آيات من القرآن الكريم

وَنُقَلِّبُ أَفْئِدَتَهُمْ وَأَبْصَارَهُمْ كَمَا لَمْ يُؤْمِنُوا بِهِ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَنَذَرُهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ
ﰀﰁﰂﰃﰄﰅﰆﰇﰈﰉﰊﰋﰌ

يرجعوا، ومثله: ﴿مَا مَنَعَكَ أَلاَّ تَسْجُدَ﴾ [الأعراف: ١٢]. قال الفراء: العرب تجعل " لا " صلة في كل كلام دخل في آخره (أو في أوله) جحد، أو في أوله جحد غير مصرح.
وقيل: في الآية قول حسن، وهو أن يكون المعنى: وما يشعركم أنها إذا جاءت لا يؤمنون أو يؤمنون. ثم حذف الأخير لدلالة الأول عليه، فيِعمل (يُشْعِرُكُم) في (أَنَّها)، ويفتح (أَنَّ)، ولا يقدر زيادة / (لا)، ولا يقدر (أنَّها) بمعنى " لعلها "، ولا تكون عذرا لهم.
(والوقف على (يُشْعرِكُم) في قراءة من كسر (إنّ)، وفي قراءة من فتح على تقدير " لعلها " حسن، ولا يحسن الوقف على (يُشعِركم) على غير هذين الوجهين).
قوله: ﴿وَنُقَلِّبُ أَفْئِدَتَهُمْ وأبصارهم﴾ الآية.
المعنى: أنهم لما أشركوا وجَحدوا، لم يثبت الله قلوبهم على شيءٍ. قال ابن

صفحة رقم 2149

زيد: (المعنى): نمنعهم من الإيمان كما فعلنا بهم أول مرة. وقيل: المعنى: لو جئناهم بآية ما آمنوا كما لم يؤمنوا أول مرة، لأن الله حال بينهم وبين ذلك.
وقال مجاهد: المعنى: يَحُولُ بينهم وبين الإيمان، ولو جاءتهم كل آية لا يؤمنون كما حُلْنا بينهم وبين الإيمان أولَ مرةٍ. كأن في الكلام تقديماً وتأخيراً، والمعنى: ﴿وَمَا يُشْعِرُكُمْ أَنَّهَآ إِذَا جَآءَتْ لاَ يُؤْمِنُونَ﴾ كما لم يؤمنوا به أول مرة، وذلك قبل إتيان الآية: ﴿وَنُقَلِّبُ أَفْئِدَتَهُمْ وأبصارهم﴾، ﴿وَنَذَرُهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ﴾.
وقيل: المعنى: أن الله جل ذكره جعل عقوبة الإعراض عن الحق - بعد أن بين لهم - الطبعَ على قلوبهم، و (الغشاوة) على أبصارهم.
والهاء في (بِهِ) للقرآن. وقيل: لمحمد. وقيل: للمسؤول، أي: كما لم يؤمن أوائلهم بما سألوا من الآيات بعد نزولها، فكذلك يفعل كفار قريش لو نزل عليهم ما سألوا من الآيات.

صفحة رقم 2150

وعن ابن عباس: (أن المعنى): أن الله (أخبرنا ما يفعل بعباده) لو ردهم إلى الدّنيا، فقال: ﴿وَنُقَلِّبُ أَفْئِدَتَهُمْ وأبصارهم كَمَا لَمْ يُؤْمِنُواْ بِهِ أَوَّلَ مَرَّةٍ﴾، أي: لو ردُّوا إلى الدنيا لَحِيلَ بينهم وبين الهدى، كما حيل بينهم وبينه أول مرة وهم في الدنيا.
قال الطبري: المعنى: ونُقلّبُ أفئدتهم فنزيغها عن الإيمان، وأبصارهم عن رؤية الحقِّ، كما لو لم يؤمنوا بتقليبنا إياها قبل مجيئها أول مرة، أي: قبل ذلك.
والهاء عنده تعود على التقليب، وفيما تقدّم من الأقوال، تعود على الهدى، أو على الإيمان، وقد قيل: على الرسول، وقيل: (على القرآن). وقيل: على الله جل ذكره.
وقوله: ﴿وَنَذَرُهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ﴾ أي: نتركهم في حيرتهم يترددون. قال النحاس: المعنى: نُقلّب أفئدتهم وأبصارهم على لهب النَّار كما لم يؤمنوا به في الدنيا. ثم قال: ﴿وَنَذَرُهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ﴾، أي: ونمهلهم في الدنيا فلا نعاقبهم، أي: ونتركهم

صفحة رقم 2151
الهداية الى بلوغ النهاية
عرض الكتاب
المؤلف
أبو محمد مكي بن أبي طالب حَمّوش بن محمد بن مختار القيسي القيرواني ثم الأندلسي القرطبي المالكي
الناشر
مجموعة بحوث الكتاب والسنة - كلية الشريعة والدراسات الإسلامية - جامعة الشارقة
سنة النشر
1429
الطبعة
الأولى
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية