آيات من القرآن الكريم

فَإِنْ كَذَّبُوكَ فَقُلْ رَبُّكُمْ ذُو رَحْمَةٍ وَاسِعَةٍ وَلَا يُرَدُّ بَأْسُهُ عَنِ الْقَوْمِ الْمُجْرِمِينَ
ﮙﮚﮛﮜﮝﮞﮟﮠﮡﮢﮣﮤﮥﮦﮧﮨﮩﮪﮫﮬﮭﮮﮯﮰﮱﯓﯔﯕﯖﯗﯘﯙﯚﯛﯜﯝﯞﯟﯠﯡ ﯣﯤﯥﯦﯧﯨﯩﯪﯫﯬﯭﯮﯯﯰﯱﯲﯳﯴﯵﯶﯷﯸﯹﯺﯻﯼﯽﯾﯿﰀﰁ ﭑﭒﭓﭔﭕﭖﭗﭘﭙﭚﭛﭜﭝ

اثنين: الكبش والنعجة، ومن المعز اثنين: التيس والعنزة، ومن الإبل اثنتين: الجمل والناقة، ومن البقر اثنتين: الثور والبقرة، قل لهم أيها الرسول تبكيتا وتوبيخا: أحرّم الله الذكرين من الكبش والتيس؟ أم حرم الأنثيين من النعجة والعنزة؟ نبئونى بعلم إن كنتم صادقين!! أم الله حرم الذكرين من الجمل والثور؟ أم حرم الأنثيين من الناقة والبقرة؟!! أم حرم الله ما اشتملت عليه أرحام الأنثيين؟ وقد كان المشركون في الجاهلية يحرمون بعض الأنعام كالبحيرة والسائبة والوصيلة والحامي، فاحتج- سبحانه وتعالى- عليهم بأن لكل من الضأن والمعز والإبل والبقر ذكرا وأنثى، فإن كان قد حرم منها الذكر وجب أن يكون كل ذكورها حراما، وإن كان حرم- جل شأنه- الأنثى وجب أن يكون كل إناثها حراما، وإن كان حرم ما اشتملت عليه أرحام الأنثيين، وجب تحريم الأولاد كلها.
والله- تعالى- ما حرم عليهم شيئا من هذه الأنواع، وإنهم لكاذبون في دعوى التحريم، وقد فصل الله ذلك أتم تفصيل، مبالغة في الرد عليهم، ثم زاد في الإنكار فقال: بل أكنتم حضورا؟ أو قد وصاكم الله بهذا؟ كلا ما حصل هذا ولا ذاك، وإنما أنتم تفترون على الله الكذب، وتقولون على الله ما لا تعلمون، وبعد أن نفى طريق العلم. وهو التلقي من الرسل، أو من الله، أثبت أنه لا أحد أظلم ممن ثبت أنه افترى على الله الكذب، فيضل الناس بغير علم.
أما جزاؤكم: فإن الله لا يهدى القوم الظالمين، ولا يوفقهم إلى الخير أصلا.
ما حرمه القرآن وما حرمته التوراة من المأكولات [سورة الأنعام (٦) : الآيات ١٤٥ الى ١٤٧]
قُلْ لا أَجِدُ فِي ما أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّماً عَلى طاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلاَّ أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَماً مَسْفُوحاً أَوْ لَحْمَ خِنزِيرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ أَوْ فِسْقاً أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ باغٍ وَلا عادٍ فَإِنَّ رَبَّكَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (١٤٥) وَعَلَى الَّذِينَ هادُوا حَرَّمْنا كُلَّ ذِي ظُفُرٍ وَمِنَ الْبَقَرِ وَالْغَنَمِ حَرَّمْنا عَلَيْهِمْ شُحُومَهُما إِلاَّ ما حَمَلَتْ ظُهُورُهُما أَوِ الْحَوايا أَوْ مَا اخْتَلَطَ بِعَظْمٍ ذلِكَ جَزَيْناهُمْ بِبَغْيِهِمْ وَإِنَّا لَصادِقُونَ (١٤٦) فَإِنْ كَذَّبُوكَ فَقُلْ رَبُّكُمْ ذُو رَحْمَةٍ واسِعَةٍ وَلا يُرَدُّ بَأْسُهُ عَنِ الْقَوْمِ الْمُجْرِمِينَ (١٤٧)

صفحة رقم 674

المفردات:
مُحَرَّماً: محظورا أو ممنوعا. طاعِمٍ يَطْعَمُهُ: آكل يأكله.
مَسْفُوحاً: مصبوبا سائلا يجرى من المذبوح. رِجْسٌ قذر قبيح.
شُحُومَهُما: المراد الشحم الرقيق الذي يكون على الكرش، وكذا الشحم الذي يكون على الكلية. الْحَوايا: مجتمع الأمعاء في البطن. بَأْسُهُ: عذابه.
المعنى:
قل يا محمد: لا أجد فيما أوحى إلى محرما إلا هذه الأشياء، لا ما تحرمونه أنتم بشهوتكم، ووسوسة الشياطين لكم، والآية مكية، وقد أشارت إلى المحرمات بالجملة، ثم فصلت المحرمات في آية المائدة رقم (٣) وحرم رسول الله صلّى الله عليه وسلّم في المدينة «أكل كل ذي ناب من السباع، وكل ذي مخلب من الطير» على ما هو مفضل في كتاب الصيد والذبائح من كتب الفقه.
لا أجد في الذي أوحى إلى شيئا محرما على طاعم وآكل يأكله إلا هذه الأربعة، والمحرم في لسان الشرع: هو المحظور الممنوع، وفي اللغة عام يشمل المكروه، ولهذا اختلف العلماء فيما حرمه النبي صلّى الله عليه وسلّم.

صفحة رقم 675

إنما حرم عليكم الميتة وهي ما ماتت حتف أنفها بغير ذبح شرعي، وذلك يشمل المخنوقة والموقوذة والمتردية والنطيحة ونحوها، والدم المسفوح السائل يجرى من المذبوح، أما الجامد كالكبد والطحال فحلال،
وفي الحديث: «أحل لنا ميتتان:
السمك والجراد، ودمان: الكبد والطحال»

ولحم الخنزير وما يشبهه كالكلب فإن هذا كله رجس وقذارة، تعافها النفوس الطيبة وهو ضار بالبدن، وحرم كذلك ما أهل لغير الله به، وما ذبح على النصب والأزلام.
والمعنى:
إلا أن يكون ميتة... أو فسقا أهل لغير الله به: وَلا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَإِنَّهُ لَفِسْقٌ... ومن أصابته ضرورة ملحة إلى أكل المحرم فهو حلال له بشرط ألا يكون باغيا له وقاصده لذاته، وبشرط ألا يكون معتديا ومتجاوزا حد الضرورة، فإن ربك غفور للذنوب رحيم بالعباد، فلا يؤاخذ شخصا يأكل ما يسد به مخمصته، أو يدفع ضرر هلاكه.
هذا ما حرم في شريعة محمد صلّى الله عليه وسلّم بالإجمال، وما حرمه الله على اليهود خاصة كان تحريما مؤقتا، عقوبة لهم لا لذاته: فَبِظُلْمٍ مِنَ الَّذِينَ هادُوا حَرَّمْنا عَلَيْهِمْ طَيِّباتٍ أُحِلَّتْ لَهُمْ وَبِصَدِّهِمْ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ كَثِيراً [سورة النساء آية ١٦٠].
وعلى الذين هادوا- خاصة- حرمنا عليهم كل ذي ظفر، أى: ما ليس منفرج الأصابع كالإبل والنعام والأوز والبط، كما ورد، وحرمنا عليهم من البقر والغنم دون غيرهما شحومها الزائدة التي تنتزع بسهولة، وهو ما على الكرش والكلى، أما الشحوم التي على الظهر وفي الذيل أو ما اختلط بعظم فحلال، بدليل قوله: إِلَّا ما حَمَلَتْ ظُهُورُهُما وإلا ما حملته الأمعاء، فتلخص أن المحرم عليهم من الشحوم هو شحم الكرش والكلى فقط.
وإنما حرم الله عليهم ذلك عقوبة لهم في قتلهم الأنبياء بغير حق، وصدهم عن سبيل الله، وأخذهم الربا، واستحلالهم أموال الناس بالباطل.
وفي ذكر هذا تكذيب لليهود في قولهم: إن الله لم يحرم علينا شيئا، وإنما حرمنا على أنفسنا ما حرمه إسرائيل على نفسه.

صفحة رقم 676
التفسير الواضح
عرض الكتاب
المؤلف
محمد محمود حجازي
الناشر
دار الجيل الجديد
سنة النشر
1413
الطبعة
العاشرة
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية