آيات من القرآن الكريم

وَكَذَٰلِكَ زَيَّنَ لِكَثِيرٍ مِنَ الْمُشْرِكِينَ قَتْلَ أَوْلَادِهِمْ شُرَكَاؤُهُمْ لِيُرْدُوهُمْ وَلِيَلْبِسُوا عَلَيْهِمْ دِينَهُمْ ۖ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا فَعَلُوهُ ۖ فَذَرْهُمْ وَمَا يَفْتَرُونَ
ﯝﯞﯟﯠﯡﯢﯣﯤﯥﯦﯧﯨﯩﯪﯫﯬﯭﯮﯯﯰﯱﯲ

(و) يقولون: " لَوْ شَاءَ اللهُ لَزَكَّى الذي لَهُ ".
وقال ابن زيد: كل شيء جعلوه لله من ذبح لا يأكلونه حتى يذكروا عليه اسم الآلهة، وما كان من ذبح للآلهة لا يذكرون عليه اسم الله.
وفي الكلام حَذْفٌ، والمعنى: " من الحرث والأنعام نصيباً، وجعلوا لأصنامهم نصيباً "، ودل على ذلك قوله: ﴿وهذا لِشُرَكَآئِنَا﴾.
والفتح في " الزعم " لغة أهل الحجاز، والضم: لغة بني أسد، والكسر: لغة تميم وقيس، وقد أنكر أبو حاتم الكسر، وحكاه الكسائي والفراء.
قوله: ﴿وكذلك زَيَّنَ لِكَثِيرٍ مِّنَ المشركين قَتْلَ أولادهم شُرَكَآؤُهُمْ﴾ الآية.
روي عن ابن عامر (زُيِّنَ) بالضم، (قَتْلُ) بالرفع: اسم ما لم يسم فاعله، (أوْلادِهِم) بالخفض على الإضافة، (شركاؤُهم) بالرفع على إضمار فعل دل عليه

صفحة رقم 2195

(زُيِّنَ)، كأنه قيل: زَيَّنَهُ شركاؤهم، وحكى النحويون أنه يجوز: " ضُرِبَ زَيْدٌ عَمْرُو "، كأنه قيل: " ضَرَبَهُ عَمْرُو "، كما قال (الشاعر):
لِيُبْكَ يَزِيدُ ضارعٌ لخُصومةٍ.... كأنه قال: يبكيه ضارع.
وروى أبو عبيد عن ابن عامر (زُيّنَ) بالضم مثل الأول، (قَتْلُ) بالرفع، (أولادَهم) بالنصب، (شركائِهم) بالخفض على التفريق بين المضاف والمضاف اليه، وهو بعيد في الكلام، وبذلك قرأنا لابن عامر، وهي رواية الشاميين عنه، وإنما يجوز في (الظرف وحروف) الخفض. وقد روي بيت يجوز ذلك فيه وهو:

صفحة رقم 2196

فَزَجَجْتُها مُتَمَكّناً زَجَّ القَلوصَ أبي مَزادَه وهو بعيد.... وقد روي عن ابن عامر أيضاً مثل القراءة الأولى، إلا أنه خفض الشركاء مع خفض " الأولاد "، فهذا يجوز على أن تبدل " الشركاء " من " الأولاد "، لأن الأولاد شركاؤهم في النسب والميراث.
وأما قراءة الجماعة بفتح الزاي، ونصب (قَتْلَ)، وخفض " الأولاد "، ورفع " الشركاء " فهو ظاهر الكلام ووجهه.

صفحة رقم 2197

ومعنى الآية: (و) كما زين لهؤلاء أن جعلوا لله نصيباً، ولآلهتهم نصيباً، فحكموا فيه بما لا يجب، كذلك زين لكثير من المشركين قتلهم: أن قتلوا أولادهم خيفة العَيْلَةٍ، وهو وَأد البنات ﴿لِيُرْدُوهُمْ﴾ أي: ليهلكوهم، / ﴿وَلِيَلْبِسُواْ عَلَيْهِمْ﴾ أي: فعلوا ذلك (بهم) ليخلطوا عليهم دينهم) فيضلوا، ﴿وَلَوْ شَآءَ الله مَا فَعَلُوهُ﴾: أي: لوفقهم إلى الصواب، ولكن خذلهم فقتلوا أولادهم وأطاعوا الشياطين. ولم يضطرهم إلى ذلك، إنما خَذَلَهُم وحَالَ بينهم وبين التوفيق.
قوله: ﴿فَذَرْهُمْ وَمَا يَفْتَرُونَ﴾ هذا تهدد وتوعد من الله لهم، أي: ذرهم - يا محمد - وما يكذبون، فإني لهم بالمرصاد.

صفحة رقم 2198
الهداية الى بلوغ النهاية
عرض الكتاب
المؤلف
أبو محمد مكي بن أبي طالب حَمّوش بن محمد بن مختار القيسي القيرواني ثم الأندلسي القرطبي المالكي
الناشر
مجموعة بحوث الكتاب والسنة - كلية الشريعة والدراسات الإسلامية - جامعة الشارقة
سنة النشر
1429
الطبعة
الأولى
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية