آيات من القرآن الكريم

فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ
ﭨﭩﭪﭫﭬ ﭮﭯﭰﭱ ﭳﭴ ﭶﭷﭸﭹ ﭻﭼﭽ ﭿﮀﮁﮂ ﮄﮅﮆﮇﮈ ﮊﮋﮌﮍ ﮏﮐﮑﮒﮓﮔﮕﮖﮗﮘ ﮚﮛﮜﮝ ﮟﮠﮡﮢﮣﮤﮥﮦﮧ ﮩﮪﮫﮬ

يبعن الدهان الحمر كل عشية بموسم بدر أو بسوق عكاظ
وقوله تعالى: لا يُسْئَلُ عَنْ ذَنْبِهِ نفي للسؤال. وفي القرآن آيات تقتضي أن في القيامة سؤالا، وآيات تقتضي نفيه كهذه وغيرها، فقال بعض الناس ذلك في مواطن دون مواطن، وهو قول قتادة وعكرمة.
وقال ابن عباس وهو الأظهر في ذلك أن السؤال متى أثبت فهو بمعنى التوبيخ والتقرير، ومتى نفي فهو بمعنى الاستخبار المحض والاستعلام، لأن الله تعالى عليم بكل شيء. وقال الحسن ومجاهد: لا يسأل الملائكة عنهم، لأنهم يعرفونهم بالسيما، والسيما التي يعرف بها الْمُجْرِمُونَ هي سواد الوجوه وزرق العيون في الكفرة، قاله الحسن. ويحتمل أن يكون غير هذا من التشويهات.
واختلف المتأولون في قوله تعالى: فَيُؤْخَذُ بِالنَّواصِي وَالْأَقْدامِ. فقال ابن عباس: يؤخذ كل كافر بناصيته وقدميه فيطوى ويجمع كالحطب ويلقى كذلك في النار. وقال النقاش: روي أن هذا الطي على ناحية الصلب قعسا وقاله الضحاك. وقال آخرون: بل على ناحية الوجه، قالوا فهذا معنى: فَيُؤْخَذُ بِالنَّواصِي وَالْأَقْدامِ. وقال قوم في كتاب الثعلبي: إنما يسحب الكفرة سحبا، فبعضهم يجر بقدميه، وبعضهم بناصيته، فأخبر في هذه الآية أن الأخذ يكون بِالنَّواصِي ويكون ب الْأَقْدامِ.
وقوله: هذِهِ جَهَنَّمُ قبله محذوف تقديره: يقال لهم على جهة التقريع والتوبيخ وفي مصحف ابن مسعود: «هذه جهنم التي كنتما بها تكذبان تصليانها لا تموتان فيها ولا تحييان».
وقرأ جمهور الناس: «يطوفون» بفتح الياء وضم الطاء وسكون الواو. وقرأ طلحة بن مصرف:
«يطوّفون» بضم الياء وفتح الطاء وشد الواو. وقرأ أبو عبد الرحمن: «يطافون»، وهي قراءة علي بن أبي طالب. والمعنى في هذا كله أنهم يترددون بين نار جهنم وجمرها وَبَيْنَ حَمِيمٍ وهو ما غلي في جهنم من مائع عذابها. والحميم: الماء السخن. وقال قتادة: إن العذاب الذي هو الحميم يغلي منذ خلق الله جهنم. وأنى الشيء: حضر، وأنى اللحم أو ما يطبخ أو يغلى: نضج وتناهى حره والمراد منه. ويحتمل قوله: آنٍ أن يكون من هذا ومن هذا. وكونه من الثاني أبين، ومنه قوله تعالى: غَيْرَ ناظِرِينَ إِناهُ [الأحزاب: ٥٣] ومن المعنى الآخر قول الشاعر [عمرو بن حسان الشيباني] :[الوافر] أنى ولكل حاملة تمام ويشبه أن يكون الأمر في المعنيين قريبا بعضه من بعض، والأول أعم من الثاني.
قوله عز وجل:
[سورة الرحمن (٥٥) : الآيات ٤٦ الى ٥٧]
وَلِمَنْ خافَ مَقامَ رَبِّهِ جَنَّتانِ (٤٦) فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ (٤٧) ذَواتا أَفْنانٍ (٤٨) فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ (٤٩) فِيهِما عَيْنانِ تَجْرِيانِ (٥٠)
فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ (٥١) فِيهِما مِنْ كُلِّ فاكِهَةٍ زَوْجانِ (٥٢) فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ (٥٣) مُتَّكِئِينَ عَلى فُرُشٍ بَطائِنُها مِنْ إِسْتَبْرَقٍ وَجَنَى الْجَنَّتَيْنِ دانٍ (٥٤) فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ (٥٥)
فِيهِنَّ قاصِراتُ الطَّرْفِ لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنْسٌ قَبْلَهُمْ وَلا جَانٌّ (٥٦) فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ (٥٧)

صفحة رقم 232

«من» في قوله تعالى: وَلِمَنْ يحتمل أن تقع على جميع المتصفين بالخوف الزاجر عن معاصي الله تعالى، ويحتمل أن تقع لواحد منهم وبحسب هذا قال بعض الناس في هذه الآية: إن كل خائف له جَنَّتانِ. وقال بعضهم: جميع الخائفين لهم جَنَّتانِ. والمقام هو وقوف العبد بين يدي ربه يفسره:
يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعالَمِينَ [المطففين: ٦] وأضاف المقام إلى الله من حيث هو بين يديه. قال الثعلبي وقيل: مَقامَ رَبِّهِ قيامه على العبد، بيانه: أَفَمَنْ هُوَ قائِمٌ عَلى كُلِّ نَفْسٍ بِما كَسَبَتْ [الرعد: ٣٣] وحكى الزهراوي هذا المعنى عن مجاهد. وفي هذه الإضافة تنبيه على صعوبة الموقف وتحريض على الخوف الذي هو أسرع المطايا إلى الله عز وجل. وقال قوم: أراد جنة واحدة، وثنى على نحو قوله: أَلْقِيا فِي جَهَنَّمَ [ق: ٢٤] وقول الحجاج: يا غلام اضربا عنقه.
وقال أبو محمد: هذا ضعيف، لأن معنى التثنية متوجه فلا وجه للفرار إلى هذه الشاذة، ويؤيد التثنية قوله: ذَواتا أَفْنانٍ وهي تثنية ذات على الأصل. لأن أصل ذات: ذوات.
والأفنان يحتمل أن يكون جمع فنن، وهو فنن الغصن، وهذا قول مجاهد، فكأنه مدحها بظلالها وتكائف أغصانها ويحتمل أن يكون جمع فن، وهو قول ابن عباس، فكأنه مدحها بكثرة أنواع فواكهها ونعيمها.
و: زَوْجانِ معناه: نوعان. و: مُتَّكِئِينَ حال إما من محذوف تقديره يتنعمون مُتَّكِئِينَ. وإما من قوله: وَلِمَنْ خافَ. والاتكاء جلسة المتنعم المتمتع.
وقرأ جمهور الناس: «فرش» بضم الراء. وقرأ أبو حيوة: «فرش» بسكون الراء، وروي في الحديث أنه قيل لرسول الله صلى الله عليه وسلم: هذه البطائن مِنْ إِسْتَبْرَقٍ فكيف الظواهر؟ قال: «هي من نور يتلألأ».
والإستبرق ما خشن وحسن من الديباج. والسندس: ما رق منه. وقد تقدم القول في لفظة الإستبرق. وقرأ ابن محيصن «من إستبرق» على أنه فعل والألف وصل.
والضمير في قوله: فِيهِنَّ للفرش، وقيل للجنات، إذ الجنتان جنات في المعنى. والجنى ما يجتنى من الثمار، ووصفه بالدنو، لأنه فيما روي في الحديث يتناوله المرء على أي حالة كان من قيام أو جلوس أو اضطجاع لأنه يدنو إلى مشتهيه. و: قاصِراتُ الطَّرْفِ هي الحور العين، قصرن ألحاظهن على أزواجهن.
وقرأ أبو عمرو عن الكسائي وحده وطلحة وعيسى وأصحاب علي وابن مسعود: «يطمثهن» بضم الميم. وقرأ جمهور القراء: «يطمثهن» بكسر الميم. والمعنى: لم يفتضهن لأن الطمث دم الفرج، فيقال

صفحة رقم 233
المحرر الوجيز فى تفسير الكتاب العزيز
عرض الكتاب
المؤلف
أبو محمد عبد الحق بن غالب بن عبد الرحمن بن تمام بن عطية الأندلسي المحاربي
تحقيق
عبد السلام عبد الشافي محمد
الناشر
دار الكتب العلمية - بيروت
سنة النشر
1422 - 2001
الطبعة
الأولى
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية