آيات من القرآن الكريم

وَمَا لَكُمْ أَلَّا تَأْكُلُوا مِمَّا ذُكِرَ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَقَدْ فَصَّلَ لَكُمْ مَا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ إِلَّا مَا اضْطُرِرْتُمْ إِلَيْهِ ۗ وَإِنَّ كَثِيرًا لَيُضِلُّونَ بِأَهْوَائِهِمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ ۗ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِالْمُعْتَدِينَ
ﭑﭒﭓﭔﭕﭖﭗﭘﭙﭚﭛﭜﭝﭞﭟﭠﭡﭢﭣﭤﭥﭦﭧﭨﭩﭪﭫﭬﭭﭮﭯﭰ

(وما لكم أن لا تأكلوا مما ذكر اسم الله عليه) الاستفهام للإنكار أي ما المانع لكم من أكل ما سميتم عليه بعد أن أذن لكم بذلك، وفيه تأكيد في إباحة ما ذبح على اسم الله دون غيره (وقد فصل لكم ما حرم عليكم) أي والحال أنه قد بين لكم بياناً مفصلاً يدفع الشك ويزيل الشبهة بقوله: (قل لا أجد فيما أوحي إلى محرماً) الآية وقال السيوطي يعني آية (حرمت عليكم الميتة) أي آية المائدة.
وحينئذ في المقام إشكال أورده الرازي وحاصله أن سورة الأنعام مكية

صفحة رقم 228

وسورة المائدة مدنية من آخر القرآن نزولاً بالمدينة، وقوله: (وقد فصل لكم) يقتضي أن ذلك التفصيل قد تقدم على هذا المحل، والمدني متأخر عن المكي، فيمتنع كونها متقدمة ثم قال: بل الأولى أن يقال هو قوله بعد هذه الآية: (قل لا أجد) وهذه وإن كانت مذكورة بعدها بقليل إلا أن هذا القدر من التأخر لا يمنع أن يكون هو المراد انتهى.
قلت وذكر المفسرون وجهاً آخر وهو أن الله علم أن سورة المائدة متقدمة على سورة الأنعام في الترتيب لا في النزول فبهذا الاعتبار حسنت الحوالة على ما في المائدة بقوله: (وقد فصل لكم) باعتبار تقدمه في الترتيب وإن كان متأخراً في النزول والله أعلم.
ثم استثنى فقال: (إلا ما اضطررتم إليه) من جميع ما حرمه عليكم فإن الضرورة تحلل الحرام وقد تقدم تحقيقه في البقرة قال قتادة: ما اضطررتم إليه من الميتة والدم ولحم الخنزير والاستثناء كما قال الحوفي منقطع، وبه قال التفتازاني، وقال أبو البقاء: متصل من طريق المعنى لأنه وبخهم بترك الأكل مما سمي عليه، وذلك يتضمن إباحة الأكل مطلقاً، وحاصله أن الاستثناء من الجنس فهو متصل، وقال زكريا فيه: إنه لا يكون حينئذ استثناء متصلاً بل هو استثناء مفرغ من الظرف العام المقدر.
(وإن كثيراً ليضلون بأهوائهم بغير علم) هم الكفار الذين كانوا يحرمون البحيرة السائبة ونحوهما فإنهم بهذه الأفعال المبنية على الجهل كانوا يضلون الناس فيتبعونهم ولا يعلمون أن ذلك جهل وضلالة لا يرجع إلى شيء من العلم، قال سعيد بن جبير: يعني من مشركي العرب ليضلون في أمر الذبائح (إن ربك هو أعلم بالمعتدين) أي بمن تعدى حدوده فأحل ما حرم وحرم ما أحل الله فيجازيهم على سوء صنيعهم.

صفحة رقم 229

وَذَرُوا ظَاهِرَ الْإِثْمِ وَبَاطِنَهُ إِنَّ الَّذِينَ يَكْسِبُونَ الْإِثْمَ سَيُجْزَوْنَ بِمَا كَانُوا يَقْتَرِفُونَ (١٢٠) وَلَا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَإِنَّهُ لَفِسْقٌ وَإِنَّ الشَّيَاطِينَ لَيُوحُونَ إِلَى أَوْلِيَائِهِمْ لِيُجَادِلُوكُمْ وَإِنْ أَطَعْتُمُوهُمْ إِنَّكُمْ لَمُشْرِكُونَ (١٢١)

صفحة رقم 230
فتح البيان في مقاصد القرآن
عرض الكتاب
المؤلف
أبو الطيب محمد صديق خان بن حسن بن علي ابن لطف الله الحسيني البخاري القِنَّوجي
راجعه
عبد الله بن إبراهيم الأنصاري
الناشر
المَكتبة العصريَّة للطبَاعة والنّشْر
سنة النشر
1412
عدد الأجزاء
15
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية