آيات من القرآن الكريم

مُتَّكِئِينَ عَلَيْهَا مُتَقَابِلِينَ
ﯖﯗﯘ ﯚﯛﯜ ﯞﯟﯠ ﯢﯣﯤ ﭑﭒﭓﭔ ﭖﭗﭘﭙﭚ ﭜﭝﭞﭟﭠ ﭢﭣﭤ ﭦﭧﭨﭩ ﭫﭬ ﭮﭯﭰ ﭲﭳﭴﭵ ﭷﭸﭹﭺﭻﭼ ﭾﭿﮀﮁ

ثُلَّةٌ مِنَ الْأَوَّلِينَ (١٣) وَقَلِيلٌ مِنَ الْآخِرِينَ (١٤) عَلَى سُرُرٍ مَوْضُونَةٍ (١٥) مُتَّكِئِينَ عَلَيْهَا مُتَقَابِلِينَ (١٦) يَطُوفُ عَلَيْهِمْ وِلْدَانٌ مُخَلَّدُونَ (١٧) بِأَكْوَابٍ وَأَبَارِيقَ وَكَأْسٍ مِنْ مَعِينٍ (١٨) لا يُصَدَّعُونَ عَنْهَا وَلا يُنْزِفُونَ (١٩) وَفَاكِهَةٍ مِمَّا يَتَخَيَّرُونَ (٢٠) وَلَحْمِ طَيْرٍ مِمَّا يَشْتَهُونَ (٢١) وَحُورٌ عِينٌ (٢٢) جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (٢٤) لا يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْواً وَلا تَأْثِيماً (٢٥) إِلَّا قِيلاً سَلاماً سَلاماً (٢٦)
شرح الكلمات:
ثلة من الأولين: أي جماعة من الأمم الماضية.
وقليل من الآخرين: أي من أمة محمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. هؤلاء هم السابقون.
على سرر موضونة: أي منسوجة مشبكة بالذهب والجواهر.
ولدان مخلدون: أي على شكل الأولاد لا يهرمون فيخدمونهم أبداً.
بأكواب وأباريق: يطوف عليهم الولدان الخدم بأكواب وهي أقداح لا عرا لها، وأباريق لها عرا
وخراطيم.
وكأس من معين: أي وإناء لشرب الحمر ومعين بمعنى جارية من نهر لا ينقطع أبداً.
لا يصدعون: أي لا يحصل لهم من شربها صداع.
ولا ينزفون: أي ولا تذهب عقولهم يقال نزف الشارب وأنزف إذا ذهب عقله بالسكر.
وفاكهه مما يتخيرون: أي يختارون منها ما يروق لهم ويعجبهم وإن كانت كلها معجبة.
وحور عين: أي ولهم نساء بيض عين أي واسعة الأعين وشديدات سواد العيون وبياضها.
كأمثال اللؤلؤ المكنون: أي أولئك الحور العين هن في جمالهن وصفائهن كأمثال اللؤلؤ المصون.

صفحة رقم 240

لغواً ولا تأثيما: أي لا يسمعون في الجنة لغواً أي فاحش الكلام وما لا خير فيه ولا ما يوقع في
الإثم.
إلا قيلا سلاما سلاما: إلا قولا سلاما سلاما أي لا يسمعون إلا السلام من الملائكة ومن بعضهم بعضاً.
معنى الآيات:
ما زال السياق في بيان أحوال الناس إذا قامت القيامة فذكر أنهم يصيرون أصنافاً ثلاثة أصحاب يمين وأصحاب شمال وسابقين. وهنا يقول في السابقين إنهم ثلة أي جماعة من الأولين أي١ من الأمم الماضية الذين أسلموا وسبقوا إلى الإسلام مع أنبيائهم، وقيل من الآخرين٢ أي من هذه الأمة أمة محم صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وهم الذين سبقوا إلى الإيمان والمجرة والجهاد يذكر نعيمهم فيقول وقوله الحق: ﴿عَلَى سُرُرٍ مَوْضُونَةٍ﴾ أي إنهم على سرر موضونة أي منسوجة ومشبكة بالذهب والجواهر، حال كونهم متكئين عليها متقابلين لا ينظر أحدهم إلى قفا الآخر بل إلى وجهه، ﴿يَطُوفُ عَلَيْهِمْ﴾ أي لللخدمة ﴿وِلْدَانٌ﴾ غلمان ﴿مُخَلَّدُونَ٣﴾ لا يكبرون فيهرمون ولا يتغيرون بل يبقون كذلك أبداً يطوفون عليهم بأكواب جمع كوب وهو قدح لا عروة له، وأباريق جمع إبريق وهو إناء له عروة وخرطوم، ﴿وَكَأْسٍ مِنْ مَعِينٍ﴾ والكأس هنا إناء شرب الجمر والمعين ما كان جاريا لا ينضب والمراد بكأس من نهر الخمر.
وقوله تعالى ﴿لا يُصَدَّعُونَ٤ عَنْهَا﴾ أي لا يصيبهم صداع من شربها، ولا ينزفون٥ أي لا تذهب عقولهم بشربها بخلاف خمر الدنيا فإنها تصيب شاربها بالصداع وذهاب العقل غالباً وقوله تعالى ﴿وَفَاكِهَةٍ﴾ ويطوف عليهم الغلمان بفاكهة وهو ما يتفكه به وليس بغذاء رئيسي وهو من سائر الفواكه، مما يتخيرون أي يختارون. ولحم طير مما يشتهون أي مما تشتهيه أنفسهم.
وقوله ﴿وَحُورٌ عِينٌ﴾ أي ولهم في الجنة حور عين يستمتعون بهن، واحدة الحور حوراء. وهي البيضاء وواحدة العين العيناء وهو واسعة العينين والحور في العين أن يكون بياضها أكثر من

١ قوله: (ثلة من الأولين وقليل من الآخرين) اعتراض بين جملة (في جنات النعيم) وجملة: (على سرر موضونة) وثلة: خبر لمبتدأ محذوف أي هم: ثلة الخ.
٢ من الأولى والثانية تبعيضية.
٣ قيل: إنهم على سن واحدة، وروي عن علي رضي الله عنه أنه قال: الولدان هم أولاد المسلمين الذين يموتون صغاراً. وقال سلمان: هم أولاد المشركين الذين يموتون صغاراً. والله أعلم.
٤ التصديع: الإصابة بالصداع، وهو وجع الرأس من الخمار الناشيء عن السكر أي لا تصيبهم الخمر بصداع، وعنها بمعنى: لا يصيبهم صداع ناشيء عنها.
٥ قرأ نافع (ينزفون) بفتح الزاي من: أنزفه وقرأها حفص (ينزفون) بكسر الزاي من أنزف القاصر، إذا سكر وذهب عقله.

صفحة رقم 241

سوادها وهو ضرب من الجمال، وقوله ﴿كَأَمْثَالِ الْلُؤْلُؤِ الْمَكْنُونِ﴾ أي المصون في كنه أو صدفه.
يريد أنهن جميلات مصونات غير مبتذلات وقد تقدم في الرحمن أنهن مقصورات في الخيام.
وقوله تعالى ﴿جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ﴾ أي جزاهم ربهم جزاهم بما كانوا يعملونه من الصالحات بعد الإيمان والتوحيد وترك المعاصي.
وقوله تعالى وهو من إتمام النعيم أنهم لا يسمعون في جنات النعيم ما يكدر صفو نعيمهم أو ينغص لذة حياتهم من قول بذيء سيء فلا يسمعون فيها أي في الجنة لغواً أي١ كلاماً فاحشاً ولا تأثيما وهو ما يؤثم قائله وسامعه. إلا قيلا أي قولا سلاماً سلاماًُ أي إلا ما كان من سلام الرب تعالى عليهم وهو أكبر نعيمهم وسلام الملائكة عليهم وسلام بعضهم على بعض اللهم اجعلنا منهم قل آمين أيها القاريء واطمع فإن ربنا غفور رحيم سميع الدعاء قريب مجيب.
هداية الآيات:
من هداية الآيات:
١- تقرير البعث والجزاء بذكر أحوال الدار الآخرة.
٢- بيان شيء من نعيم أهل الجنة وخاصة السابقين منهم.
٣- بيان أن السابقين يكونون من سائر الأمم المسلمة.
٤-بيان فضل خمر الجنة على خمر الدنيا المحرمة.
٥- تقرير قاعدة أن الجزاء من جنس العمل.
وَأَصْحَابُ الْيَمِينِ مَا أَصْحَابُ الْيَمِينِ (٢٧) فِي سِدْرٍ مَخْضُودٍ (٢٨) وَطَلْحٍ مَنْضُودٍ (٢٩) وَظِلٍّ مَمْدُودٍ (٣٠) وَمَاءٍ مَسْكُوبٍ (٣١) وَفَاكِهَةٍ كَثِيرَةٍ (٣٢) لا مَقْطُوعَةٍ وَلا مَمْنُوعَةٍ (٣٣) وَفُرُشٍ مَرْفُوعَةٍ (٣٤) إِنَّا أَنْشَأْنَاهُنَّ إِنْشَاءً (٣٥) فَجَعَلْنَاهُنَّ أَبْكَاراً (٣٦) عُرُباً أَتْرَاباً (٣٧) لِأَصْحَابِ الْيَمِينِ (٣٨) ثُلَّةٌ مِنَ الْأَوَّلِينَ (٣٩) وَثُلَّةٌ مِنَ الْآخِرِينَ (٤٠)

١ اللغو ن الكلام في الدنيا هو: ما لا يحصل حسنة للمعاد ولا درهما للمعاش وفي الآخرة هو ما لا يسر من كل قول إذ الحياة: حياة سعادة وسور وحبور.

صفحة رقم 242
أيسر التفاسير لكلام العلي الكبير
عرض الكتاب
المؤلف
جابر بن موسى بن عبد القادر بن جابر أبو بكر الجزائري
الناشر
مكتبة العلوم والحكم بالمدينة المنورة
سنة النشر
1424
الطبعة
الخامسة
عدد الأجزاء
5
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية