولا يفيد اللوم والتنديم وذلك عند قيام الداعي الى الفعل وانتفاء العذر فى تركه وَلكِنْ قَسَتْ قُلُوبُهُمْ استدراك على المعنى اى لم يتضرعوا ولكن يبست وجفت قلوبهم ولو كان فى قلوبهم رقة وخوف لتضرعوا وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطانُ ما كانُوا يَعْمَلُونَ اى حسن لهم الكفر والمعاصي بان أغواهم ودعاهم الى اللذة والراحة دون التفكر والتدبر ولم يخطر ببالهم ان ما اعتراهم من البأساء والضراء ما اعتراهم الا لاجله فَلَمَّا نَسُوا ما ذُكِّرُوا بِهِ عطف على مقدر اى فانهمكوا فيه ونسوا ما ذكروا به من البأساء والضراء فلما نسوه فَتَحْنا عَلَيْهِمْ أَبْوابَ كُلِّ شَيْءٍ من فنون النعماء على منهاج الاستدراج حَتَّى ابتدائية ومع ذلك غاية لقوله فتحنا إِذا فَرِحُوا بِما أُوتُوا اى صاروا معجبين بحالهم. فالفرح فرح البطر كفرح قارون بما أصابه من الدنيا أَخَذْناهُمْ بالعذاب بَغْتَةً اى فجأة ليكون أشد عليهم وقعا وأفظع هو لا كما قال اهل المعاني انهم انما أخذوا فى حال الراحة والرخاء ليكون أشد تحسرهم على ما فاتهم من حال السلامة والعافية فَإِذا هُمْ مُبْلِسُونَ متحسرون غاية الحسرة آيسون من كل خير راجون فاذا للمفاجأة. والإبلاس بمعنى اليأس من النجاة عند ورود المهلكة والمعنى الحسرة والحزن فَقُطِعَ دابِرُ الْقَوْمِ الَّذِينَ ظَلَمُوا اى آخرهم بحيث لم يبق منهم أحد فالدابر يقال للتابع للشىء من خلفه كالولد للوالد يقال دبر فلان القوم يدبر دبرا ودبورا إذا كان آخرهم قال البغوي معناه انهم استؤصلوا بالعذاب فلم يبق منهم باقية ووضع الظاهر موضع الضمير للاشعار بعلة الحكم فان هلاكهم بسبب ظلمهم الذي هو وضع الكفر موضع الشكر واقامة المعاصي مقام الطاعات وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ على إهلاكهم فان هلاك الكفار والعصاة من حيث انه تخليص لاهل العرض من شؤم عقائدهم الفاسدة وأعمالهم الخبيثة نعمة جليلة يحق ان يحمد عليها لا سيما مع ما فيه من إعلاء كلمة الحق التي نطقت بها رسلهم عليهم السلام وفى الآيات امور. منها ان الله تعالى هو المرجع فى كل امر حال الاختيار والاضطرار والعاقل لا يلتجىء الى غيره تعالى لان ما سوى الله آلات واسباب والمؤثر فى الحقيقة هو الله تعالى فشأن المؤمن هو النظر الى بابه والاستعداد من جنابه حال السراء والضراء بخلاف الكافر فانه يفتح عينيه عند نزول الشدة والمقبول هو الرجوع اختيارا فان العبد المطيع لا يترك باب سيده على كل حال. ومنها ان الله تعالى يقلب الإنسان تارة من البأساء والضراء الى الراحة والرخاء وانواع الآلاء والنعماء واخرى يعكس الأمر كما يفعله الأب المشفق بولده

صفحة رقم 30

يخاشنه تارة ويلاطفه اخرى طلبا لصلاحه وإلزاما للحجة وازاحة للعلة ففى هذه المعاملة تربية له وفائدة عظيمة فى دينه ودنياه ان تفطن: قال الصائب

نهاد سخت تو سوهان بخرد نمى كيد وكر نه پست وبلند زمان سوهانست
ومنها ان الهلاك بقدر الاستدراج ونعوذ بالله تعالى من المكروه وفى الحديث (إذا رأيت الله تعالى يعطى عبدا فى الدنيا على معصية ما يحب فان ذلك منه استدراج) ثم قرأ ﷺ فَلَمَّا نَسُوا ما ذُكِّرُوا بِهِ الآية وفى التأويلات النجمية فَتَحْنا عَلَيْهِمْ أَبْوابَ كُلِّ شَيْءٍ اى من البلاء فى صورة النعماء لارباب الظاهر بالنعمة الظاهرة من المال والجاه والقبول والصحة وأمثالها ولارباب الباطن بالنعمة الباطنة من فتوحات الغيب واراءة الآيات وظواهر الكرامات ورؤية الأنوار وكشف الاسرار والاشراف على الخواطر وصفاء الأوقات ومشاهدة الروحانية وأشباهها مما يربى به أطفال الطريقة فان كثيرا من متوسطى هذه الطائفة تعتريهم الآفات فى أثناء السلوك عند سآمة النفس من المجاهدات وملالتها من كثرة الرياضات
فيوسوسهم الشيطان وتسول لهم أنفسهم انهم قد بلغوا فى السلوك رتبة قد استغنوا بها عن صحبة الشيخ وتسليم تصرفاته فيخرجون من عنده ويشرعون فى الطلب على وفق أنفسهم فيقعون فى ورطة الخذلان وسخرة الشيطان فيريهم الأشياء الخارقة للعادة وهم يحسبون انها من نتائج العبادة وكان بعضهم يسير فى البادية وقد أصابه العطش فانتهى الى بئر فارتفع الماء الى رأس البئر فرفع رأسه الى السماء وقال اعلم انك قادر ولكن لا أطيق هذا فلو قيضت لى بعض الاعراب يصفعنى صفعا ويسقينى شربة ماء كان خيرا لى ثم انى اعلم ان ذلك الرفق ليس من جهته وقال الشيخ ابو عبد الله القرشي قدس سره من لم يكن كارها لظهور الآيات وخوارق العادات منه كراهية الخلق لظهور المعاصي فهى حجاب فى حقه وسترها عنه رحمة. ومنها ان العجب مذموم مهلك وفى الحديث (ثلاث مهلكات شح مطاع وهى متبع وإعجاب المرء بنفسه
مرد معجب ز اهل دين نبود هيچ خود بين خداى بين نبود
بيخبر از جهان ومست يكيست خويشتن بين وبت پرست يكيست
وعلاجه رؤية التوفيق من الله تعالى. ومنها ان النعمة لا بد لها من الحمد والشكر وفى الخبر الصحيح (أول من يدعى الى الجنة الحامدون لله على كل حال) ولما حمد نوح عليه السلام بقوله الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي نَجَّانا مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ وجد السلامة حيث قال تعالى يا نُوحُ اهْبِطْ بِسَلامٍ مِنَّا فلا بد من الحمد على السلامة سواء كانت من جهة الدين او من جهة الدنيا إذ كل منهما نعمة ودخل رجل على سهل بن عبد الله فقال ان اللص دخل دارى وأخذ متاعى فقال اشكر الله لو دخل اللص قلبك وهو الشيطان وأفسد التوحيد ماذا كنت تصنع يقول الفقير جامع هذه المجالس الشريفة سئلت فى المنام عن معنى الحمد فقلت الحمد اظهار الكمال بتهيئة أسبابه فقال السائل وهو واحد من سادات المشايخ ما تهيئة الأسباب فقلت ان ترفع يديك الى السماء وتنظر الى جانب الملكوت وتظهر الخضوع والخشوع وان تثنى على الله تعالى ثناء حقا كما ينبغى

صفحة رقم 31

ثم استيقظت فجاء التفسير بحمد الله تعالى مشيرا الى مراتب الشكر: كما قال بعضهم الشكر قيد للنعم. مستلزم دفع النقم. وهو على ثلاثة قلب يد فاعلم وفم والحمد لله تعالى ولى الانعام على الاستمرار والدوام قُلْ يا محمد لاهل مكة أَرَأَيْتُمْ اى أخبروني ايها المشركون فان الرؤية بصرية كانت او علمية سبب الاخبار كما سبق إِنْ أَخَذَ اللَّهُ سَمْعَكُمْ اى اصمكم وَأَبْصارَكُمْ اى اعماكم بالكلية وَخَتَمَ عَلى قُلُوبِكُمْ بان غطى عليها ما يزول به عقلكم وفهمكم بحيث تصيرون مجانين مَنْ إِلهٌ غَيْرُ اللَّهِ من استفهامية مبتدأ واله خبره وغير صفة له يَأْتِيكُمْ بِهِ اى بما اخذه منكم وهى صفة اخرى له والجملة متعلق الرؤية ومناط الاستخبار اى أخبروني ان سلب الله عنكم اشراف اعضائكم من أحد غير الله يأتيكم بها ومن المعلوم انه لا يقدر عليه الا الله سبحانه فهو المستحق للعبادة والتعظيم وهو احتجاج آخر على المشركين انْظُرْ يا محمد وتعجب كَيْفَ نُصَرِّفُ الْآياتِ اى نكررها ونقررها مصروفة من اسلوب الى اسلوب تارة بترتيب المقدمات العقلية وتارة بطريق الترغيب والترهيب وتارة بالتنبيه والتذكير بأحوال المتقدمين قال الحدادي التصريف توجيه المعنى فى الجهات التي تظهرها أتم الإظهار ثُمَّ هُمْ يَصْدِفُونَ اى يعرضون عنها فلا يؤمنون وثم لاستبعاد صدفهم اى اعراضهم عن تلك الآيات بعد تصريفها على هذا النمط البديع الموجب للاقبال عليها قُلْ أَرَأَيْتَكُمْ اى أخبروني ايها المشركون إِنْ أَتاكُمْ عَذابُ اللَّهِ بَغْتَةً أَوْ جَهْرَةً اى ليلا او نهارا لما ان الغالب فيما اتى ليلا البغتة اى الفجأة وفى ما اتى نهارا الجهرة وهو المناسب لما فى سورة الأعراف من قوله تعالى أَفَأَمِنَ أَهْلُ الْقُرى أَنْ يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنا بَياتاً وَهُمْ نائِمُونَ أَوَأَمِنَ أَهْلُ الْقُرى أَنْ يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنا ضُحًى وَهُمْ يَلْعَبُونَ والقرآن يفسر بعضه بعضا وهو اللائح بالبال هَلْ يُهْلَكُ إِلَّا الْقَوْمُ الظَّالِمُونَ الاستفهام بمعنى النفي ومتعلق الاستخبار محذوف اى أخبروني ان أتاكم عذابه العاجل الخاص بكم بغتة او جهرة كما اتى من قبلكم من الأمم ماذا يكون الحال ثم قيل بيانا لذلك هَلْ يُهْلَكُ إِلَّا الْقَوْمُ الظَّالِمُونَ اى ما يهلك بذلك العذاب الخاص بكم الا أنتم ووضع المظهر موضع المضمر إيذانا بان مناط هلاكهم ظلمهم الذي هو وضعهم للكفر موضع الايمان وَما نُرْسِلُ الْمُرْسَلِينَ إِلَّا مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ حالان مقدرتان من المرسلين اى ما نرسلهم الا مقدرا تبشيرهم وإنذارهم ففيهما معنى العلة الغائية قطعا اى لم نرسلهم لان يقترح عليهم الآيات ويتلهى بهم بل لان يبشروا قومهم بالثواب على الطاعة وينذروهم بالعقاب على المعصية التبشير الاخبار بالخبر السار والانذار الاخبار بالخبر الضار فَمَنْ آمَنَ بهم وَأَصْلَحَ عمله او دخل فى الصلاح فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ من العذاب الذي انذروه دنيويا كان اواخر ويا وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ بفوات ما بشروا به من الثواب العاجل والآجل وَالَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنا وهى ما ينطق به الرسل عليهم السلام عند التبشير والانذار ويبلغونه الى الأمم يَمَسُّهُمُ الْعَذابُ الأليم وأسند المس الى العذاب مع ان حقه ان يسند الى الاحياء لكونه من الافعال المسبوقة بالقصد والاختيار على طريق الاستعارة بالكناية فجعل كأنه حى يطلب إيلامهم والوصول إليهم بِما كانُوا يَفْسُقُونَ اى بسبب فسقهم المستمر الذي هو الإصرار على الخروج عن

صفحة رقم 32
روح البيان
عرض الكتاب
المؤلف
إسماعيل حقي بن مصطفى الإستانبولي الحنفي الخلوتي , المولى أبو الفداء
الناشر
دار الفكر - بيروت
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية