آيات من القرآن الكريم

وَلَا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ فَيَسُبُّوا اللَّهَ عَدْوًا بِغَيْرِ عِلْمٍ ۗ كَذَٰلِكَ زَيَّنَّا لِكُلِّ أُمَّةٍ عَمَلَهُمْ ثُمَّ إِلَىٰ رَبِّهِمْ مَرْجِعُهُمْ فَيُنَبِّئُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ
ﮌﮍﮎﮏﮐﮑﮒﮓﮔﮕﮖﮗﮘﮙﮚ ﮜﮝﮞﮟﮠﮡﮢﮣﮤﮥﮦﮧﮨﮩﮪ ﮬﮭﮮﮯﮰﮱﯓﯔﯕﯖﯗﯘﯙﯚﯛﯜﯝﯞﯟﯠﯡﯢﯣﯤﯥﯦ ﯨﯩﯪﯫﯬﯭﯮﯯﯰﯱﯲﯳﯴﯵﯶﯷﯸﯹﯺﯻﯼﯽﯾ ﰀﰁﰂﰃﰄﰅﰆﰇﰈﰉﰊﰋﰌ

الدالة على المعاني الرائقة الكاشفة عن المعاني الفائقة ولا تصرف ادنى منه من الصرف وهو نقل الشيء من حال الى حال وَلِيَقُولُوا دَرَسْتَ علة لمحذوف واللام للعاقبة والدرس القراءة والتعلم اى وليقولوا فى عاقبة أمرهم درست صرفنا اى قرأت وتعلمت من غيرك نحو سيار وجبير كانا عبدين لقريش من سبى الروم كان قريش يقولون له عليه السلام انك تتعلم هذه الاخبار منهما ثم تقرأ علينا على زعم انها من عند الله وَلِنُبَيِّنَهُ عطف على ليقولوا واللام على الأصل اى التعليل لان التبين مقصود التصريف والضمير للآيات باعتبار القرآن لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ وتخصيص التبيين بهم لما انهم المنتفعون به اتَّبِعْ ما أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ اى دم يا محمد على ما أنت عليه من اتباع القرآن الذي عمدة أحكامه التوحيد وان قدحوا فى تصريف آياته لا إِلهَ إِلَّا هُوَ لا شريك له أصلا وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ ولا تبال بأقوالهم ولا تلتفت الى آرائهم فانه لا يجوز الفتور فى تبليغ الدعوة والرسالة بسبب جهل الجاهلين

بكوى آنچهـ دانى سخن سودمند وكر هيچ كس را نيايد پسند
كه فردا پشيمان بر آرد خروش كه آوخ چرا حق نكردم بكوش
وَلَوْ شاءَ اللَّهُ توحيدهم وعدم اشراكهم ما أَشْرَكُوا وهو دليل على انه تعالى لا يريد ايمان الكافر لكن لا بمعنى انه تعالى يمنعه عنه مع توجهه اليه بل بمعنى انه تعالى لا يريده منه لعدم صرف اختياره الجزئى نحو الايمان وإصراره على الكفر وَما جَعَلْناكَ عَلَيْهِمْ متعلق بما بعده وكذا عليهم الآتي حَفِيظاً رقيبا مهيمنا من قبلنا تحفظ عليهم أعمالهم وَما أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِوَكِيلٍ من جهتهم تقوم بامورهم وتدبر مصالحهم قال الحدادي وانما جمع بين حفيظ ووكيل لاختلاف معناهما. فان الحافظ للشىء هو الذي يصونه عما يضره. والوكيل بالشيء هو الذي يجلب الخير اليه فقد ظهر ان عدم قبول الحق من الشقاوة الاصلية ولذا لم يشأ الله سعادتهم وهدايتهم. وعلامة الشقاوة جمود العين وقساوة القلب وحب الدنيا وطول الأمل. وعلامة السعادة حب الصالحين والدنو منهم وتلاوة القرآن وسهر الليل ومجالسة العلماء ورقة القلب وعن ابراهيم المهلب السائح رحمه الله قال بينا انا أطوف إذا بجارية متعلقة بأستار الكعبة وهى تقول بحبك لى ألا رددت علىّ قلبى فقلت يا جارية من اين تعلمين انه يحبك قالت بالعناية القديمة جيش فى طلبى الجيوش وأنفق الأموال حتى أخرجني من بلاد الشرك وأدخلني فى بلاد التوحيد وعرفنى نفسى بعد جهلى إياها فهل هذا يا ابراهيم الا لعناية او محبة: قال الحافظ
چون حسن عاقبت نه برندى وزاهديست آن به كه كار خود بعنايت رها كنند
والواجب على العبد ان يسارع الى الأعمال الصالحة فانها من علامات السعادة والتأخير وطول الأمل من علامات الشقاوة- حكى- ان بعض العباد كان يسأل الله تعالى ان يريه إبليس فقيل له اسأل الله العافية فابى الا ذلك فاظهره الله تعالى له فلما رآه العابد قصده بالضرب فقال له إبليس لولا انك تعيش مائة سنة لاهلكتك ولعاقبتك فاغتر بقوله فقال فى نفسه ان عمرى بعيد فافعل ما أريد ثم أتوب فوقع فى الفسق وترك العبادة وهلك وهذه الحكاية تحذرك طول الأمل فانه آفة عظيمة: قال الصائب

صفحة رقم 82

در سر اين غافلان طول امل دانى كه چيست آشيان كردست مارى در كبوتر خانه
واعلم انه ما على الرسول عليه السلام الا التبليغ ودلالة كل قوم الى ما خلق له. فيدعو العوام الى التوحيد. والخواص الى الوحدانية. وخواص الخواص الى الوحدة وكذا حال الولي الوارث لكن الوصول الى هذه المقامات انما يكون بهداية الله ومشيئته فليس فى وسع المرشد ان يوصل كل من أراد الى ما اراده فيبقى من يبقى فى الاثنينية ويصل من يصل الى عالم الوحدة والسبب الموصل هو التوحيد فكما ان الكافر لا يكون مؤمنا الا بكلمة التوحيد فكذا المؤمن لا يكون مخلصا الا بتكرارها لان الشرك مطلقا جليا كان او خفيا لا يزول الا بالتوحيد مطلقا فالمؤمن الناقص كما انه لا يلتفت الى المشرك بالشرك الجلى وحاله كذلك المؤمن الكامل لا ينظر الى جانب المشرك بالشرك الخفي ولذا قال تعالى لا إِلهَ إِلَّا هُوَ وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ لكن الاعراض من حيث الحقيقة لا ينافى الإقبال من حيث الظاهر لاجل الدعوة حتى يلزم الحجة ويحصل الافحام وَاللَّهُ يَدْعُوا إِلى دارِ السَّلامِ فالسلام على من اتبع الهدى والملام على من اتبع الهوى: قال الحافظ
چهـ شكرهاست درين شهر كه قانع شده اند شاهبازان طريقت بمقام مكسى
وَلا تَسُبُّوا اى لا تشتموا ايها المؤمنون الَّذِينَ اى الأصنام يَدْعُونَ اى يدعونها آلهة ويعبدونها مِنْ دُونِ اللَّهِ اى متجاوزين عبادة الله تعالى والمراد بالداعين كفار مكة وقال المولى ابو السعود رحمه الله اى لا تشتموهم من حيث عبادتهم لآلهتهم كأن تقولوا تبا لكم ولما تعبدونه مثلا فَيَسُبُّوا اللَّهَ عَدْواً اى تجاوزا عن الحق الى الباطل بان يقولوا لكم مثل قولكم لهم وهو منصوب على المصدر لكونه نوعا من عامله لان السبب من جنس العدو او على انه مفعول له اى لاجل العدو بِغَيْرِ عِلْمٍ حال اى يسبونه غير عالمين بالله تعالى وبما يجب ان يذكر به اى مصاحبين للجهل لانهم لو قدروا الله حق قدره لما اقدموا عليه فان قلت انهم كانوا مقرين بالله وعظمته وان الأصنام انما تعبد ليكونوا شفعاء عند الله فكيف يسبونه قلت انهم لا يفعلون ذلك صريحا لكن ربما يفضى فعلهم الى ذلك وايضا ان الغيظ والغضب انما يحمل الإنسان على التكلم بما ينافى العقل ألا يرى ان المسلم قد يتكلم لشدة غضبه بما يؤدى الى الكفر والعياذ بالله وفى الآية دليل على ان الطاعة إذا أدت الى معصية راجحة وجب تركها فان ما يؤدى الى الشرشر ألا يرى ان سب الأصنام وطعنها من اصول الطاعات وقد نهى الله تعالى عنه لكونه مؤديا الى معصية عظيمة وهى شتم الله وشتم رسوله وفتح باب السفاهة قال الحدادي وفى هذا دليل على ان الإنسان إذا أراد ان يأمر غيره بالمعروف ويعلم ان المأمور يقع بذلك فى أشد مما هو فيه من شتم او ضرب او قتل كان الاولى ان لا يأمره ويتركه على ما هو فيه: قال السعدي قدس سره
مجال سخن تا نيابى مكوى چوميدان نبينى نكهدار كوى
كَذلِكَ اى مثل ذلك التزيين القوى وهو تزيين المشركين سب الله تعالى وعبادة الأوثان

صفحة رقم 83

زَيَّنَّا لِكُلِّ أُمَّةٍ عَمَلَهُمْ من الخير والشر والطاعة والمعصية باحداث ما يمكنهم منه ويحملهم عليه توفيقا او تخذيلا ثُمَّ إِلى رَبِّهِمْ مالك أمرهم مَرْجِعُهُمْ اى رجوعهم بالبعث بعد الموت فَيُنَبِّئُهُمْ [پس خبر دهد ايشانرا] من غير تأخير بِما كانُوا يَعْمَلُونَ فى الدنيا على الاستمرار من السيئات المزينة لهم وهو وعيد بالجزاء والعذاب كقول الرجل لمن يتوعده سأخبرك بما فعلت وفيه نكتة وهى ان كل ما بظهر فى هذه النشأة من الأعيان والاعراض فانما يظهر بصورة مستعارة مخالفة لصورته الحقيقية التي بها يظهر فى النشأة الآخرة فان المعاصي سموم قاتلة قد برزت فى الدنيا بصورة يستحسنها نفوس العصاة كما نطقت به هذه الآية الكريمة وكذا الطاعات فانها مع كونها احسن الاحاسن قد ظهرت عندهم بصورة مكروهة ولذلك قال عليه السلام (حفت الجنة بالمكاره وحفت النار بالشهوات) فاعمال الكفرة قد برزت لهم فى هذه النشأة بصورة مزينة يستحسنها الطغاة وستظهر فى النشأة الآخرة بصورتها الحقيقية المنكرة الهائلة فعند ذلك يعرفون ان أعمالهم ماذا فعبر عن إظهارها بصورها الحقيقية بالأخبار بها لما ان كلامنهما سبب للعلم بحقيقتها كما هى كذا فى تفسير الإرشاد ويظهر صور الأعمال القبيحة لاهل السلوك فى البرزخ الدنيوي فيجتهدون فى تبديلها- حكى- عن
الشيخ ابى بكر الضرير رحمه الله قال كان فى جوارى شاب حسن الوجه يصوم النهار ولا يفطر ويقوم الليل ولا ينام فجاءنى يوما وقال يا أستاذ انى نمت عن وردى الليلة فرأيت كأن محرابى قد انشق وكأنى بجوار قد خرجن من المحراب لم ار احسن وجها منهن وإذا فيهن واحدة شوهاء لم ار أقبح منها منظرا فقلت لمن أنتن ولمن هذه فقلن نحن لياليك التي مضين وهذه ليلة نومك فلو مت فى ليلتك هذه لكانت هذه حظك ثم انشأت الشوهاء تقول

اسأل لمولاك وارددني الى حالى فانت قبحتنى من بين اشكالى
وقد أردت بخير إذ وعظت بنا ابشر فانت من المولى على حال
قالت جارية من الحسان
نحن الليالى اللواتى كنت تسهرها تتلو القرآن بترجيع ورنات
وقد قال بعض الكبار انكشاف عيب النفس خير من انكشاف الملكوت إذا المقصود إصلاح الطبيعة والنفس والاكل والشرب والمنام من الصفات البهيمية التي هى مقتضى الطبيعة وفى التأويلات النجمية زَيَّنَّا لِكُلِّ أُمَّةٍ عَمَلَهُمْ من المقبولين اعمال اهل القبول ومن المردودين اعمال اهل الرد ثُمَّ إِلى رَبِّهِمْ مَرْجِعُهُمْ اى باقدام تلك الأعمال كلا الفريقين يذهبون الى ربهم فَيُنَبِّئُهُمْ بِما كانُوا يَعْمَلُونَ اما اهل القبول فيسلكون على أقدام الأعمال الصالحة طريق اللطف فينبئهم بالفضل والإحسان انهم كانوا يحسنون واما اهل الرد فيقطعون على أقدام المخالفات فى بوادي القهر والهلكات فينبئهم بالعدل والخسران انهم كانوا يسيئون انتهى وفى المثنوى
جمله دانند هين اگر تو نكروى هر چهـ مى كاريش روزى بدروى
وعن بعض الصالحين قال كانت فى جانبى عجوز قد أضنتها العبادة فسألتها ان ترفق بنفسها

صفحة رقم 84
روح البيان
عرض الكتاب
المؤلف
إسماعيل حقي بن مصطفى الإستانبولي الحنفي الخلوتي , المولى أبو الفداء
الناشر
دار الفكر - بيروت
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية