آيات من القرآن الكريم

أُولَٰئِكَ الْمُقَرَّبُونَ
ﮮﮯ

وجائز أن يكون الخطاب بهذه الآية لهذه الأمة: ففيهم السابقون، وفيهم أصحاب اليمين، وهم أصحاب النظر في الحجج والآيات والتأمل فيها وفيهم أصحاب الشمال، وهم الكفرة.
وقوله تعالى: (فَأَصْحَابُ الْمَيْمَنَةِ مَا أَصْحَابُ الْمَيْمَنَةِ) على التعجب لرسول اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - بما يكرمهم، أو على التعظيم لأُولَئِكَ لعظم منزلتهم.
وكذلك قوله: (وَأَصْحَابُ الْمَشْأَمَةِ مَا أَصْحَابُ الْمَشْأَمَةِ) يخرج على هذين الوجهين: على التعجب والتعظيم لما يحل بهم.
وقوله: (وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ) يخرج على هذا أيضا: فلان ما أمر فلان، فيقال: فلان فلان؛ على تعظيم أمره وشأنه.
ثم في قوله تعالى: (وَكُنْتُمْ أَزْوَاجًا ثَلَاثَةً) دليل لقول أصحابنا - رحمهم اللَّه - في جعلهم الكفر كله ملة واحدة؛ لأنه جعل اللَّه تعالى الكفرة على اختلاف مذاهبهم وأديانهم زوجا، وأهل الإسلام زوجين، حيث جعل الكل أزواجا ثلاثة، واللَّه أعلم.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (أُولَئِكَ الْمُقَرَّبُونَ (١١) يحتمل أن يكون وصف القرب لهم لمسابقتهم في الخيرات في الدنيا.
ويحتمل: أنهم مقربون في الآخرة والمنزلة، لسبقهم في الخيرات، أو: في الإجابة، والسبق فعلهم، والتقريب بلطف من اللَّه تعالى وفضل منه، واللَّه أعلم.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ (١٢) جميع الجنات نعيم؛ لأن فيها نعيما، وله أن يسمى واحدة منها: نعيما، والأخرى: عدنا، والفردوس والمأوى، يسمى ما شاء بما شاء وكيف شاء.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (ثُلَّةٌ مِنَ الْأَوَّلِينَ (١٣) وَقَلِيلٌ مِنَ الْآخِرِينَ (١٤) اختلف في ذلك: قال بعضهم: (ثُلَّةٌ مِنَ الْأَوَّلِينَ) ممن شهد رسول اللَّه، وقربوا منه، (وَقَلِيلٌ مِنَ الْآخِرِينَ) ممن بعد من هذه الأمة من رسول اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - بنفسه وإدراك زمانه، وقليل من المقربين من الآخرين، وهو ما ووي عن رسول اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - أنه قال: " خير الناس قرني ثم الذين يلونهم "، وعلى ذلك قوله تعالى: (لَا يَسْتَوِي مِنْكُمْ مَنْ أَنْفَقَ مِنْ قَبْلِ الْفَتْحِ وَقَاتَلَ)، على ما يذكر، واللَّه أعلم.
ومنهم من قال: (مِنَ الْأَوَّلِينَ)، أي: جماعة من المؤمنين الذين كانوا في الأمم

صفحة رقم 489
تأويلات أهل السنة
عرض الكتاب
المؤلف
محمد بن محمد بن محمود، أبو منصور الماتريدي
تحقيق
مجدي محمد باسلوم
الناشر
دار الكتب العلمية - بيروت، لبنان
سنة النشر
1426
الطبعة
الأولى
عدد الأجزاء
10
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية