آيات من القرآن الكريم

وَإِذَا جَاءَتْهُمْ آيَةٌ قَالُوا لَنْ نُؤْمِنَ حَتَّىٰ نُؤْتَىٰ مِثْلَ مَا أُوتِيَ رُسُلُ اللَّهِ ۘ اللَّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسَالَتَهُ ۗ سَيُصِيبُ الَّذِينَ أَجْرَمُوا صَغَارٌ عِنْدَ اللَّهِ وَعَذَابٌ شَدِيدٌ بِمَا كَانُوا يَمْكُرُونَ
ﮱﯓﯔﯕﯖﯗﯘﯙﯚﯛﯜﯝﯞﯟﯠﯡ ﯣﯤﯥﯦﯧﯨﯩﯪﯫﯬﯭﯮﯯﯰﯱﯲﯳﯴﯵﯶﯷﯸﯹﯺﯻﯼﯽﯾﯿﰀﰁ

[سورة الأنعام (٦) : آية ١٢٣]

وَكَذلِكَ جَعَلْنا فِي كُلِّ قَرْيَةٍ أَكابِرَ مُجْرِمِيها لِيَمْكُرُوا فِيها وَما يَمْكُرُونَ إِلاَّ بِأَنْفُسِهِمْ وَما يَشْعُرُونَ (١٢٣)
فِيهِ مَسَائِلُ:
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى: «الْكَافُ» فِي قَوْلِهِ: وَكَذلِكَ يُوجِبُ التَّشْبِيهَ وَفِيهِ قَوْلَانِ: الْأَوَّلُ: وَكَمَا جَعَلْنَا فِي مَكَّةَ صَنَادِيدَهَا لِيَمْكُرُوا فِيهَا كَذَلِكَ جَعَلْنَا فِي كُلِّ قَرْيَةٍ أَكَابِرَ مُجْرِمِيهَا الثَّانِي: أَنَّهُ مَعْطُوفٌ عَلَى مَا قَبْلَهُ أَيْ كَمَا زَيَّنَا لِلْكَافِرِينَ أَعْمَالَهُمْ كَذَلِكَ جَعَلْنَا.
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: الْأَكَابِرُ جَمْعُ الْأَكْبَرِ الَّذِي هُوَ اسْمٌ وَالْآيَةُ عَلَى التَّقْدِيمِ وَالتَّأْخِيرِ تَقْدِيرُهُ: جَعَلْنَا مُجْرِمِيهَا أَكَابِرَ وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْأَكَابِرُ مُضَافَةً فَإِنَّهُ لَا يَتِمُّ الْمَعْنَى وَيَحْتَاجُ إِلَى إِضْمَارِ الْمَفْعُولِ الثَّانِي لِلْجَعْلِ لِأَنَّكَ إِذَا قُلْتَ: جَعَلْتُ زَيْدًا وَسَكَتَّ لَمْ يُفِدِ الْكَلَامُ حَتَّى تَقُولَ رَئِيسًا أَوْ ذَلِيلًا أَوْ مَا أَشْبَهَ ذَلِكَ لِاقْتِضَاءِ الْجَعْلِ مَفْعُولَيْنِ وَلِأَنَّكَ إِذَا أَضَفْتَ الْأَكَابِرَ فَقَدْ أَضَفْتَ الصِّفَةَ إِلَى الْمَوْصُوفِ وَذَلِكَ لَا يَجُوزُ عِنْدَ الْبَصْرِيِّينَ.
الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ: صَارَ تَقْدِيرُ الْآيَةِ: جَعَلْنَا فِي كُلِّ قَرْيَةٍ مُجْرِمِيهَا أَكَابِرَ لِيَمْكُرُوا فِيهَا وَذَلِكَ يَقْتَضِي أَنَّهُ تَعَالَى إِنَّمَا جَعَلَهُمْ بِهَذِهِ الصِّفَةِ لِأَنَّهُ أَرَادَ مِنْهُمْ أَنْ يَمْكُرُوا بِالنَّاسِ فَهَذَا أَيْضًا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْخَيْرَ وَالشَّرَّ بِإِرَادَةِ اللَّهِ تَعَالَى أَجَابَ الْجُبَّائِيُّ عَنْهُ: بِأَنَّ حَمْلَ هَذِهِ اللَّامِ عَلَى لَامِ الْعَاقِبَةِ وَذَكَرَ غَيْرُهُ أَنَّهُ تَعَالَى لَمَّا لَمْ يَمْنَعُهُمْ عَنِ الْمَكْرِ صَارَ شَبِيهًا بِمَا إِذَا أَرَادَ ذَلِكَ فَجَاءَ الْكَلَامُ عَلَى سَبِيلِ التَّشْبِيهِ وَهَذَا السُّؤَالُ مَعَ جَوَابِهِ قَدْ تَكَرَّرَ مِرَارًا خَارِجَةً عَنِ الْحَدِّ وَالْحَصْرِ.
الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ: قَالَ الزَّجَّاجُ: إِنَّمَا جَعَلَ الْمُجْرِمِينَ أَكَابِرَ لِأَنَّهُمْ لِأَجْلِ رئاستهم أَقْدَرُ عَلَى الْغَدْرِ وَالْمَكْرِ وَتَرْوِيجِ الْأَبَاطِيلِ عَلَى النَّاسِ مِنْ غَيْرِهِمْ وَلِأَنَّ كَثْرَةَ الْمَالِ وَقُوَّةَ الْجَاهِ تَحْمِلُ الْإِنْسَانَ عَلَى الْمُبَالَغَةِ فِي حِفْظِهِمَا وَذَلِكَ الْحِفْظُ لَا يَتِمُّ إِلَّا بِجَمِيعِ الْأَخْلَاقِ الذَّمِيمَةِ مِنَ الْغَدْرِ وَالْمَكْرِ وَالْكَذِبِ وَالْغِيبَةِ وَالنَّمِيمَةِ وَالْأَيْمَانِ الْكَاذِبَةِ وَلَوْ لَمْ يَكُنْ لِلْمَالِ وَالْجَاهِ عَيْبٌ سِوَى أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى حَكَمَ بِأَنَّهُ إِنَّمَا وَصَفَ بِهَذِهِ الصِّفَاتِ الذَّمِيمَةِ مَنْ كَانَ لَهُ مَالٌ وَجَاهٌ لَكَفَى ذَلِكَ دَلِيلًا عَلَى خَسَاسَةِ الْمَالِ وَالْجَاهِ ثُمَّ قَالَ تَعَالَى: وَما يَمْكُرُونَ إِلَّا بِأَنْفُسِهِمْ وَما يَشْعُرُونَ وَالْمُرَادُ مِنْهُ مَا ذَكَرَهُ اللَّهُ تَعَالَى فِي آيَةٍ أُخْرَى وَهِيَ قَوْلُهُ: وَلا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلَّا بِأَهْلِهِ [فَاطِرٍ: ٤٣] وَقَدْ ذَكَرْنَا حَقِيقَةَ ذَلِكَ فِي أَوَّلِ سُورَةِ الْبَقَرَةِ فِي تَفْسِيرِ قَوْلِهِ تَعَالَى: اللَّهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ [الْبَقَرَةِ: ١٥] قَالَتِ الْمُعْتَزِلَةُ: لَا شَكَّ أَنَّ قَوْلَهُ: وَما يَمْكُرُونَ إِلَّا بِأَنْفُسِهِمْ وَما يَشْعُرُونَ مَذْكُورٌ فِي مَعْرِضِ التَّهْدِيدِ وَالزَّجْرِ فَلَوْ كَانَ مَا قَبْلَ هَذِهِ الْآيَةِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ تَعَالَى أَرَادَ مِنْهُمْ أَنْ يَمْكُرُوا بِالنَّاسِ فَكَيْفَ يَلِيقُ بِالرَّحِيمِ الْكَرِيمِ الْحَكِيمِ الْحَلِيمِ أَنْ يُرِيدَ مِنْهُمُ الْمَكْرَ وَيَخْلُقَ فِيهِمُ الْمَكْرَ ثُمَّ يُهَدِّدُهُمْ عَلَيْهِ وَيُعَاقِبُهُمْ أَشَدَّ الْعِقَابِ عَلَيْهِ؟ وَاعْلَمْ أَنَّ مُعَارَضَةَ هَذَا الْكَلَامِ/ بِالْوُجُوهِ الْمَشْهُورَةِ قد ذكرناها مرارا.
[سورة الأنعام (٦) : آية ١٢٤]
وَإِذا جاءَتْهُمْ آيَةٌ قالُوا لَنْ نُؤْمِنَ حَتَّى نُؤْتى مِثْلَ مَا أُوتِيَ رُسُلُ اللَّهِ اللَّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسالَتَهُ سَيُصِيبُ الَّذِينَ أَجْرَمُوا صَغارٌ عِنْدَ اللَّهِ وَعَذابٌ شَدِيدٌ بِما كانُوا يَمْكُرُونَ (١٢٤)
اعْلَمْ أَنَّهُ تَعَالَى حَكَى عَنْ مَكْرِ هَؤُلَاءِ الْكُفَّارِ وَحَسَدِهِمْ أَنَّهُمْ مَتَى ظَهَرَتْ لَهُمْ مُعْجِزَةٌ قَاهِرَةٌ تَدُلُّ عَلَى نُبُوَّةِ

صفحة رقم 135

محمد صلى الله عليه وآله وَسَلَّمَ قَالُوا: لَنْ نُؤْمِنَ حَتَّى يَحْصُلَ لَنَا مِثْلُ هَذَا الْمَنْصِبِ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى نِهَايَةِ حَسَدِهِمْ وَأَنَّهُمْ إِنَّمَا بَقُوا مُصِرِّينَ عَلَى الْكُفْرِ لَا لِطَلَبِ الْحُجَّةِ وَالدَّلَائِلِ بَلْ لِنِهَايَةِ الْحَسَدِ قَالَ الْمُفَسِّرُونَ: قَالَ الْوَلِيدُ بْنُ الْمُغِيرَةِ: وَاللَّهِ لَوْ كَانَتِ النُّبُوَّةُ حَقًّا لَكُنْتُ أَنَا أَحَقَّ بِهَا مِنْ مُحَمَّدٍ فَإِنِّي أَكْثَرُ مِنْهُ مَالًا وَوَلَدًا فَنَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ وَقَالَ الضَّحَّاكُ: أَرَادَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ أَنْ يُخَصَّ بِالْوَحْيِ وَالرِّسَالَةِ كَمَا أَخْبَرَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ فِي قَوْلِهِ: بَلْ يُرِيدُ كُلُّ امْرِئٍ مِنْهُمْ أَنْ يُؤْتى صُحُفاً مُنَشَّرَةً [الْمُدَّثِّرِ: ٥٢] فَظَاهِرُ الْآيَةِ الَّتِي نَحْنُ فِي تَفْسِيرِهَا يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ أَيْضًا لِأَنَّهُ تَعَالَى قَالَ: وَإِذا جاءَتْهُمْ آيَةٌ قالُوا لَنْ نُؤْمِنَ حَتَّى نُؤْتى مِثْلَ مَا أُوتِيَ رُسُلُ اللَّهِ وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ جَمَاعَةً مِنْهُمْ كَانُوا يَقُولُونَ هَذَا الْكَلَامَ وَأَيْضًا فَمَا قَبْلَ هَذِهِ الْآيَةِ يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ أَيْضًا وَهُوَ قَوْلُهُ: وَكَذلِكَ جَعَلْنا فِي كُلِّ قَرْيَةٍ أَكابِرَ مُجْرِمِيها لِيَمْكُرُوا فِيها [الانعام: ١٢٣] ثُمَّ ذَكَرَ عَقِيبَ تِلْكَ الْآيَةِ أَنَّهُمْ قَالُوا: لَنْ نُؤْمِنَ حَتَّى نُؤْتى مِثْلَ مَا أُوتِيَ رُسُلُ اللَّهِ وَظَاهِرُهُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْمَكْرَ الْمَذْكُورَ فِي الْآيَةِ الْأُولَى هُوَ هَذَا الْكَلَامُ الْخَبِيثُ وَأَمَّا قَوْلُهُ تَعَالَى: لَنْ نُؤْمِنَ حَتَّى نُؤْتى مِثْلَ مَا أُوتِيَ رُسُلُ اللَّهِ فَفِيهِ قَوْلَانِ:
الْقَوْلُ الْأَوَّلُ: وَهُوَ الْمَشْهُورُ أَرَادَ الْقَوْمُ أَنْ تَحْصُلَ لَهُمُ النُّبُوَّةُ وَالرِّسَالَةُ كَمَا حَصَلَتْ لِمُحَمَّدٍ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ وَأَنْ يَكُونُوا مَتْبُوعِينَ لَا تَابِعِينَ وَمَخْدُومِينَ لَا خَادِمِينَ.
وَالْقَوْلُ الثَّانِي: وَهُوَ قَوْلُ الْحَسَنِ وَمَنْقُولٌ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: أَنَّ الْمَعْنَى وَإِذَا جَاءَتْهُمْ آيَةٌ مِنَ الْقُرْآنِ تَأْمُرُهُمْ بِاتِّبَاعِ النَّبِيِّ قَالُوا: لَنْ نُؤْمِنَ حَتَّى تؤتي مِثْلَ مَا أُوتِيَ رُسُلُ اللَّهِ وَهُوَ قَوْلُ مُشْرِكِي الْعَرَبِ لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى تَفْجُرَ لَنا مِنَ الْأَرْضِ يَنْبُوعاً إِلَى قَوْلِهِ: حَتَّى تُنَزِّلَ عَلَيْنا كِتاباً نَقْرَؤُهُ [الْإِسْرَاءِ: ٩٠- ٩٣] / مِنَ اللَّهِ إِلَى أَبِي جَهْلٍ وَإِلَى فُلَانٍ وَفُلَانٍ كِتَابًا عَلَى حِدَةٍ وَعَلَى هَذَا التَّقْدِيرِ: فَالْقَوْمُ مَا طَلَبُوا النُّبُوَّةَ وَإِنَّمَا طَلَبُوا أَنْ تَأْتِيَهُمْ آيَاتٌ قَاهِرَةٌ وَمُعْجِزَاتٌ ظَاهِرَةٌ مِثْلَ مُعْجِزَاتِ الْأَنْبِيَاءِ الْمُتَقَدِّمِينَ كَيْ تَدُلَّ عَلَى صِحَّةِ نُبُوَّةِ مُحَمَّدٍ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ قَالَ الْمُحَقِّقُونَ: وَالْقَوْلُ الْأَوَّلُ أَقْوَى وَأَوْلَى لِأَنَّ قَوْلَهُ: اللَّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسالَتَهُ لَا يَلِيقُ إِلَّا بِالْقَوْلِ الْأَوَّلِ وَلِمَنْ يَنْصُرُ الْقَوْلَ الثَّانِيَ أَنْ يَقُولَ: إِنَّهُمْ لَمَّا اقْتَرَحُوا تِلْكَ الْآيَاتِ الْقَاهِرَةَ فَلَوْ أَجَابَهُمُ اللَّهُ إِلَيْهَا وَأَظْهَرَ تِلْكَ الْمُعْجِزَاتِ عَلَى وَفْقِ الْتِمَاسِهِمْ لَكَانُوا قَدْ قَرُبُوا مِنْ مَنْصِبِ الرِّسَالَةِ وَحِينَئِذٍ يَصْلُحُ أَنْ يَكُونَ قَوْلُهُ: اللَّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسالَتَهُ
جَوَابًا عَلَى هَذَا الْكَلَامِ.
وَأَمَّا قَوْلُهُ: اللَّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسالَتَهُ فَالْمَعْنَى أَنَّ لِلرِّسَالَةِ مَوْضِعًا مَخْصُوصًا لَا يَصْلُحُ وَضْعُهَا إِلَّا فِيهِ فَمَنْ كَانَ مَخْصُوصًا مَوْصُوفًا بِتِلْكَ الصِّفَاتِ الَّتِي لِأَجْلِهَا يَصْلُحُ وَضْعُ الرِّسَالَةِ فِيهِ كَانَ رَسُولًا وَإِلَّا فَلَا وَالْعَالِمُ بِتِلْكَ الصِّفَاتِ لَيْسَ إِلَّا اللَّهَ تَعَالَى.
وَاعْلَمْ أَنَّ النَّاسَ اخْتَلَفُوا فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فَقَالَ بَعْضُهُمْ: النُّفُوسُ وَالْأَرْوَاحُ مُتَسَاوِيَةٌ فِي تَمَامِ الْمَاهِيَّةِ فَحُصُولُ النُّبُوَّةِ وَالرِّسَالَةِ لِبَعْضِهَا دُونَ الْبَعْضِ تَشْرِيفٌ مِنَ اللَّهِ وَإِحْسَانٌ وَتَفَضُّلٌ وَقَالَ آخَرُونَ: بَلِ النُّفُوسُ الْبَشَرِيَّةُ مُخْتَلِفَةٌ بِجَوَاهِرِهَا وَمَاهِيَّاتِهَا فَبَعْضُهَا خَيِّرَةٌ طَاهِرَةٌ مِنْ عَلَائِقِ الْجِسْمَانِيَّاتِ مُشْرِقَةٌ بِالْأَنْوَارِ الْإِلَهِيَّةِ مُسْتَعْلِيَةٌ مُنَوَّرَةٌ وَبَعْضُهَا خَسِيسَةٌ كَدِرَةٌ مُحِبَّةٌ لِلْجِسْمَانِيَّاتِ فَالنَّفْسُ مَا لَمْ تَكُنْ مِنَ الْقِسْمِ الْأَوَّلِ لَمْ تَصْلُحْ لِقَبُولِ الْوَحْيِ وَالرِّسَالَةِ ثُمَّ إِنَّ الْقِسْمَ الْأَوَّلَ يَقَعُ الِاخْتِلَافُ فِيهِ بِالزِّيَادَةِ وَالنُّقْصَانِ وَالْقُوَّةِ وَالضَّعْفِ إِلَى مَرَاتِبَ لَا نِهَايَةَ لَهَا فَلَا جَرَمَ كَانَتْ مَرَاتِبُ الرُّسُلِ مُخْتَلِفَةً فَمِنْهُمْ مَنْ حَصَلَتْ لَهُ الْمُعْجِزَاتُ الْقَوِيَّةُ وَالتَّبَعُ الْقَلِيلُ وَمِنْهُمْ مَنْ حَصَلَتْ لَهُ مُعْجِزَةٌ وَاحِدَةٌ أَوِ اثْنَتَانِ وَحَصَلَ لَهُ تَبَعٌ عَظِيمٌ وَمِنْهُمْ مَنْ كَانَ الرِّفْقُ غَالِبًا عَلَيْهِ وَمِنْهُمْ مَنْ كَانَ التَّشْدِيدُ غَالِبًا

صفحة رقم 136
مفاتيح الغيب
عرض الكتاب
المؤلف
أبو عبد الله محمد بن عمر (خطيب الري) بن الحسن بن الحسين التيمي الرازي
الناشر
دار إحياء التراث العربي - بيروت
سنة النشر
1420
الطبعة
الثالثة
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية