
قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿ وَهُوَ ٱلَّذِي جَعَلَكُمْ خَلاَئِفَ ٱلأَرْضِ ﴾؛ أي جعلكم يا أُمَّةَ مُحَمَّدٍ خَلَفاً في الأرض، والْخَلاَئِفُ: جمعُ الْخَلِيْفَةِ، وكلُّ قَرْنٍ خَلِيْفَةٌ للقرنِ الذين كانوا قبلَهم في الأرضِ. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿ وَرَفَعَ بَعْضَكُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ ﴾؛ أي فَضَّلَ بعضَكم في المالِ والمعاشِ والجَاهِ؛ تقديرهُ: إلى دَرَجَاتٍ، ثم حُذفَ (إلى) وانتصبَ (دَرَجَاتٍ). ويقالُ: إنَّ الدرجاتِ مفعولٌ على تقدير: وَرَفَعَكُمْ درجاتٍ، كما يقال: كَسَوْتُ فلاناً ثوباً. قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿ لِّيَبْلُوَكُمْ فِي مَآ آتَاكُمْ ﴾؛ أي لِيَخْتَبرَكُمْ فيما أعطاكُم؛ يختبرُ الغنِيُّ بالفقيرِ؛ والفقيرَ بالغنيِّ، فيظهرُ للناس شُكْرُ الشاكرين وصَبْرُ الصابرين. قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿ إِنَّ رَبَّكَ سَرِيعُ ٱلْعِقَابِ وَإِنَّهُ لَغَفُورٌ رَّحِيمٌ ﴾؛ أي إذا عَاقَبَ فإنهُ سريعُ العقاب مع أنه مَوْصُوفُ بالْحُلْمِ والإمهالِ؛ لأنَّ كلَّ ما هو آتٍ قريبٌ. وَقِيْلَ: أراد بقوله: ﴿ سَرِيعُ ٱلْعِقَابِ ﴾ سريعَ الحساب. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿ وَإِنَّهُ لَغَفُورٌ ﴾ أي غَفُورٌ لِمن تاب من الذنوب.
﴿ رَّحِيمٌ ﴾ بمن ماتَ على التوبة. وقال عطاءُ: (سَرِيْعُ الْعِقَاب لأَعْدَائِهِ، غَفُورٌ رَحِيْمٌ لأَوْلِيَائِهِ). واللهُ أعلمُ.