آيات من القرآن الكريم

فَقُطِعَ دَابِرُ الْقَوْمِ الَّذِينَ ظَلَمُوا ۚ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ
ﯸﯹﯺﯻﯼﯽﯾﯿﰀﰁﰂﰃﰄﰅﰆﰇﰈﰉﰊﰋ ﭑﭒﭓﭔﭕﭖﭗﭘﭙﭚ

[سورة الأنعام (٦) : آية ٤٤]

فَلَمَّا نَسُوا ما ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنا عَلَيْهِمْ أَبْوابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى إِذا فَرِحُوا بِما أُوتُوا أَخَذْناهُمْ بَغْتَةً فَإِذا هُمْ مُبْلِسُونَ (٤٤)
قوله تعالى: فَلَمَّا نَسُوا ما ذُكِّرُوا بِهِ قال ابن عباس: تركوا ما وعظوا به. فَتَحْنا عَلَيْهِمْ أَبْوابَ كُلِّ شَيْءٍ يريد رخاء الدنيا وسرورها. وقرأ أبو جعفر، وابن عامر: «فتَّحنا» بالتشديد هنا وفي الأعراف، وفي الأنبياء: «فُتِّحت»، وفي القمر: «فتّحنا»، والجمهور على تخفيفهن. قال الزجاج:
أبواب كل شيء كان مغلقا عنهم من الخير، حتى إذا ظنوا أن ما كان نزل بهم، لم يكن انتقاماً، وما فُتح عليهم، باستحقاقهم، أخذناهم بغتة، أي: فاجأهم عذابنا.
وقال ابن الانباري: إنما أراد بقوله تعالى: «كل شيء» : التأكيد، كقول القائل: أكلنا عند فلان كلَّ شيء، وكنا عنده في كل سرور، يريد بهذا العموم تكثير ما يصفه والإطناب فيه، كقوله تعالى: وَأُوتِيَتْ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ «١». وقال الحسن: من وُسِّع عليه فلم ير أنه لم يُمكر به، فلا رأي له ومن قُتِّر عليه فلم ير أنه ينظر له، فلا رأي له، ثم قرأ هذه الآية، وقال: مُكر بالقوم ورب الكعبة، أعطوا حاجاتهم ثم أُخذوا.
قوله تعالى: فَإِذا هُمْ مُبْلِسُونَ في المبلس خمسة اقوال: أحدها: أنه الآيس من رحمة الله عزّ وجلّ، رواه الضحاك عن ابن عباس وقال في رواية أخرى: الآيس من كل خير. وقال الفراء:
المبلس: اليائس المنقطع رجاؤه، ولذلك قيل للذي يسكت عند انقطاع حجته، فلا يكون عنده جواب:
قد أبلس. قال العجَّاج:
يا صَاحِ هَلْ تعْرِفُ رَسْماً مُكْرَساً قَالَ نَعَمْ! أعْرِفُه! وأبْلَسَا «٢»
أي: لم يَحِرْ جواباً. وقيل: المكرس: الذي قد بعرت فيه الإبل، وبوَّلت، فيركب بعضه بعضاً.
والثاني: أنه المفتضح. قال مجاهد: الإبلاس: الفضيحة. والثالث: أنه المهْلك، قاله السدي. والرابع:
أنه المجهود المكروب الذي قد نزل به من الشّر ما لا يستطيعه، قاله ابن زيد. والخامس: أنه الحزين النادم، قاله أبو عبيدة، وأنشد لرؤبة:
وحَضَرتْ يوم الخميس الأخماس وفي الوجوه صُفرةٌ وإِبلاس
أي: اكتئاب، وكسوف، وحزن. وقال الزجاج: هو الشديد الحسرة، الحزين، اليائس. وقال في موضع آخر: المبلس: السّاكت المتحيّر.
[سورة الأنعام (٦) : آية ٤٥]
فَقُطِعَ دابِرُ الْقَوْمِ الَّذِينَ ظَلَمُوا وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ (٤٥)
قوله تعالى: فَقُطِعَ دابِرُ الْقَوْمِ الَّذِينَ ظَلَمُوا قال ابن السائب: دابرهم: الذي يتخلف في آخرهم.
والمعنى: أنهم استؤصلوا. وقال أبو عبيدة: دابرهم: آخرهم الذي يدبرهم: قال ابن قتيبة: هو كما
(١) سورة النمل: ٢٣.
(٢) في «اللسان» كرس، تكرس الشيء تكارس أي تراكم وتلازب. وأبلس: سكت غما.

صفحة رقم 29
زاد المسير في علم التفسير
عرض الكتاب
المؤلف
جمال الدين أبو الفرج عبد الرحمن بن علي بن محمد الجوزي
تحقيق
عبد الرزاق المهدي
الناشر
دار الكتاب العربي - بيروت
سنة النشر
1422
الطبعة
الأولى
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية