
شرح الكلمات:
من آية: المراد بالآية هنا آيات القرآن الكريم الدالة على توحيد الله تعالى والإيمان برسوله ولقائه يوم القيامة.
معرضين: غير ملتفتين إليها ولا مفكرين فيها.
الحق: الحق هنا هو النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وما جاء به من الدين الحق.
أنباء: أخبار ما كانوا به يستهزئون وهو عذاب الدنيا وعذاب الآخرة.
من قرن: أي أهل قرن من الأمم السابقة، والقرن مائة سنة.
مكنا لهم في الأرض: أعطيناهم من القوة المادية ما لم نعط هؤلاء المشركين.
مدراراً: مطراً متواصلاً غزيراً.
بذنوبهم: أي بسبب ذنوبهم وهي معصية الله ورسله.
وأنشأنا: خلقنا بعد إهلاك الأولين أهل قرن آخرين.
معنى الآيات:
ما زال السياق في الحديث عن أولئك الذين يعدلون بربهم غيره من مخلوقاته فيقول تعالى عنهم: وما تأتيهم١ من آية من آيات ربهم التي٢ يوحيها إلى رسوله ويضمها كتابه القرآن الكريم، إلا قابلوها بالإعراض التام، وعدم الالتفات إلى ما تحمله من هدى ونور، وسبب ذلك أنهم قد كذبوا بالحق لما جاءهم وهو الرسول وما معه من الهدى، وبناء على ذلك ﴿فسوف يأتيهم أنباء ما كانوا به يستهزئون﴾ وقد استهزأوا بالوعيد وسينزل بهم العذاب الذي كذبوا به واستهزأوا، وأول عذاب نزل بهم هزيمتهم يوم بدر، ثم القحط سبع سنين، ومن مات منهم على الشرك فسوف يعذب في نار جهنم أبداً، ويقال لهم ذوقوا عذاب النار الذي كنتم به تستهزئون وقوله تعالى: ﴿ألم يروا كم أهلكنا من٣ قبلهم من قرن﴾ أي كثيراً من أهل القرون
٢ وجائز أن يراد بالآية أيضاً المعجزة كانشقاق القمر ونحوها.
٣ القرد: الأمّة من الناس، وا لجمع: قرون قال الشاعر:
إذا ذهب القرن الذي كنت فيهم | وخُلِّفْتَ في قرن فأنت غريب. |

الماضية مكن الله تعالى لهم في الأرض من الدولة والسلطان والمال والرجال ما لم يمكن لهؤلاء المشركين من كفار قريش، وأرسل على أولئك الذين مكن لهم السماء١ مدراراً بغزير٢ المطر وجعل لهم في أرضهم الأنهار تجري من تحت أشجارهم وقصورهم، فلما أنكروا توحيدي وكذبوا رسولي، وعصوا أمري ﴿فأهلكناهم بذنويهم﴾، لا ظلماً منا ولكن بظلمهم هم لأنفسهم، وأوجدنا بعدهم قوماً آخرين، وكان ذلك علينا يسيراً.
هداية الآيات
من هداية الآيات:
١- التكذيب بالحق هو سبب الإعراض عنه فلو آمنوا به لأقبلوا عليه.
٢- الاستهزاء والسخرية بالدين من موجبات العذاب وقرب وقوعه.
٣- العبرة بهلاك الماضين، ومصارع الظالمين.
٤- هلاك الأمم كان بسبب ذنوبهم، فما من مصيبة إلا بذنب٣.
وَلَوْ نَزَّلْنَا عَلَيْكَ كِتَابًا فِي قِرْطَاسٍ فَلَمَسُوهُ بِأَيْدِيهِمْ لَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُواْ إِنْ هَذَا إِلاَّ سِحْرٌ مُّبِينٌ (٧) وَقَالُواْ لَوْلا أُنزِلَ عَلَيْهِ مَلَكٌ وَلَوْ أَنزَلْنَا مَلَكًا لَّقُضِيَ الأمْرُ ثُمَّ لاَ يُنظَرُونَ (٨) وَلَوْ جَعَلْنَاهُ مَلَكًا لَّجَعَلْنَاهُ رَجُلاً وَلَلَبَسْنَا عَلَيْهِم مَّا يَلْبِسُونَ (٩) وَلَقَدِ اسْتُهْزِىءَ بِرُسُلٍ مِّن قَبْلِكَ فَحَاقَ بِالَّذِينَ سَخِرُواْ مِنْهُم مَّا كَانُواْ بِهِ يَسْتَهْزِؤُونَ (١٠)
إذا سقط السماء بأرض قوم | رعيناها وإن كانوا غضابا |
٣ شاهده من القرآن الكريم: قول تعالى: ﴿وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم ويعفو عن كثير﴾.