آيات من القرآن الكريم

وَلَوْ تَرَىٰ إِذْ وُقِفُوا عَلَى النَّارِ فَقَالُوا يَا لَيْتَنَا نُرَدُّ وَلَا نُكَذِّبَ بِآيَاتِ رَبِّنَا وَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ
ﰇﰈﰉﰊﰋﰌﰍﰎﰏﰐﰑﰒ ﰔﰕﰖﰗﰘﰙﰚﰛﰜﰝﰞﰟﰠﰡﰢﰣ ﭑﭒﭓﭔﭕﭖﭗﭘﭙﭚﭛﭜﭝﭞﭟﭠﭡ

وَاعْلَمْ أَنَّ الْجَوَابَ عَنْ هَذَا السُّؤَالِ سَيَأْتِي في الآية المذكورة بعد ذلك.
[سورة الأنعام (٦) : آية ٢٦]
وَهُمْ يَنْهَوْنَ عَنْهُ وَيَنْأَوْنَ عَنْهُ وَإِنْ يُهْلِكُونَ إِلاَّ أَنْفُسَهُمْ وَما يَشْعُرُونَ (٢٦)
فِي الْآيَةِ مَسَائِلُ:
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى: اعْلَمْ أَنَّهُ تَعَالَى لَمَّا بَيَّنَ أَنَّهُمْ طَعَنُوا فِي كَوْنِ الْقُرْآنِ مُعْجِزًا بِأَنْ قَالُوا: إِنَّهُ مِنْ جِنْسِ أَسَاطِيرِ الْأَوَّلِينَ وَأَقَاصِيصِ الْأَقْدَمِينَ بَيَّنَ فِي هَذِهِ الْآيَةِ أَنَّهُمْ يَنْهَوْنَ عَنْهُ وَيَنْأَوْنَ عَنْهُ، وَقَدْ سَبَقَ ذِكْرُ الْقُرْآنِ وَذِكْرُ مُحَمَّدٍ عَلَيْهِ السَّلَامُ، فَالضَّمِيرُ فِي قَوْلِهِ عَنْهُ مُحْتَمِلٌ أَنْ يَكُونَ عَائِدًا إِلَى الْقُرْآنِ وَأَنْ يَكُونَ عَائِدًا إِلَى مُحَمَّدٍ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ، فَلِهَذَا السَّبَبِ اخْتَلَفَ الْمُفَسِّرُونَ فَقَالَ بَعْضُهُمْ: وَهُمْ يَنْهَوْنَ عَنْهُ وَيَنْأَوْنَ عَنْهُ أَيْ عَنِ الْقُرْآنِ وَتَدَبُّرِهِ وَالِاسْتِمَاعِ لَهُ. وَقَالَ آخَرُونَ: بَلِ الْمُرَادُ يَنْهَوْنَ عَنِ الرَّسُولِ.
وَاعْلَمْ أَنَّ النَّهْيَ عَنِ الرَّسُولِ عَلَيْهِ السَّلَامُ مُحَالٌ بَلْ لَا بُدَّ وَأَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ النَّهْيَ عَنْ فِعْلٍ يَتَعَلَّقُ بِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ، وَهُوَ غَيْرُ مَذْكُورٍ فَلَا جَرَمَ حَصَلَ فِيهِ قَوْلَانِ: مِنْهُمْ مَنْ قَالَ الْمُرَادُ أَنَّهُمْ يَنْهَوْنَ عَنِ التَّصْدِيقِ بِنُبُوَّتِهِ وَالْإِقْرَارِ بِرِسَالَتِهِ. وَقَالَ عَطَاءٌ وَمُقَاتِلٌ: نَزَلَتْ فِي أَبِي طَالِبٍ كَانَ يَنْهَى قُرَيْشًا عَنْ إِيذَاءِ النَّبِيِّ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ، ثُمَّ يَتَبَاعَدُ عَنْهُ وَلَا يَتْبَعُهُ عَلَى دِينِهِ.
وَالْقَوْلُ الْأَوَّلُ: أَشْبَهُ لِوَجْهَيْنِ: الْأَوَّلُ: أَنَّ جَمِيعَ الْآيَاتِ الْمُتَقَدِّمَةِ عَلَى هَذِهِ الْآيَةِ تَقْتَضِي ذَمَّ طَرِيقَتِهِمْ، فَكَذَلِكَ قَوْلُهُ وَهُمْ يَنْهَوْنَ عَنْهُ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مَحْمُولًا عَلَى أَمْرٍ مَذْمُومٍ، فَلَوْ حَمَلْنَاهُ عَلَى أَنَّ أَبَا طَالِبٍ كَانَ يَنْهَى عَنْ إِيذَائِهِ، لَمَا حَصَلَ هَذَا النَّظْمُ. وَالثَّانِي: أَنَّهُ تَعَالَى قَالَ بَعْدَ ذَلِكَ وَإِنْ يُهْلِكُونَ إِلَّا أَنْفُسَهُمْ يَعْنِي بِهِ مَا تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ. وَلَا يَلِيقُ ذَلِكَ بِأَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ مِنْ قَوْلِهِ وَهُمْ يَنْهَوْنَ عَنْهُ النَّهْيَ عَنْ أَذِيَّتِهِ، لِأَنَّ ذَلِكَ حَسَنٌ لَا يُوجِبُ الْهَلَاكَ.
فَإِنْ قِيلَ: إِنَّ قوله وَإِنْ يُهْلِكُونَ إِلَّا أَنْفُسَهُمْ يرجع إلى قَوْلِهِ وَيَنْأَوْنَ عَنْهُ لَا إِلَى قَوْلِهِ يَنْهَوْنَ عَنْهُ لِأَنَّ الْمُرَادَ بِذَلِكَ أَنَّهُمْ يَبْعُدُونَ عَنْهُ بِمُفَارَقَةِ دِينِهِ، وَتَرْكِ الْمُوَافَقَةِ لَهُ وَذَلِكَ ذَمٌّ فَلَا يَصِحُّ مَا رَجَّحْتُمْ بِهِ هَذَا الْقَوْلَ.
قُلْنَا: إِنَّ ظَاهِرَ قَوْلِهِ وَإِنْ يُهْلِكُونَ إِلَّا أَنْفُسَهُمْ يَرْجِعُ إِلَى كُلِّ مَا تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ أَنْ يُقَالَ: إِنَّ فَلَانًا يَبْعُدُ عَنِ الشَّيْءِ الْفُلَانِيِّ وَيَنْفُرُ عَنْهُ وَلَا يَضُرُّ بِذَلِكَ إِلَّا نَفْسَهُ، فَلَا يَكُونُ هَذَا الضَّرَرُ مُتَعَلِّقًا بِأَحَدِ الْأَمْرَيْنِ دُونَ الْآخَرِ.
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: اعْلَمْ أَنَّ أُولَئِكَ الْكُفَّارَ كَانُوا يُعَامِلُونَ رَسُولَ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِنَوْعَيْنِ مِنَ الْقَبِيحِ. الْأَوَّلُ: أَنَّهُمْ كَانُوا يَنْهَوْنَ النَّاسَ عَنْ قَبُولِ دِينِهِ وَالْإِقْرَارِ بِنُبُوَّتِهِ. وَالثَّانِي: كَانُوا يَنْأَوْنَ عَنْهُ، وَالنَّأْيُ الْبُعْدُ يُقَالُ: نَأَى يَنْأَى إِذَا بَعُدَ.
ثُمَّ قَالَ: وَإِنْ يُهْلِكُونَ إِلَّا أَنْفُسَهُمْ وَما يَشْعُرُونَ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ، أَيْ وَمَا يُهْلِكُونَ إِلَّا أَنْفُسَهُمْ بِسَبَبِ تَمَادِيهِمْ فِي الْكُفْرِ وَغُلُوِّهِمْ فِيهِ وَمَا يَشْعُرُونَ أَنَّهُمْ يُهْلِكُونَ أَنْفُسَهُمْ وَيُذْهِبُونَهَا إِلَى النَّارِ بِمَا يَرْتَكِبُونَ مِنَ الْكُفْرِ والمعصية، واللَّه أعلم.
[سورة الأنعام (٦) : الآيات ٢٧ الى ٢٨]
وَلَوْ تَرى إِذْ وُقِفُوا عَلَى النَّارِ فَقالُوا يَا لَيْتَنا نُرَدُّ وَلا نُكَذِّبَ بِآياتِ رَبِّنا وَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ (٢٧) بَلْ بَدا لَهُمْ مَا كانُوا يُخْفُونَ مِنْ قَبْلُ وَلَوْ رُدُّوا لَعادُوا لِما نُهُوا عَنْهُ وَإِنَّهُمْ لَكاذِبُونَ (٢٨)

صفحة رقم 507

[في قوله تعالى وَلَوْ تَرى إِذْ وُقِفُوا عَلَى النَّارِ] اعْلَمْ أَنَّهُ تَعَالَى لَمَّا ذَكَرَ صِفَةَ مَنْ يَنْهَى عَنْ مُتَابَعَةِ الرَّسُولِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ، وَيَنْأَى عَنْ طَاعَتِهِ بِأَنَّهُمْ يُهْلِكُونَ أَنْفُسَهُمْ شَرَحَ كَيْفِيَّةَ ذَلِكَ الْهَلَاكِ بِهَذِهِ الْآيَةِ وَفِيهَا مَسَائِلُ:
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى: قَوْلُهُ وَلَوْ تَرى يَقْتَضِي لَهُ جَوَابًا وَقَدْ حُذِفَ تَفْخِيمًا لِلْأَمْرِ وَتَعْظِيمًا لِلشَّأْنِ، وَجَازَ حَذْفُهُ لِعِلْمِ الْمُخَاطَبِ بِهِ وَأَشْبَاهُهُ كَثِيرَةٌ فِي الْقُرْآنِ وَالشِّعْرِ. وَلَوْ قَدَّرْتَ الْجَوَابَ، كَانَ التَّقْدِيرُ: لَرَأَيْتَ سُوءَ مُنْقَلَبِهِمْ أَوْ لَرَأَيْتَ سُوءَ حَالِهِمْ وَحَذْفُ الْجَوَابِ فِي هَذِهِ الْأَشْيَاءِ أَبْلَغُ فِي الْمَعْنَى مِنْ إِظْهَارِهِ، أَلَا تَرَى: أَنَّكَ لَوْ قُلْتَ لِغُلَامِكَ، واللَّه لَئِنْ قُمْتُ إِلَيْكَ وَسَكَتَّ عَنِ الْجَوَابِ، ذَهَبَ بِفِكْرِهِ إِلَى أَنْوَاعِ الْمَكْرُوهِ، مِنَ الضَّرْبِ، وَالْقَتْلِ، وَالْكَسْرِ، وَعَظُمَ الْخَوْفُ وَلَمْ يَدْرِ أَيَّ الْأَقْسَامِ تَبْغِي. وَلَوْ قُلْتَ: واللَّه لَئِنْ قُمْتُ إِلَيْكَ لِأَضْرِبَنَّكَ فَأَتَيْتَ بِالْجَوَابِ، لَعَلِمَ أَنَّكَ لَمْ تَبْلُغْ شَيْئًا غَيْرَ الضَّرْبِ وَلَا يَخْطُرُ بِبَالِهِ نَوْعٌ مِنَ الْمَكْرُوهِ سِوَاهُ، فَثَبَتَ أَنَّ حَذْفَ الْجَوَابِ أَقْوَى تَأْثِيرًا فِي حُصُولِ الْخَوْفِ. وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ جَوَابُ لَوْ مَذْكُورٌ مِنْ بَعْضِ الْوُجُوهِ وَالتَّقْدِيرُ وَلَوْ تَرَى إذا وُقِفُوا عَلَى النَّارِ يَنُوحُونَ وَيَقُولُونَ يَا لَيْتَنَا نُرَدُّ وَلَا نُكَذِّبَ.
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: قَوْلُهُ وُقِفُوا يُقَالُ وَقَفْتُهُ وَقْفًا، وَوَقَفْتُهُ وُقُوفًا كَمَا يُقَالُ رَجَعْتُهُ رُجُوعًا. قَالَ الزَّجَّاجُ:
وَمَعْنَى وُقِفُوا عَلَى النَّارِ يَحْتَمِلُ ثَلَاثَةَ أَوْجُهٍ: الْأَوَّلُ: يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ قَدْ وُقِفُوا عِنْدَهَا وَهُمْ يُعَايِنُونَهَا فَهُمْ مَوْقُوفُونَ عَلَى أَنْ يَدْخُلُوا النَّارَ. وَالثَّانِي: يَجُوزُ أَنْ يَكُونُوا وُقِفُوا عَلَيْهَا وَهِيَ تَحْتُهُمْ، بِمَعْنَى أَنَّهُمْ وُقِفُوا فَوْقَ النَّارِ عَلَى الصِّرَاطِ، وَهُوَ جِسْرٌ فَوْقَ جَهَنَّمَ. وَالثَّالِثُ: مَعْنَاهُ عَرَفُوا حَقِيقَتَهَا تَعْرِيفًا مِنْ قَوْلِكَ وَقَفْتُ فَلَانًا عَلَى كَلَامِ فُلَانٍ أَيْ عَلَّمْتُهُ مَعْنَاهُ وَعَرَّفْتُهُ. وَفِيهِ وَجْهٌ رَابِعٌ: وَهُمْ أَنَّهُمْ يَكُونُونَ فِي جَوْفِ النَّارِ، وَتَكُونُ النَّارُ مُحِيطَةً بِهِمْ، وَيَكُونُونَ غَائِصِينَ فِيهَا وَعَلَى هَذَا التَّقْدِيرِ فَقَدْ أُقِيمَ (عَلَى) مَقَامَ (فِي) وَإِنَّمَا صَحَّ عَلَى هَذَا التَّقْدِيرِ، أَنْ يُقَالَ:
وُقِفُوا عَلَى النَّارِ، لِأَنَّ النَّارَ دَرَكَاتٌ وطبقات، بعضها فَوْقَ بَعْضٍ فَيَصِحُّ هُنَاكَ مَعْنَى الِاسْتِعْلَاءِ.
فَإِنْ قِيلَ: فَلِمَاذَا قَالَ وَلَوْ تَرى؟ وَذَلِكَ يُؤْذِنُ بِالِاسْتِقْبَالِ ثُمَّ قَالَ بَعْدَهُ إِذْ وُقِفُوا وَكَلِمَةُ إِذْ لِلْمَاضِي ثُمَّ قَالَ بَعْدَهُ، فَقَالُوا وَهُوَ يَدُلُّ عَلَى الْمَاضِي.
قُلْنَا: إِنَّ كَلِمَةَ (إِذْ) تُقَامُ مَقَامَ (إِذَا) إِذَا أَرَادَ الْمُتَكَلِّمُ الْمُبَالَغَةَ فِي التَّكْرِيرِ وَالتَّوْكِيدِ، وَإِزَالَةَ الشُّبْهَةِ لِأَنَّ الْمَاضِيَ قَدْ وَقَعَ وَاسْتَقَرَّ، فَالتَّعْبِيرُ عَنِ الْمُسْتَقْبَلِ بِاللَّفْظِ الْمَوْضُوعِ لِلْمَاضِي، يُفِيدُ الْمُبَالَغَةَ مِنْ هَذَا الِاعْتِبَارِ.
الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ: قَالَ الزَّجَّاجُ: الْإِمَالَةُ فِي النَّارِ حَسَنَةٌ جَيِّدَةٌ، لِأَنَّ مَا بَعْدَ الْأَلِفِ مَكْسُورٌ وَهُوَ حَرْفُ الرَّاءِ، كَأَنَّهُ تَكَرَّرَ فِي اللِّسَانِ فَصَارَتِ الْكَسْرَةُ فِيهِ كَالْكَسْرَتَيْنِ.
أَمَّا قَوْلُهُ تَعَالَى: فَقالُوا يَا لَيْتَنا نُرَدُّ وَلا نُكَذِّبَ بِآياتِ رَبِّنا وَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ فَفِيهِ مَسَائِلُ:
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى: قَوْلُهُ يا لَيْتَنا نُرَدُّ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُمْ قَدْ تَمَنَّوْا أَنْ يُرَدُّوا إِلَى الدُّنْيَا. فَأَمَّا قَوْلُهُ وَلا نُكَذِّبَ بِآياتِ رَبِّنا وَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ فَفِيهِ قَوْلَانِ: أَحَدُهُمَا: أَنَّهُ دَاخِلٌ فِي التَّمَنِّي وَالتَّقْدِيرُ أَنَّهُمْ تَمَنَّوْا أَنْ يُرَدُّوا إِلَى الدُّنْيَا وَلَا يَكُونُوا مُكَذِّبِينَ وَأَنْ يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ.
فَإِنْ قَالُوا هَذَا بَاطِلٌ لِأَنَّهُ تَعَالَى حَكَمَ عَلَيْهِمْ بِكَوْنِهِمْ كَاذِبِينَ بِقَوْلِهِ فِي آخِرِ الْآيَةِ وَإِنَّهُمْ لَكاذِبُونَ وَالْمُتَمَنِّي لَا يُوصَفُ بِكَوْنِهِ كَاذِبًا.
قُلْنَا: لَا نُسَلِّمُ أَنَّ الْمُتَمَنِّيَ لَا يُوصَفُ بِكَوْنِهِ كَاذِبًا لِأَنَّ مَنْ أَظْهَرَ التَّمَنِّيَ، فَقَدْ أَخْبَرَ ضِمْنًا كَوْنَهُ مُرِيدًا لذلك

صفحة رقم 508

الشَّيْءِ فَلَمْ يَبْعُدْ تَكْذِيبُهُ فِيهِ، وَمِثَالُهُ أَنْ يَقُولَ الرَّجُلُ: لَيْتَ اللَّه يَرْزُقُنِي مَالًا فَأُحْسِنَ إِلَيْكَ، فَهَذَا تَمَنٍّ فِي حُكْمِ الْوَعْدِ، فَلَوْ رُزِقَ مَالًا وَلَمْ يُحْسِنْ إِلَى صَاحِبِهِ لَقِيلَ إِنَّهُ كَذَبَ فِي وَعْدِهِ.
الْقَوْلُ الثَّانِي: أَنَّ التمني تمّ عند قوله يا لَيْتَنا نُرَدُّ وَأَمَّا قَوْلُهُ وَلا نُكَذِّبَ بِآياتِ رَبِّنا وَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ فَهَذَا الْكَلَامُ مُبْتَدَأٌ وَقَوْلُهُ تَعَالَى فِي آخِرِ الْآيَةِ وَإِنَّهُمْ لَكاذِبُونَ عَائِدٌ إِلَيْهِ وَتَقْدِيرُ الْكَلَامِ يَا لَيْتَنَا نُرَدُّ، ثُمَّ قَالُوا وَلَوْ رُدِدْنَا لَمْ نُكَذِّبْ بِالدِّينِ وَكُنَّا مِنَ الْمُؤْمِنِينَ، ثُمَّ إِنَّهُ تَعَالَى كَذَّبَهُمْ وَبَيَّنَ أَنَّهُمْ لَوْ رُدُّوا لَكَذَّبُوا وَلَأَعْرَضُوا عَنِ الْإِيمَانِ.
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: قَرَأَ ابْنُ عَامِرٍ نُرَدُّ وَنُكَذِّبُ بِالرَّفْعِ فِيهِمَا وَنَكُونَ بِالنَّصْبِ، وَقَرَأَ حَمْزَةُ وَحَفْصٌ عَنْ عَاصِمٍ نُرَدُّ بِالرَّفْعِ، ونُكَذِّبَ ونَكُونَ بِالنَّصْبِ فِيهِمَا، وَالْبَاقُونَ بِالرَّفْعِ فِي الثَّلَاثَةِ، فَحَصَلَ مِنْ هَذَا أَنَّهُمُ اتَّفَقُوا عَلَى الرَّفْعِ فِي قَوْلِهِ نُرَدُّ وذلك لأنه داخلة فِي التَّمَنِّي لَا مَحَالَةَ، فَأَمَّا الَّذِينَ رَفَعُوا قَوْلَهُ وَلَا نُكَذِّبُ... وَنَكُونُ فَفِيهِ وَجْهَانِ: الْأَوَّلُ: أَنْ يَكُونَ مَعْطُوفًا عَلَى قَوْلِهِ نُرَدُّ فَتَكُونُ الثَّلَاثَةُ دَاخِلٌ فِي التَّمَنِّي، فَعَلَى هَذَا قَدْ تَمَنَّوُا الرَّدَّ وَأَنْ لَا يُكَذِّبُوا وَأَنْ يَكُونُوا مِنَ الْمُؤْمِنِينَ.
وَالْوَجْهُ الثَّانِي: أَنْ يُقْطَعَ وَلَا نُكَذِّبُ وَمَا بَعْدَهُ عَنِ الْأَوَّلِ، فَيَكُونُ التَّقْدِيرُ: يَا لَيْتَنَا نُرَدُّ وَنَحْنُ لَا نُكَذِّبُ بِآيَاتِ رَبِّنَا وَنَكُونُ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ، فَهُمْ ضَمِنُوا أَنَّهُمْ لَا يُكَذِّبُونَ بِتَقْدِيرِ حُصُولِ الرَّدِّ. وَالْمَعْنَى يَا لَيْتَنَا نُرَدُّ وَنَحْنُ لَا نُكَذِّبُ بِآيَاتِ رَبِّنَا رُدِدْنَا أَوْ لَمْ نَرُدَّ أَيْ قَدْ عَايَنَّا وَشَاهَدْنَا مَا لَا نُكَذِّبُ مَعَهُ أَبَدًا. قَالَ سِيبَوَيْهِ: وَهُوَ مِثْلُ قَوْلِكَ دَعْنِي وَلَا أَعُودُ، فَهَهُنَا الْمَطْلُوبُ بِالسُّؤَالِ تَرْكُهُ. فَأَمَّا أَنَّهُ لَا يَعُودُ فَغَيْرُ دَاخِلٍ فِي الطَّلَبِ، فَكَذَا هُنَا قَوْلُهُ يَا لَيْتَنا نُرَدُّ الدَّاخِلُ فِي هَذَا التَّمَنِّي الرَّدُّ، فَأَمَّا تَرْكُ التَّكْذِيبِ وَفِعْلُ الْإِيمَانِ فَغَيْرُ دَاخِلٍ فِي التَّمَنِّي، بَلْ هُوَ حَاصِلٌ سَوَاءٌ حَصَلَ الرَّدُّ أَوْ لَمْ يَحْصُلْ، وَهَذَانَ الْوَجْهَانِ ذَكَرَهُمَا الزَّجَّاجُ وَالنَّحْوِيُّونَ قَالُوا: الْوَجْهُ الثَّانِي أَقْوَى، وَهُوَ أَنْ يَكُونَ الرَّدُّ دَاخِلًا فِي التَّمَنِّي، وَيَكُونُ مَا بَعْدَهُ إِخْبَارًا مَحْضًا. وَاحْتَجُّوا عَلَيْهِ بِأَنَّ اللَّه كَذَّبَهُمْ فِي الْآيَةِ الثَّانِيَةِ فَقَالَ:
وَإِنَّهُمْ لَكاذِبُونَ وَالْمُتَمَنِّي لَا يَجُوزُ تَكْذِيبُهُ، وَهَذَا اخْتِيَارُ أَبِي عَمْرٍو. وَقَدِ احْتُجَّ عَلَى صِحَّةِ قَوْلِهِ بِهَذِهِ الْحُجَّةِ، إِلَّا أَنَّا قَدْ أَجَبْنَا عَنْ هَذِهِ الْحُجَّةِ، وَذَكَرْنَا أَنَّهَا لَيْسَتْ قَوِيَّةً، وَأَمَّا مَنْ قَرَأَ وَلا نُكَذِّبَ. ونَكُونَ بِالنَّصْبِ فَفِيهِ وُجُوهٌ: الْأَوَّلُ: بِإِضْمَارِ (أَنْ) عَلَى جَوَابِ التَّمَنِّي، وَالتَّقْدِيرُ: يَا لَيْتَنَا نَرُدُّ وَأَنْ لَا نُكَذِّبَ. وَالثَّانِي: أَنْ تَكُونَ الْوَاوُ مُبْدَلَةً مِنَ الْفَاءِ، وَالتَّقْدِيرُ: يَا لَيْتَنَا نُرَدُّ فَلَا نكذب، فتكون الواو هاهنا بِمَنْزِلَةِ الْفَاءِ فِي قَوْلِهِ لَوْ أَنَّ لِي كَرَّةً فَأَكُونَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ [الزُّمَرِ: ٥٨] وَيَتَأَكَّدُ هَذَا الْوَجْهُ بِمَا رُوِيَ أَنَّ ابْنَ مَسْعُودٍ كَانَ يَقْرَأُ فَلَا نُكَذِّبَ بِالْفَاءِ عَلَى النَّصْبِ، وَالثَّالِثُ: أَنْ يَكُونَ مَعْنَاهُ الْحَالُ، وَالتَّقْدِيرُ: يَا لَيْتَنَا نُرَدُّ غَيْرَ مُكَذِّبِينَ، كَمَا تَقُولُ الْعَرَبُ- لَا تَأْكُلِ السَّمَكَ وَتَشْرَبَ اللَّبَنَ- أَيْ لَا تَأْكُلِ السَّمَكَ شَارِبًا لِلَّبَنِ.
وَاعْلَمْ أَنَّ عَلَى هَذِهِ الْقِرَاءَةِ تَكُونُ الْأُمُورُ الثَّلَاثَةُ دَاخِلَةً فِي التَّمَنِّي. وَأَمَّا أَنَّ الْمُتَمَنِّيَ كَيْفَ يَجُوزُ/ تَكْذِيبُهُ فَقَدْ سَبَقَ تَقْرِيرُهُ. وَأَمَّا قِرَاءَةُ ابْنِ عَامِرٍ وَهِيَ أَنَّهُ كَانَ يَرْفَعُ وَلَا نُكَذِّبُ وَيَنْصُبُ وَنَكُونَ فَالتَّقْدِيرُ: أَنَّهُ يَجْعَلُ قَوْلَهُ وَلا نُكَذِّبَ دَاخِلًا فِي التَّمَنِّي، بِمَعْنَى أَنَّا إِنْ رُدِدْنَا غَيْرَ مُكَذِّبِينَ نَكُنْ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ واللَّه أَعْلَمُ.
الْمَسْأَلَةُ الثالثة: قوله فَقالُوا يا لَيْتَنا نُرَدُّ وَلا نُكَذِّبَ لَا شُبْهَةَ فِي أَنَّ الْمُرَادَ تَمَنِّي رَدِّهِمْ إِلَى حَالَةِ التَّكْلِيفِ لِأَنَّ لَفْظَ الرَّدِّ إِذَا اسْتُعْمِلَ فِي الْمُسْتَقْبَلِ مِنْ حَالٍ إِلَى حَالٍ، فَالْمَفْهُومُ مِنْهُ الرَّدُّ إِلَى الْحَالَةِ الْأُولَى. وَالظَّاهِرُ أَنَّ مَنْ صَدَرَ مِنْهُ تَقْصِيرٌ ثُمَّ عَايَنَ الشَّدَائِدَ وَالْأَحْوَالَ بِسَبَبِ ذَلِكَ التَّقْصِيرِ أَنَّهُ يَتَمَنَّى الرَّدَّ إِلَى الْحَالَةِ الْأُولَى، ليسعى في

صفحة رقم 509

إِزَالَةِ جَمِيعِ وُجُوهِ التَّقْصِيرَاتِ. وَمَعْلُومٌ أَنَّ الْكُفَّارَ قَصَّرُوا فِي دَارِ الدُّنْيَا فَهُمْ يَتَمَنَّوْنَ الْعَوْدَ إِلَى الدُّنْيَا لِتَدَارُكِ تِلْكَ التَّقْصِيرَاتِ، وَذَلِكَ التَّدَارُكُ لَا يَحْصُلُ بِالْعَوْدِ إِلَى الدُّنْيَا فَقَطْ، وَلَا بِتَرْكِ التَّكْذِيبِ، وَلَا بِعَمَلِ الْإِيمَانِ بَلْ إِنَّمَا يَحْصُلُ التَّدَارُكُ بِمَجْمُوعِ هَذِهِ الْأُمُورِ الثَّلَاثَةِ فَوَجَبَ إِدْخَالُ هَذِهِ الثَّلَاثَةِ تَحْتَ التَّمَنِّي.
فَإِنْ قِيلَ: كَيْفَ يَحْسُنُ مِنْهُمْ تَمَنِّي الرَّدِّ مَعَ أَنَّهُمْ يعلمون أن الرد يحصل لا الْبَتَّةَ.
وَالْجَوَابُ مِنْ وُجُوهٍ: الْأَوَّلُ: لَعَلَّهُمْ لَمْ يَعْلَمُوا أَنَّ الرَّدَّ لَا يَحْصُلُ. وَالثَّانِي: أَنَّهُمْ وَإِنْ عَلِمُوا أَنَّ ذَلِكَ لَا يَحْصُلُ إِلَّا أَنَّ هَذَا الْعِلْمَ لَا يَمْنَعُ مِنْ حُصُولِ إِرَادَةِ الرَّدِّ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: يُرِيدُونَ أَنْ يَخْرُجُوا مِنَ النَّارِ [الْمَائِدَةِ: ٣٧] وَكَقَوْلِهِ أَنْ أَفِيضُوا عَلَيْنا مِنَ الْماءِ أَوْ مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ [الْأَعْرَافِ: ٥٠] فَلَمَّا صَحَّ أَنْ يُرِيدُوا هَذِهِ الْأَشْيَاءَ مَعَ الْعِلْمِ بِأَنَّهَا لَا تَحْصُلُ، فَبِأَنْ يَتَمَنَّوْهُ أَقْرَبُ، لِأَنَّ بَابَ التَّمَنِّي أَوْسَعُ، لِأَنَّهُ يَصِحُّ أَنْ يَتَمَنَّى مَا لَا يَصِحُّ أَنْ يُرِيدَ مِنَ الْأُمُورِ الثَّلَاثَةِ الْمَاضِيَةِ.
ثُمَّ قَالَ تَعَالَى: بَلْ بَدا لَهُمْ مَا كانُوا يُخْفُونَ مِنْ قَبْلُ وفيه مسائل:
المسألة الأولى: معنى بَلْ هاهنا رَدُّ كَلَامِهُمْ، وَالتَّقْدِيرُ: أَنَّهُمْ مَا تَمَنَّوُا الْعَوْدَ إِلَى الدُّنْيَا، وَتَرْكَ التَّكْذِيبِ، وَتَحْصِيلَ الْإِيمَانِ لِأَجْلِ كَوْنِهِمْ رَاغِبِينَ فِي الْإِيمَانِ، بَلْ لِأَجْلِ خَوْفِهِمْ مِنَ الْعِقَابِ الَّذِي شَاهَدُوهُ وَعَايَنُوهُ. وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الرَّغْبَةَ فِي الْإِيمَانِ وَالطَّاعَةِ لَا تَنْفَعُ إِلَّا إِذَا كَانَتْ تِلْكَ الرَّغْبَةُ رَغْبَةً فِيهِ، لِكَوْنِهِ إِيمَانًا وَطَاعَةً، فَأَمَّا الرَّغْبَةُ فِيهِ لِطَلَبِ الثَّوَابِ، وَالْخَوْفِ مِنَ الْعِقَابِ فَغَيْرُ مُفِيدٍ.
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: الْمُرَادُ مِنَ الْآيَةِ: أَنَّهُ ظَهَرَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ مَا أَخْفَوْهُ فِي الدُّنْيَا. وَقَدِ اخْتَلَفُوا فِي ذَلِكَ الَّذِي أَخْفَوْهُ عَلَى وُجُوهٍ: الْأَوَّلُ: قَالَ أَبُو رَوْقٍ: إِنَّ الْمُشْرِكِينَ فِي بَعْضِ مَوَاقِفِ الْقِيَامَةِ يَجْحَدُونَ الشِّرْكَ فَيَقُولُونَ وَاللَّهِ رَبِّنا مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ فَيُنْطِقُ اللَّه جَوَارِحَهُمْ فَتَشْهَدُ عَلَيْهِمْ بِالْكُفْرِ، فَذَلِكَ حِينَ بَدَا لَهُمْ مَا كَانُوا يُخْفُونَ مِنْ قَبْلُ.
قَالَ الْوَاحِدِيُّ: وَعَلَى هَذَا الْقَوْلِ أَهْلُ التَّفْسِيرِ. الثَّانِي: / قَالَ الْمُبَرِّدُ: بَدَا لَهُمْ وَبَالُ عَقَائِدِهِمْ وَأَعْمَالِهِمْ وَسُوءُ عَاقِبَتِهَا، وَذَلِكَ لِأَنَّ كُفْرَهُمْ مَا كَانَ بَادِيًا ظَاهِرًا لَهُمْ، لِأَنَّ مَضَارَّ كُفْرِهِمْ كَانَتْ خَفِيَّةً، فَلَمَّا ظَهَرَتْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ لَا جَرَمَ قَالَ اللَّه تَعَالَى: بَلْ بَدا لَهُمْ مَا كانُوا يُخْفُونَ مِنْ قَبْلُ الثَّالِثُ: قَالَ الزَّجَّاجُ: بَدَا لِلْأَتْبَاعِ مَا أَخَفَاهُ الرُّؤَسَاءُ عَنْهُمْ مِنْ أَمْرِ الْبَعْثِ وَالنُّشُورِ. قَالَ وَالدَّلِيلُ عَلَى صِحَّةِ هَذَا الْقَوْلِ أَنَّهُ تَعَالَى ذَكَرَ عَقِيبَهُ وَقالُوا إِنْ هِيَ إِلَّا حَياتُنَا الدُّنْيا وَما نَحْنُ بِمَبْعُوثِينَ [الأنعام: ٢٩] وَهَذَا قَوْلُ الْحَسَنِ. الرَّابِعُ: قَالَ بَعْضُهُمْ: هَذِهِ الْآيَةُ فِي الْمُنَافِقِينَ، وَقَدْ كَانُوا يُسِرُّونَ الْكُفْرَ وَيُظْهِرُونَ الْإِسْلَامَ، وَبَدَا لَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَظَهَرَ بِأَنْ عَرَفَ غَيْرُهُمْ أَنَّهُمْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ مُنَافِقِينَ. الْخَامِسُ: قِيلَ بَدَا لَهُمْ مَا كَانَ عُلَمَاؤُهُمْ يُخْفُونَ مِنْ جَحْدِ نُبُوَّةِ الرَّسُولِ وَنَعْتِهِ وَصِفَتِهِ فِي الْكُتُبِ وَالْبِشَارَةِ بِهِ، وَمَا كَانُوا يُحَرِّفُونَهُ مِنَ التَّوْرَاةِ مِمَّا يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ.
وَاعْلَمْ أَنَّ اللَّفْظَ مُحْتَمِلٌ لِوُجُوهٍ كَثِيرَةٍ. وَالْمَقْصُودُ مِنْهَا بِأَسْرِهَا أَنَّهُ ظَهَرَتْ فَضِيحَتُهُمْ فِي الْآخِرَةِ وانهتكت أَسْتَارُهُمْ. وَهُوَ مَعْنَى قَوْلِهِ تَعَالَى: يَوْمَ تُبْلَى السَّرائِرُ [الطَّارِقِ: ٩].
ثُمَّ قَالَ تَعَالَى: وَلَوْ رُدُّوا لَعادُوا لِما نُهُوا عَنْهُ وَالْمَعْنَى أَنَّهُ تَعَالَى لَوْ رَدَّهُمْ لَمْ يَحْصُلْ مِنْهُمْ تَرْكُ التَّكْذِيبِ وَفِعْلُ الْإِيمَانِ، بَلْ كَانُوا يَسْتَمِرُّونَ عَلَى طَرِيقَتِهِمُ الْأُولَى فِي الْكُفْرِ وَالتَّكْذِيبِ.
فَإِنْ قِيلَ: إِنَّ أَهْلَ الْقِيَامَةِ قَدْ عَرَفُوا اللَّه بِالضَّرُورَةِ، وَشَاهَدُوا أَنْوَاعَ الْعِقَابِ وَالْعَذَابِ فَلَوْ رَدَّهُمُ اللَّه تَعَالَى

صفحة رقم 510
مفاتيح الغيب
عرض الكتاب
المؤلف
أبو عبد الله محمد بن عمر (خطيب الري) بن الحسن بن الحسين التيمي الرازي
الناشر
دار إحياء التراث العربي - بيروت
سنة النشر
1420
الطبعة
الثالثة
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية