
وقيل الذين لم يرعوها هم قوم جاءوا بعد الأولين الذين ابتدعوا الرهبانية.
ثم قال: ﴿فَآتَيْنَا الذين آمَنُواْ مِنْهُمْ أَجْرَهُمْ﴾ أي: فأعطينا الذين آمنوا بالله ورسوله من هؤلاء الذين ابتدعوا الرهبانية ثوابهم على فعلهم.
﴿وَكَثِيرٌ مِّنْهُمْ فَاسِقُونَ﴾ أي: أهل معاص وخروج عن طاعة الله.
وقال ابن زيد هم الذين رعوا ذلك الحق.
قال قتادة: الرأفة والرحمة من الله / وهم الذين ابتدعوا الرهبانية.
وقد قيل أن الرهبانية معطوفة على رأفة. ، وأنها مما آتاهم الله فابتدعوا فيها وغيروها وبدلوها.
قال: ﴿يا أيها الذينءَامَنُواْ﴾ أي: صدقوا بما جاءهم به محمد ﷺ من أهل الكتابين.
﴿اتقوا الله﴾ أي: خافوه بأداء فرائضه واجتناب معاصيه.

﴿وَءَامِنُواْ بِرَسُولِهِ﴾ يعني محمداً ﷺ.
﴿ يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِن رَّحْمَتِهِ﴾ أي: يعطيكم ضعفين من الأجر بإيمانكم بعيسى ومحمد ﷺ، وأصل الكفل: الحظ.
قال ابن عباس كفلين: أجرين بإيمانكم بعيسى ومحمد عليه السلام وبالقرآن والإنجيل.
قال: " بن جبير بعث النبي ﷺ جعفراً في سبعين راكباً إلى النجاشي يدعوه، فقدم عليه فدعاه فاستجاب له وآمن به، فلما كان عند انصرافه قال ناس ممن آمن به من أهل مملكته وهم أربعون رجلاً إئذن لنا فنأتي هذا النبي فنلم به ونركب بهؤلاء في البحر، فأنا أعلم بالبحر منهم، فقدموا مع جعفر على النبي ﷺ وقد تهيأ النبي ﷺ لوقعة أحد، فلما رأوا ما بالمسلمين من الخصاصة (وشدة الحال استأذنوا النبي ﷺ

فقالوا يا رسول الله إن لنا أموالاً ونحن ما نرى ما بالمسلمين من خصاصة) فأن أنت أذنت لنا انصرفنا فجئنا بأموالنا فواسينا المسلمين بها، فأذن لهم فانصرفوا فأتوا بأموالهم فواسوا بها المسلمين، فأنزل الله تعالى فيهم ﴿الذين آتَيْنَاهُمُ الكتاب مِن قَبْلِهِ هُم بِهِ يُؤْمِنُونَ﴾ [القصص: ٥٢] إلى قوله ﴿يُؤْتُونَ أَجْرَهُم مَّرَّتَيْنِ بِمَا صَبَرُواْ وَيَدْرَؤُنَ بالحسنة السيئة وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ﴾ [القصص: ٥٤]: أي: يريد النفقة التي واسوا بها المسلمين فلما سمع أهل الكتاب ممن لم يؤمن بالنبي عليه السلام، هذا فخروا على المسلمين فقالوا يا معشر المسلمين أما من آمن [منا] بكتابكم وكتابنا فله أجره مرتين ومن لم يؤمن بكتابكم فله أجره كأجوركم فما فضلكم علينا، فأنزل الله تعالى: ﴿ يا أيها الذينءَامَنُواْ اتقوا الله وَءَامِنُواْ بِرَسُولِهِ يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِن رَّحْمَتِهِ وَيَجْعَل لَّكُمْ نُوراً تَمْشُونَ بِهِ وَيَغْفِرْ لَكُمْ﴾ فجعل لهم أجرين، وزادهم النور والمغفرة.
قال الضحاك ﴿يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ﴾ أي: أجرين بإيمانكم بالكتابة الأول وبالكتاب الذي جاء به محمد ﷺ.

قال ابن زيد " كفلين من رحمته " أجر الدنيا وأجر الآخرة.
وقال ابن عمر " كفلين " ثلاث مائة جزء من الرحمة وستة وثلاثون جزءاً رواه عنه نعيم بن حماد.
وقال الشعبي الناس يوم القيامة على أربع منازل: رجل كان مؤمناً بعيسى فآمن بمحمد ﷺ فله أجران، ورجل كان كافراً بعيسى فآمن بمحمد ﷺ فله أجر، ورجل كفر بعيسى وبمحمد عليهما السلام فباء بغضب على غضب، ورجل كان كافراً بعيسى من مشركي العرب فمات بكفره قبل محمد ﷺ / فباء بغضب واحد.
وسئل سعيد بن عبد العزيز عن الكفل فقال: " ثلاثمائة وخمسون حسنة

وقال سمعت عمر بن الخطاب رضي الله عنهـ سأل حبراً من أحبار اليهود فقال له: كم أفضل ما ضعفت له الحسنة، فقال كفل ثلاث مائة وخمسون حسنة. قال: فحمد الله عمر على أنه تعالى أعطانا كفلين فضاعفه لنا الحسنة إلى سبع مائة ضعف.
وعن النبي ﷺ أنه قال: " ثلاثة يؤتون أجرهم مرتين رجل آمن بالكتاب الأول والكتاب الآخر، ورجل كانت له أمة، فأدبها، فأحسن تأديبها ثم أعقتها وتزوجها، وعبد مملوك أحسن عبادة ربه تعالى ونصح لسيده ".
وقال عمر سمعت النبي ﷺ يقول: " وإنما آجالكم في آجال من خلا من الأمم كما بين صلاة العصر إلى مغرب الشمس، وإنما مثلكم ومثل اليهود والنصارى كرجل استأجر عمالاً فقال من يعمل [من] بكرة إلى نصف النهار على قيراط قيراط