آيات من القرآن الكريم

وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا لَعِبٌ وَلَهْوٌ ۖ وَلَلدَّارُ الْآخِرَةُ خَيْرٌ لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ ۗ أَفَلَا تَعْقِلُونَ
ﭑﭒﭓﭔﭕﭖﭗﭘﭙﭚﭛﭜﭝﭞﭟﭠﭡ ﭣﭤﭥﭦﭧﭨﭩﭪﭫ ﭭﭮﭯﭰﭱﭲﭳﭴﭵﭶﭷﭸﭹﭺﭻﭼﭽﭾﭿﮀﮁﮂ ﮄﮅﮆﮇﮈﮉﮊﮋﮌﮍﮎﮏﮐﮑﮒﮓﮔﮕﮖﮗﮘﮙﮚﮛﮜﮝﮞﮟ ﮡﮢﮣﮤﮥﮦﮧﮨﮩﮪﮫﮬﮭﮮﮯ

اما لرسول الله ﷺ او لكل أحد من اهل المشاهدة والعيان. والوقف الحبس وجواب لو ومفعول ترى محذوف اى لو تراهم حين يوقفون على النار حتى يعاينوها لرأيت ما لا يساعده التعبير فَقالُوا يا للتنبيه لَيْتَنا نُرَدُّ الى الدنيا وَلا نُكَذِّبَ بِآياتِ رَبِّنا القرآنية وَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ بها العاملين بمقتضاها حتى لا نرى هذا الموقوف الهائل ونصب الفعلين على جواب التمني بإضمار ان بعد الواو وإجرائها مجرى الفاء والمعنى ان رددنا لم نكذب ونكن من المؤمنين بَلْ بَدا لَهُمْ ما كانُوا يُخْفُونَ مِنْ قَبْلُ اى ليس الأمر على ما قالوه من انهم لوردوا الى الدنيا لآمنوا فان التمني الواقع منهم يوم القيامة ليس لاجل كونهم راغبين فى الايمان بل لانه ظهر لهم فى موقفهم ذلك ما كانوا يخفون فى الدنيا وهى النار التي وقفوا عليها والمراد بإخفائها تكذيبهم لها فان التكذيب بالشيء كفر به وإخفاء له محالة وَلَوْ رُدُّوا الى الدنيا فرضا لَعادُوا لِما نُهُوا عَنْهُ من الشرك ونسوا ما عاينوه بالكلية لاقتصار انظارهم على الشاهد دون الغائب كابليس قد عاين من آيات الله تعالى ثم عاند فلاراد لما قضاه الله تعالى ولا مبدل لما حكم فى الأزل وَإِنَّهُمْ لَكاذِبُونَ اى لقوم ديدنهم الكذب فى كل ما يأتون وما يذرون وبهذه الآية يفتى بقتل اهل البغي والفساد إذ لا يؤمن من ان يعودوا لما نهوا عنه: وفى المثنوى

آن ندامت از نتيجه رنج بود نه ز عقل روشنى چون كنج بود
چونكه شد رنج آن ندامت شد عدم مى نيرزد خاك آن توبه وندم
ميكند او توبه و پير خرد بانكه لوردوا لعادوا ميزند
وَقالُوا عطف على عادوا داخل فى حير الجواب إِنْ هِيَ اى ما الحياة فالضمير للحياة فان من الضمائر ما يذكر مبهما ولا يعلم ما يرجع اليه لا بذكر ما بعده إِلَّا حَياتُنَا الدُّنْيا وَما نَحْنُ بِمَبْعُوثِينَ بعد ما فارقنا هذه الحياة كأن لم يروا ما رأوا من الأحوال التي أولها البعث والنشور وَلَوْ تَرى إِذْ وُقِفُوا عَلى رَبِّهِمْ اى حبسوا للسؤال كما يوقف العبد الجاني بين يدى سيده للعتاب والجواب محذوف اى لرأيت امرا عظيما قالَ لهم على لسان الملائكة موبحا وهو استئناف أَلَيْسَ هذا البعث والحساب بِالْحَقِّ قالُوا بَلى وَرَبِّنا انه لحق قالَ فَذُوقُوا الْعَذابَ الذي عاينتموه بِما كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ اى بسبب كفركم فى الدنيا بذلك. وخص لفظ الذوق للاشارة الى ان ما يجدونه من العذاب فى كل حال هو ما يجده الذائق لكون ما يجدون بعده أشد من الاول قَدْ خَسِرَ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِلِقاءِ اللَّهِ اى قد غبن الذين كذبوا بالبعث بعد الموت حَتَّى إِذا جاءَتْهُمُ السَّاعَةُ غاية لتكذيبهم لا لخسرانهم فانه أبدى لاحد له بَغْتَةً حال من فاعل جاءتهم اى باغتة مفاجئة والبغت والبغتة مفاجأة الشيء بسرعة من غير ان يشعر به الإنسان حتى لو كان له شعور بمجيئه ثم جاءه بسرعة لا يقال فيه بغتة والوقت الذي تقوم فيه القيامة يفجأ الناس فى ساعة لا يعلمها أحد الا الله تعالى فلذلك سميت ساعة خفيفة يحدث فيها امر عظيم وسميت الساعة ساعة لسعيها الى جانب الوقوع ومسافته الأنفاس والمعنى انهم قد كذبوا الى ان ظهرت الساعة بغتة فان قيل انما يكذبون الى ان يموتوا

صفحة رقم 21

والجواب ان زمان الموت آخر زمان من ازمنة الدنيا وأول زمان من ازمنة الآخرة فمن انتهى تكذيبه الى هذا الوقت صدق انه كذب الى ان ظهرت الساعة بغتة ولذلك قال عليه الصلاة والسلام (من مات فقد قامت قيامته) قالُوا جواب إذا يا حَسْرَتَنا الحسرة هى شدة الندم والتألم ونداؤها مجاز لان الحسرة لا يتأتى منها الإقبال وانما المعنى على المبالغة فى شدة التحسر كأنهم نادوا الحسرة وقالوا ان كان لك وقت فهذا أوان حضورك ومثله يا ويلتنا والمقصود التنبيه على خطأ المنادى حيث ترك ما أحوجه تركه الى نداء هذه الأشياء عَلى ما فَرَّطْنا فِيها اى على تفريطنا فى شان الساعة وتقصيرنا فى مراعاة حقها والاستعداد لها بالايمان بها واكتساب الأعمال الصالحة فعلى متعلق بالحسرة وما مصدرية والتفريط التقصير فى الشيء مع القدرة على فعله وَهُمْ يَحْمِلُونَ أَوْزارَهُمْ عَلى ظُهُورِهِمْ حال من فاعل قالوا. والأوزار جمع وزر وهو فى الأصل الحمل الثقيل يقال وزرته اى حملته ثقيلا ومنه وزير الملك لانه يتحمل أعباء ما قلده الملك من مؤونة رعيته وحشمه سمى به الإثم والذنب لغاية ثقله على صاحبه والحمل من توابع الأعيان الكشفية لا من عوارض المعاني فلا يوصف به العرض الا على سبيل التمثيل والتشبيه وذكر الظهور كذكر الأيدي فى قوله تعالى فَبِما كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ فان المعتاد حمل الأثقال على الظهور كما ان المألوف هو الكسب بالأيدي. والمعنى انهم يتحسرون على ما لم يعملوا من الحسنات والحال انهم يحملون أوزار ما عملوا من السيئات أَلا ساءَ ما يَزِرُونَ اى بئس شيأ يزرون اى يحملون وزرهم قال السدى وغيره ان المؤمن إذا خرج من قبره استقبله احسن شىء صورة وأطيبه ريحا فيقول هل تعرفنى فيقول لا فيقول انا عملك الصالح فاركبنى فقد طالما ركبتك فى الدنيا فذلك قوله تعالى يَوْمَ نَحْشُرُ الْمُتَّقِينَ إِلَى الرَّحْمنِ وَفْداً اى ركبانا. واما الكافر فيستقبله أقبح شىء صورة وأنتنه ريحا فيقول هل تعرفنى فيقول لا فيقول انا عملك الخبيث طالما ركبتنى فى الدنيا وانا اليوم أركبك فهو معنى قوله تعالى وَهُمْ يَحْمِلُونَ إلخ فيكون الحمل على حقيقته لان للاعمال صورا تظهر فى الآخرة وان كان نفسها إعراضا واعلم ان الأوزار كثيرة لكن ذنب الوجود فوق الكل إذ هو الباعث على سائر الأوزار وهو ثقل مانع عن السلوك فعلى السالك ان يتوب عن الكل ويفنى فى طريق الحق فناء كليا: قال الحافظ

فكر خود ورأى خود در عالم رندى نيست كفرست درين مذهب خود بينى وخود رأيى
قال بعضهم لا يمكن الخروج من النفس بالنفس وانما يمكن الخروج من النفس بالله تعالى قال الشيخ ابو عبد الله محمد بن على الترمذي الحكيم قدس
سره ذكر الله تعالى يرطب القلب ويلينه فاذا خلا عن الذكر أصابته حرارة النفس ونار الشهوات فقسا ويبس وامتنعت الأعضاء من الطاعة فاذا مددتها انكسرت كالشجرة إذا يبست لا تصلح الا للقطع وتصير وقودا للنار أعاذنا الله منها فالذكر والتوحيد والاتباع الى اهله هو اصل الأصول- حكى- عن على بن الموفق انه قال حججت سنة من السنين فى محمل فرأيت رجالا فاحببت المشي معهم فنزلت واركبت واحدا فى المحمل ومشيت معهم فتقدمنا الى البرية وعدلنا عن الطريق فنمنا

صفحة رقم 22

فرأيت فى منامى جوارى معهن طشوت من ذهب وأباريق من فضة يغسلن ارجل المشاة فبقيت انا فقالت إحداهن لصواحبها أليس هذا منهم قلن هذا له محمل فقالت بلى هو منهم لانه أحب المشي معهم فغسلن رجلى فذهب عنى كل تعب كنت أجده هذه حال من مشى مع ولى باعتقاد صحيح فكيف مع نبى فلو ان كفار مكة ومشركى العرب استمعوا الى النبي عليه السلام واتبعوا الذكر الذي انزل اليه لنجوا واسقطوا كل حمل عن ظهورهم ومشوا الى جنة الفردوس لكن الله تعالى يهدى من يشاء وَمَا الْحَياةُ الدُّنْيا على حذف المضاف اى ما اعمال الدنيا اى الأعمال المتعلقة بها من حيث هى هى إِلَّا لَعِبٌ وَلَهْوٌ يلهى الناس ويشغلهم بمنفعته الزائلة عن الايمان والعمل الصالح المؤدى الى اللذة الدائمة واللعب عما يشغل النفس وينفرها عما تنتفع به واللهو صرفها عن الجد الى الهزل وَلَلدَّارُ الْآخِرَةُ التي هى محل الحياة الاخرى خَيْرٌ لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ الكفر والمعاصي لان منافعها خالصة عن المضار ولذاتها غير منغصة بالآلام مستمرة على الدوام أَفَلا تَعْقِلُونَ الفاء للعطف على مقدر اى أتغفلون فلا تعقلون أي الامرين خير. وسميت الدنيا بالدنيا لدنوها قبل الآخرة او لدناءتها. وسميت الآخرة بالآخر لتأخرها عن خلقها وانما جعل الله الآخرة غائبة عن الابصار لانها لو كانت حاضرة لما جحدوها ولارتفعت التكاليف والمحن فجعل ما على الأرض زينة للابتلاء وحقيقة الدنيا ما يشغلك عن ربك قال اهل التحقيق السموات والأرضون وما فيهما من عالم الكون والفساد يدخل فى حد الدنيا. واما العرش والكرسي وما يتعلق بهما من الأعمال الصالحة والأرواح الطيبة والجنة وما فيها فمن حد الآخرة وفى الخبر القدسي لما خلق الله الدنيا خاطبها بقوله (يا دنيا اخدمي من خدمنى وأتعبي من خدمك) ولهذا كانت الدنيا تجيىء لبعض أوليائه وتكنس داره فى صورة العجوز ولبعض أوليائه تجيىء كل يوم برغيف فان قلت ان الله تعالى خلق هذه الدنيا للمؤمن فلم امر بالزهد فيها قلت السكر إذا نثر على رأس الختن لا يلتقطه لعلو همته ولو التقطه لكان عيبا وفى الحديث (جوعوا أنفسكم لوليمة الفردوس) والضيف إذا كان حكيما لا يشبع من الطعام رجاء الحلواء- حكى- ان قاضيا من اهل بغداد كان مارا بزقاق كلخان مع خدمه وحشمه كالوزير فطلع الكلخانى وهو يهودى فى صورة جهنمى كأن القطران يقطر من جوانبه فأخذ بلجام بغلة القاضي فقال أيد الله القاضي ما معنى قول نبيكم (الدنيا سجن المؤمن وجنة الكافر) أما ترى ان الدنيا جنة لك وأنت مؤمن محمدى والدنيا سجن لى وانا كافر يهودى والحديث دلالته بالعكس فاجاب القاضي وكان من فضلاء الدنيا وما ترى من زينتها وحشمتها سجن لى بالنسبة الى ما وعد الله فى الجنة وجنة لك بالنسبة الى الدركات المعودة فى النيران قيل مثل الدنيا والآخرة مثل رجل له امرأتان ان ارضى إحداهما أسخط الاخرى واحتضر عابد فقال ما تأسفى على دار الآخرة والغموم والخطايا والذنوب وانما تأسفى على ليلة نمتها ويوم افطرته وساعة غفلت فيها عن ذكر الله تعالى

صفحة رقم 23

فالدنيا لا تبقى والآخرة خير وأبقى- يحكى- ان جعفر بن سليمان رحمه الله قال مررت انا ومالك ابن ذينار رضى الله عنه بالبصرة فبينما ندور فيها مررنا بقصر يعمر وإذا بشاب حسن يأمر ببناء القصر ويقول افعلوا واصنعوا فدخلنا عليه وسلمنا فرد السلام قال مالك كم نويت ان ننفق على هذا القصر قال مائة الف درهم قال ألا تعطينى هذا المال فاضعه فى حقه واضمن لك على الله تعالى قصرا خيرا من هذا القصر بولدانه وخدمه وقبابه وخيمه من ياقوتة حمراء مرصع بالجوهر ترابه الزعفران ملاطه المسك لم تمسه يدان ولم يبينه بان قال له الجليل سبحانه كن فكان فاثر فى الشاب كلامه فاحضر البدر ودعا بدواة وقرطاس ثم كتب بسم الله الرحمن الرحيم هذا ما ضمن مالك بن دينار لفلان بن فلان انى ضمنت لك على الله قصرا بدل قصرك صفته كما وصفت والزيادة على الله واشتريت لك بهذا المال قصرا فى الجنة افسح من قصرك فى ظل ظليل بقرب العزيز الجليل ثم طوى الكتاب ودفعه الى الشاب
وأنفق ما اخذه من المال على الفقراء وما اتى على الشاب أربعون ليلة حتى مات ووصى ان يجعل الكتاب بين كفنه وبدنه ووجد مالك ليلة وفاته كتابا موضوعا فى المحراب فاخذه ونشره فاذا هو مكتوب بلا مداد هذه براءة من الله العزيز الحكيم مالك بن دينار وفينا الشاب القصر الذي ضمنته له وزيادة سبعين ضعفا: وفى المثنوى

نه عمر خضر بماند نه ملك إسكندر نزاع بر سر دنياى دون مكن درويش
هر كه پايان بين ترا ومسعود تر جدترا وكارد كه افزون ديد بر «١»
زانكه داند كين جهان كاشتن هست بهر محشر وبرداشتن
آخرت قطار اشتران بملك در تبع دنياش همچون بشم و پشك «٢»
پشم بگزينى شتر نبود ترا وربود اشتر چهـ قيمت پشم را
يعنى ان اخترت الدنيا التي هى كصفوف الجمل وآثرتها على الآخرة التي هى كنفس الجمل تكون محروما من الآخرة كما ان من اختار الصوف يحرم من الجمل بخلاف من كان الجمل ملكا فانه لا قيمة عنده لصوفه ولا زغبه وقال قدس سره فى محل آخر
باز كونه اى أسيران جهان نام خود كرديد أميران جهان «٣»
اى تو بنده اين جهان محبوس جان چند كويى خويش را خواجه جهان
تخته بندست آنكه تختش خوانده صدر پندارى وبر در مانده «٤»
پادشاهى نيستت بر ريش خود پادشاهى چون كنى بر نيك وبد
بي مراد تو شود ريشت سپيد شرم دار از ريش خود اى كژ اميد
افتخار از رنك وبو واز مكان هست شادى وفريب كودكان «٥»
كون ميكويد بيا من خوش پى أم وان فسادش كفته رو من لا شى أم «٦»
اى ز خوبىء بهاران لب كزان بنكر آن سردى وزردىء خزان
روز ديدى طلعت خورشيد خوب مرك او را ياد كن وقت غروب
بدر را ديدى برين خوش چار طاق حسرتش را هم ببين وقت محاق
كودكى از حسن شد مولاى خلق بعد فردا شد خرف رسواى خلق
(١) در اواخر دفتر چهارم در بيان كفتن خليل مر جبرئيل را إلخ
(٢) در اواخر دفتر چهارم در بيان اختيار كردن پادشاه دختر درويش إلخ
(٣) در أوائل دفتر چهارم در بيان قصه عطارى كه سنك ترازوى او كل سر إلخ
(٤) در أوائل دفتر چهارم در بيان دلدارى كردن ونواختن سليمان عليه السلام رسولان بلقيس را إلخ
(٥) در اواخر دفتر چهارم در بيان شرح كردن موسى عليه السلام وعده سيم را با فرعون
(٦) در اواسط دفتر چهارم در بيان نصيحت دنيا اهل دنيا ريزبان حال

صفحة رقم 24
روح البيان
عرض الكتاب
المؤلف
إسماعيل حقي بن مصطفى الإستانبولي الحنفي الخلوتي , المولى أبو الفداء
الناشر
دار الفكر - بيروت
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية