آيات من القرآن الكريم

الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُمُ ۘ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ فَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ
ﭽﭾﭿﮀﮁﮂﮃﮄﮅﮆﮇﮈﮉﮊ

وقال الفراء: (ولم يقل أُخر؛ لأن الآلهة جمع، والجمع يقع عليه التأنيث، كما قال تعالى: ﴿وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى﴾ [الأعراف: ١٨٠]، وقال: ﴿فَمَا بَالُ الْقُرُونِ الْأُولَى﴾ [طه: ٥١]، ولم يقل: الأول، ولا الأولين؛ وكل ذلك صواب) (١)
وقوله تعالى: ﴿قُلْ لَا أَشْهَدُ﴾ إلى آخر الآية، قال العلماء: (المستحب لمن أسلم ابتداء أن يأتي بالشهادتين، ويتبرأ من كل دين سوى دين الإسلام) (٢).
ونص الشافعي على استحباب ضم التبرؤ إلى الشهادة لقوله تعالى: ﴿وَإِنَّنِي بَرِيءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ﴾ عقيب أمره نبيه - ﷺ - بالتوحيد (٣).
٢٠ - قوله تعالى: ﴿الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ﴾ الآية، نصف هذه الآية مفسر في سورة البقرة، والنصف الثاني مفسر في هذه السورة.
وقوله تعالى: ﴿يَعْرِفُونَهُ﴾ أي: يعرفونه بالنبوة والصدق، بما يجدونه (٤) مكتوبًا عندهم في صفته ونعته، والمراد بهؤلاء الذين يعرفونه: اليهود والنصارى، و ﴿الْكِتَابَ﴾: التوراة والإنجيل، وهذا قول ابن

(١) "معاني القرآن" للفراء ١/ ٣٢٩، وانظر: "تفسير الطبري" ٧/ ١٦٣، و"البحر المحيط" ٤/ ٩٢.
(٢) انظر: "تفسير الرازي" ١٢/ ١٧٩، و"الخازن" ٢/ ١٢٥.
(٣) ذكره في "روضة الطالبين" ٧/ ٣٠١، عن الشافعي، وزاد: (وقال في موضع: إذا أتى بالشهادتين صار مسلمًا؛ وليس هذا باختلاف قول عند جمهور الأصحاب، بل يختلف الحال باختلاف الكفار وعقائدهم) ا. هـ
وانظر: "المغني" لابن قدامة ١٢/ ٢٨٨ - ٢٩١، و"نيل الأوطار" ٧/ ٢٣٠ - ٢٣٥.
(٤) في (أ): (لما يجدونه).

صفحة رقم 50

عباس (١) والحسن (٢) وقتادة (٣) وابن جريج والسدي (٤).
وقوله تعالى: ﴿الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ﴾ قال الزجاج: (﴿الَّذِينَ﴾ يجوز أن يكون رفعًا على نعت: ﴿الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ﴾، وجائز أن يكون على الابتداء، ويكون ﴿فَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ﴾ خبره، قال: والأشبه أن يعني بالذين خسروا أنفسهم أهل الكتاب، وجائز أن يُعنى به جملة الكفار) (٥).

(١) "تنوير المقباس" ٢/ ٩، وذكره ابن الجوزي في "تفسيره" ١/ ١٥٨.
(٢) ذكره الماوردي ٢/ ١٠٠، والقرطبي في "تفسيره" ٦/ ٤٠٠.
(٣) أخرجه عبد الرزاق ١/ ٢/ ٢٠٦، وابن أبي حاتم ٤/ ١٢٧٢ بسند جيد.
(٤) أخرجه الطبري ٧/ ١٦٤، من طرق جيدة عن قتادة وابن جريج والسدي. وهذا هو قول الجمهور ورجحه أكثرهم. انظر: "معاني الفراء" ١/ ٣٢٩، و"النحاس" ٢/ ٤٠٧، و"تفسير السمرقندي" ١/ ٤٧٨، والبغوي في "تفسيره" ٣/ ١٣٤، والزمخشري ٢/ ١٠، وابن الجوزي في "تفسيره" ١٢/ ١٤، والرازي في "تفسيره" ١٢/ ١٧٩، وبعضهم حمله على العموم أي يعرفون التوحيد والقرآن ونبوة محمد - ﷺ -. وهو اختيار الطبري ٧/ ١٦٤، وابن كثير ٢/ ١٤٣، وأفاد ابن عطية ٥/ ١٥٤، والسمين في "الدر" ٤/ ٥٧٠، صحة عودة الضمير على الكل دون تخصيص، كأنه قيل: يعرفون ما ذكرنا وقصصنا. وانظر: الماوردي ٢/ ١٠٠، و"البحر" ٤/ ٩٢.
(٥) "معاني الزجاج" ٢/ ٢٣٥، ومثله ذكر النحاس في "إعرابه" ١/ ٥٣٩، والرازي في "تفسيره" ١٢/ ١٧٩، والقرطبي في "تفسيره" ٦/ ٤٠٠، ورجح الطبري ٧/ ١٦٤، الوجه الأول، والسمين في "الدر" ٤/ ٥٧٠، الوجه الثاني، وانظر: "المشكل" ١/ ٢٤٧، وابن عطية في "تفسيره" ٥/ ١٥٥، و"التبيان" ١/ ٣٢٧، و"الفريد" ٢/ ١٣٣، و"البحر" ٤/ ٩٣، وأفاد أبو حيان والسمين (أن الفاء في قوله ﴿فَهُمْ﴾ على الوجه الأول لعطف جملة اسمية على مثلها، والمراد بالذين خسروا أهل الكتاب خاصة، وعلى الوجه الثاني الفاء رابطة لما عرف من شبه الموصول بالشرط، والمراد بالذين خسروا جملة الكفار من أهل الكتاب وغيرهم).

صفحة رقم 51
التفسير البسيط
عرض الكتاب
المؤلف
أبو الحسن علي بن أحمد بن محمد بن علي الواحدي، النيسابوري، الشافعي
الناشر
عمادة البحث العلمي - جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية.
سنة النشر
1430
الطبعة
الأولى
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية