آيات من القرآن الكريم

فَكُلُوا مِمَّا ذُكِرَ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ إِنْ كُنْتُمْ بِآيَاتِهِ مُؤْمِنِينَ
ﯺﯻﯼﯽﯾﯿﰀﰁﰂﰃ

وأَضْرَب مِنه بالسُّيُوفِ القَوَانِسا (١)
فالقوانس محمولة على مضمر دون أضرب هذه الظاهرة، قال. ولا يجوز أن يكون موضع (من) في قوله: ﴿أَعْلَمُ مَنْ يَضِلُّ﴾ جرًّا؛ لأن أفعل (٢) لا يضاف إلا إلى ما هو بعض له كقولك: (أعلم الناس، وليس ربنا بعض من يضل) (٣).
١١٨ - قوله تعالى: ﴿فَكُلُوا مِمَّا ذُكِرَ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ﴾ الآية. هذا جواب لقول المشركين: أتأكلون ما قتلتم ولا تأكلون ما قتل ربكم؟ (٤) ودخلت

(١) البيت للعباس بن مرداس السُّلمي في "ديوانه" ص ٦٩، و"النوادر" لأبي زيد ص ٥٩، و"الأصمعيات" ص ٢٠٥، و"الحماسة" لأبي تمام ١/ ٢٤٦، و"اللسان" ٦/ ٣٧٥١ (قنس)، وبلا نسبة في "البيان" ١/ ٣٣٦، و"أمالي" ابن الحاجب ٢/ ١٥٨، و"البحر" ٤/ ٢١٠، و"الدر المصون" ٥/ ١٥٧، و"مغني اللبيب" ٢/ ٦١٨، وصدره:
أَكُرّ وأَحْمى لِلْحَقِيقَة مِنْهُمُ
وفي المراجع: وأضرب منا، بدل: منهم. والقونس: بفتح القاف وسكون الواو وفتح النون: أعلى البيضة من السلاح. انظر: "اللسان" ٦/ ٣٧٥١ (قنس).
(٢) لأنه يلزم عليه محذور عظيم، وذلك أن أفعل التفضيل لا تضاف إلا إلى جنسها، فإذا قلت: زيد أعلم الضالين، لزم أن يكون زيد بعض الضالين، فهذا الوجه مستحيل في هذه الآية الكريمة انظر: "التبيان" ص٣٥٥، و"الفريد" ٢/ ٢١٩ - ٢٢٠.
(٣) "الحجة" لأبي علي ١/ ٢٦ - ٢٧. وانظر: "المسائل البصريات" ١/ ٥٤٢، و"كتاب الشعر" ٢/ ٥٤٥، و"الإغفال" ص ٩٣٥ - ٩٣٦، وهذا الوجه هو اختيار ابن عطية في "تفسيره" ٥/ ٣٣٠، وابن الأنباري في "البيان" ١/ ٣٣٦، وقال السمين في "الدر" ٥/ ١٢٧: (والراجح من هذه الأقوال نصبها بمضمر، وهذا قول الفارسي، وقزاعد البصريين موافقة له) اهـ.
(٤) أخرجه أبو داود رقم (٢٨١٨ - ٢٨١٩)، وابن ماجه رقم (٣١٧٣)، والترمذي =

صفحة رقم 391

الفاء للعطف على ما دل عليه أول الكلام، كأنه قيل: كونوا على الهدى ﴿فَكُلُوا مِمَّا ذُكِرَ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ﴾، أي: مما ذُكي على اسم الله تعالى (١). قال الزجاج: (معناه: كلوا مما أخلصتم ذبحه لله) (٢)، وقد ذكرنا عند قول تعالى (٣): ﴿وَمَا أُهِلَّ بِهِ لِغَيْرِ اللَّهِ﴾ [البقرة: ١٧٣] إن التسمية لا تجب وأنها سنّة مستحبة (٤).

= رقم (٣٠٣٦)، وقال: حسن غريب، والنسائي في "سننه" ٧/ ٢٣٧ كتاب: "الضحايا"، باب: تأويل قول الله عز وجل: ﴿وَلَا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ﴾ [الأنعام: ١٢١]، وفي "التفسير" ١/ ٤٧٩، والطبري ٨/ ١١ - ١٣، والحاكم ٤/ ١١٣ - ٢٣١، ٢٣٣، وصححه ووافقه الذهبي في "التلخيص"، وأخرجه البيهقي في "سننه" ٩/ ٢٤٠، كلهم من طرق جيدة، وبألفاظ متقاربة، وأخرجه النحاس في ناسخه ٢/ ٣٥٤، وقال: (هذا من أصح ما مر، وهو داخل في المسند). اهـ. وجاء في بعض الروايات أن الآية نزلت في اليهود، ويمكن الجمع بينهما بأن قول المشركين مبني على إيحاء اليهود، وذكر ابن كثير ٢/ ١٨٨، عدة طرق، وقال: (إسناده صحيح، وروي من طرق متعددة ليس فيها ذكر اليهود، وهذا هو المحفوظ؛ لأن الآية مكية، واليهود لا يحبون الميتة). اهـ.
(١) ذكره السمين في "الدر" ٥/ ١٢٨، عن الواحدي، وقال: (الظاهر أنها عاطفة على ما تقدم من مضمون الجمل المتقدمة، كأنه قيل: اتبعوا ما أمركم الله من أكل المذكى دون الميتة فكلوا) اهـ.
(٢) "معاني الزجاج" ٢/ ٢٨٦.
(٣) انظر: "البسيط" النسخة الأزهرية ١/ ١٠٥ ب.
(٤) هذا قول الشافعي، ورواية عن مالك وأحمد، فمن تركها عندهم عمدًا أو سهوًا لم يقدح في حل الأكل، وذهب الجمهور إلى أنها شرط للإباحة مع الذكر دون النسيان، فيجوز أكل ما تركت عليه التسمية سهوًا لا عمدًا، وهو قول أبي حنيفة ورواية عن أحمد ومالك، وذهب أحمد في رواية إلى أنها شرط مطلقًا، وهذا القول هو الظاهر من نصوص الكتاب والسنة؛ لأن الأدلة لم تفصل، ولأنه علق الحل بذكر اسم الله تعالى، وهو اختيار شيخ الإسلام "الفتاوي" ٣٥/ ٢٣٩،=

صفحة رقم 392
التفسير البسيط
عرض الكتاب
المؤلف
أبو الحسن علي بن أحمد بن محمد بن علي الواحدي، النيسابوري، الشافعي
الناشر
عمادة البحث العلمي - جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية.
سنة النشر
1430
الطبعة
الأولى
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية