وَقِيلَ: هُوَ مِنَ الْمَقْلُوبِ مِثْلُ عَمِيقٍ وَمَعِيقٍ. (بِزَعْمِهِمْ) : مُتَعَلِّقٌ بِقَالُوا، وَيَجُوزُ فَتْحُ الزَّايِ وَكَسْرِهَا وَضَمِّهَا، وَهِيَ لُغَاتٌ.
(افْتِرَاءً) : مَنْصُوبٌ عَلَى الْمَصْدَرِ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُمُ الْمَحْكِيَّ بِمَعْنَى افْتَرَوْا.
وَقِيلَ: هُوَ مَفْعُولٌ مِنْ أَجْلِهِ، فَإِنْ نَصَبْتَهُ عَلَى الْمَصْدَرِ كَانَ قَوْلُهُ: «عَلَيْهِ» مُتَعَلِّقًا بِقَالُوا لَا بِنَفْسِ الْمَصْدَرِ، وَإِنْ جَعَلْتَهُ مَفْعُولًا مِنْ أَجْلِهِ عَلَّقْتَهُ بِنَفْسِ الْمَصْدَرِ، وَيَجُوزُ أَنْ يَتَعَلَّقَ بِمَحْذُوفٍ عَلَى أَنْ يَكُونَ صِفَةً لِافْتِرَاءٍ.
قَالَ تَعَالَى: (وَقَالُوا مَا فِي بُطُونِ هَذِهِ الْأَنْعَامِ خَالِصَةٌ لِذُكُورِنَا وَمُحَرَّمٌ عَلَى أَزْوَاجِنَا وَإِنْ يَكُنْ مَيْتَةً فَهُمْ فِيهِ شُرَكَاءُ سَيَجْزِيهِمْ وَصْفَهُمْ إِنَّهُ حَكِيمٌ عَلِيمٌ) (١٣٩).
قَوْلُهُ تَعَالَى: (مَا فِي بُطُونِ) :«مَا» بِمَعْنَى الَّذِي فِي مَوْضِعِ رَفْعٍ بِالِابْتِدَاءِ، وَ (خَالِصَةً) : خَبَرُهُ، وَأُنِّثَ عَلَى الْمَعْنَى؛ لِأَنَّ مَا فِي الْبُطُونِ أَنْعَامٌ.
وَقِيلَ: التَّأْنِيثُ عَلَى الْمُبَالَغَةِ كَعَلَّامَةٍ وَنَسَّابَةٍ.
وَ (لِذُكُورِنَا) : مُتَعَلِّقٌ بِخَالِصَةٍ، أَوْ بِمَحْذُوفٍ عَلَى أَنْ يَكُونَ صِفَةً لِخَالِصَةٍ.
(وَمُحَرَّمٌ) : جَاءَ عَلَى التَّذْكِيرِ حَمْلًا عَلَى لَفْظِ «مَا» وَيُقْرَأُ «خَالِصٌ» بِغَيْرِ تَاءٍ عَلَى الْأَصْلِ، وَيُقْرَأُ «خَالِصَةً» بِالتَّأْنِيثِ وَالنَّصْبِ عَلَى الْحَالِ، وَالْعَامِل فِيهَا مَا فِي بُطُونِهَا مِنْ مَعْنَى الِاسْتِقْرَارِ، وَالْخَبَرُ لِذُكُورِنَا، وَلَا يَعْمَلُ فِي الْحَالِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَتَصَرَّفُ. وَأَجَازَهُ الْأَخْفَشُ.
وَيُقْرَأُ «خَالِصَةٌ» بِالرَّفْعِ وَالْإِضَافَةِ إِلَى هَاءِ الضَّمِيرِ، وَهُوَ مُبْتَدَأٌ، وَلِلذُّكُورِ خَبَرُهُ، وَالْجُمْلَةُ خَبَرُ «مَا». (يَكُنْ مَيْتَةً) : يُقْرَأُ بِالتَّاءِ؛ وَنَصْبُ «مَيْتَةً»، أَيْ: إِنْ تَكُنِ الْأَنْعَامُ مَيْتَةً.
وَيُقْرَأُ بِالْيَاءِ حَمْلًا عَلَى لَفْظِ «مَا». وَيُقْرَأُ بِالتَّاءِ، وَرَفْعُ «مَيْتَةٌ» عَلَى أَنَّ «كَانَ» هِيَ التَّامَّةُ.
(فَهُمْ فِيهِ) : ذُكِّرَ الضَّمِيرُ حَمْلًا عَلَى «مَا».
قَالَ تَعَالَى: (قَدْ خَسِرَ الَّذِينَ قَتَلُوا أَوْلَادَهُمْ سَفَهًا بِغَيْرِ عِلْمٍ وَحَرَّمُوا مَا رَزَقَهُمُ اللَّهُ افْتِرَاءً عَلَى اللَّهِ قَدْ ضَلُّوا وَمَا كَانُوا مُهْتَدِينَ) (١٤٠).
قَوْلُهُ تَعَالَى: (قَتَلُوا أَوْلَادَهُمْ) : يُقْرَأُ بِالتَّخْفِيفِ وَالتَّشْدِيدِ عَلَى التَّكْثِيرِ.
وَ: (سَفَهًا) : مَفْعُولٌ لَهُ، أَوْ عَلَى الْمَصْدَرِ لِفِعْلٍ مَحْذُوفٍ دَلَّ عَلَيْهِ الْكَلَامُ. (بِغَيْرِ عِلْمٍ) : فِي مَوْضِعِ الْحَالِ. وَ (افْتِرَاءً) : مِثْلُ الْأَوَّلِ.
قَالَ تَعَالَى: (وَهُوَ الَّذِي أَنْشَأَ جَنَّاتٍ مَعْرُوشَاتٍ وَغَيْرَ مَعْرُوشَاتٍ وَالنَّخْلَ وَالزَّرْعَ مُخْتَلِفًا أُكُلُهُ وَالزَّيْتُونَ وَالرُّمَّانَ مُتَشَابِهًا وَغَيْرَ مُتَشَابِهٍ كُلُوا مِنْ ثَمَرِهِ إِذَا أَثْمَرَ وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ) (١٤١).
قَوْلُهُ تَعَالَى: (مُخْتَلِفًا أُكُلُهُ) : مُخْتَلِفًا حَالٌ مُقَدَّرَةٌ؛ لِأَنَّ النَّخْلَ وَالزَّرْعَ وَقْتَ خُرُوجِهِ لَا أَكْلَ فِيهِ حَتَّى يَكُونَ مُخْتَلِفًا أَوْ مُتَّفِقًا، وَهُوَ مِثْلُ قَوْلِهِمْ: مَرَرْتُ بِرَجُلٍ مَعَهُ صَقْرٌ صَائِدًا بِهِ غَدًا.
وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ فِي الْكَلَامِ حَذْفُ مُضَافٍ، تَقْدِيرُهُ: «ثَمَرُ النَّخْلِ وَحَبَّ الزَّرْعِ» ؛ فَعَلَى هَذَا تَكُونُ الْحَالُ مُقَارَنَةً. وَ (مُتَشَابِهًا) : حَالٌ أَيْضًا. وَ (حَصَادِهِ) : يُقْرَأُ بِالْفَتْحِ وَالْكَسْرِ، وَهُمَا لُغَتَانِ.
قَالَ تَعَالَى: (وَمِنَ الْأَنْعَامِ حَمُولَةً وَفَرْشًا كُلُوا مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ) (١٤٢).
قَوْلُهُ تَعَالَى: (حَمُولَةً وَفَرْشًا) : هُوَ مَعْطُوفٌ عَلَى جَنَّاتٍ؛ أَيْ: وَأَنْشَأَ مِنَ الْأَنْعَامِ حَمُولَةً.