آيات من القرآن الكريم

هُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ عَلَىٰ عَبْدِهِ آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ لِيُخْرِجَكُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ ۚ وَإِنَّ اللَّهَ بِكُمْ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ
ﯛﯜﯝﯞﯟﯠﯡﯢﯣﯤ ﯦﯧﯨﯩﯪﯫﯬﯭﯮﯯﯰﯱﯲ ﯴﯵﯶﯷﯸﯹﯺﯻﯼﯽ ﭑﭒﭓﭔﭕﭖﭗﭘﭙﭚﭛﭜﭝﭞﭟﭠﭡﭢﭣﭤﭥﭦﭧﭨﭩﭪﭫﭬﭭﭮﭯﭰﭱﭲﭳﭴﭵﭶﭷ ﭹﭺﭻﭼﭽﭾﭿﮀﮁ ﮃﮄﮅﮆﮇﮈﮉﮊﮋﮌﮍﮎﮏ ﮑﮒﮓﮔﮕﮖﮗﮘﮙﮚﮛﮜﮝﮞﮟﮠ ﮢﮣﮤﮥﮦﮧﮨﮩﮪﮫﮬﮭﮮﮯﮰ ﯓﯔﯕﯖﯗﯘﯙﯚﯛﯜﯝﯞﯟﯠﯡﯢﯣﯤ ﯦﯧﯨﯩﯪﯫﯬﯭﯮﯯﯰﯱﯲﯳﯴﯵﯶﯷﯸﯹﯺﯻﯼﯽﯾﯿﰀﰁﰂﰃﰄﰅﰆﰇﰈﰉﰊﰋﰌﰍﰎ ﰐﰑﰒﰓﰔﰕﰖﰗﰘﰙﰚﰛ ﭑﭒﭓﭔﭕﭖﭗﭘﭙﭚﭛﭜﭝﭞﭟﭠﭡﭢﭣﭤﭥﭦﭧﭨ

سورة الحديد
أخرج جماعة عن ابن عباس أنها نزلت بالمدينة، وقال النقاش وغيره: هي مدنية بإجماع المفسرين ولم يسلم له، فقد قال قوم: إنها مكية، نعم الجمهور- كما قال ابن الفرس- على ذلك.
وقال ابن عطية: لا خلاف أن فيها قرآنا مدنيا لكن يشبه أن يكون صدرها مكيا، ويشهد لهذا ما أخرجه البزار في مسنده والطبراني وابن مردويه وأبو نعيم في الحلية والبيهقي وابن عساكر عن عمر رضي الله تعالى عنه أنه دخل على أخته قبل أن يسلم فإذا صحيفة فيها أول سورة الحديد فقرأه حتى بلغ آمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَأَنْفِقُوا مِمَّا جَعَلَكُمْ مُسْتَخْلَفِينَ فِيهِ [الحديد: ٧] فأسلم، ويشهد لمكية آيات أخر ما أخرج مسلم والنسائي وابن ماجة وغيرهم عن ابن مسعود ما كان بين إسلامنا وبين أن عاتبنا الله تعالى بهذه الآية أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ [الحديد: ١٦] إلا أربع سنين، وأخرج الطبراني والحاكم وصححه وغيرهما عن عبد الله بن الزبير أن ابن مسعود أخبره أنه لم يكن بين إسلامهم وبين أن نزلت هذه الآية يعاتبهم الله تعالى بها إلا أربع سنين وَلا يَكُونُوا كَالَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ مِنْ قَبْلُ [الحديد: ١٦] الآية لكن سيأتي إن شاء الله تعالى آثار تدل على مدنية ما ذكر ولعلها لا تصلح للمعارضة.
ونزلت يوم الثلاثاء على ما أخرج الديلمي عن جابر مرفوعا لا تحتجموا يوم الثلاثاء فإن سورة الحديد أنزلت عليّ يوم الثلاثاء، وفيه أيضا خبر رواه الطبراني وابن مردويه عن ابن عمر رضي الله تعالى عنهما بسند ضعيف، وهي تسع وعشرون آية في العراقي، وثمان وعشرون في غيره، ووجه اتصالها- بالواقعة- أنها بدئت بذكر التسبيح وتلك ختمت بالأمر به، وكان أولها واقعا موقع العلة للأمر به فكأنه قيل: فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ [الواقعة: ٧٤، ٩٦، الحاقة: ٥٢] لأنه سبح له ما في السماوات والأرض، وجاء في فضلها مع أخواتها ما
أخرجه الإمام أحمد وأبو داود والترمذي وحسنه والنسائي وابن مردويه والبيهقي في شعب الإيمان عن عرباض بن سارية «أن رسول الله صلّى الله عليه وسلم كان يقرأ المسبحات قبل أن يرقد، وقال: إن فيهن آية أفضل من ألف آية» وأخرج ابن الضريس نحوه عن يحيى بن أبي كثير
ثم قال: قال يحيى: نراها الآية التي في آخر الحشر.

صفحة رقم 164

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ سَبَّحَ لِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ التسبيح على المشهور تنزيه الله تعالى اعتقادا وقولا وعملا عما لا يليق بجنابه سبحانه من سبح في الأرض والماء إذا ذهب وأبعد فيهما، وحيث أسندها هنا إلى غير العقلاء أيضا فإن ما في السماوات والأرض يعم جميع ما فيهما سواء كان مستقرا فيهما أو جزءا منهما بل المراد بما فيهما الموجودات فيكون أظهر في تناول السماوات والأرض ويتناول أيضا الموجودات المجردة عند القائل بها، قال الجمهور: المراد به معنى عام مجازي شامل لما نطق به لسان المقال كتسبيح الملائكة والمؤمنين من الثقلين، ولسان الحال كتسبيح غيرهم فإن كل فرد من أفراد الموجودات يدل بإمكانه وحدوثه على الصانع القديم الواجب الوجود المتصف بكل كمال المنزه عن كل نقص، وذهب بعض إلى أن التسبيح على حقيقته المعروفة في الجميع وهو مبني على ثبوت النفوس الناطقة والإدراك لسائر الحيوانات والجمادات على ما يليق بكل، وقد صرح به جمع من الصوفية فتسبيح كل شيء عندهم قالي وإن تفاوت الأمر، وقيل: معنى سبح حمل رائيه العاقل على قول سبحان الله تعالى ونبهه عليه وهو كما ترى، ومن يجوز استعمال اللفظ في حقيقته ومجازه معا لا يحتاج إلى عموم المجاز، وجوز الطبرسي كون ما للعالم فقط مثلها في قول أهل الحجاز كما حكى أبو زيد عند سماع الرعد- سبحان ما سبحت له ولا يخفى أن عمومها العالم وغيره أولى، والظاهر أنها في الوجهين موصولة، وقال بعضهم: إنها نكرة موصوفة وإن أصل الكلام ما في السماوات وما في الأرض ثم حذفت ما الثانية وأقيمت صفتها مقامها، ولا يحسن أن تكون موصولة لأن الصلة لا تقوم مقام الموصول عند البصريين وتقوم الصفة مقام الموصوف عند الجميع، والحمل على المتفق عليه أولى من الحمل على المختلف فيه وكون المذكورة موصولة والمحذوفة نكرة موصوفة مما لا وجه له انتهى.
وأنت تعلم أن حذف الموصول الصريح في مثل ذلك أكثر من أن يحصى وجيء باللام مع أن التسبيح متعد بنفسه كما في قوله تعالى: وَتُسَبِّحُوهُ [الفتح: ٩] للتأكيد فهي مزيدة لذلك كما في نصحت له وشكرت له،

صفحة رقم 165

وقيل: للتعليل والفعل منزل منزلة اللازم أي فعل التسبيح وأوقعه لأجل الله تعالى وخالصا لوجهه سبحانه، وفيه شيء لا يخفى، وعبر بالماضي هنا وفي بعض الأخوات وبالمضارع في البعض الآخر إيذانا بتحقق التسبيح في جميع الأوقات، وفي كل دلالة على أن من شأن ما أسند إليه التسبيح أن يسبحه وذلك هجيراه وديدنه، أما دلالة المضارع عليه فللدلالة على الاستمرار إلى زمان الإخبار وكذلك فيما يأتي من الزمان لعموم المعنى المقتضي للتسبيح وصلوح اللفظ لذلك حيث جرد عن الدلالة على الزمان وأوثر على الاسم دلالة على تجدد تسبيح غبّ تسبيح، وأما دلالة الماضي فللتجرد عن الزمان أيضا مع التحقيق الذي هو مقتضاه فيشمل الماضي من الزمان ومستقبله كذلك، وقيل: الإيذان والدلالة على الاستمرار مستفادان من مجموعي الماضي والمضارع حيث دل الماضي على الاستمرار إلى زمان الإخبار والمضارع على الاستمرار في الحال والاستقبال فشملا معا جميع الأزمنة، وقال الطيبي: افتتحت بعض السور بلفظ المصدر وبعض بالماضي وبعض بالمضارع وبعض بالأمر فاستوعب جميع جهات هذه الكلمة إعلاما بأن المكونات من لدن إخراجها من العدم إلى الوجود إلى الأبد مسبحة مقدسة لذاته سبحانه وتعالى قولا وفعلا طوعا وكرها وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ [الإسراء: ٤٤] وَهُوَ الْعَزِيزُ القادر الغالب الذي لا ينازعه ولا يمانعه شيء الْحَكِيمُ الذي لا يفعل إلا ما تقتضيه الحكمة والمصلحة، والجملة اعتراض تذييلي مقرر لمضمون ما قبله مشعر بعلة الحكم، وكذا قوله تعالى: لَهُ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ أي التصرف الكلي فيهما وفيما فيهما من الموجودات من حيث الإيجاد والإعدام وسائر التصرفات، وقوله سبحانه: يُحْيِي وَيُمِيتُ أي يفعل الإحياء والإماتة استئناف مبين لبعض أحكام الملك وإذا جعل خبر مبتدأ محذوف أي هو يحيي ويميت كانت تلك الجملة كذلك وجعله حالا من ضمير له يوهم تقييد اختصاص الملك بهذه الحال، وقوله تعالى: وَهُوَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ من الأشياء التي من جملتها ما ذكر من الإحياء والإماتة قَدِيرٌ مبالغ في القدرة تذييل وتكميل لما قبله هُوَ الْأَوَّلُ السابق على جميع الموجودات فهو سبحانه موجود قبل كل شيء حتى الزمان لأنه جل وعلا الموجد والمحدث للموجودات وَالْآخِرُ الباقي بعد فنائها حقيقة أو نظرا إلى ذاتها مع قطع النظر عن مبقيها فإن جميع الموجودات الممكنة إذا قطع النظر عن علتها فهي فانية.
ومن هنا قال ابن سينا: الممكن في حدّ ذاته ليس وهو عن علته أيس فلا ينافي هذا كون بعض الموجودات الممكنة لا تفنى كالجنة والنار ومن فيهما كما هو مقرر مبين بالآيات والأحاديث لأن فناءها في حدّ ذاتها أمر لا ينفك عنها، وقد يقال: فناء كل ممكن بالفعل ليس بمشاهد، والذي يدل عليه الدليل إنما هو إمكانه فالبعدية في مثله بحسب التصور والتقدير، وقيل: هو الأول الذي تبتدئ منه الأسباب إذ هو سبحانه مسببها وَالْآخِرُ الذي تنتهي إليه المسببات فالأولية ذاتية والآخرية بمعنى أنه تعالى المرجع والمصير بقطع النظر عن البقاء الثابت بالأدلة، وقيل:
الأول خارجا لأنه تعالى أوجد الأشياء فهو سبحانه متقدم عليها في نفس الأمر الخارجي والآخر ذهنا وبحسب التعلق لأنه عز شأنه يستدل عليه بالموجودات الدالة على الصانع القديم كما قيل: ما رأيت شيئا إلا رأيت الله تعالى بعده، وقال حجة الإسلام الغزالي: إن الأول يكون أولا بالإضافة إلى شيء، والآخر يكون آخرا بالإضافة إلى شيء، وهما متناقضان فلا يتصور أن يكون الشيء الواحد من وجه واحد بالإضافة إليها أول إذ كلها استفادت الوجود منه سبحانه وأما هو عز وجل فموجود بذاته وما استفاد الوجود من غيره سبحانه وتعالى عن ذلك، ومهما نظرت إلى ترتيب السلوك ولاحظت منازل السالكين فهو تعالى آخر إذ هو آخر ما ترتقي إليه درجات العارفين وكل معرفة تحصل قبل معرفته تعالى فهي مرقاة إلى معرفته جل وعلا، والمنزل الأقصى هو معرفة الله جل جلاله فهو سبحانه بالإضافة إلى السلوك آخر

صفحة رقم 166

وبالإضافة إلى الوجود أول فمنه عز شأنه المبدأ أولا وإليه سبحانه والمرجع والمصير آخر انتهى.
والظاهر أن كونه تعالى أولا وآخرا بالنسبة إلى الموجودات أولى ولعل ما ذكره أوفق بمشرب القوم.
وَالظَّاهِرُ أي بوجوده لأن كل الموجودات بظهوره تعالى ظاهر وَالْباطِنُ بكنهه سبحانه فلا تحوم حوله العقول، وقال حجة الإسلام: هذان الوصفان من المضافات فلا يكون الشيء ظاهرا لشيء وباطنا له من وجه واحد بل يكون ظاهرا من وجه بالإضافة إلى إدراك وباطنا من وجه آخر فإن الظهور والبطون إنما يكون بالإضافة إلى الإدراكات والله تعالى باطن إن طلب من إدراك الحواس وخزانة الخيال ظاهر إن طلب من خزانة العقل بالاستدلال والريب من شدة الظهور وكل ما جاوز الحد انعكس إلى الضد، وإلى تفسير الباطن بغير المدرك بالحواس ذهب الزمخشري، ثم قال: إن الواو الأولى لعطف المفرد على المفرد فتفيد أنه تعالى الجامع بين الصفتين الأولية والآخرية والأخيرة أيضا كذلك فتفيد أنه تعالى الجامع بين الظهور والخفاء، وأما الوسطى فلعطف المركب على المركب فتفيد أنه جل وعلا الجامع بين مجموع الصفتين الأوليين ومجموع الصفتين الأخريين فهو تعالى المستمر الوجود في جميع الأوقات الماضية والآتية وهو تعالى في جميعها ظاهر وباطن جامع للظهور بالأدلة والخفاء فلا يدرك بالحواس، وفي هذا حجة على من جوز إدراكه سبحانه في الآخرة بالحاسة أي وذلك لأنه تعالى ما من وقت يصح اتصافه بالأولية والآخرية إلا ويصح اتصافه بالظاهرية والباطنية معا، فإذا جوز إدراكه سبحانه بالحاسة في الآخرة فقد نفى كونه سبحانه باطنا وهو خلاف ما تدل عليه الآية، وأجاب عن ذلك صاحب الكشف فقال: إن تفسير الباطن بأنه غير مدرك بالحواس تفسير بحسب التشهي فإن بطونه تعالى عن إدراك العقول كبطونه عن إدراك الحواس لأن حقيقة الذات غير مدركة لا عقلا ولا حسا باتفاق بين المحققين من الطائفتين، والزمخشري ممن سلم فهو الظاهر بوجوده والباطن بكنهه وهو سبحانه الجامع بين الوصفين أزلا وأبدا، وهذا لا ينافي الرؤية لأنها لا تفيد ذلك عند مثبتها انتهى، وهو حسن فلا تغفل.
وعليه فالتذليل بقوله تعالى: وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ لئلا يتوهم أن بطونه تعالى عن الأشياء يستلزم بطونها عنه عز وجل كما في الشاهد، وقال الأزهري: قد يكون الظاهر والباطن بمعنى العلم لما ظهر وبطن وذلك أن من كان ظاهرا احتجب عنه الباطن ومن كان باطنا احتجب عنه الظاهر فإن أردت أن تصفه بالعلم قلت هو ظاهر باطن مثله قوله تعالى: لا شَرْقِيَّةٍ وَلا غَرْبِيَّةٍ [النور: ٣٥] أي لا شرقية فقط ولا غربية فقط ولكنها شرقية غربية، وفي التذييل المذكور حينئذ خفاء، وقريب منه من وجه ما نقل أن الظاهر بمعنى العالي على كل شيء الغالب له من قوله ظهر عليهم إذا علاهم وغلبهم، والباطن الذي بطن كل شيء أي علم باطنه، وتعقب بفوات المطابقة بين الظاهر والباطن عليه وأن بطنه بمعنى علم باطنه غير ثابت في اللغة، لكن قيل في الآثار: ما ينصر تفسير الظاهر بما فسر.
أخرج مسلم والترمذي وابن أبي شيبة والبيهقي عن أبي هريرة قال: «جاءت فاطمة رضي الله تعالى عنها إلى رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم تسأله خادما فقال لها: قولي اللهم رب السماوات السبع ورب العرش الكريم العظيم ربنا ورب كل شيء منزل التوراة والإنجيل والفرقان فالق الحب والنوى أعوذ بك من شر كل شيء أنت آخذ بناصيته أنت الأول فليس قبلك شيء وأنت الآخر فليس بعدك شيء وأنت الظاهر فليس فوقك شيء وأنت الباطن فليس دونك شيء اقض عنا الدين وأغننا من الفقر»
وقال الطيبي: المعنى بالظاهر في التفسير النبوي الغالب الذي يغلب ولا يغلب فيتصرف في المكونات على سبيل الغلبة والاستيلاء إذ ليس فوقه أحد يمنعه، وبالباطن من لا ملجأ ولا منجي دونه يلتجىء إليه ملتجىء، وبحث فيه بجواز أن يكون المراد أنت الظاهر فليس فوقك شيء في الظهور أي أنت أظهر

صفحة رقم 167

من كل شيء إذ ظهور كل شيء بك وأنت الباطن فليس دونك في البطون شيء أي أنت أبطن من كل شيء إذ كل شيء يعلم حقيقته غيره وهو أنت وأنت لا يعلم حقيقتك غيرك، أو لأن كل شيء يمكن معرفة حقيقته وأنت لا يمكن أصلا معرفة حقيقتك، وأيضا في دلالة الباطن على ما قال: خفاء جدا على أنه لو كان الأمر كما ذكر ما عدل عنه أجلة العلماء فان الخير صحيح، وقد جاء نحوه من رواية الإمام أحمد وأبي داود وابن ماجة ويبعد عدم وقوف أولئك الأجلة عليه، وأبعد من ذلك أن يكون ما ذكره صلّى الله عليه وسلم من أسمائه تعالى غير ما في الآية، ويحتمل أنه عليه الصلاة والسلام أراد بقوله: «فليس دونك شيء» ليس أقرب منك شيء، ويؤيده ما أخرجه البيهقي في الأسماء والصفات عن مقاتل قال:
بلغنا في قوله تعالى: هُوَ الْأَوَّلُ إلخ هو الأول قبل كل شيء والآخر بعد كل شيء والظاهر فوق كل شيء والباطن أقرب من كل شيء، وإنما يعني القرب بعلمه وقدرته وهو فوق عرشه والذي يترجح عندي ما ذكر أولا، وعن بعض المتصوفة أهل وحدة الوجود أن المراد بقوله سبحانه: هُوَ الْأَوَّلُ إلخ أنه لا موجود غيره تعالى إذ كل ما يتصور موجودا فهو إما أول أو آخر هو سبحانه لا غيره، وأيدوه بما
في حديث مرفوع أخرجه الإمام أحمد وعبد بن حميد والترمذي وابن المنذر وجماعة عن أبي هريرة «والذي نفسي بيده لو أنكم دليتم بحبل إلى الأرض السفلى لهبط على الله» قال أبو هريرة، ثم قرأ النبي صلّى الله عليه وسلم هُوَ الْأَوَّلُ وَالْآخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْباطِنُ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ.
وحال القول بوحدة الوجود مشهور وأما الخبر فمن المتشابه، وقد قال فيه الترمذي: فسر أهل العلم الحديث فقالوا: أي لهبط على علم الله تعالى وقدرته وسلطانه، ويؤيد هذا ذكر التذييل وعدم اقتصاره عليه الصلاة والسلام على ما قبله، وهذه الآية ينبغي لمن وجد في نفسه وسوسة فيما يتعلق بالله تعالى أن يقرأها، فقد أخرج أبو داود عن أبي زميل أن ابن عباس قال له وقد أعلمه أن عنده وسوسة في ذلك: «إذا وجدت في نفسك شيئا فقل هو الأول» الآية.
وأخرج أبو الشيخ في العظمة عن ابن عمر وأبي سعيد رضي الله تعالى عنهم عن النبي صلى الله تعالى عليه وسلم قال: «لا يزال الناس يسألون عن كل شيء حتى يقولوا هذا الله كان قبل كل شيء فماذا كان قبل الله فإن قالوا لكم ذلك فقالوا هو الأول والآخر والظاهر والباطن وهو بكل شيء عليم».
هُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوى عَلَى الْعَرْشِ بيان بعض أحكام ملكهما وقد مر تفسيره مرارا يَعْلَمُ ما يَلِجُ فِي الْأَرْضِ وَما يَخْرُجُ مِنْها وَما يَنْزِلُ مِنَ السَّماءِ وَما يَعْرُجُ فِيها مر بيانه في سورة سبأ وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ ما كُنْتُمْ تمثيل لإحاطة علمه تعالى بهم وتصوير لعدم خروجهم عنه أينما كانوا، وقيل:
المعية مجاز مرسل عن العلم بعلاقة السببية والقرينة السباق واللحاق مع استحالة الحقيقة، وقد أول السلف هذه الآية بذلك، أخرج البيهقي في الأسماء والصفات عن ابن عباس أنه قال فيها: عالم بكم أينما كنتم.
وأخرج أيضا عن سفيان الثوري أنه سئل عنها فقال: علمه معكم، وفي البحر أنه اجتمعت الأمة على هذا التأويل فيها وأنها لا تحمل على ظاهرها من المعية بالذات وهي حجة على منع التأويل في غيرها مما يجري مجراها في استحالة الحمل على الظاهر، وقد تأول هذه الآية وتأول الحجر الأسود يمين الله في الأرض، ولو اتسع عقله لتأول غير ذلك مما هو في معناه انتهى.
وأنت تعلم أن الأسلم ترك التأويل فإنه قول على الله تعالى من غير علم ولا نؤوّل إلا ما أوّله السلف ونتبعهم فيما كانوا عليه فإن أوّلوا أوّلنا وإن فوضوا فوضنا ولا نأخذ تأويلهم لشيء سلما لتأويل غيره، وقد رأيت بعض الزنادقة الخارجين من ربقة الإسلام يضحكون من هذه الآية مع قوله تعالى: ثُمَّ اسْتَوى عَلَى الْعَرْشِ ويسخرون من القرآن

صفحة رقم 168

الكريم لذلك وهو جهل فظيع وكفر شنيع نسأل الله تعالى العصمة والتوفيق.
وَاللَّهُ بِما تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ عبارة عن إحاطته بأعمالهم وتأخير صفة العلم الذي هو من صفات الذات عن الخلق الذي هو من صفات الأفعال مع أن صفات الذات متقدمة على صفات الأفعال لما أن المراد الإشارة إلى ما يدور عليه الجزاء من العلم التابع للمعلوم، وقيل: إن الخلق دليل العلم إذ يستدل بخلقه تعالى وإيجاده سبحانه لمصنوعاته المتقنة على أنه عز وجل عالم ومن شأن المدلول التأخر عن الدليل لتوقفه عليه، وقوله تعالى: لَهُ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ تكرير للتأكيد وتمهيد لقوله سبحانه المشعر بالإعادة: وَإِلَى اللَّهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ أي إليه تعالى وحده لا إلى غيره سبحانه استقلالا أو اشتراكا ترجع جميع الأمور أعراضها وجواهرها، وقرأ الحسن وابن أبي إسحاق والأعرج «ترجع» مبنيا للفاعل من رجع رجوعا، وعلى البناء للمفعول كما في قراءة الجمهور هو من رجع رجعا يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهارِ وَيُولِجُ النَّهارَ فِي اللَّيْلِ مر تفسيره مرارا وقوله تعالى: وَهُوَ عَلِيمٌ أي مبالغ في العلم بِذاتِ الصُّدُورِ أي بمكنوناتها اللازمة لها بيان لإحاطة علمه تعالى بما يضمرونه من نياتهم بعد بيان إحاطته بأعمالهم التي يظهرونها، وجوز أن يراد بِذاتِ الصُّدُورِ نفسها وحقيقتها على أن الإحاطة بما فيها تعلم بالأولى.
آمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَأَنْفِقُوا مِمَّا جَعَلَكُمْ مُسْتَخْلَفِينَ فِيهِ أي جعلكم سبحانه خلفاء عنه عز وجل في التصرف فيه من غير أن تملكوه حقيقة، عبر جل شأنه عما بأيديهم من الأموال بذلك تحقيقا للحق وترغيبا في الإنفاق فإن من علم أنها لله تعالى وإنما هو بمنزلة الوكيل يصرفها إلى ما عينه الله تعالى من المصاريف هان عليه الإنفاق، أو جعلكم خلفاء عمن كان قبلكم فيما كان بأيديهم فانتقل لكم، وفيه أيضا ترغيب في الإنفاق وتسهيل له لأن من علم أنه لم يبق لمن قبله وانتقل إليه علم أنه لا يدوم له وينتقل لغيره فيسهل عليه إخراجه ويرغب في كسب الأجر بإنفاقه ويكفيك قول الناس فيما ملكته لقد كان هذا مرة لفلان،
وفي الحديث «يقول ابن آدم: مالي مالي وهل لك من مالك إلا ما أكلت فأفنيت أو لبست فأبليت أو تصدقت فأمضيت»
والمعنى الأول هو المناسب لقوله تعالى: لَهُ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وعليه ما حكي أنه قيل لأعرابي: لمن هذه الإبل؟ فقال: هي لله تعالى عندي، ويميل إليه قول القائل:

وما المال والأهلون إلا ودائع ولا بد يوما أن ترد الودائع
والآية على ما روي عن الضحاك نزلت في تبوك فلا تغفل فَالَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَأَنْفَقُوا حسبما أمروا به لَهُمْ بسبب ذلك أَجْرٌ كَبِيرٌ وعد فيه من المبالغات ما لا يخفى حيث جعل الجملة اسمية وكان الظاهر أن تكون فعلية في جواب الأمر بأن يقال مثلا آمنوا بالله ورسوله وأنفقوا تعطوا أجرا كبيرا، وأعيد ذكر الإيمان والإنفاق دون أن يقال فمن يفعل ذلك فله أجر كبير وعدل عن فللذين آمنوا منكم وأنفقوا أجر إلى ما في النظم الكريم وفخم الأجر بالتنكير، ووصف بالكبير، وقوله عز وجل: وَما لَكُمْ لا تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ استئناف قيل: مسوق لتوبيخهم على ترك الإيمان حسبما أمروا به بإنكار أن يكون لهم في ذلك عذر ما في الجملة على أن لا تؤمنون حال من ضمير لكم والعامل ما فيه من معنى الاستقرار أي أيّ شيء حصل لكم غير مؤمنين على توجيه الإنكار والنفي إلى السبب فقط مع تحقيق المسبب وهو مضمون الجملة الحالية أعني عدم الإيمان فأي لإنكار سبب الواقع ونفيه فقط، ونظيره قوله تعالى: ما لَكُمْ لا تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقاراً [نوح: ١٣] وقد يتوجه الإنكار والنفي في مثل هذا التركيب لسبب الوقوع فيسريان إلى المسبب أيضا كما في قوله تعالى: وَما لِيَ لا أَعْبُدُ [يس: ٢٢] إلخ ولا يمكن إجراء ذلك هنا لتحقق عدم الإيمان وهذا المعنى مما لا غبار عليه، وقوله تعالى: وَالرَّسُولُ يَدْعُوكُمْ لِتُؤْمِنُوا بِرَبِّكُمْ حال من

صفحة رقم 169

ضمير لا تُؤْمِنُونَ مفيدة على ما قيل: لتوبيخهم على الكفر مع تحقق ما يوجب عدمه بعد توبيخهم عليه مع عدم ما يوجبه، ولام لِتُؤْمِنُوا صلة- يدعو- وهو يتعدى بها وبإلى أي وأيّ عذر في ترك الايمان وَالرَّسُولُ يَدْعُوكُمْ إليه وينبهكم عليه، وجوّز أن تكون اللام تعليلية وقوله سبحانه: وَقَدْ أَخَذَ مِيثاقَكُمْ حال من فاعل يدعوكم أو من مفعوله أي وقد أخذ الله ميثاقكم بالإيمان من قبل كما يشعر به تخالف الفعلين مضارعا وماضيا، وجوز كونه حالا معطوفة على الحال قبلها فالجملة حال بعد حال من ضمير تُؤْمِنُونَ والتخالف بالاسمية والفعلية يبعد ذلك في الجملة، وأيا ما كان فأخذ الميثاق إشارة إلى ما كان منه تعالى من نصب الأدلة الآفاقية والأنفسية والتمكين من النظر فقوله تعالى: وَالرَّسُولُ يَدْعُوكُمْ إشارة إلى الدليل السمعي وهذا إشارة إلى الدليل العقلي وفي التقديم والتأخير ما يؤيد القول بشرف السمعي على العقلي.
وقال البغوي: هو ما كان حين أخرجهم من ظهر آدم وأشهدهم بأنه سبحانه ربهم فشهدوا- وعليه لا مجاز- والأول اختيار الزمخشري، وتعقبه ابن المنير فقال: لا عليه أن يحمل العهد على حقيقته وهو المأخوذ يوم الذر وكل ما أجازه العقل وورد به الشرع وجب الإيمان به، وروي ذلك عن مجاهد وعطاء والكلبي ومقاتل، وضعفه الإمام بأن المراد إلزام المخاطبين الإيمان ونفى أن يكون لهم عذر في تركه وهم لا يعلمون هذا العهد إلا من جهة الرسول فقبل التصديق بالرسول لا يكون سببا لإلزامهم الايمان به، وقال الطيبي: يمكن أن يقال إن الضمير في أَخَذَ إن كان لله تعالى فالمناسب أن يراد بالميثاق ما دلّ عليه قوله تعالى: قُلْنَا اهْبِطُوا مِنْها جَمِيعاً فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدىً فَمَنْ تَبِعَ هُدايَ [البقرة: ٣٨] إلخ لأن المعنى فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدىً برسول أبعثه إليكم وكتاب أنزله عليكم، ويدل على الأول قوله سبحانه: وَالرَّسُولُ يَدْعُوكُمْ لِتُؤْمِنُوا وعلى الثاني هُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ عَلى عَبْدِهِ آياتٍ إلخ، وإن كان للرسول صلى الله تعالى عليه وسلم فالظاهر أن يراد به ما في قوله تعالى: وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثاقَ النَّبِيِّينَ لَما آتَيْتُكُمْ مِنْ كِتابٍ وَحِكْمَةٍ ثُمَّ جاءَكُمْ رَسُولٌ مُصَدِّقٌ لِما مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنْصُرُنَّهُ [آل عمران: ٨١] على أن يضاف الميثاق إلى النبيين إضافته إلى الموثق لا الموثق عليه أي الميثاق الذي وثقه الأنبياء على أممهم، وهو الوجه لأن الخطاب مع الصحابة رضي الله تعالى عنهم كما يدل عليه ما بعد، ولعل الميثاق نحو ما روينا عن الإمام أحمد عن عبادة بن الصامت بايعنا رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم على السمع والطاعة في النشاط والكسل وعلى النفقة في العسر واليسر وعلى الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. وعلى أن نقول في الله تعالى ولا نخاف لومة لائم انتهى.
ويضيف الأول بنحو ما ضعف به الإمام حمل العهد على ما كان يوم الذر، وضعف الثاني أظهر من أن ينبه عليه.
والخطاب قال صاحب الكشف: عام يوبخ من لم يؤمن منهم بعدم الإيمان ثم من آمن بعدم الإنفاق في سبيله.
وكلام أبي حيان ظاهر في أنه للمؤمنين، وجعل آمنوا أمرا بالثبات على الإيمان ودوامه وَما لَكُمْ لا تُؤْمِنُونَ إلخ على معنى كيف لا تثبتون على الإيمان ودواعي ذلك موجودة.
وظاهر كلام بعضهم كونه للكفرة وهو الذي أشرنا إليه من قبل، ولعل ما ذكره صاحب الكشف أولى إلا أنه قيل عليه: إن آمنوا إذا كان خطابا للمتصفين بالإيمان ولغير المتصفين به يلزم استعمال الأمر في طلب أصل الفعل نظرا لغير المتصفين وفي طلب الثبات نظرا للمتصفين وفيه ما فيه، ويحتاج في التفصي عن ذلك إلى إرادة معنى عام للأمرين، وقد يقال أراد أنه عمد إلى جماعة مختلفين في الأحوال فأمروا بأوامر شتى وخوطبوا بخطابات متعددة فتوجه كل أمر

صفحة رقم 170

وكل خطاب إلى من يليق به وهذا كما يقول الوالي لأهل بلده: أذنوا وصلوا ودرسوا وأنفقوا على الفقراء وأوفوا الكيل والميزان إلى غير ذلك فإن كل أمر ينصرف إلى من يليق به منهم فتأمل، وقرىء وَما لَكُمْ لا تُؤْمِنُونَ بالله ورسوله، وقرأ أبو عمرو وَقَدْ أَخَذَ مِيثاقَكُمْ بالبناء للمفعول ورفع مِيثاقَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ شرط جوابه محذوف دل عليه ما قبل، والمعنى إن كنتم مؤمنين لموجب ما فهذا موجب لا موجب وراءه، وجوز أن يكون المراد إن كنتم ممن يؤمن فما لكم لا تؤمنون والحالة هذه، وقال الواحدي: أي إن كنتم مؤمنين بدليل عقلي أو نقلي فقد بان وظهر لكم على يدي محمد صلى الله تعالى عليه وسلم ببعثته وإنزال القرآن عليه وأيا ما كان فلا تناقض بين هذا وقوله تعالى: وَما لَكُمْ لا تُؤْمِنُونَ وقال الطبري في ذلك: المراد إن كنتم مؤمنين في حال من الأحوال فآمنوا الآن وقيل: المراد إن كنتم مؤمنين بموسى وعيسى عليهما السلام فآمنوا بمحمد صلى الله تعالى عليه وسلم فإن شريعتهما تقتضي الإيمان به عليه الصلاة والسلام أو إن كنتم مؤمنين بالميثاق المأخوذ عليكم في عالم الذر فآمنوا الآن، وقيل المراد إن دمتم على الإيمان فأنتم في رتب شريفة وأقدار رفيعة، والكل كما ترى.
وظاهر الأخير أن الخطاب مع المؤمنين وهو الذي اختاره الطيبي، وقال في هذا الشرط: يمكن أن يجري على التعليل كما في قوله تعالى: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا ما بَقِيَ مِنَ الرِّبا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ [البقرة: ٢٧٨] لأن الكلام مع المؤمنين على سبيل التوبيخ والتقريع يدل عليه ما بعد هُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ عَلى عَبْدِهِ حسبما يعن لكم من المصالح آياتٍ بَيِّناتٍ واضحات، والظاهر أن المراد بها آيات القرآن، وقيل: المعجزات لِيُخْرِجَكُمْ أي الله تعالى إذ هو سبحانه المخبر عنه، أو العبد لقرب الذكر والمراد ليخرجكم بها مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى النُّورِ من ظلمات الكفر إلى نور الايمان، وقرىء في السبعة ينزل مضارعا فبعض ثقل وبعض خفف.
وقرأ الحسن بالوجهين، وقرأ زيد بن علي والأعمش أنزل ماضيا وَإِنَّ اللَّهَ بِكُمْ لَرَؤُفٌ رَحِيمٌ مبالغ في الرأفة والرحمة حيث أزال عنكم موانع سعادة الدارين وهداكم إليها على أتم وجه، وقرىء في السبعة لَرَؤُفٌ بواوين، وقوله عز وجل: وَما لَكُمْ أَلَّا تُنْفِقُوا توبيخ على ترك الإنفاق إما للمؤمنين الغير المنفقين أو لأولئك الموبخين أولا على ترك الإيمان، وبخهم سبحانه على ذلك بعد توبيخهم على ترك الإيمان بإنكار أن يكون لهم في ذلك أيضا عذر من الأعذار، و (أن) مصدرية لا زائدة كما قيل، واقتضاه كلام الأخفش والكلام على تقدير حرف الجر، فالمصدر المؤول في محل نصب أو جر على القولين وحذف مفعول الإنفاق للعلم به مما تقدم وقوله تعالى: فِي سَبِيلِ اللَّهِ لتشديد التوبيخ، والمراد به كل خير يقربهم إليه تعالى على سبيل الاستعارة التصريحية أي أيّ شيء لكم في أن لا تنفقوا فيما هو قربة إلى الله تعالى ما هو له في الحقيقة وإنما أنتم خلفاؤه سبحانه في صرفه إلى ما عينه عز وجل من المصارف، أو ما انتقل إليكم من غيركم وسينتقل منكم إلى الغير.
وَلِلَّهِ مِيراثُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ أي يرث كل شيء فيهما ولا يبقى لأحد مال على أن ميراثهما مجاز أو كناية عن ميراث ما فيهما لأن أخذ الظرف يلزمه أخذ المظروف.
وجوز أن يراد يرثهما وما فيهما، واختير الأول أنه يكفي لتوبيخهم إذ لا علاقة لأخذ السماوات والأرض هنا، والجملة حال من فاعل لا تنفقوا أو مفعوله مؤكدة للتوبيخ فإن ترك الإنفاق بغير سبب قبيح منكر ومع تحقق ما يوجب الإنفاق أشد في القبح وأدخل في الإنكار فإن بيان بقاء جميع ما في السماوات والأرض من الأموال بالآخرة لله عز وجل من غير أن يبقى لأحد من أصحابها شيء أقوى في إيجاب الانفاق عليهم من بيان أنها لله تعالى في الحقيقة، أو أنها انتقلت إليهم من غيرهم كأنه قيل: ومالكم في ترك إنفاقها في سبيل الله تعالى، والحال أنه لا يبقى لكم ولا

صفحة رقم 171

لغيركم منها شيء بل تبقى كلها لله عز وجل، وإظهار الاسم الجليل في موقع الإضمار لزيادة التقرير وتربية المهابة، وقوله تعالى: لا يَسْتَوِي مِنْكُمْ مَنْ أَنْفَقَ مِنْ قَبْلِ الْفَتْحِ وَقاتَلَ بيان لتفاوت درجات المنفقين حسب تفاوت أحوالهم في الإنفاق بعد بيان أن لهم أجرا كبيرا على الإطلاق حثا لهم على تحري الأفضل، وعطف القتال على الإنفاق للإيذان بأنه من أهم مواد الإنفاق مع كونه في نفسه من أفضل العبادات وأنه لا يخلو من الانفاق أصلا وقسيم مَنْ أَنْفَقَ محذوف أي لا يستوي ذلك وغيره، وحذف لظهوره ودلالة ما بعد عليه، والفتح فتح مكة على ما روي عن قتادة، وزيد بن أسلم ومجاهد- وهو المشهور- فتعريفه للعهد أو للجنس ادعاء وقال الشعبي: هو فتح الحديبية وقد مر وجه تسميته فتحا في سورة الفتح، وفي بعض الآثار ما يدل عليه.
أخرج ابن جرير وابن أبي حاتم وابن مردويه وأبو نعيم في الدلائل من طريق زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار عن أبي سعيد الخدري قال: خرجنا مع رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم عام الحديبية حتى إذا كان بعسفان قال رسول الله عليه الصلاة والسلام: يوشك أن يأتي قوم يحتقرون أعمالكم مع أعمالهم قلنا: من هم يا رسول الله أقريش؟ قال: لا ولكن هم أهل اليمن هم أرق أفئدة وألين قلوبا، فقلنا: أهم خير منا يا رسول الله؟
قال: لو كان لأحدهم جبل من ذهب فأنفقه ما أدرك مدّ أحدكم ولا نصيفه ألا إن هذا فصل ما بيننا وبين الناس لا يَسْتَوِي مِنْكُمْ مَنْ أَنْفَقَ مِنْ قَبْلِ الْفَتْحِ الآية.
وقرأ زيد بن علي رضي الله تعالى عنهما قَبْلِ بغير مَنْ أُولئِكَ إشارة إلى من أنفق، والجمع بالنظر إلى معنى مَنْ كما أن إفراد الضميرين السابقين بالنظر إلى لفظها، ووضع اسم الإشارة البعيد موضع الضمير للتعظيم والإشعار بأن مدار الحكم هو إنفاقهم قبل الفتح وقتالهم، ومحله الرفع على الابتداء والخبر قوله تعالى: أَعْظَمُ دَرَجَةً أي أولئك المنعوتون بذينك النعتين الجليلين أرفع منزلة وأجل قدرا.
مِنَ الَّذِينَ أَنْفَقُوا مِنْ بَعْدُ بعد الفتح وَقاتَلُوا وذهب بعضهم إلى أن فاعل لا يَسْتَوِي ضمير يعود على الانفاق أي لا يستوي هو أي الإنفاق أي جنسه إذ منه ما هو قبل الفتح ومنه ما هو بعده، ومَنْ أَنْفَقَ مبتدأ، وجملة أُولئِكَ أَعْظَمُ خبره وفيه تفكيك الكلام وخروج عن الظاهر لغير موجب فالوجه ما تقدم، ويعلم منه التزاما التفاوت بين الإنفاق قبل الفتح والانفاق بعده، وإنما كان أولئك أعظم درجة من الذين أنفقوا بعد لأنهم إنما فعلوا ما فعلوا عند كمال الحاجة إلى النصرة بالنفس والمال لقلة المسلمين وكثرة أعدائهم وعدم ما ترغب فيه النفوس طبعا من كثرة الغنائم فكان ذلك أنفع وأشد على النفس وفاعله أقوى يقينا بما عند الله تعالى وأعظم رغبة فيه، ولا كذلك الذين أنفقوا بعد وَكُلًّا أي كل واحد من الفريقين لا الأولين فقط وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنى أي المثوبة الحسنى وهي الجنة على ما روي عن مجاهد وقتادة، وقيل: أعم من ذلك والنصر والغنيمة في الدنيا، وقرأ ابن عامر وعبد الوارث- وكل- بالرفع، والظاهر أنه مبتدأ والجملة بعده خبر والعائد محذوف أي وعده كما في قوله:
وخالد يحمد ساداتنا... بالحق لا يحمد بالباطل
يريد يحمده والجملة عطف على أولئك أعظم درجة وبينهما من التطابق ما ليس على قراءة الجمهور، ومنع البصريون حذف العائد من خبر المبتدأ، وقالوا: لا يجوز إلا في الشعر بخلاف حذفه من جملة الصفة وهم محجوجون بهذه القراءة، وقول بعضهم فيها: إن كل خبر مبتدأ تقديره، وأولئك كل، وجملة وَعَدَ اللَّهُ صفة- كل- تأويل ركيك، وفيه زيادة حذف، على أن بعض النحاة منع وصف- كل- بالجملة لأنه معرفة بتقدير

صفحة رقم 172

وكلهم، وقال الشهاب: الصحيح ما ذهب إليه ابن مالك من أن عدم جواز حذف العائد من جملة الخبر في غير- كل- وما ضاهاها في الافتقار والعموم فإنه في ذلك مطرد لكن ادعى فيه الإجماع وهو محل نزاع.
وَاللَّهُ بِما تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ عالم بظاهره وباطنه ويجازيكم على حسبه فالكلام وعد ووعيد، وفي الآيات من الدلالة على فضل السابقين المهاجرين والأنصار ما لا يخفى، والمراد بهم المؤمنون المنفقون المقاتلون قبل فتح مكة أو قبل الحديبية بناء على الخلاف السابق، والآية على ما ذكره الواحدي عن الكلبي نزلت في أبي بكر الصديق رضي الله تعالى عنه أي بسببه، وأنت تعلم أن خصوص السبب لا يدل على تخصيص الحكم، فلذلك قال: أُولئِكَ ليشمل غيره رضي الله تعالى عنه ممن اتصف بذلك، نعم هو أكمل الأفراد فإنه أنفق قبل الفتح وقبل الهجرة جميع ماله وبذل نفسه معه عليه الصلاة والسلام ولذا
قال صلى الله تعالى عليه وسلم: «ليس أحد أمّن علي بصحبته من أبي بكر»
وذلك يكفي لنزولها فيه،
وفي الكشاف إن أولئك هم السابقون الأولون من المهاجرين والأنصار الذين قال النبي صلى الله تعالى عليه وسلم فيهم: «لو أنفق أحدكم مثل أحد ذهبا ما بلغ مدّ أحدهم ولا نصيفه»
قال الطيبي: الحديث من رواية البخاري ومسلم وأبي داود والترمذي عن أبي سعيد الخدري قال: «قال رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم: لا تسبوا أصحابي فلو أن أحدا أنفق مثل أحد ذهبا ما بلغ مدّ أحدهم ولا نصيفه»
، وتعقبه في الكشف بأنه على هذا لا يختص بالسابقين الأولين كما أشار في الكشاف إليه وهو مبني على أن الخطاب في لا تسبوا ليس للحاضرين ولا للموجودين في عصره صلى الله تعالى عليه وسلم بل لكل من يصلح للخطاب كما في قوله تعالى: وَلَوْ تَرى إِذْ وُقِفُوا [الأنعام: ٢٧، ٣٠] الآية وإلا فقد قيل: إن الخطاب يقتضي الحضور والوجود ولا بد من مغايرة المخاطبين بالنهي عن سبهم فهم السابقون الكاملون في الصحبة.
وأقول شاع الاستدلال بهذا الحديث على فضل الصحابة مطلقا بناء على ما قالوا: إن إضافة الجمع تفيد الاستغراق وعليه صاحب الكشف، واستشكل أمر الخطاب، وأجيب عنه بما سمعت وبأنه على حدّ خطاب الله تعالى الأزلي لكن من بعض الأخبار ما يؤيد أن المخاطبين بعض من الصحابة والممدوحين بعض آخر منهم فتكون الإضافة للعهد أو بحمل الأصحاب على الكاملين في الصحبة.
أخرج أحمد عن أنس قال: «كان بين خالد بن الوليد وبين عبد الرحمن بن عوف كلام فقال لعبد الرحمن ابن عوف: تستطيلون علينا بأيام سبقتمونا بها فبلغ النبي صلى الله تعالى عليه وسلم فقال: دعوا لي أصحابي فو الذي نفسي بيده لو أنفقتم مثل أحد- أو مثل الجبال- ذهبا ما بلغتم أعمالهم»
ثم في هذا الحديث تأييد ما لكون أولئك هم الذين أنفقوا قبل الحديبية لأن إسلامه رضي الله تعالى عنه كان بين الحديبية وفتح مكة كما في التقريب وغيره، والزمخشري فسر الفتح بفتح مكة فلا تغفل، قال الجلال المحلي: كون الخطاب في «لا تسبوا» للصحابة السابين، وقال: نزلهم صلى الله تعالى عليه وسلم بسبهم الذي لا يليق بهم منزلة غيرهم حيث علل بما ذكره وهو وجه حسن فتدبر وقوله تعالى: مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضاً حَسَناً ندب بليغ من الله تعالى إلى الانفاق في سبيله مؤكد للأمر السابق به وللتوبيخ على تركه فالاستفهام ليس على حقيقته بل للحث، والقرض الحسن الانفاق بالإخلاص وتحري أكرم المال وأفضل الجهات، وذكر بعضهم أن القرض الحسن ما يجمع عشر صفات. أن يكون من الحلال فإن الله تعالى طيب لا يقبل إلا طيبا. وأن يكون من أكرم ما يملكه المرء. وأن يكون والمرء صحيح شحيح يأمل العيش ويخشى الفقر وأن يضعه في الأحوج الأولى. وأن يكتم ذلك، وأن لا يتبعه بالمنّ والأذى، وأن يقصد به وجه الله تعالى وأن يستحقر ما يعطي وإن كثر، وأن يكون من أحب أمواله إليه.

صفحة رقم 173

وأن يتوخى في إيصاله للفقير ما هو أسر لديه من الوجوه كحمله إلى بيته. ولا يخفى أنه يمكن الزيادة والنقص فيما ذكر.
وأيما كان فالكلام إما على التجوز في الفعل فيكون استعارة تبعية تصريحية أو التجوز في مجموع الجملة فيكون استعارة تمثيلية وهو الأبلغ أي من ذا الذي ينفق ماله في سبيل الله تعالى مخلصا متحريا أكرمه وأفضل الجهات رجاء أن يعوضه سبحانه بدله كمن يقرضه فَيُضاعِفَهُ لَهُ فيعطيه أجره على إنفاقه مضاعفا أضعافا كثيرة من فضله.
وَلَهُ أَجْرٌ كَرِيمٌ أي وذلك الأجر المضموم اليه الإضعاف كريم مرضي في نفسه حقيق بأن يتنافس فيه المتنافسون، ففيه إشارة إلى أن الأجر كما أنه زائد في الكم بالغ في الكيف فالجملة حاليه لا عطف على فَيُضاعِفَهُ، وجوز العطف والمغايرة ثابتة بين الضعف والأجر نفسه فإن الإضعاف من محض الفضل والمثل فضل هو أجر، ونصب يضاعفه على جواب الاستفهام بحسب المعنى كأنه قيل: أيقرض الله تعالى أحد فيضاعفه له فإن المسئول عنه بحسب اللفظ وإن كان هو الفاعل لكنه في المعنى هو الفعل إذ ليس المراد أن الفعل قد وقع السؤال عن تعيين فاعله كقولك: من جاءك اليوم؟ إذا علمت أنه جاءه جاء لم تعرفه بعينه وإنما أورد على هذا الأسلوب للمبالغة في الطلب حتى كأن الفعل لكثرة دواعيه قد وقع وإنما يسأل عن فاعله ليجازي ولم يعتبر الظاهر لأنه يشترط بلا خلاف في النصب بعد الفاء أن لا يتضمن ما قبل وقوع الفعل نحو لم ضربت زيدا فيجازيك فإنه حينئذ لا يتضمن سبق مصدر مستقبل وعلى هذا يؤول كل ما فيه نصب وما قبل متضمن للوقوع، وقرأ غير واحد «فيضاعفه» بالرفع على القياس نظرا للظاهر المتضمن للوقع وهو إما عطف على يقرض أو على فهو (يضاعفه) وقرىء فيضعفه بالرفع والنصب يَوْمَ تَرَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ ظرف لما تعلق به له أو له أو لقوله تعالى: فَيُضاعِفَهُ أو منصوب بإضمار اذكر تفخيما لذلك اليوم، والرؤية بصرية والخطاب لكل من تتأتى منه أو لسيد المخاطبين صلى الله تعالى عليه وسلم، وقوله عز وجل: يَسْعى نُورُهُمْ حال من مفعول ترى والمراد بالنور حقيقته على ما ظهر من شموس الأخبار- وإليه ذهب الجمهور- والمعنى يسعى نورهم إذا سعوا.
بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمانِهِمْ
أخرج ابن أبي شيبة وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والحاكم وصححه وابن مردويه عن ابن مسعود أنه قال: «يؤتون نورهم على قدر أعمالهم يمرون على الصراط منهم من نوره مثل الجبل ومنهم من نوره مثل النخلة وأدناهم نورا من نوره على إبهامه يطفأ مرة ويقد أخرى»
وظاهره أن هذا النور يكون عند المرور على الصراط، وقال بعضهم: يكون قبل ذلك ويستمر معهم إذا مروا على الصراط، وفي الأخبار ما يقتضيه كما ستسمعه قريبا إن شاء الله تعالى، والمراد أنه يكون لهم في جهتين جهة الإمام وجهة اليمين وخصا لأن السعداء يؤتون صحائف أعمالهم من هاتين الجهتين كما أن الأشقياء يؤتونها من شمائلهم ووراء ظهورهم، وفي البحر الظاهر أن النور قسمان: نور بين أيديهم يضيء الجهة التي يؤمونها. ونور بأيمانهم يضيء ما حواليهم من الجهات، وقال الجمهور: إن النور أصله بأيمانهم والذي بين أيديهم هو الضوء المنبسط من ذلك، وقيل: الباء بمعنى عن أي وعن أيمانهم والمعنى في جميع جهاتهم، وذكر الأيمان لشرفها انتهى، ويشهد لهذا المعنى ما
أخرج ابن أبي حاتم والحاكم وصححه وابن مردويه عن عبد الرحمن بن جبير بن نضير أنه سمع أبا ذر وأبا الدرداء قالا: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: «أنا أول من يؤذن له في السجود يوم القيامة وأول من يؤذن له فيرفع رأسه فأرفع رأسي فأنظر بين يدي ومن خلفي وعن يميني وعن شمالي فأعرف أمتي بين الأمم فقيل: يا رسول الله وكيف تعرفهم من بين الأمم ما بين نوح عليه السلام إلى أمتك؟ قال: غرّ

صفحة رقم 174
روح المعاني
عرض الكتاب
المؤلف
أبو المعالي محمود شكري بن عبد الله بن محمد بن أبي الثناء الألوسي
تحقيق
علي عبد البارى عطية
الناشر
دار الكتب العلمية - بيروت
سنة النشر
1415
الطبعة
الأولى
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية