آيات من القرآن الكريم

وَظِلٍّ مَمْدُودٍ
ﮃﮄﮅﮆﮇ ﮉﮊﮋ ﮍﮎ ﮐﮑ ﮓﮔ ﮖﮗ ﮙﮚﮛﮜ ﮞﮟ ﮡﮢﮣ ﮥﮦ ﮨﮩ ﮫﮬ ﮮﮯﮰ ﯓﯔﯕ

قوله عزّ وجلّ: لا يَسْمَعُونَ فِيها لَغْواً قد فسرنا معنى اللَّغو والسلام في سورة مريم «١» ومعنى التأثيم في الطور «٢» ومعنى «ما أصحابُ اليمين» في أول هذه السّورة «٣».
فإن قيل: التأثيم لا يُسمع فكيف ذكره مع المسموع؟. فالجواب: أن العرب يُتْبِعون آخرَ الكلام أوَّلَه، وإن لم يحسُن في أحدهما ما يحسُن في الآخر، فيقولون: أكلتُ خبزاً ولبَناً، واللَّبَن لا يؤكل، إنما حَسُن هذا لأنه كان مع ما يؤكل، قال الفراء: أنشدني بعض العرب:

إذا ما الغانِياتُ بَرَزْنَ يَوْماً وَزَجَّجْنَ الْحَواجِبَ والعُيُونا
قال: والعَيْنُ لا تُزَجَّج إنما تُكَحَّل، فردَّها على الحاجب لأن المعنى يعرف، وأنشد آخر:
ولَقِيتُ زَوْجَكِ في الوغى متقلَّداً سَيْفاً ورمحا
وأنشدني:
عَلَفْتُها تِبْناً وماءً بارداً
والماء لا يُعْلَف وإِنما يُشْرَب، فجعله تابعاً للتِّبن، قال الفراء: وهذا هو وجه قراءة من قرأ، «وحُورٍ عِينٍ» بالخفض، لإتباع آخر الكلام أوَّله، وهو وجه العربيّة.
[سورة الواقعة (٥٦) : الآيات ٢٧ الى ٤٠]
وَأَصْحابُ الْيَمِينِ ما أَصْحابُ الْيَمِينِ (٢٧) فِي سِدْرٍ مَخْضُودٍ (٢٨) وَطَلْحٍ مَنْضُودٍ (٢٩) وَظِلٍّ مَمْدُودٍ (٣٠) وَماءٍ مَسْكُوبٍ (٣١)
وَفاكِهَةٍ كَثِيرَةٍ (٣٢) لا مَقْطُوعَةٍ وَلا مَمْنُوعَةٍ (٣٣) وَفُرُشٍ مَرْفُوعَةٍ (٣٤) إِنَّا أَنْشَأْناهُنَّ إِنْشاءً (٣٥) فَجَعَلْناهُنَّ أَبْكاراً (٣٦)
عُرُباً أَتْراباً (٣٧) لِأَصْحابِ الْيَمِينِ (٣٨) ثُلَّةٌ مِنَ الْأَوَّلِينَ (٣٩) وَثُلَّةٌ مِنَ الْآخِرِينَ (٤٠)
وقد شرحنا معنى قوله: وَأَصْحابُ الْيَمِينِ في قوله: فَأَصْحابُ الْمَيْمَنَةِ «٤». وقد روي عن عليّ رضي الله عنه أنه قال: أصحاب اليمين: أطفال المؤمنين.
قوله عزّ وجلّ: فِي سِدْرٍ مَخْضُودٍ.
(١٣٨٩) سبب نزولها أن المسلمين نظروا إلى وجّ، وهو واد بالطّائف مخضب، فأعجبهم سدره.
قالوا: يا ليت لنا مثل هذا؟ فنزلت هذه الآية، قاله أبو العالية، والضحاك.
وفي المخضود ثلاثة أقوال: أحدها: أنه الذي لا شَوْكَ فيه، رواه ابن أبي طلحة عن ابن عباس، وبه قال عكرمة، وقسامة بن زهير. وقال ابن قتيبة: كأنه خُضِدَ شوكُه. أي: قلع.
(١٣٩٠) ومنه قول النبيّ صلّى الله عليه وسلم في المدينة: «لا يخضد شوكها».
ذكره الواحدي في «أسباب النزول» ٧٨٠ وعزاه لأبي العالية والضحاك وهو منكر جدا، وأمارة الوضع عليه.
ضعيف. في إسناده موسى بن عبيدة واه، ويزيد منكر الحديث، وله شواهد لا تقوم بها حجة.
أخرجه الطبري ٣٣٣٩٤ وأبو نعيم في «صفة الجنة» ٣٩٠ والبيهقي في «البعث» ٣٨٠ من طرق عن سفيان الثوري به. وأخرجه الترمذي ٣٢٩٦ والطبري ٣٣٣٩٦ و ٣٣٣٩٧ وأبو نعيم ٣٩٠ من طرق عن موسى بن عبيدة به. قال الترمذي: هذا حديث غريب لا نعرفه مرفوعا إلا من حديث موسى بن عبيدة، ويزيد بن أبان-
__________
(١) مريم: ٦٢.
(٢) الطور: ٢٣.
(٣) الواقعة: ٨.
(٤) الواقعة: ٨. [.....]

صفحة رقم 222

والثاني: أنه المُوقَر حملاً، رواه العوفي عن ابن عباس، وبه قال مجاهد، والضحاك. والثالث:
أنه المُوقَر الذي لا شوك فيه، ذكره قتادة.
وفي الطَّلْح قولان: أحدهما: أنه الموز، قاله عليّ، وابن عباس، وأبو هريرة، وأبو سعيد الخدري، والحسن، وعطاء، وعكرمة، ومجاهد، وقتادة. والثاني: أنه شجر عظام كبار الشوك، قال أبو عبيدة: هذا هو الطَّلْح عند العرب، قال الحادي:

بَشَّرَها دليلُها وقالا غَداً تَرَيْنَ الطَّلْحَ والجِبالا
فإن قيل: ما الفائدة في الطَّلْح؟ فالجواب أن له نَوْراً وريحاً طيِّبة، فقد وعدهم ما يعرفون ويميلون إليه، وإن لم يقع التساوي بينه وبين ما في الدنيا، وقال مجاهد: كانوا يُعْجَبون ب «وَجٍّ» وظِلاله من طلحه وسدره، فأمّا المنضود، فقال ابن قتيبة: هو الذي قد نُضِدَ بالحَمْل أو بالورق والحَمْل من أوَّله إلى آخره، فليس له ساق بارزة، وقال مسروق: شجر الجنّة نضد من أسفلها إلى أعلاها.
قوله عزّ وجلّ: وَظِلٍّ مَمْدُودٍ أي: دائم لا تنسخه الشمس. وَماءٍ مَسْكُوبٍ أي: جارٍ غير منقطع.
قوله عزّ وجلّ لا مَقْطُوعَةٍ وَلا مَمْنُوعَةٍ فيه ثلاثة أقوال: أحدها: لا مقطوعة في حين دون حين، ولا ممنوعة بالحيطان والنواطير إنما هي مُطْلَقة لمن أرادها، هذا قول ابن عباس، والحسن، ومجاهد، وقتادة، ولخصه بعضهم فقال: لا مقطوعة بالأزمان، ولا ممنوعة بالأثمان. والثاني: لا تنقطع إذا جُنِيَتْ، ولا تُمْنع من أحد إِذا أريدت، روي عن ابن عباس. والثالث: لا مقطوعة بالفَناء، ولا ممنوعة بالفساد، ذكره الماوردي.
قوله عزّ وجلّ: وَفُرُشٍ مَرْفُوعَةٍ فيها قولان: أحدهما: أنها الحشايا المفروشة للجلوس والنوم.
وفي رفعها قولان: أحدهما: أنها مرفوعة فوق السُّرر. والثاني: أن رفعها: زيادة حشوها ليطيب الاستمتاع بها.. والثاني: أن المراد بالفرش: النساء والعرب تسمِّي المرأة: فِراشاً وإزاراً ولباساً وفي معنى رفعهن ثلاثة أقوال: أحدها: أنهن رُفِعْن بالجمال على نساء أهل الدنيا، والثاني: رفعن عن الأدناس، والثالث: رفعن في القلوب لشِدَّة الميل إليهن.
قوله تعالى: إِنَّا أَنْشَأْناهُنَّ إِنْشاءً يعني النساء. قال ابن قتيبة: اكتفى بذِكْر الفُرُش لأنها محل النساء عن ذكرهن. وفي المشار إِليهن قولان: أحدهما: أنهن نساء أهل الدنيا المؤمنات ثم في إنشائهن قولان: أحدهما: أنه إنشاؤهن من القبور، قاله ابن عباس. والثاني: إعادتهن بعد الشَّمَط والكبر صغاراً، قاله الضحاك. والثاني: أنهن الحُور العين، وإنشاؤهن: إيجادهن عن غير ولادة، قاله الزجاج:
والصواب أن يقال: إن الإنشاء عمَّهُنَّ كُلَّهن، فالحُور أُنشئن ابتداءً، والمؤمنات أُنشئن بالإعادة وتغيير الصفات وقد روى أنس بن مالك عن النبيّ صلّى الله عليه وسلم أنه قال:
وموسى يضعّفان في الحديث. وورد من حديث أم سلمة، أخرجه الطبري ٣٣٤٠٢، وإسناده واه، فيه سليمان بن أبي كريمة ضعفه غير واحد، والحسن لم يسمع من أم سلمة. وأخرجه الطبراني في «الأوسط» ٣١٦٥ عن الحسن عن أمه عن أم سلمة، وفيه سليمان أيضا، وهو ضعيف كما تقدم.

صفحة رقم 223
زاد المسير في علم التفسير
عرض الكتاب
المؤلف
جمال الدين أبو الفرج عبد الرحمن بن علي بن محمد الجوزي
تحقيق
عبد الرزاق المهدي
الناشر
دار الكتاب العربي - بيروت
سنة النشر
1422
الطبعة
الأولى
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية